المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    سماح مفتاح: "المتشمت في المريض أو المسجون أو المتوفي مسكين لأن روحه غير سليمة"    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    اشتكتها هيئة السجون ... محاكمة سنية الدهماني .. تتواصل    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    بنزرت الجنوبية ... 5 جثث آدمية لفظتها الأمواج في عدد من الشواطئ    3 آلاف قضية    مع الشروق : زوال الاحتلال واحترام السيادة... شرطان لتسليم السلاح !    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    الدعارة في "إسرائيل" تتفشى على الإنترنت    عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    عاجل/ فنزويلا تقرّر الرد على "الإمبريالية" الامريكية    صفعة عمرو دياب لشاب مصري تعود للواجهة من جديد    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    كونكت: تنظيم جديد لمحمّصي القهوة في تونس    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإسلامي"..معالجة إعتذارية لنشاط الإسلاميين في بريطانيا
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 04 - 2008

الإسلامي" هو عنوان كتاب صدر العام الماضي أعده ناشط إسلامي سابق في صفوف حزب التحرير الإسلامي، في فرعه البريطاني، والكاتب هو "إد حسين" أو محمد محبوب حسين". والكتاب عن تجربة شاب ناشط قاده غضب الشباب للانضمام للعمل الإسلامي
في تجلياته أثناء العقد الأخير من القرن العشرين، وعن خروج الشاب أو الصبي من شرق لندن من حزب التحرير، داعيا إلي منع الحزب وناقداً إطار التعددية الثقافية ومبشراً بما يراه الإسلام الصحيح الذي يتجلي في إسلام والده والشيخ الذي كان يزور بيت والده في منطقة "لايم هاوس"، شرق لندن، والذي يدعوه ب" الجد" وهو شيخ صوفي كان يحضر ليقدم دروسه للمسلمين الهنود والبنغال الذين يعيشون في شرق لندن.
يكتشف "إد حسين" إذن جذور ما يراه الإسلام المتنور في تعاليم الصوفية، وهو الآن يترأس جمعية صوفية تحمل اسم واحد من أوائل المسلمين في بريطانيا عبد الله قويليام (1856 1932).
"الإسلامي" هو استعادة لتجربة خمسة أعوام في العمل الإسلامي في بريطانيا وهو استعادة لحقبة التسعينات التي كان فيها النشاط الإسلامي خاصة بين الجيل الثاني من أبناء المهاجرين واضحا، حيث اكتشف "إد حسين" وجيله هويتهم في الإسلام وليس في بريطانيا أو هوية عائلاتهم الإثنية.
رحلة مع الإسلام السياسي
يقص علينا إد. حسين رحلته مع الإسلام السياسي التي بدأت في سن السادسة عشرة وانتهت بعد أن رفض تعاليم الأصوليين وعاد لحياته العادية وعائلته بعد رحلة عاطفية مضطربة.
ويقدم حسين كتابه علي أنه يشرح عوامل الجذب الكامنة في الفكر المتطرف والكيفية التي يقوم بها الناشطون الإسلاميون في اختراق المجتمعات المسلمة والتأثير علي شبابها، ويشرح أجندتهم المعادية للغرب والاعتدال الإسلامي.
يحدثنا حسين عن رحلته مع الإسلام السياسي التي بدأت في التسعينات عندما انضم إلي مسجد شرق لندن الذي يقول إنه يدار من قبل أتباع الجماعة الإسلامية التي أسسها عام 1942 في الهند "أبو الأعلى المودودي"، ثم انخرط في نشاطات منظمة الشبان المسلمين، وأخيرا رحلته مع حزب التحرير، ورحلة الخروج من الحزب وأجندته المتطرفة متأثرا بالصوفية من خلال دروس الداعية الأمريكي "حمزة يوسف هانسون"، والداعية الأمريكي الآخر "حا ميم نون كيلر".
بعد فترة عمل قصيرة في مصرف هونج كونج شنغهاي (اتش اس بي سي) وفترة أخري في دمشق حيث تعلم العربية وأخري مع المجلس البريطاني في جدة، يقدم حسين في الإسلامي عرضا للطريقة التي تتبعها الجماعات الإسلامية في تجنيد الشباب وغسل أدمغتهم، ويقدم نقدا للحركات الإسلامية العاملة في بريطانيا.
