موريتانيا - الفجرنيوز:أكثر من 400 مدون موريتاني تفرقهم التوجهات السياسية يتعانقون اليوم بعيداً عن سيف الرقيب. وبعد انشاء اتحاد عام يجمع ما بينهم، اصبح عالم التدوين الموريتاني اكثر العوالم تحررا. محمّد سالم- موريتانيا
مقهى انترنت في موريتانيا-ح.م. ملاحظة: هذا المقال ارسله محمد سالم قبل يوم واحد على اعتقاله. وقد عمل الصحافي الذي تم اعتقاله بالأمس كمراسل. مائات المدونات الموريتانية الناطقة بالعربية أو بالفرنسية هي الوجه الثاني لمشهد إعلامي غير مكتمل الصورة ولا متضح المعالم، وإن كان عالم التدوين الأكثر حيوية وتحرر في موريتانيا، حتى الآن. فهو ليس سوى عالم جديد للإبحار، في مأمن من سيف الرقيب، كما ان تكلفته المادية لا تستدعي تدخل وزارة الإعلام للمساعدة. من دون شك أصبح المدوّنون الموريتانيون جزء من المشهد الإعلامي في موريتانيا، بعد ان تمكنوا من تسجيل موقع قوي على دائرة الصوت الموريتاني في الشبكة العنكبوتية. ولعلّ هذا ما دفع العديد منهم الى إنشاء اتحاد عام يجمع كل المدونين، على اختلاف توجهاتهم واساليبهم. يأتي هذا الاتحاد ثمرة للجهود التي سبق أن أطلقها الرئيس الحالي للاتحاد والعضو الموريتاني الوحيد في "الاتحاد العربي للمدونين" السيد أحمد ولد اسلم. احد اهداف اجتماع المدونين هو مناقشة وضعهم الحالي لاختيارالأساليب الأكثر قدرة على تفعيل هذا الوجود والأداء. مسؤول الإعلام في الاتحاد "محمد مولود ولد المعلوم" قال إن الاتحاد الجديد للمدونين الموريتانيين هو عبارة عن تكتل لمجموعة من المثقفين والصحفيين والأدباء تجسدت لديهم الرغبة في لم شمل المدونين الموريتانيين بعد أن بلغ عدد المدونات الموريتانية أكثر من 400 مدونة. ويرى أن الاتحاد الجديد يسعى إلى تجميع صفوف المدونين من أجل التوحد وحماية حقوق التدوين. كما وأكّد أن من بين تلك الحقوق الأساسية حق النشر والتدوين من دون أي وصاية من السلطة أو أي رقيب آخر ما عدا الرقيب الذاتي، مشددا على ان الاتحاد سيسعى إلى الحصول على جميع الحقوق المستحقة للمدونين. عن ظاهرة الأسماء المستعارة كما ظهور بعض المدونات التي تقدم مواضيع تخدش الذوق العام أو تنتقد القيم الدينية أو تعمل على اتهام وتجريح الأشخاص، قال ولد المعلوم لمنصات ان اتحاد المدونين الموريتانيين سيعمل بشكل جادا على تقديم صورة مشرقة للمدونين الموريتانيين. وأكدا أن هذا الاتحاد من شأنه ان يضع ضوابط ومعايير يتفق عليها المدونين من أجل أن يلتزم بها كل من ينتسب إلى الاتحاد لاحقا وسيكون من بينها بالتأكيد احترام الأخلاق العامة ومبادئ الدين الاسلامي دون أن يقلل ذلك من حق المدون في نشر أفكاره وتدوين رؤاه إضافة إلى المهنية والمصداقية والموضوعية في الطرح والنقد. "سيكون شعارنا انشاء الله مقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة بعيدا عن التجريح". اما الأسماء المستعارة فقد اعتبر ولد المعلوم بأن فضاء الاتحاد سيتيح فرصة لكل المدونين الموريتانيين بالظهور والتعبيرعن أفكارهم بصراحة دونما خوف. السياسيون ايضاً! أطلق عدد من السياسيين الوطنيين مدوناتهم فيما يبدو أنه مشروع لاستغلال الفضاء الحر الذي توفره الشبكة العنكبوتية. رئيس البرلمان "مسعود ولد بلخير" كان من أبرز الأوجه السياسية التي دخلت عالم التدوين. تحتوي مدونته على سيرة ذاتية مطولة عن السيد رئيس البرلمان، كما تضم المواقف السياسية والنضالية التي اتخذها ولد بلخير، إضافة إلى برنامجه الانتخابي. ينشر عبر هذه المدونة انتقاد لاذع للمجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الحاكم سابقا، إضافة إلى انتقاد شديد اللهجة " لمرشح العسكر " وهو الانتقاد الذي بدأ يخف تدريجيا حتى وصل إلى حد التوقف عن تحديث المدونة منذ شهر مارس 2007. مسعود ليس السياسي الوحيد في عالم التدوين. فقد انضم إليه الشيخ "عثمان ولد الشيخ أبو المعالي" الذي أطلق مدونة تحمل اسم "حزب الفضيلة" وصورة رئيسه الشيخ عثمان. مدونة ولد أبو المعالي، التي حصل عليها مجانا من موقع جيران (الذي يقدم خدمة