عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    نتنياهو: "إغتيال خامنئي سيُنهي الصراع".. #خبر_عاجل    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    حالة الطقس هذه الليلة    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    تظاهرة يوم الابواب المفتوحة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة .. فرصة للتعريف ببرنامج التكوين للسنة التكوينية المقبلة وبمجالات التشغيل    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    مصدر أمني إسرائيلي: إيران بدأت باستخدام صواريخ دقيقة يصعب التصدي لها    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة أشهر سجينين سياسيين في مصر
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 07 - 2010


صحفي مصري
عميد عائلة "الزمر" يروي تفاصيل 3 عقود خلف القضبان
الحج عبدالموجود الزمر: عبود وطارق يخضعان لجريمة اختطاف في السجون المصرية
الحكومة لم تتجاوب مع مبادرات وقف العنف لأنها مستفيدة من عملياته
أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا يكون بمصر معتقل واحد

ثلاثون عامًا كاملة تلك التي قضاها الحج عبد الموجود الزمر (86 عامًا) والد وعم أشهر سجينين سياسيين في تاريخ مصر الحديث، القياديان بتنظيم "الجهاد" طارق وعبود الزمر، بين أجهزة الأمن وساحات القضاء، للعمل على ضمان حصولهما على محاكمة عادلة.. كانت شاقة مع ما فيها من أحزان جراء تلك الأوضاع التي طالت جميع أفراد العائلة الشهيرة في محافظة الجيزة جنوب القاهرة عقب حادثة اغتيال الرئيس السادات، الضالع فيها اثنان من أبنائها.
ثلاثون عامًا يحاول الحج عبد الموجود الآن تقليب صفحاتها وهو طريح الفراش، باعتبارها راحت في قضية عمره أو ضريبة الأبوة التي قدمها لاثنين من أعز أبنائه: طارق وعبود الزمر.
ثلاثة عقود الزمر خاض خلالها سلسلة من المعارك القانونية والإعلامية والسياسية، خاصم فيها جميع وزراء الداخلية، بداية من (النبوي إسماعيل) مرورًا ب(عبد الحليم موسى) و(حسن الألفي) حتى (زكي بدر)، الذي اتهمه بإخفاء نجل شقيقه بعد أيام قليلة من توليه المنصب، عندما ذهب لزيارته في سجن "استقبال طرة" فلم يجده، فدعا إلى مؤتمر صحفيِّ في بيته وهدد بمؤتمر شعبي في قرية "ناهيا"، ما دفع وزيرَ الداخلية إلى التهديد ب"إزالة القرية من الخريطة" في حال انعقاده، لتنتهي الأزمة بسماح الوزارة للحاج عبد الموجود بزيارة عبود داخل زنزانته في "ليمان طرة".

* كيف ترى الوضع القانوني الحالي لكل من عبود وطارق الزمر داخل السجن؟
الوضع القانوني لأبنائي عبود وطارق في السجن لا يخرج عن كونه جريمة اختطاف، وخاصة بعدما حكمت كل الهيئات القضائية في مصر بأنها غير مختصة بنظر هذا النزاع !! لكن رغم ذلك لا زلنا حتى الآن نبحث عن القاضي الشجاع الذي يمكنه أن يتصدى لهذه الجريمة، أما عن عبود وطارق فهما لا يستبعدان أن يكون للولايات المتحدة دور في احتجازهما داخل السجون لليوم.

* قضايا كثيرة تلك التي رفعتموها إلى القضاء ولكن بلا جدوى.
لقد رفعنا العديد من القضايا للإفراج عن عبود وطارق منذ أن أنتهي حكمهما عام 2001م وهي كثيرة ولا يزال العديد منها يتنقل من محكمة إلي محكمة دون أسباب حقيقية سوى استمرار حبس عبود وطارق لأطول فترة ممكنة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
* لكن لماذا قررتم تحويل المواجهة إلى النائب العام؟
من بين الدعاوى التي أقمتها دعوى ضد النيابة العامة، أتهمها بالتنكر للعدالة، وعدم قيامها بواجباتها في الإشراف على تنفيذ الأحكام القضائية بالسجون، وذلك لتنفيذ حكم الإفراج عن أبنائي، كما هو مبين في صورة الحكم الصادر ضدهما عام 1981م، والذي مضي عليه أكثر من تسع سنوات، فكل الوثائق التي لدينا تشير إلى أن تاريخ الإفراج عنهما هو 13 أكتوبر 2001م.

* يتذرع البعض بضبابية موقف كل من عبود وطارق الزمر من مراجعات وقف العنف فى مصر، كيف ترد على ذلك؟
إن رؤية أبنائي لضرورة وقف العمليات المسلحة في مصر كما عرضتها جريدة (الشروق) في شهر رمضان الماضي تحت عنوان "البديل الثالث" هي أوضح دليل على بطلان أدلة الحكومة، وهي رؤية يستطيع أن يتبينها كل من تابع كتاباتهما خلال السنوات العشر الأخيرة.
