عاجل/ ليبيا: اشتباكات عنيفة في الزاوية.. وهذه حصيلة الضحايا    ذهاب نهائي ابطال افريقيا.. التشكيلة الاساسية للترجي والاهلي    منوبة: الاحتفاظ بصاحب كشك ومزوّده من أجل بيع حلوى تسبّبت في تسمم 11 تلميذا    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى عقد مجلس وطني للمنظمة خلال سبتمبر القادم    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    قابس: نقل 15 من تلاميذ المدرسة الاعدادية ابن رشد بغنوش بعد شعورهم بالاختناق والإغماء    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإسلامي"..معالجة إعتذارية لنشاط الإسلاميين في بريطانيا
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 04 - 2008

الإسلامي" هو عنوان كتاب صدر العام الماضي أعده ناشط إسلامي سابق في صفوف حزب التحرير الإسلامي، في فرعه البريطاني، والكاتب هو "إد حسين" أو محمد محبوب حسين". والكتاب عن تجربة شاب ناشط قاده غضب الشباب للانضمام للعمل الإسلامي
في تجلياته أثناء العقد الأخير من القرن العشرين، وعن خروج الشاب أو الصبي من شرق لندن من حزب التحرير، داعيا إلي منع الحزب وناقداً إطار التعددية الثقافية ومبشراً بما يراه الإسلام الصحيح الذي يتجلي في إسلام والده والشيخ الذي كان يزور بيت والده في منطقة "لايم هاوس"، شرق لندن، والذي يدعوه ب" الجد" وهو شيخ صوفي كان يحضر ليقدم دروسه للمسلمين الهنود والبنغال الذين يعيشون في شرق لندن.
يكتشف "إد حسين" إذن جذور ما يراه الإسلام المتنور في تعاليم الصوفية، وهو الآن يترأس جمعية صوفية تحمل اسم واحد من أوائل المسلمين في بريطانيا عبد الله قويليام (1856 1932).
"الإسلامي" هو استعادة لتجربة خمسة أعوام في العمل الإسلامي في بريطانيا وهو استعادة لحقبة التسعينات التي كان فيها النشاط الإسلامي خاصة بين الجيل الثاني من أبناء المهاجرين واضحا، حيث اكتشف "إد حسين" وجيله هويتهم في الإسلام وليس في بريطانيا أو هوية عائلاتهم الإثنية.
رحلة مع الإسلام السياسي
يقص علينا إد. حسين رحلته مع الإسلام السياسي التي بدأت في سن السادسة عشرة وانتهت بعد أن رفض تعاليم الأصوليين وعاد لحياته العادية وعائلته بعد رحلة عاطفية مضطربة.
ويقدم حسين كتابه علي أنه يشرح عوامل الجذب الكامنة في الفكر المتطرف والكيفية التي يقوم بها الناشطون الإسلاميون في اختراق المجتمعات المسلمة والتأثير علي شبابها، ويشرح أجندتهم المعادية للغرب والاعتدال الإسلامي.
يحدثنا حسين عن رحلته مع الإسلام السياسي التي بدأت في التسعينات عندما انضم إلي مسجد شرق لندن الذي يقول إنه يدار من قبل أتباع الجماعة الإسلامية التي أسسها عام 1942 في الهند "أبو الأعلى المودودي"، ثم انخرط في نشاطات منظمة الشبان المسلمين، وأخيرا رحلته مع حزب التحرير، ورحلة الخروج من الحزب وأجندته المتطرفة متأثرا بالصوفية من خلال دروس الداعية الأمريكي "حمزة يوسف هانسون"، والداعية الأمريكي الآخر "حا ميم نون كيلر".
بعد فترة عمل قصيرة في مصرف هونج كونج شنغهاي (اتش اس بي سي) وفترة أخري في دمشق حيث تعلم العربية وأخري مع المجلس البريطاني في جدة، يقدم حسين في الإسلامي عرضا للطريقة التي تتبعها الجماعات الإسلامية في تجنيد الشباب وغسل أدمغتهم، ويقدم نقدا للحركات الإسلامية العاملة في بريطانيا.
