تونس الكبرى دون "تاكسيات"..ما القصة..؟    تنظيم الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية في هذا التاريخ    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    وفاة المدافع الأرجنتيني لويس غالفان بطل مونديال 1978    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    بطولة انقلترا : فورست الساعي للعب في رابطة أبطال أوروبا يتعادل مع كريستال بالاس    عاجل/ بشبهة حيازة مخدرات..الاحتفاظ بلاعب دولي معروف..    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    سيناريو ماي وجوان 2023 سيتكرر..وأمطار غزيرة مرتقبة..#خبر_عاجل    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    لاعب النجم الساحلي يتعرض للعنف الشديد    ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم"    4.5 مليار دينار إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج إلى موفى أفريل    التضخم السنوي ينخفض في تونس    بطولة مصر : هدف سيف الدين الجزيري غير كاف للزمالك لتخطي البنك الاهلي    علم النفس: 50 تأكيداً إيجابياً لتقوية ذاكرتك الذهنية كل يوم    المدير العام للسدود: تحسن غير مسبوق في منسوب المياه ... وبوادر إيجابية لموسم فلاحي واعد في تونس    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    تعاون صحي تونسي ياباني: أجهزة طبية لمستشفى الرابطة وتكوين إفريقي بتكنولوجيا متقدمة    عاجل : بريطانيا تلوّح بتقليص التأشيرات لهذه الجنسيات    فرنسا : إسرائيل تنتهك القانون الدولي    رئيس الجمهورية يوصي بفتح باب الانتدابات وإعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    طقس الثلاثاء: أمطار غزيرة بهذه المناطق    اليوم : أمطار مؤقتا رعدية وأحيانا غزيرة بهذه الجهات    وزير الخارجية يؤكد استعداد تونس لضمان عودة سلسة للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية    السجن والغرامة لرجل الأعمال يوسف الميموني في قضية استيلاء على الملك البحري    أورنج تونس تدشّن مركز البيانات الجديد بولاية سوسة لمواكبة التحديات الرقميّة المستقبلية    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    هبة يابانية    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفشي العنصرية ومسؤولية التجييش في المجتمع الدانماركي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 03 - 2008

إذا صحت التقارير القائلة بأن شبهة عنصرية تقف وراء قتل الصبي التركي الذي لم يتعدى 16 عاما أثناء قيامه بتوزيع الجرائد مثله مثل أي صبي دانماركي يطمح لادخار بعض النقود في نهاية العطل الاسبوعية او الاجازات فإننا وبلا شك لسنا أمام حالة منفردة من ممارسة العنصرية والتمييز التي كانت في السابق وتتفشى في الحاضر وربما في المستقبل على خلفية
قرع طبولها على ألسنة سياسيين وبرلمانيين يختبئون وراء مناصبهم لخلق حالة من التجييش على من يسمون 'الأجانب'.. وقد يكون من هؤلاء الاجانب من ولد وترعرع في كنف ثقافة وعادات الدانمارك وبالرغم من ذلك تبقى التسمية تطاردهم بناءا على الخلفية والاسم واللون..
لا نتجنى حين نعدد سمات هؤلاء العنصريون ولو كانوا ساسة مرموقين وفي ظل حصانة برلمانية، فقبل سنوات طالب أعضاء برلمان في حزب الشعب الدانماركي بالقاء الصوماليين فوق الصومال دون مظلات'برتشوتات'.. وهل نحتاج للتفكير كثيرا لنفهم ما يعنيه ذلك.. ولم تكن النتيجة أن لوحق هؤلاء على تصريحاتهم وفق قانون منع كل اشكال العنصرية والتمييز الذي يتفاخر المشرع به مع وقف التنفيذ..
ليس تلك الحادثة التي أودت بحياة صبي هي الحادثة التي تقرر ما إذا كنا أمام تفشي مرض ووباء العنصرية، فالذي يجيش مجتمعه على أساس الحط من قيمة وقدر مواطنيه الذين يحتمون بالقانون لابد أن يواجه الحقيقية.. الحقيقة التي تتحدث عنها التقارير والابحاث التي يُنفق عليها أموال طائلة فتظل حبيسة مكاتب الطبقة السياسة وفذلكتها الاعلامية..
العنف الذي يودي بحياة الناس.. أو الذي يتهددهم وممتلكاتهم مدان مهما كانت مبرراته في دولة القانون والعدالة.. وإذا كانت محاججات البعض تأخذ منحى التعميم بأن ذلك يتم في أماكن كثيرة في العالم، حيث تنتفي دولة العدالة بالتأكيد، فإننا وبدون شك نتحدث عن الفرق بين ظاهرة و نقيضها..
فلا يُتوقع أمام سنوات طويلة من ممارسة التمييز الواضح والعنصرية الفاضحة أن يختفي الأمر بالتمنيات..