* إذا كيف ترى تلك الحجج التي تُساق الدولة من أجل إبقائهما خلف القضبان؟
أبنائي عبود وطارق من أوائل من دعوا إلى وقف العنف في مصر، رغم أن ذلك ليس شرطا للإفراج عن سجين أنهى فترة سجنه، ومن الغرائب التي واجهتها في المحاكم، والتي تدل على أن الداخلية لا تتعامل معنا بقانون ولا سياسة، أنها تقدم مذكرات قانونية تقول فيها للقاضي: أن عبود وطارق لم يشاركوا في مراجعات السجون، وكأن القانون ينص علي عدم الإفراج عن السجين بعد انتهاء عقوبته إلا إذا وافق أو شارك فيما تعتبره الحكومة مراجعات !! كما أن الأدلة المضحكة التي تقدمها وزارة الداخلية للمحاكم لعدم الإفراج عن أبنائي عبود وطارق تدل على أنها تسعى فقط لاحتجازهما أطول فترة ممكنة ومن هذه الأدلة أنهما ينويان الانضمام عند خروجهما لحركات الإرهاب الدولي !! ومن هذه الأدلة أيضاً أن الإفراج عنهما يترتب عليه خطر جسيم لا يمكن تداركه !! وهي أدلة لا يمكنها أن تبرر للحكومة احتجاز إنسان ولو ساعة من النهار، أما عبود وطارق فقد مضى الآن تسع سنوات على احتجازهما بدون أي سند قانوني . . وأفجر لك مفاجأة لا يعلمها كثير من الناس وهي أن المواد القانونية التي سجن بها عبود وطارق كل هذه السنوات قد تم إلغاؤها منذ أكثر من عشر سنوات أي أن سجنهما طوال الثلاثين عاماً هو سجن غير قانوني !! كما أنهما قد حوكما بقانون محاكم أمن الدولة طوارئ برغم أن الحدث الذي حوكما عليه كان في الظروف العادية وهو ما يوجب أن يكون القانون العادي هو الذي يحاكمان به !!
* يبدو أن الحكومة ربما تريد مزيدًا من البراهين بشأن موقفهما من وقف العنف.
لقد تحدثت مع أبنائي في هذا الشأن، وهم يرون أن الجماعات قدمت كل الضمانات لكن الحكومة هي التي لم تتجاوب معهم حتى الآن، ثم إنني أعجب من الاهتمام الكبير للحكومة بمراجعات تيار الجهاد في الوقت الذي تصر فيه على عدم اتخاذ أي خطوة إيجابية لتشجيع هذا الاتجاه، بل أنها تتصرف وكأنها تحرض الشباب على العنف، وهو ما جعل البعض يؤكد أن الحكومة هي المستفيد الوحيد من عمليات العنف.

* هل سعيتم لمقابلة أحد من المسئولين في الدولة لإدارة نقاش ربما يزيل بعض اللبس في المسألة؟
إننا رغم طول المحنة، ومرارة الظلم الذي نشعر به في بلادنا، لن نتسول حقوقنا من أحد، ولن نستجدي مسئولا في الدولة كي يرفع الظلم الواقع علينا، ويكفينا أن نلقى الله دون أن نذل أو نخضع لمخلوق مهما علا قدره، ويكفيهم حسرة خروجهم من الدنيا وهم على ظلمهم: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ * وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ". [الأنعام:93-94]
* بمناسبة حديثك عن "طول المحنة" كيف تتذكر الآن تلك الأجواء الأولى التي عاشها آل الزمر خلال حادثة اغتيال الرئيس السادات وقبلها؟
تعرضتُ والأسرة كلها لمضايقات وظروف عصيبة بعد الكشف عن التنظيم الذي كان ينتمي إليه ابني طارق وزوج ابنتي عبود الزمر، فقد بدأ الضغط علينا أولاً للإبلاغ عن أماكن تواجدهما، فلما تأكدوا أننا لا نعرف أماكن تواجدهما قاموا باعتقالنا، فوضعوا زوجة عبود وأمه رحمها الله بسجن القناطر، ووضعوني وأم طارق بمقر أمن الدولة بالجيزة، وكان الهدف من وراء هذا الاحتجاز هو إجبار عبود وطارق على تسليم نفسيهما.
