تونس:قال النائب الفلسطيني القايادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي من داخل سجنه رداً على اسئلة ان المفاوضات المباشرة التي انطلقت من واشنطن الخميس الماضي ليست سوى وهم يجري تسويقه اسرائيليا وأميركيا لكي يتم ابتلاعه فلسطينيا. واكد البرغوثي في هذا اللقاء الخاص الذي ننشره بالتزامن مع الزميلة "الشروق" التونسية أن المفاوضات ب "طبختها" الحالية لن تقود الى أي نتيجة وأن المخرج الاساسي للوضع الفلسطيني يستدعي توسيع وتيرة المقاومة الشعبية وتفعيل التضامن الدولي وتحقيق المصالحة الوطنية. وتحدث البرغوثي أيضا في رده على الاسئلة عن موقفه من التعاطي الرسمي العربي مع القضية الفلسطينية وعن بعض المسائل الاخرى. وفي ما يأتي نص الحديث: * ما موقفكم اخ مروان من عودة المفاوضات المباشرة التي انطلقت في واشنطن بين السلطة الفلسطينية واسرائيل أيّ فرص لنجاحها هذه المرّة؟ جرّب الفلسطينيون المفاوضات المباشرة طوال عقدين من الزّمن لكنها لم تؤدّ الى انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بسبب غياب شريك السلام في اسرائيل. وحكومة اسرائيل متمسّكة بالاحتلال والاستيطان وترفض الاستجابة لشروط السلام الحقيقي والعادل والشامل في هذه المنطقة. وقد رفضت اسرائيل مبادرة السلام العربية ورفضت حتى خارطة الطريق الاميركية والدولية وترفض قرارات الشرعية الدولية ولذلك فإنني أعتقد أن المفاوضات المباشرة التي انطلقت في واشنطن محكوم عليها بالفشل ولا جدوى من اجرائها. * هناك من يذهب الى ما هو أبعد من كونها حلقة من حلقات الفشل ومن كونها محاولة لكسب تنازلات جديدة من الجانب الفلسطيني ويرى أن توقيت تحريكها هذه المرّة قد يؤشر على احتمال اندلاع حرب جديدة. ما رأيك في هذا الطرح؟ اسرائيل وسياستها تشكّلان تهديدا للعرب والمسلمين وهي تخطط دوما لشن الحروب بهدف اخضاع المنطقة لكن اسرائيل لم تنتصر في أي حرب خاضتها منذ عام 1967. فقد خسرت عام 1973 وعام 1982 وعام 2000 وعام 2006 وعام 2008 وخسرت في المواجهة مع المقاومة في لبنان وفلسطين وفي الانتفاضتين. والحقوق الفلسطينية لم تعد قابلة للشطب. ولا تستطيع قوّة على وجه الارض أن تشطب الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية. * لكن هذه المفاوضات كان واضحا أنها انطلقت ب "مباركة عربية"... فهل أن مثل هذا الموقف الرسمي العربي قابل فعلا للبناء عليه فلسطينيا أم أنه ينمّ برأيك عن قصور عربي في إسناد العمل الفلسطيني؟ أنا على ثقة بأن فلسطين تسكن كل العرب وأن الشعوب العربية تقف مع فلسطين ومستعدة للتضحية في سبيلها. لكن للأسف النظام الرسمي العربي يتقاعس عن مساندة الفلسطينيين يوما بعد آخر ويترك الفلسطينيينوالقدس لوحدهم في مواجهة اسرائيل. ومن المؤسف أن بعض الحكومات العربية تضغط على القيادة الفلسطينية للاستجابة الى الادارة الاميركية بدل أن تشكّل رافعة وعامل دعم واسناد للنضال وللموقف الفلسطيني. * هذا الموقف الفلسطيني وبالحالة الراهنة التي هو عليها من ضعف وتراجع الى أي مدى يمكن ان يقود الى انفجار انتفاضة ثالثة مثلما تهدّد بذلك قيادات وفصائل عديدة هذه الايام. ثم هل أن مثل هذا الخيار يشكّل مخرجا ممكنا من المأزق القائم اليوم؟ أوّلا الانتفاضة لا تندلع لأن فلانا أو علانا يدعو لها أو أن هذا الحزب او الفصيل يدعو لها. فالانتفاضة تندلع في ظروف وشروط محدّدة وبإرادة جماعية فلسطينية. وهي تعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال. وهي كما البركان تندلع من دون سابق انذار وبدرجة حرارة محدّدة وفي مناخات محدّدة. كما أنها لا تحتاج الى إذن أو ترخيص من القيادة الرسمية. وهذا ما حدث في الانتفاضة الاولى والثانية. وباختصار فإن الظروف التي أدّت الى اندلاع الانتفاضة الاولى والثانية لازالت قائمة أي وجود الاحتلال والاستيطان وفشل عملية السلام. وقد منح الشعب الفلسطيني قيادته خلال السنوات الاخيرة فرصة ولازال لتحقيق الأهداف الوطنية من خلال المفاوضات والجهد السياسي. لكن هذا يقترب من الباب المسدود. والقانون الذي يحكم حركة الانتفاضة والمقاومة هو وجود الاحتلال أو زواله. والطريق للخروج من المأزق الفلسطيني يتم من خلال المصالحة الوطنية أوّلا وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ولعضوية المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة "حماس" والجهاد وكافة الفصائل، وتوسيع وتيرة ودائرة المقاومة الشعبية ومقاطعة البضائع الاسرائيلية، والعمل مع حركة التضامن الدولية لزيادة العمل لمقاطعة اسرائيل وعزلها، كما جرى في حالة جنوب افريقيا في ظل النظام العنصري، ومن خلال زيادة أساطيل الحرية البحرية او البريّة او الجويّة لفلسطين وللضفة وقطاع غزّة. * التعثر الذي شهدته محاولات تحريك مسار المصالحة بين "فتح" و"حماس" على امتداد السنوات الثلاث الماضية. كيف تقرأ أبعاده وخلفياته. وكيف تنظر في هذه الحالة الى فرص انهاء الانقسام في الصف الفلسطيني؟ خلال الاسابيع الاخيرة قام وفد المصالحة الوطنية برئاسة السيد منيب المصري بجهود مشكورة ومباركة من أجل المصالحة. لكن تجاوب الاطراف معه لم يكن بالمستوى المطلوب. وأنا أقول إن المفاوضات والمقاومة لن تثمرا من دون الوحدة الوطنية ومن دون المصالحة الوطنية وأقول دائما ان المصالحة الوطنية ضرورة مقدّسة للشعب الفلسطيني وأن الوحدة الوطنية بمثابة الماء والهواء للفلسطينيين وأنها هي قانون الانتصار لحركات التحرّر الوطني والشعوب المقهورة. والمصالحة لن تتم من دون تحرّك شعبي فلسطيني يضغط على القيادات من أجل الاستجابة الى المصالحة. وأقصر الطرق للمصالحة والوحدة هو العودة الى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني. * تحل بعد أسابيع قليلة ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات. ما هي دلالة مثل هذه المناسبة بالنسبة إليك خاصة في هذا الظرف الذي يجري فيه الحديث عن تسوية سبق أن اتّهم "أبو عمّار" بأنه يقف عقبة أمامها؟ ذكرى استشهاد الرئيس الراحل والزعيم الوطني الكبير ياسر عرفات مناسبة لتجديد العهد والقسم لشهداء فلسطين والأمّة العربية والاسلامية على مواصلة المقاومة حتى تحقيق الأهداف السامية والنبيلة التي استشهد في سبيلها مئات الآلاف من الشهداء. وياسر عرفات هو رمز للكفاح الفلسطيني ورمز لوحدة الفلسطينيين وقد اغتالته اسرائيل بقرار من الحكومة وبموافقة ودعم الادارة الاميركية. وظنّ البعض في الساحة الدولية والعربية والفلسطينية أن اغتياله يفتح الباب للسلام لكن الحقيقة أن اغتياله قضى على أي فرصة للسلام. ومنذ ستّ سنوات والرئيس أبو مازن يقود السلطة والمنظّمة ويعلن رفضه للعنف وللمقاومة المسلحة ووافق على خارطة الطريق وعلى جميع المبادرات فماذا كانت النتيجة؟ الاستيطان مستمر وتهويد القدس والحصار والحواجز. والاعتقالات والحصار الظالم على غزّة، بينما اسرائيل ترفض الاستجابة الى الارادة الدولية وقرارات الشرعية الدولية. مع الاشارة الى أن شروط الرئيس الشهيد ياسر عرفات للسلام لا تختلف عن تلك الشروط التي يتمسّك بها الرئيس أبو مازن بخصوص الحلّ الدائم. الشروق التونسية