هل كان اختيار برتران مارشان خليفة لروجي لومار للاشراف على حظوظ منتخبنا الوطني لكرة القدم الخيار الأمثل خاصة أن المدرب الجديد وإن نجح مع النادي الافريقي في تجربته الأولى في تونس وأعاد الفريق للمشاركة الافريقية في كأس رابطة الأبطال بعد إدراك المرتبة الثانية في الموسم الماضي ثم في التجربة الثانية مع النجم الساحلي الذي أحرز معه على كأس رابطة الأبطال القارية والسوبر الافريقي والحصول على المرتبة الرابعة في كأس العالم للأندية باليابان لم يسبق له أن أشرف على حظوظ أي منتخب طيلة مسيرته؟ ثم هل الفرق فعلا شاسع بين تدريب الأندية والمنتخب الوطني..؟ هذا المدرب وإن زكاه المكتب الجامعي «مبدئيا» أصبح «يتعزز» ويدّعي أنه لم يقل كلمته بعد في شأن قبوله لتدريب المنتخب من عدمه مبرزا أن العروض متهاطلة عليه وخاصة من فرق خليجية وبجرايات خيالية ولذلك فإن عملية اشرافه على فريقنا الوطني قد تسقط في الماء في ظلّ البعثرة و»الفوضى» التي تسبّب فيها المكتب الجامعي ليجعل «مارشان» في حالة قوة مقابل جعل نفسه في حالة ضعف وحيرة وتذبذب وربما أيضا في مأزق خطير وفي نفق مظلم.. «الشروق» تحدثت إلى بعض المدربين قصد استجلاء آرائهم حول هذه القضية فكانت المواقف كالآتي: * أحمد المغريبي: «أعطينا «مارشان» قيمة أكبر من حجمه..!!؟» في ظلّ الأوضاع التي تكون فيها الاختيارات والانتدابات على هذا الشكل فإن «مارشان» قدمنا له «مزية» باعتباره أفضل الثلاثي الذي تم اختياره وأعطيناه «قيمة» أكبر من حجمه وبالتالي وفي مثل هذه الوضعية لا بدّ أن يمرّوا إلى غيره «واللّي بعدو.. بعد ما تقوى سعدو».. وتلك هي الحالة لتبقى دار لقمان على حالها طالما أننا أصبحنا ننتهج الارتجال واللخبطة. * مختار التليلي: «نظرنا إلى رأسه.. فنظر إلى أقدامنا؟؟!!» منذ فترة غير قصيرة ناديت بالمدرب التونسي واقترحت فوزي البنزرتي الذي يعتبر أفضل حل لكرتنا التونسية فضلا عن أنه أفضل من الثلاثي المقترح الذي أفرز تزكية «مارشان» الذي قد يكون هو أيضا أفضل من الاثنين الأخيرين باعتباره يعرف البعض عن الكرة التونسية وخاصة في البطولة بقدر ما أنه لا يعرف شيئا عن المنتخبات الافريقية التي سنواجهها غير أنه وبعد أن ظللنا ننظر إلى رأسه فإنه ظل ينظر إلى أقدامنا كما يقول مثلنا الشعبي.. وبالتالي فإنه عسّر مهمته في صورة تأكيد اشرافه على المنتخب قبل بدايته فضلا عن أن تونس هي التي رفعت أسهمه سواء مع الافريقي أو النجم وإلا لكان في وضع آخر وقد يكون احدى نكرات عالم التدريب.. وفي المقابل لا أنسى الاشارة إلى أن المكتب الجامعي هو الذي تسبّب في كل ما يحدث نتيجة لقلة خبرته ولاعتقاده قبل إمضاء العقد أن «مارشان» من التحصيل الحاصل.. وهذا عمل هواة من المفروض ألاّ يحدث في تونس التي بلغت درجة هامة من النضج في عديد الوضعيات. * سمير الجويلي: «تونس أكبر من الجميع..» المنطق يفرض الاتفاق النهائي وابرام العقود بعد التعمّق في كل الجزئيات حسب العرض والطلب والأهداف إلا أن كل هذا لم يحدث حسب ما تطالعنا به مختلف وسائل الاعلام وحسب تصريحات «مارشان» الذي أكد أن التفاوض كان سريعا ولا يتجاوز (20) دقيقة إلا أنه وبعد أن حصل ما حصل فإن الوضعية أصبحت عسيرة على مختلف الأطراف ومصلحة المنتخب تبقى أكبر من الجميع بما في ذلك مارشان وحتى الأعضاء في الجامعة وغيرها بما في ذلك المدربين. * شهاب اللّيلي: «هفوتان..»