قبل أيام قليلة عرض التلفزيون الدانماركي برنامجا عن شاب دانماركي أراد التحول إلى 'مهاجر' لعدة ايام في المجتمع.. فصار اسمه أحمد.. وأعطي شكله بعض الرتوش التجميلية المؤقتة فدخل المسجد والمتاجر التي يملكها مهاجرون فلم يلتفت إليه أحد.. لكنه حين اتصل باحثا عن سكن باسم أحمد كشف لنا وللمشاهدين عما نقصده بالتمييز حين تعذر عليه الحصول على سكن عند نصف من اتصل بهم..
ذلك النصف الذي نتحدث عنه..
النصف الذي يأخذ من أفواه ساسته ما يقولون ويتفوهون لشرعنة ألفاظ سخيفة ومنحطة بكل معنى الكلمة.. ولا داعي لأن أكرر هنا ما يعرفه الجميع من عبارات تتردد.. بل ويا للسخرية وصل الأمر عند بعض المهاجرين إلى التماهي والانصهار مع وفي لعبة ليست لعبة بريئة.. فالتمسح بالقوي سمة الانسان الضعيف.. ولا نريد لإنساننا في دولة تدعي أنها دولة القانون أن يكون بهذا الضعف الذي يسلخه عن جذوره وخلفيته لأنه يكون عاريا تماما أمام نفسه ومحيطه..
إنها مسؤولية الطبقة السياسية والاعلامية لأن تعيد صياغة خطابها الاجوف وغير البريئ في القرن الحادي والعشرون.. حيث المتاجرة بمكانة وقيمة الاخر بناءا على إعتقاد زائف بأننا 'نحن' الأرقى والاكثر تحضرا و'هم' الادنى الذين يحتاجون لتحضير وتوضيب ليصبحوا مثلنا.. وهم يعرفون، مطلقي العنصرية من عنانها وشرعنتها، أنهم يكذبون مثلما يتنفسون..
قد يعتبر البعض كلامنا قاسيا.. لكنه بالتأكيد ليس تعميميا أمام إزهاق روح بشرية لشاب في مقتبل العمر ذنبه الوحيد أنه من أصول تركية.. وحتى قتلته من الشبان الثلاث الذين ليسوا أكبر منه كثيرا هم أيضا ضحايا الخطاب التحريضي المقيت ونزوع البعض في المجتمع لتصديق خرافة أن 'هؤلاء' أقل قيمة وتحضرا 'منا'!
القسوة مطلوبة حين نعرف ما يمكن أن تولده تلك الخطابات عند قلة من الدانماركيين الذين يتحكم بعقلهم مثل تلك الخطابات.. ومنذ عقدين وأكثر وأنا شخصيا اُحذر من الخلل الذي سيقع.. لذا بقيت طيلة عشرون عاما عضوا في منظمة 'محاربة العنصرية وكراهية الاجانب'.. وكما تقع المسؤولية على الطبقة السياسية الدانماركية تقع على مسؤولية المستهدفون أن يعوا إلى أن الاختباء أو حتى التماهي مع الاحزاب اليمينية لم يعد مفيدا لتجنب مواجهة الحقيقة..
حدث في اسبانيا وفرنسا والسويد إعتداءات أودت بحياة شباب مهاجر.. لكن في تلك الدول كانت تخرج الاعتصامات بالالاف يتقدمها ساسة وصحافيون وبشر عاديون ليرسلوا رسالة إلى بقية المهاجرين والى احزاب اليمين المتطرف والنخبة الحاكمة بأن الأمر لن يمر.. عوقب اليمين في اسبانيا وفرنسا والسويد من خلال صناديق الاقتراع.. لكن ماذا فعلنا في الدانمارك؟ من خرج ليوقف الانتهازيين في المستوى السياسي وليرفع صوته وينظم صفوفه في مواجهة ما يريده هؤلاء في استاع الفجوة بين مكونات المجتمع..؟
وليسمح لنا البعض أن نقول بعض الكلمات:
أية فائدة من التصرفات الرعناء والسلبية التي يمارسها قلة من شباب المهاجرين؟ أقول قلة لأنه من مصلحة هؤلاء السياسيين الذين تحدثنا عنهم سابقا يضخمون الاعداد..
ما هي فائدة قيادة السيارات بتلك الطريقة الرعناء التي يقوم بها هؤلاء ويتجمعون حتى ساعات الفجر مطلقين الصراخ والشتائم مبرزين القدرة على من يرفع صوت الموسيقى أكثر ليزعج السكان.. وقد يكون هؤلاء السكان أهله وأصدقاء أهله.. تماما مثلما يُقدم الصورة السلبية للمجتمع الدانماركي ويتحول من حيث لا يدري الى وقود في ماكينة اليمين المتطرف..
إذن، نحن نحتاج لوقفة جماعية من أجل الاجيال التي لا يجب أن تستسلم وتفقد الامل.. وقفة لا تقبل ولا تعطي مبررات.. وتواجه الخطاب التمييزي والعنصري بممارسة عكسه..

رحم الله الصبي التركي ونأمل أن يصبر أهله وأصدقائه على مصيبتهم..
نقلا عن: اخبار دك
مراسلة: عبدالحميد الحمدي- الدنمارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.