الزاهي : هناك هوة كبيرة بين جرايات التقاعد بالقطاعين العام والخاص.    محامو تونس الكبرى غاضبون    3 حلول لمكافحة داء الكلب ..التفاصيل    الحماية المدنية: 9 قتلى و341 مصابا خلال ال 24 ساعة الماضية    العباسي: "الوزارة ملتزمة بتعهداتها لتسوية وضعيات المربين النواب".    بنزرت: انطلاق اشغال التنظيف الالي للشواطئ استعدادا للموسم الصيفي    هواة الصيد يُطالبون باسترجاع رخصة الصيد البحري الترفيهي    غرفة تجّار لحوم الدواجن: هذه الجهة مسؤولة عن الترفيع في الأسعار    24 ألف وحدة اقتصاديّة تحدث سنويّا.. النسيج المؤسّساتي يتعزّز    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    رئيس ديوان وزير الفلاحة : قطاع الدواجن أحد ركائز الأمن الغذائي (فيديو)    بطولة الكرة الطائرة: النادي الصفاقسي يفوز على مولدية بوسالم    عبد المجيد القوبنطيني: الخروج من كأس الكاف أثر على النادي الإفريقي .. وماهوش وقت نتائج للنجم الساحلي (فيديو)    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    عندك تلميذ سيجتاز « الباكالوريا » ؟.. نصائح لتساعدهم    الكشف عن ورشة لصنع القوارب البحرية بجبنيانة والقبض على 3 أشخاص..    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    وفاة الممثل عبد الله الشاهد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    المرسى: القبض على شخصين و حجز أكثر من 130 قرصًا مخدرًا    تشاجرت مع زوجها فألقت بنفسها من الطابق الرابع..وهذا ما حل بمن تدخلوا لانقاذها..!!    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    مفزع: أكثر من 10 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض بغزة..    شاب افريقي يقتحم محل حلاقة للنساء..وهذه التفاصيل..    لمن يهمّه الأمر: هكذا سيكون طقس ''الويكاند''    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    البنك المركزي : نسبة الفائدة في السوق النقدية يبلغ مستوى 7.97 % خلال أفريل    ستيفانيا كراكسي ل"نوفا": البحر المتوسط مكان للسلام والتنمية وليس لصراع الحضارات    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    وزيرة التربية تكشف تفاصيل تسوية ملفات المعلمين النوّاب    بينهم ''تيك توكر''...عصابة لاغتصاب الأطفال في دولة عربية    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    الشرطة تحتشد قرب محتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة كاليفورنيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    تركيا ستنضم لجنوب إفريقيا في القضية ضد إسرائيل في لاهاي    أمطار غزيرة بالسعودية والإمارات ترفع مستوى التأهب    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    كلاسيكو منتظر بين التّرجّي والسّي آس آس...    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوات الأمن العام اللبناني تداهم حفلاً لسودانيين وتنهال عليهم بأكعاب البنادق!
نشر في الفجر نيوز يوم 19 - 06 - 2010

بيروت:اقتحمت قوة مسلّحة من الأمن العام اللبناني الأسبوع الماضي حفلا خيريا أقامه نحو (100) من اللاجئين والمقيمين السودانيين في لبنان يعود ريعه لعلاج طفل مصاب بالسرطان، في إحدى صالات الأفراح في منطقة (الأوزاعي) في العاصمة اللبنانية ببيروت، وذكر منظمو الحفل أن عناصر الأمن العام اللبناني دخلوا عليهم وشرعوا في ضرب الحاضرين بالأيدي وبأعقاب البنادق، مع
شتائم من «العيار الثقيل» لا يمكن ذكر بعضها على صفحات الصحف، لكن أقلها كان: «على الأرض يا حيوانات»، غير أن مدير الأمن العام «اللبناني» اللواء وفيق جزيني نفى في تصريحات لصحيفة (الأخبار) اللبنانية الوقائع التي ذكرها الشباب السودانيون.
وقال الشاب السوادني علاء عبد الله، الذي يحمل إقامة شرعية في لبنان، لصحيفة (الأخبار) اللبنانية: «ذُهلت من المشهد، وظننت أن أحداً منّا قد ارتكب جريمة ما أو عملاً إرهابياً مسّ الأمن القومي للبنان»، وواصل: «أخرجونا من الصالة مكبّلين بالأصفاد، وجعلونا نتمدد على بطوننا في وسط الطريق على مرأى ومسمع من أهالي المنطقة، بعدما أقفلوا الطريق أمام السيارات، وداسوا بأحذيتهم العسكرية رؤوسنا ورقابنا، كل ذلك ولم يتوقف سيل الشتائم والإهانات التي كانت تُصب علينا، والتي كانت، صدوقني، أكثر ألماً وأوسع جرحاً من الضرب».