!! قد تكون العملية شكلا ومضمونا غير حرفية وغير ناجعة من أصلها لذلك كانت الهفوة الأولى عند الاعلان عن اسم مدرب لم يقل كلمته بعد قبل أن تتعزز بأخرى حين كان هذا المدرب الذي يحلم كغيره بالاشراف على المنتخب متظاهرا بعدم الاكتراث للأمر والمنطق يفرض أن يكون التفاوض عقلانيا وعلمانيا ورياضيا ومن خلاله تتضح الرؤى والأهداف والسعر أو القيمة المادية والحقوق والواجبات.. وهذا لم نره لا من هذا ولا من ذاك لتبقى المرارة مستمرة والجرح ينزف أكثر في ظل هذه الأوضاع ولا أدري شخصيا لماذا رفضوا هذا وكيف اختاروا ذاك؟ * محمود الورتاني (الخطأ خطأ الجامعة... وكنت أفضّل التونسي) لنتّفق أولا على أن الخطأ منذ البداية ليس خطأ مارشان بل هو خطأ الجامعة التي أعلنت على الملإ إسم المدرّب في حين أنها مازالت لم تتفق معه على كل جزئيات العقد. هذا الأمر غير معقول بالمرّة ومن الصعب أن يحدث في أي مكان في العالم المنطق يقول أن تتمّ الاتصالات بمختلف الأسماء المرشحة ومن ثمّة اختيار المدرب الذي يقبل شروط الجامعة وفي الأخير يتم الاعلان الرسمي عن ربّان المنتخب. أنا شخصيا لا أهتمّ كثيرا بمسألة عدم اضطلاع مارشان سابقا بمهمة الاشراف على أحد المنتخبات فلكلّ شيء بداية، ولكنّ الذي حزّ في في نفسي هو إقصاء الكفاءات التونسية.. كنت أودّ أن يعيّن المشرفون على كرتنا مدرّبا تونسيا ويعطوه كلّ الدعم والمساندة، فمن غير المعقول ألاّ تتغيّر العقليات في القرن الحادي والعشرين ونقف في حدود فترة الثمانينات والتسعينات. الحقيقة أن نجاح أي منتخب لا يحدّده المدرّب مهما كان إسمه ولكن تحدّده تقاليد العمل على كل المستويات ولا بدّ أن نرسي تقاليد عمل على أسس متينة حتى يتسنّى لنا النجاح والوصول الى تحقيق الطموحات. * كمال الشّبلي: (على الدّنيا السّلام!!) لا يجب أن ننسى أن منتخبنا أخذ حجما كبيرا على المستوى القاري وصار ينشد التألق عالميا وليس مجرّد الوصول الى المونديال ومثل هذه الأهداف لا تتحقق إلا مع مدربين من طراز عال. بالنسبة لمارشان ليس من الطّراز المطلوب فتاريخه ليس بالثراء الذي سمح له بتسلّم منتخب في حجم منتخبنا، هذا المدرب لم يسبق له أن أشرف على حظوظ أي منتخب في السّابق، ومسيرته فيها إشراف على مراكز تكوين في فرنسا وتدريب الافريقي والنجم في تونس. أؤكد أنه ليس لي أيّ اعتراض على شخص لكن ما لا أتقبّله هو ممارسات أحد أعضاء الجامعة الذي جلبه سابقا للإفريقي ووعده في ما بعد بتسلّم مقاليد المنتخب، كيف يأتي مارشان الى تونس ليدرّب الافريقي ب10 آلاف دينار ويرفض الآن راتبا أعلى بكثير؟ كان من المفروض تعيين مدرّب له خبرة في تدريب المنتخبات وهناك في تونس الزواوي والبنزرتي، فإذا كانوا يفضلون الأجنبي فهناك عديد الأسماء المناسبة. أغلب المدربين يشرفون في بداياتهم على منتخبات متواضعة ثم يتدرّجون نحو المنتخبات الأفضل، فكيف نسلّم المنتخب لمارشان الذي لم يسبق له أن جرّب حظه مع أي منتخب؟ والأدهى والأمرّ أنه مازال يفكّر، هل يقبل العرض أم لا.. على الدنيا السلام.. * محمد الكوكي: (أهم خاصية لا تتوفر فيه) قبل كل شيء يجب أن نتفق على المواصفات التي يجب أن تتوفر في المدرب المؤهّل للإشراف على حظوظ منتخبنا أهم هذه المواصفات حسب رأيي تتلخص في معرفة المدرب بأجواء الكرة التونسية وبخاصيات لاعبينا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون مدرّبا له تجربة ثرية. الخاصية الأولى متوفّرة في مارشان وهو الذي يدرّب في تونس منذ مدة ويعرف جيدا أغلب عناصر المنتخب، أما الخاصية الأهم حسب رأيي، وهي ثراء التجربة فإنها لا تتوفّر فيه، إذ لا يخفى على أحد أنه لم يدرب أي منتخب في السّابق، ومما لا شكّ فيه أن مهمة الإشراف على منتخب (Selectionner) تختلف اختلافا جذريا عن تدريب فريق وهذا الأمر اعترف به مارشان نفسه. أعتقد أن له الحرية في أن يأخذ وقته ليفكّر في عرض الجامعة، والخطأ هنا ليس خطأه بل خطأ من وضعه في قائمة الأسماء المرشحة ثم أعلن اختياره في ما بعد، وكل هذا قبل أن يتمّ الاتفاق معه بشكل نهائي على كل التفاصيل. * طارق ثابت: القرار لم يأت من فراغ.. كان من المفروض انتظار «مارشان» بعد رجوعه من السينغال للتحدث إليه أكثر حول كل التفاصيل والجزئيات وبطبيعة الحال فإن ذاك الأمر يتطلب التأجيل في الاعلان عن الاتفاق وبالتالي فإن ما حصل وحسب ما أعرفه شخصيا عن أعضاء المكتب الجامعي وأصحاب القرار لا يمكن لهم الاصداع بمثل ذاك القرار إذا لم تتم الموافقة الرسمية مع مارشان غير أنني أعتقد في المقابل أن «مارشان» وبعد الاتفاق وفي انتظار الامضاء على العقد قد يكون تلقى عروضا أخرى قد تكون أغرته فأصبح يتصرّف بمثل هذا الشكل.. وكل هذا لا يغيّر شيئا باعتبار أن منتخبنا جاهز للمواعيد القادمة التي مازال على موعد اجرائها شهران كاملان.. وقد يتم عندها التدارك وتسوية كل الوضعيات سواء معه أو مع غيره. * عادل الدريدي (مدرب تونسي بالمهجر) في اعتقادي أن المدرب التونسي أولى بتدريب المنتخب الوطني وإني شخصيا أندهش كثيرا عندما أعلم أن مدربا في حجم مارشان يملي شروطه على الجامعة.. فهذه وصمة عار على جبين كرتنا.. فرغم أن هذا المدرب نجح بامتياز مع النجم إلا أن النجم ليس المنتخب.. ونجاحه في سوسة مسبوق بعمل كبير للهيئة المديرة وإحاطة باللاعبين وأيضا بدعم كبير من وسائل الاعلام على عكس ما سيجده مع المنتخب حيث تظهر عيوبه.. واعتقادي راسخ أن مارشان ليس بصدد تقديم شروطه بل بصدد الهروب أو التهرّب من المسؤو لية التي يبقى صغيرا عليها لأن مقارنته بروجي لومار لا تجوز أصلا.. * ملف من إعداد: علي الخميلي وفؤاد بن عجمية الشروق الخميس 10 أفريل 2008 الساعة 10:14:14 بتوقيت تونس العاصمة