اتخذت السلطات التونسية تدابير أمنيّة مشددة لمنع تحركات كان عدد من المدونين يعتزمون القيام بها احتجاجاً على الرقابة الصارمة على الإنترنت. وقد شهد محيط وزارة تكنولوجيا الاتصال انتشار عدد كبير من قوات الأمن بالزي المدني ووحدات من قوات مكافحة الشغب.
وكثفت عناصر الشرطة دورياتها في شارع الحبيب بورقيبة الحيوي في العاصمة تونس، الذي يوجد به مبنى وزارة الداخلية، وقامت بالتثبت من هويات الشبان المارين أو الموجودين في المقاهي. بينما مُنع صحفيون ونشطاء من البقاء هناك فرادى أو جماعات. وكان المدونون ياسين العياري وسليم عمامو ولينا بن مهني دعوا إلى تنظيم مظاهرة سلمية أمس أمام مقر الوزارة للمطالبة ب"الإيقاف الفوري والتام "لحجب مواقع الإنترنت، ورفع الحظر عن كل المواقع الإلكترونية المحجوبة".
وزير الداخلية وأعلن هؤلاء في بيان بثته مدوّنات ومنتديات إلكترونية تونسية أنهم وجهوا رسالة عبر البريد إلى وزير الداخلية التونسي رفيق بلحاج قاسم أبلغوه فيها بمكان وتوقيت المظاهرة والهدف من تنظيمها. وأوضحوا في البيان أنّ المظاهرة "لا تتبع أي حزب أو جمعية تونسية" ودعوا من يرغب في المشاركة فيها إلى "عدم جلب لافتات أو التغنّي بشعارات قد تعطي معنى سياسيا أو دينيا للمظاهرة". وقال مراقبون إن هذه أول مرّة في تاريخ تونس الحديث، يدعو فيها شباب "غير مسيس" أو معارض للسلطات إلى تنظيم مظاهرة احتجاجية ضد الحكومة. وقد أرجعوا أسباب ذلك إلى الاستياء الشديد من قبل مستخدمي الإنترنت التونسيين من الرقابة "الزائدة عن الحدّ" على شبكة الإنترنت بعد أن طال الحجب مواقع لا تعنى خصيصا بالشأن التونسي، وأشهرها مواقع تبادل مقاطع الفيديو "يوتيوب" و"ديلي موشن" و"وات تي في" وأخرى إخبارية مثل موقع "الجزيرة نت". وقال المدوّن والصحفي سفيان الشورابي إن الشّرطة التونسية "احتجزت منذ منتصف نهار الجمعة وحتى فجر السبت المدونيْن ياسين العياري وسليم عمامو لإجهاض تنظيم المظاهرة".
وأضاف أن الشرطة "ضغطت" على العياري و"أجبرته" على كتابة رسالة على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك الاجتماعي أعلن فيها أن المظاهرة "تمّ تأجيلها إلى موعد لاحق"، ونصح الراغبين في التظاهر ب"عدم الحضور (إلى مكان المظاهرة) إلى حين تحديد تاريخ آخر". ويمنع القانون التونسي التظاهر -حتى وإن كان سلميا- دون الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية التونسية.
شرخ كبير وأضاف زياد الهاني المعروف بتدويناته الشديدة الانتقاد للسلطات التونسية أنه "رغم المنع فإن ما حصل يعتبر في حدّ ذاته إنجازا كبيرا وشرخا في جدار الخوف داخل تونس". وتواجه تونس انتقادات كبيرة في مجال حرية الصحافة والتعبير. وقد وضعها تقرير نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود" في مارس/آذار الماضي بين 10 دول هي الأكثر رقابة على الإنترنت في العالم.