حنيف:سُلطت الأضواء من جديد على وحدة القوات العسكرية الخاصة في سويسرا والتي تتحدد مهمّتها في حماية القوات المنتشرة في بلدان أجنبية والمواطنين الموجودين بالخارج. وتتعرض هذه الوحدة حاليا لهجوم من أطراف عديدة.يأتي ذلك بعد تأكيد رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد الأسبوع الماضي لتسريبات إعلامية تحدثت عن خطط كانت الحكومة الفدرالية تنوي تنفيذها، وتتمثل في إرسال "قوات أمنية" لإنقاذ مواطنيْن سويسريين كانا معتقليْن في ليبيا لمدة تجاوزت العام، وبعد أن طالب سياسيون، نتيجة لذلك، بحل فرقة الكوماندوس "الخطيرة" المسماة DRA10. وأوضح كريستوف بلوخر، وزير العدل والشرطة السابق، والعقل المدبر بحزب الشعب (يمين متشدد) في حديث أدلى به لصحيفة لوتون، الناطقة بالفرنسية والصادرة بجنيف يوم السبت 27 يونيو 2010 أن "هذه الوحدة العسكرية الخاصة التي أنشأت للتدخل في الخارج، قيل لنا في البداية أنها أنشأت فقط من أجل إنقاذ المواطنين السويسريين الذين يقعون رهائن بيد إرهابيين. لكننا تأكدنا الآن أنها فرقة خطيرة". وأضاف بلوخر: "الخطط التي أعلن عنها وضعها أشخاص يفتقدون إلى الخبرة، وكان يمكن أن تنجرّ عنها نتائج مأساوية. و الآن، نحن ندعو إلى التوقّف عن أي تدخّل عسكري في الخارج، وإلى حل وحدة DRA10". وخلال الأسبوع الماضي، أشارت وسائل الإعلام السويسرية إلى أن الخطط السرية التي أعدتها وزارة الخارجية السويسرية لاستخدام القوات الخاصة وأجهزة المخابرات لتحرير الرهينتين السويسريتين في ليبيا، رشيد حمداني، وماكس غولدي، قد أثارت تباينا واختلافا في وجهات النظر إثر طرحها داخل الحكومة. ولئن انتقدت دوريس لويتهارد بشدة تسريبات وسائل الإعلام، فإنها أكدت خبر مناقشة الحكومة للخيارات الممكنة لإخراج الرهينتيْن السويسريتين من ليبيا. وقالت خلال ندوة صحفية عقدتها ببرن يوم 21 يونيو: "أن تنظر السلطات المختصة في إمكانية إستخدام قوات الأمن لتحرير سويسريين رهائن هو أمر سليم، ولا يمكن انتقاده". لكن كلام لويتهارد لا يجيب عن العديد من الأسئلة المتعلقة بمن من أعضاء الحكومة كان على علم بتلك الخطط السرية؟ ومتى أعلم بذلك؟ وإلى أي مستوى بلغ الإعداد لها؟ التقرير الأمني وخلال الجمعية العامة التي عقدها حزب الشعب بدوليمون، عاصمة كانتون الجورا، يوم السبت 27 يونيو هاجم رئيس الحزب توني برونر كذلك قوات النخبة الخاصة، وكشف عن إستعداد الحزب لإطلاق مبادرة شعبية لحظر أي تدخل للجيش السويسري في الخارج. الإنتقادات لم تتوقف عند حزب الشعب، إذ تقدم النائب البرلماني يو لانغ، عن حزب الخضر السويسري، والذي هو أيضا عضو بمنظمة "من أجل سويسرا من دون جيش" بإلتماس إلى اللجنة البرلمانية للشؤون الأمنية يوم الإثنيْن 28 يونيو يطالب فيه بحل فرقة القوات الخاصة DRA10. ومن المرجح جدا أن يفتح نقاش حول هذه القوات عندما تتم المداولات البرلمانية حول التقرير الأمني في الدورة البرلمانية الخريفية القادمة، وهو التقرير الذي أقرته الحكومة الأسبوع الماضي. ويضع التقرير المشار إليه الخطوط التوجيهية لتعاون أنجع بين الكانتونات والوكالات الفدرالية من شأنه إذا طبق، أن يساعد في ضبط المهمات التي توكل إلى الجيش السويسري. ومن المنتظر أن يكشف عن هذه الخطوط التوجيهية في شهر سبتمبر القادم. لكن أولي ماورر، وزير الدفاع، أعرب عن تأييده الأسبوع الماضي لهذه القوات الخاصة، وذلك في مخالفة واضحة لموقف حزب الشعب الذي ينتمي إليه. وخاطب وزير الدفاع الصحافيين بالقول: "من المفترض ألا يطرح هذا الموضوع أصلا للنقاش. أي جيش حديث يمتلك هذه الوحدات الخاصة. وسويسرا تريد أن تكون لها قوات قادرة على إجلاء السويسريين في الخارج. لاشيء قد تغيّر في هذا المضمار". لكن الوزير أقرّ كذلك أن الوضع يفتقر إلى الوضوح، وأن هذه الوحدة الأمنية من المفترض أن تدمج مع فوج الرماة والمظليين. وذكّر الوزير أنه في عهد سلفه ساموئيل شميد، تراجع عدد أفراد فرقة DRA10 من 90 فردا كما كان مخططا له في البداية إلى 40 فردا فقط. أطلانطا ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها هذه الوحدة الأمنية، التي لم يسجل لها أي نشاط فعلي حتى الآن، إلى التهجم والإنتقاد. ففي سبتمبر 2009، أحبط تحالف بين طرفي اليمين واليسار مقترحا تقدمت به أحزاب الوسط كان يهدف إلى السماح للقوات الخاصة السويسرية بالمشاركة في حملة "أطلانطا" التي يموّلها الإتحاد الأوروبي والمخصصة لمحاربة القراصنة قبالة السواحل الصومالية. وعقب ذلك التصويت، تساءل العديد من السياسين، بل وحتى أندري بلاتمان، قائد الجيش، حول الجدوى من وجود وحدة DRA10. وأوردت يومية "فانت كاتر أور" الصادرة بلوزان آنذاك قول قائد الجيش: "إذا كنا لا نرغب في استخدام هذه الأداة، فعلينا أن نسأل أنفسنا إذا كان من اللازم الاحتفاظ بها". وفي الوقت الذي تواصل فيه مسألة خطة إنقاذ الرهينتيْن السويسريتيْن في ليبيا سابقا احتلال عناوين الصحف، لم يخف ألبرت شتاهيل من معهد الدراسات الإستراتيجية بجامعة زيورخ شكوكه حول النتائج المتوقع لمثل ذلك التدخل. وقال في تصريح إلى swissinfo.ch: "إذا كان الغرض من تلك الخطة إنقاذ الرهينتيْن، أعتقد أن الأمر كان في عداد المستحيل، لأن سويسرا لا تمتلك وسائل النقل المتطوّرة المطلوبة في مثل هذه العمليات". وأضاف الخبير في القضايا الإستراتيجية: "لدي شعور أنه كان وراء تلك الخطة الكثير من التفكير النظري الذي لا يختلف نهجه عن مبادرة "أطلانطا"... هناك الكثير من التفكير غير الواقعي وراء ذلك". ويعتقد شتاهيل أن على سويسرا في المستقبل إنشاء فرقة واحدة للقوات الخاصة تجتمع فيها تحت مظلة واحدة مختلف فرق الكوماندوس، لأن سويسرا باختصار لا يمكنها توفير متطلبات وحدات مختلفة في هذا المجال. وختم شتاهيل قائلا: "إذا كان أولي ماورر أو فيدمر- شلومبف غير متفقين على إنشاء فرقة واحدة للقوات الخاصة، أعتقد أن ضغوطا قوية في هذه الحالة سوف تمارس من أجل حل وحدة DRA10". سيمون برادلي –swissinfo.ch (ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)