ويبرز دوره كمنظم وقائد حركي في العمل الطلابي الذي ركز علي تأكيد الهوية الإسلامية للشبان والتعاطف مع مشاكل العالم الإسلامي ودعم المسلمين في البوسنة والشيشان وكشمير وفرض الحجاب في الكليات وتوفير غرف الصلاة للطلاب المسلمين، وتنظيم محاضرات لمحاضرين وناشطين جهاديين، ويبرز حسين دوره بأنه كان مثيرا للمشاكل لإدارات الكليات، كما يتحدث عن ثورته علي موقف العائلة من نشاطاته وعلاقته بالإسلام السياسي حيث يروي كيف ترك البيت واعتصم لأيام في مسجد شرق لندن، وهو المسجد الذي ينتقد إدارته فيما بعد ويعتبر أجندتها مع أجندة المجلس الإسلامي البريطاني بأنها أصولية.
معضلة الإسلام الشامل
المؤلف "إد حسين"

يروي حسين أن ثقافته عن الإسلام الشامل الذي لا يفرق بين الدين والسياسة جاءت من كتاب أصدرته المؤسسة الإسلامية في ليستر وألفه غلام سروار "الإسلام: المعتقدات والتعاليم".
ويقول إن الكتاب ملأ فراغا في معلوماته عن الإسلام لأنه أول كتاب قرأه عن الإسلام بالانجليزية،وكل معرفته بالإسلام وهويته الإسلامية جاءت من أهله وعائلته.
ولم يسلم كاتب الكتاب "سروار" من انتقادات حسين حيث قال انه ضلله وانه لم يكن مؤهلا للحديث عن الإسلام لان تخصصه هو مجال إدارة الإعمال، مع ان الكاتب يشرح هذا ولم ينكره بالصورة التي يوحي بها حسين.
ويقول إن سروار كان يترأس جمعية تعليمية تدعو إلي فصل الطلاب المسلمين عن زملائهم البيض مع أن غالبية طلاب مدرسته في "ستبني جرين"، شرق لندن كانوا من أصول بنغالية ومسلمين ولكن حسين يقول إن جمعية سروار كانت ذات أجندة خفية وواجهة للجماعة الإسلامية الباكستانية.
نموذج الإسلام الحركي
"إد حسين" يقدمنا في بداية كتابه للنموذج الإسلامي الذي سيعود إليه في رحلته القصيرة مع الإسلام الحركي أو الحركة الإسلامية، فهو يحدثنا عن عالم والده الذي كان يطوف مع الشيخ الصوفي مدن بريطانيا وعلاقة الأبوة التي طورها الشاب مع الشيخ الذي كان يقضي وقتا في بيت العائلة في شرق لندن.
الإسلام هذا معتدل تقليدي، بعيد عن السياسة ينظر أو يتعامل مع الفكر الإسلامي الذي تمثله الجماعات الإسلامية الجديدة بنوع من الشك والكراهية، ومن هنا كان الأب يفضل الصلاة في مسجد بريكلين، الذي يعود مبناه إلي القرن الثامن عشر وكان كنيسة ثم كنيسا لليهود وأخيرا صار مسجدا.
بالنسبة لوالد حسين الذي يقول إنه كان يعشق التاريخ ويشير دائما إلي "كينغزلي هول" في حي "بروملي باي بو"، والذي قضي فيه المهاتما غاندي فترة وهو يتدرب كي يتأهل للعمل في سلك المحاماة.
يذكرنا حسين بأن والده كما كل الصوفيين كان يكره جماعة المودودي، لكن الشاب الذي انتقل إلي مدرسة "ستفني جرين"، ذات الغالبية المسلمة وبعدها إلي كلية "تاور هاملت" سيتمرد علي الإسلام التقليدي في بيت والده وسيصبح عضوا فاعلا في الحركة الإسلامية الحديثة التي تمثلها الجماعة الإسلامية الباكستانية، والتي تسيطر علي مسجد شرق لندن، والذي يقول إن أعضاء مجلس إدارته علي علاقة مع المال السعودي وأن بعض أعضاء المجلس اتهموا بالاختلاس وأن الشرطة الانجليزية تم استدعاؤها مرة لفض خلاف بين الجماعات المتناحرة للسيطرة علي المسجد.