* فمتى جرى الإفراج عنكم؟
لم يتم الإفراج عنا إلا بعد اغتيال السادات، فقد جاء أحد ضباط أمن الدولة إلى الغرفة التي كانوا يحتجزونني فيها، ومعي زوجتي أم طارق، وذلك بعد صلاة الظهر يوم السادس من أكتوبر، وقال لي: يا حج السادات قتل، والذي قتله ضابط ، ثم أغلق الباب وانصرف، ساعتها تصورنا أن القاتل هو عبود وأن هذا هو إنذار لنا قبل أن يطلقوا علينا النار !! ففوجئنا بأن التفكير قد اتجه عكس ذلك فإذا بهم يستدعوننا ويطلقون سراحنا مباشرة !!
* كيف تعاملت مع تلك المحنة؟
قررت بعد اغتيال السادات أن أقف مع أبنائي عبود وطارق في المحاكم ولما وجدت أن وظيفتي ستعيق حركتي قدمت استقالتي من عملي وكان عمري 57 عاماً واكتفيت بدخلي من المشروعات الخاصة التي أمتلكها أو أشارك فيها وكانت رحلة طويلة أدعو الله تعالى أن يثيبنا عليها.
* هل تتذكر أول مهمة قمت بها في هذه الظروف الصعبة؟
كانت أول مهمة قمت بها في مشواري الطويل خلف أبنائي في سجنهم يوم أن بذلت مجهوداً كبيراً لأقنع أحد المحامين الكبار بالترافع عن عبود وطارق في القضية، فقد كان المحامون في الأيام الأولي من اغتيال السادات يخافون من المشاركة في الدفاع عن أحد المتهمين في القضية حتى أن المحامي الكبير الذي وافق بعد جهد على الدفاع عن أبنائي طلب مني مهلة ليستشير فيها أحدى الجهات السياسية !! ويأخذ رأي أولاده وزوجته الذين اشترطوا عليه من قبل ألا يشارك في أي قضايا سياسية!!
* هل تذكر أسماء بعض المحامين؟
بكل تأكيد فهي رحلة معاناة مشتركة كما كانت القضايا التي رفعناها ضد الداخلية عديدة وقد وقف معي في هذه القضايا عدد كبير من المحامين الشجعان، جزاهم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وكان منهم الدكتور عبد الحليم مندور، والأستاذ محمد الإسلامبولي والد خالد، رحمهم الله، والأستاذ منتصر الزيات، وممدوح إسماعيل، وفتحي الجمال، وكامل مندور، ود.محمود السقا، ويوسف صقر، ومحمود رياض، وقام نزار غراب نجل أشجع قاضي عرفته مصر بدور كبير في استكمال معاركنا القانونية.. وكان من بين القضايا التي أضطر إلى رفعها في عهد الوزير العادلي قضية تمكين ابني طارق من تسجيل الدكتوراة في جامعة القاهرة ثم قضية أخرى لتمكيني والأسرة من حضور المناقشة !! إضافة إلى القضايا التي لا تزال تنظرها المحاكم بخصوص الإفراج عن عبود وطارق.
* ماهي أكثر المواقف التي ظلت محفورة في ذاكرتك؟
من العجائب التي عرفتها أثناء متابعتي للموقف القانوني لأبنائي، أنه في اليوم الذي هاجم فيه السادات عبود في مؤتمر الحزب الوطني بجامعة القاهرة وتوعده، بأنه لن يرحمه، كان ابني طارق قد أجرى بروفة لاغتيال السادات أمام حديقة الأورمان وهو متوجه لإلقاء هذا الخطاب، وكان موعد التنفيذ أثناء حضور السادات بعد يومين لحضور الحفل الختامي للمؤتمر، وقد تم إلغاء هذه الخطة بمجرد العلم بتكليف خالد الإسلامبولي للاشتراك في العرض العسكري.. كما كان عبود يتابع الخطاب، ولما سمع تهديد السادات قال: "وأنا لا أنتظر رحمتك فالرحمة التي نرجوها هي رحمة الله" .
ومن الأمور العجيبة أيضا أن ابن عمي عضو مجلس الشعب الحاج عزيز الزمر، والذي كان عضواً بالحزب الوطني، كان ذاهبا ليحضر خطاب الرئيس فاستوقفه وزير الداخلية نبوي إسماعيل وأمره ألا يدخل هذا المكان قبل أن يأتي بعبود وطارق للقبض عليهما وبالفعل أخرجه من المؤتمر !!
* هل هناك محطات أخرى ؟
من أهم محطات حياتي والتي أثرت كثيرا على ما بعدها يوم أن استمعت إلى شهادة الشيخ الفاضل رحمه صلاح أبو إسماعيل في قضية الجهاد عام 1982م والتي كانت شهادة حق بحق قالها ولم يخش إلا الله فرحمه الله رحمة واسعة ورزق الأمة الإسلامية علماء مثله علماً بأن أثره لم يكن لأنه قد أيد أبنائي ودافع عنهما وإنما لدفاعه الباسل عن أحكام الإسلام التي يخشى كثيرون تناولها اليوم وهى الأحكام التي تخص الحكومات والحكام وموقفهم من شرع الله.