من جهته قال مدير الأمن العام اللبناني اللواء وفيق جزّيني إنه طلب من المكتب المختص فتح تحقيق داخلي في ما حصل، لكنه لم ينف حصول عملية الدهم وتوقيف عدد كبير من السودانيين «غير الشرعيين»، غير أنه نفى في المقابل أن يكون قد أُوقف من لديه إقامة شرعية، وأضاف: «في كل الأحوال نحن لا نرضى بحصول تجاوزات من أفراد الأمن العام، وإذا أظهر التحقيق الداخلي الذي بدأناه وجود تصرفات مسيئة، فإن الفاعلين سيعاقبون، لكن لن نعلن ذلك».
تحت رحمة اللواء «جزيني».. سودانيون يتعرضون للضرب والإهانة والعنصرية في بيروت
قوات الأمن العام اللبناني تداهم حفلاً خاصاً لسودانيين بإقامات شرعية وتنهال عليهم بأكعاب البنادق!
كانوا في حفل خيري يعود ريعه لطفل مصاب بالسرطان. اقتحمت الحفل قوة مسلّحة من الأمن العام. أصحاب الحفل شباب سودانيون ذكروا أنهم تعرضوا «لما يندى له جبين الإنسانية»، أما اللواء وفيق جزيني فنفى بعض الوقائع المذكورة وشرح موقف المؤسسة التي يديرها، من اللاجئين، ومن سَجن البشر في نظارة تحت الأرض.
«هل نحن بشر في لبنان؟»، سؤال بسيط يقضّ مضجع المواطن السوداني عبد المنعم إبراهيم منذ 21 عاماً، أي منذ تاريخ لجوئه إلى لبنان.. «أعلم أن ليس كل اللبنانيين سواءً، فمنهم من أصبح كأخ لي، لكن المشكلة في نظرة معظم الأجهزة الأمنية إلينا، إذ لا نشعر بأننا بشر في أعينها»، يضيف الدكتور عبد المنعم، الذي درس في جامعات لبنان وحصل على أعلى الشهادات.
لم يشأ قدر بعض اللاجئين في لبنان أن يمر يومهم العالمي، الواقع في العشرين من يونيو من كل عام، من دون أن يحصل ما يذكّرهم ب «البؤس» الذي هم فيه، فاللجوء في بلاد الأرز قد يعني «إذلالاً واحتقاراً وعنصرية». قبل أيام، قصد «صحيفة الأخبار اللبنانية» عدد من اللاجئين والمقيمين السودانيين، وتحدثوا عن حادثة حصلت معهم في منطقة الأوزاعي قبل نحو أسبوع، جعلت بعضهم يتمنى «الموت في دارفور على حياة الذل في لبنان».
ما الذي حصل في الأوزاعي؟ هل حقاً ارتكب أفراد من جهاز الأمن العام أفعالاً «يندى لها جبين الإنسانية»؟ وهل حقاً انتهكت أبسط معايير حقوق الإنسان هناك؟ وهل صحيح أن ثمة تسجيلات مصوّرة تتضمن مشاهد «معيبة ومضرّة بصورة لبنان»؟ استمعت «صحيفة الأخبار اللبنانية» إلى المواطنين السودانيين، وسجّلت ما قالوه عن الحادثة، واستمعت في المقابل إلى رأي الأمن العام عن لسان مديره اللواء وفيق جزّيني، الذي أكّد أنه طلب من المكتب المختص فتح تحقيق داخلي في ما حصل.
{ رواية اللاجئين والمقيمين.
قرر نحو (100) من اللاجئين والمقيمين السودانيين إقامة حفل خيري، يعود ريعه لطفل مصاب بالسرطان، في إحدى صالات الأفراح في منطقة الأوزاعي. وبالفعل، فعلوا فعلتهم «الخيرية» وبدأ الحفل. لكن ما هي إلا دقائق، حتى دخلت عليهم «جحافل» مدججة بالعتاد والسلاح من الأمن العام، بحسب ما يروي الشاب السوادني علاء العبدالله، الذي يحمل إقامة شرعية في لبنان. وقبل أي سلام وكلام، انهال عناصر الأمن العام بالضرب على الحاضرين بالأيدي وبأعقاب البنادق، مع شتائم من «العيار الثقيل» لا يمكن ذكر بعضها على صفحات الجرائد، لكن أقلها كان: «على الأرض يا حيوانات»!
يقول علاء: «ذُهلت من المشهد، وظننت أن أحداً منّا قد ارتكب جريمة ما أو عملاً إرهابياً مسّ الأمن القومي للبنان. أخرجونا من الصالة مكبّلين بالأصفاد، وجعلونا نتمدد على بطوننا في وسط الطريق على مرأى ومسمع من أهالي المنطقة، بعدما أقفلوا الطريق أمام السيارات. داسوا بأحذيتهم العسكرية رؤوسنا ورقابنا، كل ذلك ولم يتوقف سيل الشتائم والإهانات التي كانت تُصب علينا، والتي كانت، صدوقني، أكثر ألماً وأوسع جرحاً من الضرب». ويضيف علاء: «وجدوا أن أحدنا يرتدي بنطالاً من نوع «جينز»، فقال له أحد العسكريين وهو واضع قدمه فوق عنقه: «صايرين تعرفو تلبسو تياب حلوة كمان يا بهايم». يكابر الدمع في عيني علاء وهو يروي ما حصل، فيدخل صديقه عبّاس العبدالله على خط الحديث ويقول بانفعال: «يبدو أن جهل بعض أفراد الأمن العام وصل إلى حد عدم معرفتهم أن السودان بلد عربي، حيث سألنا أحدهم عن المكان الذي تعلمنا فيه اللغة العربية، فقلنا له نحن عرب ومن السودان، فظنّ أننا نسخر منه فانهال علينا مجدداً بالضرب على وجوهنا... وجوهنا التي قد يجد البعض في سمرتها دونية، لكنها وجوهنا التي أكرمنا الله بها، والتي يحمل أصحابها كرامة لا يمكن (يبكي) لأحد أن يمسها، وكبرياء ليس لمخلوق على وجه الأرض أن يحطمها». يعود علاء ويدخل على خط الحديث، فيقول إن عدداً من أهالي المنطقة اللبنانيين تدخلوا لمصلحتنا، بعدما هالهم ما تعرضنا له من ضرب ووحشية وإذلال، فقالوا لأفراد الأمن العام: «حرام عليكم، ليس مقبولاً ما تقومون به»، حتى إن بعضهم وقف حائلاً بيننا وبينهم، ما اضطر أفراد الأمن العام إلى الاتصال بقوى الأمن الداخلي، وطلب دورية «لقمع المدنيين اللبنانيين». أما عبد المنعم إبراهيم، الناشط في مجال حقوق الإنسان، واللاجئ في لبنان منذ 21 عاماً، فكان شاهداً على ما حصل وقد جمع شهادات أغلب الذين عاد الأمن العام وأفرج عنهم. يقول عبد المنعم إن ما حصل داخل الصالة وخارجها «جرى من دون أن نعلم السبب، فحمل عدد من الموجودين بطاقات إقاماتهم الشرعية وأبرزوها أمام رجال الأمن، غير أن ذلك لم يعفهم من الضرب والإهانات، فسيق الجميع كالدجاج إلى آليات الأمن العام ثم إلى النظارة الشهيرة الكائنة تحت الأرض عند جسر العدلية، وهناك أُطلق سراح نحو 56 شخصاً بعدما تبيّن أنهم يحملون بطاقات إقامة أو بطاقات لجوء». ويلفت في ختام حديثه إلى أن ما حصل قد سجّلته كاميرات المراقبة التابعة لإحدى المحطات التلفزيونية الكائنة هناك.
محمد صدّيق، مواطن سوداني آخر، يقيم في لبنان منذ 13 عاماً بصورة شرعية، كان أيضاً في الحفلة المذكورة. يقول صدّيق إنه تعرّض للضرب بقسوة، وأن أحد العسكريين وضع فوهة بندقيته على رأسه من الخلف، بعدما قيّد يديه وراء ظهره. ويضيف: «قلت له إن يديّ تؤلمانني من ضغط الأصفاد عليهما، فأرجوك أرخها قليلاً، غير أنه زاد من ضغطها على معصمي وقال لي: مبسوط هيك يا أسود يا فحمة!؟». أما محمد آدم، مواطن سوداني آخر مقيم في لبنان، فيقول إن أحد العسكريين قال له وهو ينهال عليه بالضرب: «هذا بلد محترم يا واطي، مش فاتحينو مرقص لأمثالك». ويضيف آدم: «وقف العسكري على فخذيّ من الخلف وأنا ممدد على الأرض، وراح يضربني بعصا خشبية على ظهري».