ويبرز دوره كمنظم وقائد حركي في العمل الطلابي الذي ركز علي تأكيد الهوية الإسلامية للشبان والتعاطف مع مشاكل العالم الإسلامي ودعم المسلمين في البوسنة والشيشان وكشمير وفرض الحجاب في الكليات وتوفير غرف الصلاة للطلاب المسلمين، وتنظيم محاضرات لمحاضرين وناشطين جهاديين، ويبرز حسين دوره بأنه كان مثيرا للمشاكل لإدارات الكليات، كما يتحدث عن ثورته علي موقف العائلة من نشاطاته وعلاقته بالإسلام السياسي حيث يروي كيف ترك البيت واعتصم لأيام في مسجد شرق لندن، وهو المسجد الذي ينتقد إدارته فيما بعد ويعتبر أجندتها مع أجندة المجلس الإسلامي البريطاني بأنها أصولية.
معضلة الإسلام الشامل
المؤلف "إد حسين"

يروي حسين أن ثقافته عن الإسلام الشامل الذي لا يفرق بين الدين والسياسة جاءت من كتاب أصدرته المؤسسة الإسلامية في ليستر وألفه غلام سروار "الإسلام: المعتقدات والتعاليم".
ويقول إن الكتاب ملأ فراغا في معلوماته عن الإسلام لأنه أول كتاب قرأه عن الإسلام بالانجليزية،وكل معرفته بالإسلام وهويته الإسلامية جاءت من أهله وعائلته.
ولم يسلم كاتب الكتاب "سروار" من انتقادات حسين حيث قال انه ضلله وانه لم يكن مؤهلا للحديث عن الإسلام لان تخصصه هو مجال إدارة الإعمال، مع ان الكاتب يشرح هذا ولم ينكره بالصورة التي يوحي بها حسين.
ويقول إن سروار كان يترأس جمعية تعليمية تدعو إلي فصل الطلاب المسلمين عن زملائهم البيض مع أن غالبية طلاب مدرسته في "ستبني جرين"، شرق لندن كانوا من أصول بنغالية ومسلمين ولكن حسين يقول إن جمعية سروار كانت ذات أجندة خفية وواجهة للجماعة الإسلامية الباكستانية.
نموذج الإسلام الحركي
"إد حسين" يقدمنا في بداية كتابه للنموذج الإسلامي الذي سيعود إليه في رحلته القصيرة مع الإسلام الحركي أو الحركة الإسلامية، فهو يحدثنا عن عالم والده الذي كان يطوف مع الشيخ الصوفي مدن بريطانيا وعلاقة الأبوة التي طورها الشاب مع الشيخ الذي كان يقضي وقتا في بيت العائلة في شرق لندن.
الإسلام هذا معتدل تقليدي، بعيد عن السياسة ينظر أو يتعامل مع الفكر الإسلامي الذي تمثله الجماعات الإسلامية الجديدة بنوع من الشك والكراهية، ومن هنا كان الأب يفضل الصلاة في مسجد بريكلين، الذي يعود مبناه إلي القرن الثامن عشر وكان كنيسة ثم كنيسا لليهود وأخيرا صار مسجدا.
بالنسبة لوالد حسين الذي يقول إنه كان يعشق التاريخ ويشير دائما إلي "كينغزلي هول" في حي "بروملي باي بو"، والذي قضي فيه المهاتما غاندي فترة وهو يتدرب كي يتأهل للعمل في سلك المحاماة.
يذكرنا حسين بأن والده كما كل الصوفيين كان يكره جماعة المودودي، لكن الشاب الذي انتقل إلي مدرسة "ستفني جرين"، ذات الغالبية المسلمة وبعدها إلي كلية "تاور هاملت" سيتمرد علي الإسلام التقليدي في بيت والده وسيصبح عضوا فاعلا في الحركة الإسلامية الحديثة التي تمثلها الجماعة الإسلامية الباكستانية، والتي تسيطر علي مسجد شرق لندن، والذي يقول إن أعضاء مجلس إدارته علي علاقة مع المال السعودي وأن بعض أعضاء المجلس اتهموا بالاختلاس وأن الشرطة الانجليزية تم استدعاؤها مرة لفض خلاف بين الجماعات المتناحرة للسيطرة علي المسجد.
تعرف حسين علي الإسلام الحركي من خلال أخ مسلم هو فالك الذي كان عضوا عاملا في منظمة الشباب المسلم وقدمه أول مرة لفكر المودودي وفكر الحركة الإسلامية المعاصرة والذي وجد تجلياته في كتاب سروار عن مفاهيم الإسلام الأولية.