تعرف حسين علي الإسلام الحركي من خلال أخ مسلم هو فالك الذي كان عضوا عاملا في منظمة الشباب المسلم وقدمه أول مرة لفكر المودودي وفكر الحركة الإسلامية المعاصرة والذي وجد تجلياته في كتاب سروار عن مفاهيم الإسلام الأولية.
يكتب "إد حسين" عن تجربة الإسلاميين في الكليات والجامعات البريطانية، ويتساءل عن غياب الإسلام الثوري الذي دعا إليه المودودي وسيد قطب في السياق البريطاني، ليكتشف أن المودودي وقطب اللذين عبرا عن تجربة ما بعد الاستعمار في كتابتهما كانا يكتبان عن زمن خاص وسياق محدد وهذا السياق غير متوفر في بريطانيا.
ومع أن "إد حسين" يبدو قاسياً علي الإسلاميين من ممثلي المودودي والإخوان المسلمين حيث يتهم قادتهم بإخفاء أجندة وراء الواجهات التي أقاموها إلا انه كان ناشطا في الكلية التي سجل فيها كلية تاور هاملت والتي كان احد أعضاء جمعيتها الإسلامية، وفي هذه الكلية يقدم صورة عن النشاط الإسلامي في التسعينات محاضرات ومحاربة التصرفات اللا أخلاقية ومواجهة إدارة الكلية للحصول علي حقوق الطلاب المسلمين ورعاية الأخوات، اللائي بدأن يرتدين الحجاب، ويقول إن الأخوات بدأن بارتداء الحجاب ثم النقاب ثم توقفن عن الحديث مع الإخوة، ويري في تصرفات الأخوات نوعا من النفاق، فهن يتجنبن النظر أو الحديث مع الإخوة ولكنهن يتحدثن بحرية مع الأساتذة (غير المسلمين) ويشير إلي اللقب الذي بدأ الإخوة يتداولونه للإشارة للأخوات "أخوات النينجا"!.
عقول الشباب المسلم

"إد حسين" يتحدث عن الأحداث التي شكلت تصرفات وعقول الشباب المسلم في هذا العقد، مشيرا إلي حدث البوسنة الذي كان عاملا مهما في تشكيل مواقف وأفكار الجيل هذا، فأشرطة الفيديو التي صورت فظائع الصرب ضد المسلمين (البيض) البوسنة وضعت أسئلة أمام المسلمين البريطانيين عن مستقبلهم وإمكانية نجاتهم في وضع يشبه وضع المسلمين البوسنة.
أسئلة البوسنة وغيرها جعلت "إد حسين" يغير موقفه من أساليب الحركة الإسلامية وينخرط في صفوف حزب التحرير الذي بدأ يوجد موقعا له في الساحة البريطانية منذ الثمانينيات، ورحلته مع حزب التحرير جاءت علي الرغم من تشكيك ناشطي الحركة الإسلامية من إمكانية نجاحها في السياق البريطاني.
ولكن حسين يؤكد أن آراء ومواقف الإسلاميين كانت غير صحيحة لان حزب التحرير وجد مجال الحرية والديمقراطية التي يحاربها لكي يمارس نشاطاته ويصبح قوة مؤثرة علي الشباب المسلم البريطاني ويعود هذا للدور الذي لعبه قادة مؤثرون في الحزب، فريد قاسم وعمر بكري محمد.
رحلة "إد حسين" التي بدأت بمواجهة مع والده الذي طالبه بأن يختار بين عائلته أو حركته فاختار الهرب أي التنظيم انتهت به ليصبح كادرا من كوادر حزب التحرير مشغولا بهمّ الأمة وتهيئة الظروف لعودة الخلافة. ويذكر هنا أن عمر بكري محمد قال لأعضاء الحزب أن الخلافة هي أمر ضروري وواجب وانه حتى لو كان الأعضاء يناقشون موضوعا عن دجاج المزارع فيجب أن يربط بالخلافة.
ويقول الكاتب هنا أن عمر بكري كان أول من غرس وتدا بين أعضاء الحزب والقانون والشرطة، حيث كان الأعضاء لا يؤمنون بقوانين البلد ويسوقون سياراتهم بدون رخص، كما يشير إلي أن أجواء الحلقات كانت دائما تفوح منها رائحة التدخين نظرا لأن الشيخ تقي الدين نبهاني كان يدخن.