كيف تصف العلاقة التي كانت بينك وبين وزراء الداخلية المتعاقبين؟
كانت علاقة متوترة، فقد استلزم وقوفي مع أبنائي في محنتهم أن أخوض معارك قانونية وإعلامية وسياسية مع معظم وزراء الداخلية الذين حكموا مصر خلال الثلاثين عاما الماضية، كان أول هذه المعارك مع النبوي إسماعيل عن طريق أحد معارفي الذي كان عضواً بمجلس الشعب والذي قدم استجواباً للوزير عن اقتحامه منزل عبود بالرغم من علمه أنه ضابط بالمخابرات الحربية.
أما في عهد زكي بدر فقد رفعت قضية ضده بعد وصوله للوزارة بعدة أيام، بعد أن ذهبت لزيارة عبود في سجن (استقبال طرة) فأخبرونا أنه غير موجود ولم يدلونا على مكان وجوده، فاضطررت لرفع دعوى أتهم فيها الداخلية بإخفاء عبود ودعوت ومعي ابني الأصغر محمد لعقد مؤتمر صحفي في بيتي بالهرم، طالبنا فيه بإظهار عبود علي شاشات التلفزيون وإلا فسنعقد مؤتمراً شعبياً في دوار العائلة لمتابعة مشكلة اختفاء عبود، وهو المؤتمر الذي هدد زكي بدر بإزالة ناهيا من علي الخريطة لو عقد، وصممنا علي عقده حتى تمت محاصرة ناهيا بقوات الشرطة، واحتلال دوار العائلة، واعتقال كل من يتوجه إلى ناهيا لحضور المؤتمر، إلي أن سمحوا لي بدخول السجن لرؤية عبود داخل زنزانته بسجن ليمان طرة حيث وجدته مريضا وكان يقيم بعنبر التأديب مع عدد من زملائه، وعند دخولي للعنبر شعرت أنني أزور المقابر، فشكل العنبر وضيقه وبناءه القديم لا يذكرك إلا بالمقابر، وكانت هذه الزيارة من المرات النادرة التي يسمح فيها بدخول المدنيين داخل زنازين السجون.. كما حصلت على حكم قضائي بإلزام الوزير زكي بدر بفتح أبواب الزيارة بعد أن منعنا من زيارة أبنائنا لمدة عام كامل ولما لم ينفذ الحكم شرعت في رفع جنحة لحبسه لعدم تنفيذه حكم القضاء حتى أذعن وقام بفتح أبواب السجن أمام الزائرين.. ولما أصدرت مصلحة السجون حكما بجلد عبود في عهد زكي بدر أقمت دعوى لوقف هذا الجلد، ولما كدت أن أحصل على حكم بذلك عام 2000 م من المحكمة الإدارية العليا أي بعد أكثر من عشر سنوات تقدمت الداخلية بمشروع قانون بإلغاء عقوبة الجلد من السجون المصرية وكفي الله المؤمنين القتال.. أما عن القضايا التي رفعتها ضد الوزير عبد الحليم موسي فكان أهمها إلغاء قراره بمنع الامتحانات الجامعية فى السجون المصرية والذي حصلت علي حكم مستعجل بإلغائه وكان ذلك عام 1990م.. أما في عهد الوزير حسن الألفي فقد حاول في بدايته أن يحصل علي حكم يمكنه من منع الزيارات عن السجناء السياسيين لدواعي الأمن دون معقب فنازعناه قضائيا حتى حسم النزاع لصالحنا.
* هل من قضايا أخرى تراها تشغل بالك غير قضية عبود وطارق؟
في الوقت الذي أشعر فيه بتقصير المسلمين تجاه أسراهم في السجون عموماً، يؤلمني أن يستمر سجن الدكتور عمر عبد الرحمن في سجون أمريكا حتى اليوم، برغم سنه الكبير وظروفه الصحية وبرغم تضحياته الكثيرة لنصرة الإسلام والمسلمين في كثير من مناطق العالم .
* هل من كلمة أخيرة تحب أن تنهي بها الحوار؟
كم كنت أتمني قبل أن ألقى الله أن أرى أبنائي عبود وطارق وجميع المعتقلين والسجناء السياسيين خارج السجون، وأتمنى أن تفكر حكومتنا بطريقة تتناسب مع هذه الظروف الحالكة التي تمر بها البلاد، وتقرر الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وأن تصدر عفواً بشأن المحكوم عليهم بالإعدام، فكل هذه الأحكام صدرت في ظروف قد انتهت كما أنها صدرت من محاكم عسكرية لا تليق بمكانة أكبر دولة عربية، كما أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا يكون بمصر معتقل واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.