يكتب "إد حسين" عن تجربة الإسلاميين في الكليات والجامعات البريطانية، ويتساءل عن غياب الإسلام الثوري الذي دعا إليه المودودي وسيد قطب في السياق البريطاني، ليكتشف أن المودودي وقطب اللذين عبرا عن تجربة ما بعد الاستعمار في كتابتهما كانا يكتبان عن زمن خاص وسياق محدد وهذا السياق غير متوفر في بريطانيا.
ومع أن "إد حسين" يبدو قاسياً علي الإسلاميين من ممثلي المودودي والإخوان المسلمين حيث يتهم قادتهم بإخفاء أجندة وراء الواجهات التي أقاموها إلا انه كان ناشطا في الكلية التي سجل فيها كلية تاور هاملت والتي كان احد أعضاء جمعيتها الإسلامية، وفي هذه الكلية يقدم صورة عن النشاط الإسلامي في التسعينات محاضرات ومحاربة التصرفات اللا أخلاقية ومواجهة إدارة الكلية للحصول علي حقوق الطلاب المسلمين ورعاية الأخوات، اللائي بدأن يرتدين الحجاب، ويقول إن الأخوات بدأن بارتداء الحجاب ثم النقاب ثم توقفن عن الحديث مع الإخوة، ويري في تصرفات الأخوات نوعا من النفاق، فهن يتجنبن النظر أو الحديث مع الإخوة ولكنهن يتحدثن بحرية مع الأساتذة (غير المسلمين) ويشير إلي اللقب الذي بدأ الإخوة يتداولونه للإشارة للأخوات "أخوات النينجا"!.
عقول الشباب المسلم

"إد حسين" يتحدث عن الأحداث التي شكلت تصرفات وعقول الشباب المسلم في هذا العقد، مشيرا إلي حدث البوسنة الذي كان عاملا مهما في تشكيل مواقف وأفكار الجيل هذا، فأشرطة الفيديو التي صورت فظائع الصرب ضد المسلمين (البيض) البوسنة وضعت أسئلة أمام المسلمين البريطانيين عن مستقبلهم وإمكانية نجاتهم في وضع يشبه وضع المسلمين البوسنة.
أسئلة البوسنة وغيرها جعلت "إد حسين" يغير موقفه من أساليب الحركة الإسلامية وينخرط في صفوف حزب التحرير الذي بدأ يوجد موقعا له في الساحة البريطانية منذ الثمانينيات، ورحلته مع حزب التحرير جاءت علي الرغم من تشكيك ناشطي الحركة الإسلامية من إمكانية نجاحها في السياق البريطاني.
ولكن حسين يؤكد أن آراء ومواقف الإسلاميين كانت غير صحيحة لان حزب التحرير وجد مجال الحرية والديمقراطية التي يحاربها لكي يمارس نشاطاته ويصبح قوة مؤثرة علي الشباب المسلم البريطاني ويعود هذا للدور الذي لعبه قادة مؤثرون في الحزب، فريد قاسم وعمر بكري محمد.
رحلة "إد حسين" التي بدأت بمواجهة مع والده الذي طالبه بأن يختار بين عائلته أو حركته فاختار الهرب أي التنظيم انتهت به ليصبح كادرا من كوادر حزب التحرير مشغولا بهمّ الأمة وتهيئة الظروف لعودة الخلافة. ويذكر هنا أن عمر بكري محمد قال لأعضاء الحزب أن الخلافة هي أمر ضروري وواجب وانه حتى لو كان الأعضاء يناقشون موضوعا عن دجاج المزارع فيجب أن يربط بالخلافة.
ويقول الكاتب هنا أن عمر بكري كان أول من غرس وتدا بين أعضاء الحزب والقانون والشرطة، حيث كان الأعضاء لا يؤمنون بقوانين البلد ويسوقون سياراتهم بدون رخص، كما يشير إلي أن أجواء الحلقات كانت دائما تفوح منها رائحة التدخين نظرا لأن الشيخ تقي الدين نبهاني كان يدخن.
تخرج إذا إد حسين من مدرسة النبهاني بعد أن تخرج علي كتابات سيد قطب والمودودي، وأصبح مشغولا بالخلافة، بعد أن كان يهتف بشعار الإخوان الذي علقه في غرفته: الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا.