{ رأي الأمن العام
اتصلت «صحيفة الأخبار اللبنانية» بالمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، وسألته عن الحادثة. لم ينف جزيني حصول عملية الدهم وتوقيف عدد كبير من السودانيين «غير الشرعيين»، لكنه نفى في المقابل أن يكون قد أُوقف من لديه إقامة شرعية، وهذا ما يتعارض مع رواية علاء العبدالله، الذي أبرز أمام «صحيفة الأخبار اللبنانية» بطاقة إقامته الصادرة أساساً عن الأمن العام في لبنان، علماً بأن عدم حيازة إقامة شرعية، في مطلق الأحوال، لا يجيز لأحد أن يسيء إلى مواطن بالضرب والإهانات، وذلك عملاً بالقانون وبالفقرة «ب» من مقدمة الدستور، التي تنص على أن لبنان «عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة، وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات من دون استثناء».
ورداً على الاتهامات التي ساقها المواطنون السودانيون بشأن الضرب والإهانات، لفت جزيني إلى أنهم «حاولوا الهرب أثناء عملية الدهم بعد مواجهتهم أفراد الأمن العام، ما دفع أفراد الدورية إلى شدّهم بالقوة، ومن يقل غير ذلك فهو يكذب». وأضاف جزيني سائلاً: «إذا أوقف مواطن لبناني في الخارج، فهل تبوسه الأجهزة الأمنية هناك؟ كلا، لكن للأسف يستغل بعض الأجانب في لبنان من الحريات والمساعدات التي نقدمها لهم، لكن هذا لا يجوز، الأمر أصبح بحاجة إلى ضبط». ثم يردف قائلاً: «بكل الأحوال نحن لا نرضى بحصول تجاوزات من أفراد الأمن العام، وإذا أظهر التحقيق الداخلي الذي بدأناه وجود تصرفات مسيئة، فإن الفاعلين سيعاقبون، لكن لن نعلن ذلك».
وفي سياق متصل، علمت «صحيفة الأخبار اللبنانية» من أوساط وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، أن الأخير لا يقبل بأي شكل من الإشكال صدور أي تصرف يوحي بالعنصرية من أي من مؤسسات الدولة، ولا يرضى بأي فعل يمس كرامات الناس إلى أي جنسية انتموا، ويرفض كذلك أي تجاوز للمعاهدات الدولية التي وقّعها لبنان، وخاصة تلك التي تتناول مكافحة التمييز العنصري. وأشارت هذه الأوساط إلى أنه إذا ثبت حصول مخالفات قانونية في الحادثة المذكورة، فلا بد أن تحال القضية على القضاء المختص، ولتأخذ مجراها القانوني.
{ لبنان واللجوء
«على الجميع أن يعلموا أن لبنان ليس بلد لجوء دائماً ولا مؤقتاً، نظراً للوضع الطائفي والديموغرافي، وهذا وضع لا علاقة للأمن العام فيه، بل هذه هي سياسة البلد». هكذا علل اللواء جزيني سبب عدم منح لبنان اللجوء للأجانب، وإلا «فلن يعود للبنان وجهه الذي نعرفه، ولذلك لم نوقّع اتفاقية اللجوء مع الأمم المتحدة». ويضيف جزيني، أن الأمن العام «يتعاطى بإيجابية مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فعندما يصل الأجنبي إلى لبنان يمزّق جواز سفره ويتوجه إليهم طالباً اللجوء السياسي، فيرسلون إلينا طلباً له لإعادة توطينه في بلد آخر. بعد ذلك، نعطي هذا الشخص مدّة (3) أشهر، إلى أن تكون المفوضية قد وجدت له بلداً يوطّن فيه، ونظل نجدد هذه المهلة إلى مدّة سنة، لكن بعدها لا يعود بإمكاننا فعل شيء، فنقول له شرّف إطلع برّات البلد، وإذا رفض نصبح مضطرين إلى توقيفه في النظارة».
لكن ماذا لو كان فقيراً ولا يملك تكاليف السفر، فماذا يفعل؟ يجيب جزيني: «ننتظر أن تتدخل سفارته لتساعده على ذلك، لكن للأسف أحياناً لا تفعل السفارات شيئاً، وهنا ندخل في الفراغ والمماطلة».