تخرج إذا إد حسين من مدرسة النبهاني بعد أن تخرج علي كتابات سيد قطب والمودودي، وأصبح مشغولا بالخلافة، بعد أن كان يهتف بشعار الإخوان الذي علقه في غرفته: الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا.
رحلة حسين مع حزب التحرير لم تطل، فقد بدأت جذور القلق تبدو بعد مقتل طالب نيجيري في عراك طلابي في كلية "نيوهام"، شرق لندن، وقد نفي الحزب أي علاقة له بالحادث، ويقول إن عملية القتل كانت بمثابة التحذير له ودعوة للاستيقاظ من أحلام الجهاد وتغيير العالم وإقامة الدولة الإسلامية.
وهناك عامل آخر هو دخول إد حسين الجامعة وتعرفه علي فتاة وزواجه منها، ويتذكر هنا نصيحة قدمها له أستاذ علم اجتماع ذو توجه يساري قال انه إن أردت تغيير العالم فعليك أولا أن تتعلم مما أكد له ضرورة أن يبتعد كثيرا عن الحزب، وكانت رحلته لسورية والسعودية التي ينتقد نظامها الشمولي وعنصريتها وتمييزها ضد النساء كفيلة بإبعاده عن فكر الحزب، وخلال هذه الفترة بدأ بالاهتمام بالصوفية واكتشاف البعد الروحي في الإسلام.
ينتقد حسين ما يراه التركيز علي البعد الحركي في الإسلام وعدم الاهتمام بفروض الصلاة وواجبات الدين،وكأن النشاط مقدم علي العبادات، وقد ناقش هذا الأمر مع عمر بكري محمد الذي اعترف بوجود هذه المشكلة مشيرا إلي أن تصرفات الأعضاء كانت وراء ما اعتبره النبهاني في زمنه تأخر قيام الخلافة التي اعتقد انها ستقوم خلال 13 عاما من إعلان الحزب.
قطيعة مع حزب التحرير
تفجيرات لندن

قطيعة حسين مع حزب التحرير لم تنه علاقته بالإسلاميين، فقد خاض تجربة أخري مع إسلاميي الاتجاه الآخر، أي الجماعات المرتبطة بمن قال أنهم الإخوان المسلمون وحماس، والمودودي، أي عودة أخري للمربع الأول، وهو إن أقر أن التخلص من آثار حزب التحرير، إلا أنه أثناء دراسته في الجامعة عرف انه أن تكون مسلما بدون تنظيم أمر صعب فان تكون مسلما يعني أن تكون إسلاميا. هذه الفترة يطلق عليها "اد حسين" بأنها فترة الازدواجية، فوحيدا كان يمارس التفكير الحر ولكن مع الإسلاميين كان يتظاهر بأنه إسلامي.
يكتشف حسين كما سيكتشف لاحقا في سورية والسعودية ما يراه عداء لليهود متجذراً في فكر الإسلاميين، مذكراً قارئه بما تعرض له اليهود في أوروبا من اضطهاد ومذابح.
هنا يقدم المنظمات الإسلامية التي حاولت تقديم نموذج للإسلام بأنها علي علاقة بالإسلام المتطرف، والإسلاميون في نظره استفادوا من المال السعودي وعقيدتهم وهابية، بل يقول إن السعودية تقوم بمراقبة النشاط الإسلامي عبر دوائر متخصصة لتجنيد ونشر الدعوة الوهابية في الدول التي تتواجد فيها هذه السفارات.
وقد تلقي دعوة من موظف تونسي في رابطة العالم الإسلامي لدراسة اللغة العربية مجانا في السعودية وهو ما اعتبره محاولة لتجنيده.
سيعود حسين للسعودية التي عمل فيها مدرسا وزوجته وسيتحدث عن العنصرية ضد الأفارقة ومشكلة الحرمان الجنسي التي يعاني منها السعوديون، ورسائل الإباحية التي يتناقلها السعوديون فيما بينهم علي هواتفهم النقالة، ومعاداة السامية وكراهية اليهود والغرب وتدمير كل المشاهد المرتبطة بحياة الإسلام الأولي وكراهية الصوفية، ويتساءل حسين كيف أن سورية التي وان لقيت معالجة ايجابية بعض الشيء منه تعتبر من دول محور الشر أما السعودية فهي حليف الغرب.
