إلى أبي ... إلى من علمني كيف أرتشف القبلة من حد السيف .. ... .... فكر في الرحيل ... ثم ابتسم... ورحل . أخمن أني سأصنع له تمثالا ... للطيور المهاجرة إلى الحرية .. ... ..... عبثا حاول الهراء أن يتسلل إلى مدينتي، أن ينهكني في دروبي ... أن يتوهني عن ملجئي .. فهل أصرخ في وجهه؟! أم أستعطفه بدموع حزينة، أم أصعر خدي !له وأمضي؟ … لا أريد ان أهيم في الخواء، أو أحارب طواحين الهواء . يبدو أني سأقف لأواجه شيطانا يتودد إلي سأتفاوض مع الممكن و المستحيل، مع المقبول والمنكر... ولكني لن استسلم .... هكذا علمني أبي .... : أذكر أنه قال لي يوما قف أمام العواصف.... ستمنحك العناد و الإصرار و حب الحياة، … سترتشف طعم الحياة على أبواب الموت، فلا تستسلم أذكر هذه الكلمات فأهم بالقيام إلى محرابي، وأتذكر: ضع نصب عينيك العسليتين حلما..... … ..أملا...... بسمة.... يقينا.... ...و لا تلتفت وراءك.... إنه هناك في انتظارك تتأملني سجادتي و كنت قد قاطعتها زمنا و تقول: النصر لا يأتي يا حبيبي.... نظرت إليها بجبروت وصرخت: لا يمكنك أن تزرعي اليأس في عروقي، ولا أن تبثي الشك في شراييني.. فأنا لا أمسخ ولا أموت مجانا.... وسأعلن لكل الوجود .... والمخلوقات: النصر آت نظرت إلي مشفقة وقالت: شعارك زائف يا أميري..... النصر أكبر من يأتي إليك.... …قم و اغتسل من أدرانك و اركب الرياح والأقمار والطحين والبنادق وأعلن: أيتها الحرية أنا قادم، فانتظريني ...... أبي................... في كل يوم أقول إني ذاهب إلى الحرية.. ولكني أجدها تنفر مني وكأني عدوى أو لعنة تطاردها...والدي... هل كتب علي أن أظل ألاحقها وتظل هاربة من ظلي؟ ألأني عربي يا والدي؟ أم لأني ارتديت حلة الإسلام فلا حق لي في الحرية؟ ... لم يكبلون الحرية ويطفئون نورها؟ ... لم ألتفت ورائي يا أبي... ولكني أخاف من شبح يستقبلني ... لا تؤاخذني يا أبي على عثرة قلم... فلم أقصد أني خائف، فما كان لابنك أن يخاف من الآتي ... ولكن أخبرني يا أبي عن حياتك بعد موتك وهل وجدت ضالتك هناك حيث الأمن السرمدي؟ ... والدي الحبيب... ها أنذا اليوم أناجيك حتى لا يعتريك شك في أني ما زلت على الدرب، وأني لم ولن أخلع ثوب الكرامة والحرية... سلام على عشاق العروبة والحرية ... يوم يموتون ويوم يبعثون أحياء ............. هكذا أوصاني القمر ............ انا على العهد يا قمري ... لم يكن ابي رمزا للحرية فحسب.... كان هو الحرية ... نظراته توحي بالانطلاق .... وحواراته تبعث على الانعثاق ... وحين قرر أن يرحل، أهداني قلما ولوحا عليه آيات قرآنية ... وقال: هز رأسك عاليا واقراء واكتب، تساقط عليك أفكار الحرية ... احملها ولا تتعب ... احملها، وستحملك إلى عالم الشرفاء ... هناك... قد نلتقي في روضة الاحرار والشهداء ... على العهد ............... لن أقبلك في عينيك حتى لا نفترق وإن كان بيني وبينك بعد الحياة والموت... ربما أكون أقرب إليك أكثر، ولكنك بعيد عني يا أبي ... منذ رحلت والغربة تلازمني ... اشتاق إلى عينيك ويديك الخشنتين ... ...أحن إلى المشي إلى جانبك صباحا فهل تشعر هناك بالغربة يا أبي؟ ... ...وهل تنتظرني وتشتاق لي كما أتلهف لرؤيتك؟ كنت قادمآ يا أبي، ولكني لم أتحرر بعد ولا أستطيع أن آتيك قبل أن أوفي بعهدي ... أرضي مستباحة، وسمائي ملوثة وجندي نائمون ... وحتى أقاربي وجيراني في سبات يرقدون ... حبيبي.. هل تذكر ذاك الشقيق الذي ظللت ترقب فيه القوة والعزة والنخوة العربية؟ ... هل تذكر كيف كنت تحكي عنه روايات المجد والبطولة؟ ... قتلوه يا أبي ... لكن لا تخف يا أبي... فلست على الدرب وحدي ... فهناك ألف ألف عاشق للحرية ... وألف ألف متيم بالأرض والقضية ... قد أتأخر قليلا يا أبي، ولكني لن أحيد عن الطريق.......