تجدر الإشارة إلى أن نحو 8900 لاجئ هو العدد الإجمالي للأجانب المسجلين لدى مفوضية اللاجئين الدولية على الأراضي اللبنانية، وهم إما لاجئون وإما طالبو لجوء، بحسب ما أكّدت المسؤولة في المفوضية لور شدراوي ل «صحيفة الأخبار اللبنانية». ويُمثّل العراقيون ما نسبته 96% من مجمل هؤلاء، وعددهم 7790 لاجئاً، إضافة إلى 290 لاجئاً من جنسيات مختلفة، معظمهم من الجنسية السودانية. ويوجد حالياً 825 طلب لجوء معروضة على المفوضية بانتظار بتّها، تعود إلى أشخاص من جنسيات مختلفة. وتشير شدراوي إلى أن «هناك عدداً من الأجانب الذين دخلوا لبنان خلسة، وهم غير مسجلين لدينا. لكن عموماً، فإن معظم اللاجئين المسجلين يشعرون بنوع من الاندماج في المجتمع، غير أن عدداً منهم يتعرضون لإساءات من بعض اللبنانيين، مثل التمييز والعنصرية، وخاصة ذوي البشرة السمراء والسوداء»، لافتة إلى أن القانون في لبنان «يجرّم الدخول خلسة إلى أراضيه، ولو كان الدخول لطلب اللجوء، لذلك يبقى هؤلاء عرضة للتوقيف الدائم». وتختم شدراوي بالإشارة إلى ترحيب المفوضية باللجنة الوزارية التي أُلِّفت هذا العام، والتي كُلّفت النظر في شؤون الأجانب الموجودين في السجون اللبنانية، وخاصة أولئك الذي أنهوا مدّة محكومايتهم وما زالوا خلف القضبان.
{ سجن العار
بات لديه من الشهرة ما لا يحتاج معها المرء إلى تعريف به، فهو سجن الأمن العام الكائن تحت الأرض عند جسر العدلية - بيروت، حيث يوضع اللاجئون لفترات طويلة من دون أن تراهم الشمس، في زنازين تفتقر إلى أبسط المعايير الحقوقية الإنسانية، فأطلق عليه العديد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان تسمية «سجن العار».
لماذا هذا السجن؟ ولماذا لا يُحسّن وضعه؟ بل لماذا لا يُستبدل بمكان آخر؟ يعترف اللواء جزيني بالواقع «المأساوي» لهذا السجن، الذي هو حقيقة «مجرد نظارة»، ويعرب عن رغبته في «التخلص منه قبل الآخرين، لأن العسكر لدينا يعاني معاناة السجناء نفسها، لكونهم يحرسونهم ليل نهار، فقبل مدّة وجدنا قطعة أرض في منطقة سكّة الحديد وطلبنا من الوزارات المعنية شراءها ليقام سجن جديد عليها، لكن وزارة الأشغال رفضت ذلك، لكون المنطقة هناك سكنية والناس قد لا يرغبون بوجود سجن قريب منهم، علماً بأن البناء كان سيُقام بمنحة مقدمة إلينا من الاتحاد الأوروبي. أما الآن، فقد بدأنا بمشروع بناء سجن في منطقة رومية بالقرب من السجن المركزي هناك، وقد أخذ مساره الطبيعي».
{ إياكم أن تتكلّموا عنّا بسوء
بدا واضحاً أن المواطنين السودانيين الذين قصدوا «صحيفة الأخبار اللبنانية»، يتمتعون بقدر عال من الوعي والثقافة. فأغلبهم من حملة الشهادات الجامعية، وهم لم يأتوا إلى لبنان بقصد السياحة، بل بهدف العمل. تغرّبوا عن بلادهم بسبب «الظروف الصعبة التي يمرّ بها السودان»، على حدّ قول الشاب السوداني علاء العبد الله. ورغم الذي جرى معهم أخيراً في الحفل الخيري من ضرب وإهانة، إلا أنهم لم يُظهروا كرهاً تجاه الشعب اللبناني عموماً. ويقول خاطر آدم إن اللبنانيين «كسواهم من الشعوب، بينهم الطيّب والمسيء، ولكن ما نطلبه من الدولة اللبنانية هو أن تعاملنا بالمثل فقط. فهناك كثير من اللبنانيين في السودان، نحبهم ونحترمهم، ولم يحصل يوماً أن أسأنا إلى أحد منهم. فكلنا عرب، وقبل ذلك كلنا إخوة في الإنسانية». أما محمد صدّيق، الذي سُجن سابقاً في نظارة الأمن العام، فيعتب على المسؤولين في لبنان لناحية «قلة الإنسانية» في هذه النظارة. ويذكر أن وفداً من جمعية أهلية زار النظارة ذات يوم، فقال لنا السجّان «إياكم أن تتكلموا عنّا بسوء... وإلّا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.