في سورية ينهار لديه حلم الأمة الإسلامية الواحدة، وهي البلد التي جاء منها عمر بكري وحشا عقول المسلمين البريطانيين بمفهوم الأمة الواحدة، ففي سورية وجد حسين انه لن يقبل كما هو في المجتمع السوري المنفتح نوعا ما والمحب لرئيسه بشار الأسد وغير المهتم بأفكار الخلافة والأمة الواحدة.
لكن سورية التي تواجد فيها أثناء الغزو الأمريكي كانت مجمعا للجهاديين والشبان الذين جاؤوا للتبشير بأفكار حزب التحرير، بل إن آصف حنيف وعمر خيام اللذين قاما بعملية انتحارية في تل أبيب تم تجنيدهما للإسلام الراديكالي في بريطانيا وتم استغلالهما من حماس في سورية، وفي هذا السياق يصف حسين زعيم حماس الروحي الذي كان شبان الجمعية الإسلامية البريطانية يذهبون لزيارته في غزة بالزعيم الناري. هنا نقطة أخري إن حسين الذي تعلم كراهية بريطانيا وهو في الحزب أصبح سفيرها من خلال نشر الثقافة الانكليزية ويتساءل في ثنايا كتابه: هل تكره بريطانيا الإسلام؟ الجواب لا.
محاولة شاب لإنقاذ الإسلام
رواية إد حسين عن النشاط الإسلامي الحركي في بريطانيا لقيت حفاوة كبيرة عندما صدر كتابه في أيار (مايو) العام الماضي، ولقي كتابه معالجات مثيرة ومشجعة وأصبح كتابها أمرا لازما لكل مسئولي الحكومة خاصة ممن لهم علاقة بالإسلام والمسلمين في بريطانيا. فقد اعتبر الكتاب انه محاولة من شاب مسلم لإنقاذ الإسلام من ممثليه غير المنتخبين. ولكنّ كتاباً آخرين ناقدين اعتبروا أن كتابه سيستخدم من قبل كارهي الإسلام لتبرير كرههم للإسلام، خاصة الحزب القومي البريطاني.
كما أن حديثه عن العلاقة بين فكرة التعددية الثقافية والتطرف الإسلامي ستؤثر علي الحريات الشخصية بل إن دعوته لحظر حزب التحرير، تحمل في طياتها مخاطر من تحول الحزب إلي جمعية سرية لا يمكن التعرف علي نشاطاتها. وربما قلل آخرون من أهمية روايته واعتبروا دوره في هذه الفترة ثانويا.
من حق اد حسين أن يتحدث عن سنوات الغضب فكل شاب معرض للمرور بها ولكن انتقاده المر، وتحامله علي جماعات ومنظمات وهيئات باسم الغضب هذا ليس مقبولا أو مبررا. وقد عشنا هذه الفترة عندما كنا طلابا في الجامعة في شرق لندن، وما كتبه إد حسين ليس غريبا علي كل الذين درسوا في الجامعة في تلك الفترة.
أما بالنسبة لتقييمه أو مشاهده في العالم العربي فهي رؤية سائح جمع معلوماته من القيل والقال والملاحظة دون أن يكون قادرا علي تحليل البنية الاجتماعية المنتجة لها. كثيرون ينقلبون علي إيديولوجياتهم، بعضهم يتحول لناقد عقلاني، أو اعتذاري أو منشق يمزج المرارة بغضب يحاول أن يمحو الماضي ويشوهه. أمر آخر أن كل الذين رحبوا بكتاب حسين فهموا سياق التجربة بظروف الحاضر، أي ما بعد 9/11 في نيويورك و7/7 في لندن واحتلال العراق.
علي العموم فان تجربة حزب التحرير وثقتها الباحثة البريطانية من أصل فلسطيني سهي التاجي الفاروقي في دراستها للدكتوراه ونشرتها تحت عنوان مغامرة أصولية واعتمدت فيها علي مصادر أولية ومقابلات مع قادة الحزب ووثائق غير منشورة.
إد هو اختصار لمحمد، حيث يقول إن زملاءه السوريين كانوا يتحرجون من مناداته باسم محمد واختاروا اسمه الأوسط محبوب، أما هو فاختار الحرفين الأخيرين من اسمه في تهجئته بالانجليزية (اي دي:إد ).
إبراهيم درويش
--------------------------------------------------------------------------------
كاتب فلسطيني - نقلا عن صحيفة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.