لم يكن مستغرباً ولا مستبعداً – وإن كان قاسياً ومؤلماً - حدوث هذه الهجمة البربرية والمجزرة البشرية من عصابات القرن العشرين ، عصابات العنصرية والفاشية والاحتلال الصهيوني ، ولما لا وهو نموذج قديم ومتكرر ضد الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز ، ضد المدنيين والحقوقيين ، العلماء والباحثين ، اغتيالات ومؤامرات هنا وهناك ، في بحر البقر وقانا ودير ياسين وعلى شواطئ غزة و في عمقها بل في قلب العواصم العربية ، ألالاف الشهداء والجرحى ، هدم المساجد والمنازل والمدارس والمستشفيات حتى الأنفاق ، الرئة الوحيدة لهذا الشعب المكلوم، ثم الحصار الخانق لقتل مليون ونصف المليون من شعب غزة الصابر الصامد ، فكانت النصرة من اسطول الحرية وكانت المجزرة من أعداء الحرية والسلام بل أعداء الإنسانية ، كانت رسالة المتضامنيين سلمية تدعو للحياة وكان الرد الصهيوني دموياً يقتل كل مظاهر الحياة ، بل أردوا بدمويتهم المعلومة توصيل رسالة لكل من يهمه الأمر بمصير المتعاطفين مع غزة ،استكمالاً لكسر إرادة الصمود والتحدي والمناضلة وفرض مُناخ من اليأس والإحباط لدى عموم الجماهير خاصة العربية والإسلامية بل فرض واقع بمزيد من البلطجة والغطرسة الصهيونية يقابلها المزيد من الانبطاح والخضوع والمهانة من الأنظمة العربية والإسلامية فاقدة الشرعية والشعبية والتي مازالت موجوده في مقاعدها بمساندة أمريكية أو صهيونية ،ومن خلف الصهاينة الأشرار وأنظمة الذل والعار دعم أمريكي غربي وانحياز أعمى لصالح الكيان المحتل ضد أصحاب الأرض والحق ، وسط هذا الزحام كانت دماء الشهداء وألام الجرحى من 60 دولة ، صفوة القوم من الناشطًين و الحقوقيًّين والسياسيًّن والدبلوماسيًّين والبرلمانيًّن الذين أصرّوا أن ينتصرو للقيم الحضارية والمشاعر الإنسانية ، فاختلطت دماؤهم بماء البحر لتصل الرسالة إلى كل الدنيا أو على الأقل للدول المطلة على هذه المياة ، رسالة اللعنة على الغاصبين المحتلين ومن عاونهم أو صمت على جرمهم ، ورسالة الرفق والرحمة لكل من ناصرهم ، الجريمة بشعة والخسائر فادحة ومؤلمة ، لكن رسالة الشهداء وصلت وبكل وضوح ، وعلى شعوب الأمة مواصلة المسير نحو تحرير الأرض المحتلة من الصهيوني الغاصب بل وتحرير الدول المعتلة من المستبد الفاسد ، القضية بشقيها وجهان لعملة واحدة ، والتخلص منهما صار واجباً شرعياً ومطلباً شعبياً بل واستحقاقاً تاريخياً للحفاظ على ما تبقى من رصيد ومكانة وثروات الأمة ، المخرج ممكن ومتاح إذا ما توفرت الإرادة ، إرادة الشعوب لأنه لا أمل في الأنظمة. *مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية