الخرطوم وكالات - الفجرنيوز:قللت مصادر إعلامية وسياسية سودانية من أهمية الإعلان الذى لجأت إليه مجموعة من القوى السياسية القومية الصغيرة فى السودان تأسيس تجمع لقوى المعارضة فى الداخل، واعتبرت ذلك نوعا من البحث عن دور سياسى لقوى لا وزن سياسى أو شعبى لها، لا سيما فى ظل الاختراقات السياسية الجوهرية التى حققها حزب المؤتمر الوطنى مع عدد من قوى المعارضة الرئيسية وعلى رأسها حزب الأمة، وما يدور هذه الأيام من حوار مع حزب الاتحادى الديمقراطى جناح محمد عثمان الميرغنى قد يفضى إلى ذات الاتفاق الذى انتهى إليها حوار حزبى الوطنى والأمة. وأرجع مستشار التحرير فى صحيفة "الرأى العام" السودانية اليومية إسماعيل آدم فى تصريحات خاصة ل"قدس برس" الحراك السياسى الذى تشهده الساحة السياسية السودانية إلى طبيعة التحولات السياسية والاقتصادية التى فرضتها مفاوضات السلام بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية التى انطلقت عام 2003 وانتهت إلى اتفاقية نيفاشا عام 2005، وما تلاها من شراكة سياسية بين الخصمين التقليديين. وقال: "مع هذه التحولات يمكن القول إن الحراك السياسى الذى انتهى بشبه إعلان مبادئ بين حزبى المؤتمر الوطنى الحاكم وحزب الأمة، وما يجرى من حوارات سياسية بين هذين الحزبين مع باقى الأحزاب السياسية، هذا الحراك قد طوى صفحة القطيعة السياسية التى كانت قائمة طيلة فترة حكم الإنقاذ بين الحزب الحاكم والمعارضة السودانية". وأكد إسماعيل آدم أن ما تم إنجازه من اتفاقات سياسية بدءا باتفاق السلام وانتهاء بالدستور، يجعل الطريق إلى الانتخابات أكثر وضوحا من ذى قبل، وقال: "أعتقد أن الحراك السياسى المتسارع فى الآونة الأخيرة بين مختلف القوى السياسية قد جعل من الطريق إلى الانتخابات أكثر وضوحا، لا شك أن هذه الانتخابات لا تزال فى حاجة إلى قانون متفق عليه وهو قيد النقاش، وإلى تعديل فى أكثر من 60 قانونا لتتماشى مع اتفاقية السلام والدستور، لكن ما تم إنجازه إلى حد الآن يعتبر من الناحية السياسية كبيرا ويستحق الإشادة، لأن السودان قد وضع الآن على سكة التحول الديمقراطي"، كما قال. وأشاد آدم بأداء حزب الأمة وزعيمه الصادق المهدى من أجل الدفع بالحوار كى يأخذ مجراه للخروج من الأزمة السياسية التى كانت الأوضاع قد آلت إليها. وقال: "لا شك أن السيد الصادق المهدى الذى كان رئيس وزراء منتخب بشكل شرعى عام 1989، كان يشعر بأن طعن فى الظهر بانقلاب الرئيس البشير عليه، لكنه رأى أن الوقوف عند المرارات السابقة لن يقدم للسودان شيئا، ودعا إلى ضرورة الانتقال إلى المربع الحالى والعمل من خلاله للإجماع الوطني، وللشهادة فإن حزب الأمة يعتبر من أكثر الأحزاب السياسية فى السودان حفاظا على مؤتمراته ومؤسساته، وحتى عندما حصل خلاف بين بعض أجنحته مما أدى بالسيد مبارك الفاضل إلى تأسيس حزب خاص به والمشاركة فى السلطة، فإن الحوار بين الطرفين الآن قائم، وقد يعودون إلى بعضهم لكن وفقا لشروط مؤسساتية يضعها الطرفان". من جانبه قلل رئيس تحرير صحيفة الصحافة السودانية النور أحمد النور فى تصريحات خاصة ل "قدس برس" من أهمية إعلان بعض الأحزاب القومية السودانية تأسيس تحالف سياسى بينها، واعتبر النور الاتفاق بين حزبى المؤتمر الوطنى والأمة اختراقا سياسيا حقيقيا يطوى إلى غير رجعة مرحاة القطيعة بين حزب المؤتمر الوطنى والمعارضة، وأشار إلى أنه فى حال توصل الطرفين إلى إعلان مبادئ فإن ما يبقى أمامهما من عراقيل هو إقناع أجنحة متصلبة داخل الحزبين ليست مقتنعة إلى حد الآن بهذه الزيجة. وقال: "اتفاق المؤتمر الوطنى والأمة لازالت تعترضه عقبات كثيرة داخل الحزبين، إذ أن مشاركة حزب الأمة فى الحكم من عدمها سيتم تأجيلها لغاية مؤتمر الحزب المقبل فى تشرين الثانى "نوفمبر" المقبل، أما فى المؤتمر الوطنى فسيكون لزاما على أنصار هذا الاتفاق إقناع جناح كبير داخل المؤتمر الوطنى الذين يطالبون بأولوية الحوار مع الإسلاميين، بأن هذه الخطوة ليست بديلا عن الحوار مع الإسلاميين ولا تجاهلا لهم"، كما قال. وكشف النور النقاب عن أن حوارا مكثفا يجرى هذه الأيام بين لجان تابعة لحزب المؤتمر الوطنى وأخرى تابعة للحزب الاتحادى الديمقراطى جناح محمد عثمان الميرغنى الذى يشارك حزبه عمليا فى المؤسستين التنفيذية والتشريعية، لكنها مشاركة لا تزال غير فاعلة بسبب استمرار وجود الميرغنى فى الخارج، وأشار إلى أن اتفاقا على شاكلة الاتفاق مع حزب الأمة قد يتم الإعلان عنه خلال أيام، كما قال. ولفت الإعلامى السودانى الانتباه إلى أن هذا الحراك ما كان له أن يحدث لو لم تحدث هناك تنازلات متبادلة من حزب المؤتمر الوطنى وباقى أحزاب المعارضة، مما مكنهم من الالتقاء فى منتصف الطريق، والاتجاه جميعا إلى مؤتمر وطنى دعا له السيد الصادق المهدى طويلا ورفضه حزب المؤتمر الوطنى قبل أن يعود ويقبل به من أجل مصلحة السودان والوحدة الوطنية، وهو توافق لازالت تنقصه تنازلات مماثلة بشأن مطالب الحركات المسلحة فى دارفور فى المشاركة بالعملية السياسية مما ييسر انعقاد مؤتمر وطنى يؤسس لانتخابات مقبولة تكون جسرا باتجاه التحول الديمقراطى المطلوب، على حد تعبيره.