التدوين المجاني) تحتوي على أخبار الحزب ومقاطع فيديو من بعض الندوات والأنشطة التي نظمها الحزب أو رئيسه ولد الشيخ أبو المعالي. مدونة الحزب التي تمثل على مايبدو الواجهة الإعلامية للحزب الحديث النشأة لا تشهد لحد الآن إقبالا كبيرا من زوار الشبكة العنكبوتية ولاتتجاوز التعليقات المنشورة على المواضيع تعليقا واحدا. من جهته كان النائب البرلماني "حامدو بابا" نائب رئيس تكتل القوي الديمقراطي قد أطلق هو الآخر مدونته على الانترنت وتضم العديد من مقالات النائب المذكور إضافة إلى بعض مداخلاته في البرلمان وتحمل مدونة النائب بابا اسم " كوري تباتو" أي زنجي وبيظاني". رئيس الوزراء السابق "محمد الأمين ولد اكيك" أطلق هو الآخر مدونته التي شحنها بالعديد من صوره الشخصية التي تؤرخ لفترات متعددة من حياته المهنية والسياسية إضافة إلى بعض الصور والمناظر السياحية في البلد. وراء الاسماء المستعارة تتعدد اتجاهات المدونات الموريتانية وتختلف مشاربها كما تتعدد الواجهات والأسماء. ففي حين تحمل بعض المدونات أسماء وصور أصحابها، تختفي مدونات أخرى وراء أسماء مستعارة وواجهات غامضة. المدونات الموريتانية عالم من المتناقضات حيث تضم تلك العديد من المدونات الجهادية التي تدعو إلى إِشهار السيوف في وجه من تعتبرهم " كفارا وطواغيتا"، فيما تقف مدونات أخرى على طرف مناقض. هذا هو حال مدونة "يسوع موريتانيا" التي يديرها شخص يطلق على نفسه اسم حبيب. وقد نشرت هذه المدونة العديد من المقالات التنصيرية التي تشرح كيفية الدخول في الديانة المسيحية كما تضم انتقادات لاذعة لحجاب المرأة المسلمة إضافة إلى عديد المقالات والتعليقات التي تحاور أو تناقش أو تنتقد المدونة المذكورة. أسماء مستعارة وواجهات متعددة بدأت تفرض نفسها بقوة في عالم التدوين الموريتاني، أبرزها صاحب مدونة الأسرار والسيد X ولد Y ، الذي لايزال يمتاز بجرأته الفائقة على نشر أسماء من يعتبرهم لصوصا وجواسيس. تضم لوائح السيد ولد Y عشرات الأشخاص من بينهم وزراء وتجار وسياسيون وأئمة مساجد وعلماء يرى أنهم جميعا منخرطون في الممارسات الشائنة. "محمد ولد نواكشوط" و"نادينا موريتانيا" أسماء من أخرى كثيرة تنتقد لدرجة التجريح الواقع الموريتاني . "محمد ولد نواكشوط" يحاول أن يقدم نقدا لاذعا وجارحا لبعض القادة السياسيين. اما "نادينا موريتانيا" تصر على الانتقاد اللاذع لقيم المجتمع الموريتاني وخصوصا القيم الدينية المتعلقة بالمرأة حيث تتهم الإسلام ظلما بالحيف والجور تجاه المرأة. وللفكر مكان يتزايد يوما بعد يوم عدد المدونات الجادة التي تعالج العديد من القضايا السياسية والفكرية والثقافية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. وقد برزت في هذا المجال أسماء متعددة من بينها مفكرون وأساتذة جامعيون وشعراء وكتاب صحفيون. من بين هؤلاء "الدكتور محمد المهدي ولد البشير" الذي تحتوي مدونته على مقالاته الفكرية والسياسية إضافة إلى تقارير إخبارية عن نشاطاته الثقافية والسياسية؛ "الدكتور سلميان ولد حامدن" الأستاذ بجامعة سبها الليبية ذات المدونة التي تعنى بالشأن الوطني، تحليلا ومتابعة إخبارية دقيقة. المدونات الإعلامية سجلت حضورا مهما في ساحة التدوين الوطني، وقد برزت في هذا المجال أسماء متعددة من بينها مدونتا الزميلين "أحمد ولد اسلم" و"إمام الدين ولد أحمدو" من وكالة أخبار نواكشوط، حيث تضم إضافة إلى مدونة الزميل "محمد مولود ولد المعلوم" الذي يعمل في يومية "السراج". الشعراء من جهتهم سجلوا حضورهم في عالم التدوين كما سجلوا حضورا أيضا في الهيئة القيادية للاتحاد ويبرز اسم الأمين العام لاتحاد المدونين الموريتانيين الشاعر" الشيخ أحمد ولد البان" كأحد الشعراء الموريتانين الذين دخلوا عالم التدوين. نذكر ايضاً بعض المدونات التي حملت على عاتقها مهمة الإصلاح التربوي وتقديم الدعوة الإسلامية والكلمة الطيبة لزائريها حيث تعمل جاهدة على تقديم المواعظ والدروس الإسلامية، كما تتنافس عديد المدونات الموريتانية في الانتصار للنبي محمد.