رحلة حسين مع حزب التحرير لم تطل، فقد بدأت جذور القلق تبدو بعد مقتل طالب نيجيري في عراك طلابي في كلية "نيوهام"، شرق لندن، وقد نفي الحزب أي علاقة له بالحادث، ويقول إن عملية القتل كانت بمثابة التحذير له ودعوة للاستيقاظ من أحلام الجهاد وتغيير العالم وإقامة الدولة الإسلامية.
وهناك عامل آخر هو دخول إد حسين الجامعة وتعرفه علي فتاة وزواجه منها، ويتذكر هنا نصيحة قدمها له أستاذ علم اجتماع ذو توجه يساري قال انه إن أردت تغيير العالم فعليك أولا أن تتعلم مما أكد له ضرورة أن يبتعد كثيرا عن الحزب، وكانت رحلته لسورية والسعودية التي ينتقد نظامها الشمولي وعنصريتها وتمييزها ضد النساء كفيلة بإبعاده عن فكر الحزب، وخلال هذه الفترة بدأ بالاهتمام بالصوفية واكتشاف البعد الروحي في الإسلام.
ينتقد حسين ما يراه التركيز علي البعد الحركي في الإسلام وعدم الاهتمام بفروض الصلاة وواجبات الدين،وكأن النشاط مقدم علي العبادات، وقد ناقش هذا الأمر مع عمر بكري محمد الذي اعترف بوجود هذه المشكلة مشيرا إلي أن تصرفات الأعضاء كانت وراء ما اعتبره النبهاني في زمنه تأخر قيام الخلافة التي اعتقد انها ستقوم خلال 13 عاما من إعلان الحزب.
قطيعة مع حزب التحرير
تفجيرات لندن

قطيعة حسين مع حزب التحرير لم تنه علاقته بالإسلاميين، فقد خاض تجربة أخري مع إسلاميي الاتجاه الآخر، أي الجماعات المرتبطة بمن قال أنهم الإخوان المسلمون وحماس، والمودودي، أي عودة أخري للمربع الأول، وهو إن أقر أن التخلص من آثار حزب التحرير، إلا أنه أثناء دراسته في الجامعة عرف انه أن تكون مسلما بدون تنظيم أمر صعب فان تكون مسلما يعني أن تكون إسلاميا. هذه الفترة يطلق عليها "اد حسين" بأنها فترة الازدواجية، فوحيدا كان يمارس التفكير الحر ولكن مع الإسلاميين كان يتظاهر بأنه إسلامي.
يكتشف حسين كما سيكتشف لاحقا في سورية والسعودية ما يراه عداء لليهود متجذراً في فكر الإسلاميين، مذكراً قارئه بما تعرض له اليهود في أوروبا من اضطهاد ومذابح.
هنا يقدم المنظمات الإسلامية التي حاولت تقديم نموذج للإسلام بأنها علي علاقة بالإسلام المتطرف، والإسلاميون في نظره استفادوا من المال السعودي وعقيدتهم وهابية، بل يقول إن السعودية تقوم بمراقبة النشاط الإسلامي عبر دوائر متخصصة لتجنيد ونشر الدعوة الوهابية في الدول التي تتواجد فيها هذه السفارات.
وقد تلقي دعوة من موظف تونسي في رابطة العالم الإسلامي لدراسة اللغة العربية مجانا في السعودية وهو ما اعتبره محاولة لتجنيده.
سيعود حسين للسعودية التي عمل فيها مدرسا وزوجته وسيتحدث عن العنصرية ضد الأفارقة ومشكلة الحرمان الجنسي التي يعاني منها السعوديون، ورسائل الإباحية التي يتناقلها السعوديون فيما بينهم علي هواتفهم النقالة، ومعاداة السامية وكراهية اليهود والغرب وتدمير كل المشاهد المرتبطة بحياة الإسلام الأولي وكراهية الصوفية، ويتساءل حسين كيف أن سورية التي وان لقيت معالجة ايجابية بعض الشيء منه تعتبر من دول محور الشر أما السعودية فهي حليف الغرب.
