الجزائر:ماذا كسبت البلاد من تأهل ''الخضر'' للمونديال بعد 24 سنة من الغياب عن أكبر عرس كروي عالمي؟ قد تكون خزائن الفاف امتلأت من مداخيل ''السبونسور''، وقد تكون معها السلطة قد كسبت هدنة اجتماعية لم يكن من السهل ربحها لولا كرة القدم التي أثلجت غليان الشارع، وضبطت نبضاته على ساعة جنوب إفريقيا. لكن الفريق الوطني الذي ذهب إلى بلاد مانديلا بلباس ''بوما'' في سنة 2010، كان قد شارك في مونديال إسبانيا بأقمصة ''سونيتاكس''، وتحمل ماركة ''صنع في الجزائر''. وهو ما يعني أن الجزائر لم تغب 24 عاما عن المونديال وإنما أيضا تراجعت صناعيا. وهي إحدى النقاط السوداء التي غيّبت في أحاديث هذا المونديال. باستثناء رواج صناعة الرايات الوطنية وأشرطة الأغاني، واستعمال حافلة ''سوناكوم'' لنقل عناصر ''الخضر'' لدى عودتهم من أم درمان، وهي الصورة التي جابت القارات الخمس، فإن الباقي لم يحسن فيه استثمار ورقة تأهل الخضر للترويج ل''الماركة الجزائرية ''. ميزانية ضخمة ومشاريع عديدة لما بعد المونديال بوتفليقة يضخ الملايير في الرياضة أملا في استمرار الحل السحري اكتشف أخيرا، رجال السلطة في الجزائر أن للرياضة سحرا عجز عنه المشروع الحزبي، في استمالة قلوب الشباب الجزائريين، ولاحظت الحكومة أنها لما استخدمت لغة التهديد من جهة مع الشباب المهاجر سرا وخطابا متسامحا عبر بيوت العبادة لمحاربة التطرف، لم يحالفها النجاح كما تفعل كرة القدم. منذ بداية العام الجاري، كانت الرياضة في مقدمة جداول أعمال مجالس الوزراء التي عقدها الرئيس بوتفليقة مع حكومته، وجاء مشروع النهوض بكرة القدم أهم معالم مجلس وزراء عقد في جانفي الفارط ثم في آخر مجلس قبل التغيير الحكومي الأخير؛ حيث خصّصت الحكومة 1130 مليار لتنفقها على الرياضة. ويبدو أن الجزائر لجأت للأعوام القادمة، على استراتيجيات متفرعة، ظهرت الرياضة كعامل أساسي فيها، وبينما كان الخطر على الشباب، الانحراف والهجرة السرية والتأثر بما يسمى ''الفكر المتطرف''، والحلول في الترويج للخطاب الديني المتسامح، وجد في كرة القدم ''الحل السحري'' لشغل العقول كأقصر طريق تكتشفه الحكومة فجأة. وخاطب بوتفليقة وزراء الحكومة وهو يوقع موازنة العام الجاري ''لا ينبغي أن يحجب عنا الانتصار المستحقّ الذي حققه فريقنا الوطني لكرة القدم مؤخرا، جسامة المهمة المطلوب أداؤها في هذا النوع من الرياضة، بل لا بد أن يصبح حافزا لتحقيق الانبعاث الفعلي لكرة القدم الوطنية بفضل تضافر جهود السلطات العمومية والاتحادية المعنية ومسيري النوادي''. وتشير توجيهات بوتفليقة في الدفع بالرياضة إلى الأمام، إلى تعويل السياسيين كثيرا على ملء الفراغ الذي فشل فيه المشروع الحزبي، حيث وضع الرئيس بوتفليقة أربعة محاور لتطوير الرياضة في البلاد، تحسين تصريف المنظومة الرياضية، إعادة الاعتبار لأخلاقيات الرياضة وتعزيز محاربة العنف في الميادين الرياضية، وإعادة صياغة منظومة تمويل النشاطات الرياضية، ومواصلة تطوير حظيرة الهياكل القاعدية الرياضية لاسيما على مستوى المناطق التي ما تزال محرومة. وبلغة الأرقام، استفاد قطاع الشباب والرياضة من خلال هذا البرنامج من أزيد من 1130 مليار دينار من أجل انجاز 80 ملعبا لكرة القدم و750 مركبا للرياضة الجوارية و160 قاعة متعددة الرياضات وأكثر من 400 مسبح وأزيد من 3500 فضاء للألعاب و230 بيت ودار للشباب وكذا أكثر من 150 مركز للتسلية العلمية للشباب. والواضح أن الحكومة فكرت في مرحلة ''ما بعد المونديال'' حيث يكون الجهاز التنفيذي قد استنفد فترة ''هدنة'' دامت سنة كاملة، ويمكن من خلال المشروع الكروي توقّع استمرار ''الهدنة'' إلى غاية 2014 باستغلال الرياضة التي نجحت في كبح الهجرة، والاحتجاجات، وحلت محل الدبلوماسية الجزائرية، وجعلت اسم الجزائر يكتب وينطق ملايين المرات في وسائل الإعلام الدولية، بعدما ظل مقرونا بالإرهاب فقط. المصدرالخبر:الجزائر: عاطف قدادرة