في سورية ينهار لديه حلم الأمة الإسلامية الواحدة، وهي البلد التي جاء منها عمر بكري وحشا عقول المسلمين البريطانيين بمفهوم الأمة الواحدة، ففي سورية وجد حسين انه لن يقبل كما هو في المجتمع السوري المنفتح نوعا ما والمحب لرئيسه بشار الأسد وغير المهتم بأفكار الخلافة والأمة الواحدة.
لكن سورية التي تواجد فيها أثناء الغزو الأمريكي كانت مجمعا للجهاديين والشبان الذين جاؤوا للتبشير بأفكار حزب التحرير، بل إن آصف حنيف وعمر خيام اللذين قاما بعملية انتحارية في تل أبيب تم تجنيدهما للإسلام الراديكالي في بريطانيا وتم استغلالهما من حماس في سورية، وفي هذا السياق يصف حسين زعيم حماس الروحي الذي كان شبان الجمعية الإسلامية البريطانية يذهبون لزيارته في غزة بالزعيم الناري. هنا نقطة أخري إن حسين الذي تعلم كراهية بريطانيا وهو في الحزب أصبح سفيرها من خلال نشر الثقافة الانكليزية ويتساءل في ثنايا كتابه: هل تكره بريطانيا الإسلام؟ الجواب لا.
محاولة شاب لإنقاذ الإسلام
رواية إد حسين عن النشاط الإسلامي الحركي في بريطانيا لقيت حفاوة كبيرة عندما صدر كتابه في أيار (مايو) العام الماضي، ولقي كتابه معالجات مثيرة ومشجعة وأصبح كتابها أمرا لازما لكل مسئولي الحكومة خاصة ممن لهم علاقة بالإسلام والمسلمين في بريطانيا. فقد اعتبر الكتاب انه محاولة من شاب مسلم لإنقاذ الإسلام من ممثليه غير المنتخبين. ولكنّ كتاباً آخرين ناقدين اعتبروا أن كتابه سيستخدم من قبل كارهي الإسلام لتبرير كرههم للإسلام، خاصة الحزب القومي البريطاني.
كما أن حديثه عن العلاقة بين فكرة التعددية الثقافية والتطرف الإسلامي ستؤثر علي الحريات الشخصية بل إن دعوته لحظر حزب التحرير، تحمل في طياتها مخاطر من تحول الحزب إلي جمعية سرية لا يمكن التعرف علي نشاطاتها. وربما قلل آخرون من أهمية روايته واعتبروا دوره في هذه الفترة ثانويا.
من حق اد حسين أن يتحدث عن سنوات الغضب فكل شاب معرض للمرور بها ولكن انتقاده المر، وتحامله علي جماعات ومنظمات وهيئات باسم الغضب هذا ليس مقبولا أو مبررا. وقد عشنا هذه الفترة عندما كنا طلابا في الجامعة في شرق لندن، وما كتبه إد حسين ليس غريبا علي كل الذين درسوا في الجامعة في تلك الفترة.
أما بالنسبة لتقييمه أو مشاهده في العالم العربي فهي رؤية سائح جمع معلوماته من القيل والقال والملاحظة دون أن يكون قادرا علي تحليل البنية الاجتماعية المنتجة لها. كثيرون ينقلبون علي إيديولوجياتهم، بعضهم يتحول لناقد عقلاني، أو اعتذاري أو منشق يمزج المرارة بغضب يحاول أن يمحو الماضي ويشوهه. أمر آخر أن كل الذين رحبوا بكتاب حسين فهموا سياق التجربة بظروف الحاضر، أي ما بعد 9/11 في نيويورك و7/7 في لندن واحتلال العراق.
علي العموم فان تجربة حزب التحرير وثقتها الباحثة البريطانية من أصل فلسطيني سهي التاجي الفاروقي في دراستها للدكتوراه ونشرتها تحت عنوان مغامرة أصولية واعتمدت فيها علي مصادر أولية ومقابلات مع قادة الحزب ووثائق غير منشورة.
إد هو اختصار لمحمد، حيث يقول إن زملاءه السوريين كانوا يتحرجون من مناداته باسم محمد واختاروا اسمه الأوسط محبوب، أما هو فاختار الحرفين الأخيرين من اسمه في تهجئته بالانجليزية (اي دي:إد ).
إبراهيم درويش
--------------------------------------------------------------------------------
كاتب فلسطيني - نقلا عن صحيفة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.