فرنسا تنتزع لقب أطول ''باقات'' في العالم من إيطاليا !    30 مؤسسة تستكشف السوق النيجيرية    مهدي بلحاج: هضبة سيدي بوسعيد مهدّدة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    متاحف بريطانيا تعير غانا الكنوز الملكية المنهوبة أثناء الاستعمار    الرابطة المحترفة الثانية: نتائج مباريات الدفعة الثانية للجولة الحادية والعشرين    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    مرحلة التتويج من الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يعقّد وضعية النادي الافريقي    اوّل انتصار ..ثلاثيّة امام النادي الافريقي ترتقي بالفريق الى المرتبة الرابعة    صفاقس: إحباط 22 عملية حَرْقة والقبض على 10 منظّمين ووسطاء    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بمنطقة الهوام    عاجل/ مداهمة مكاتب قناة الجزيرة في القدس ومصادرة معدّاتها..    منوبة: الاحتفاظ بمجموعة حاولت تحويل وجهة شخص واغتصابه باستعمال العنف    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    مرحبا قُدوم دينا في بيت الصديق ابراهيم وحرمه نرجس    وزير الشّؤون الدّينية يختتم الملتقى التّكويني لمؤطّري الحجيج    معهد الصحافة وعلوم الأخبار: المعتصمون يقررون تعليق مقاطعة الدروس ومواصلة الاعتصام    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    إنتاج الغلال الصيفية ذات النّوى يبلغ 245 ألف طن    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    تستور: الإحتفاظ بعنصر إجرامي مفتش عنه من أجل " سرقة مواشي والإعتداء بالعنف الشديد ومحاولة القتل".    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأحد 5 ماي 2024    محكمة الاستئناف بالمنستير توضّح بخصوص عدم الاستجابة لطلب القاضي أنس الحمايدي    رسميا "ناجي جلّول " مرشّح حزب الإئتلاف الوطني للإنتخابات الرئاسية    أريانة: الكشف عن وفاق إجرامي وحجز كمية من الهيروين وسلاح ناري أثري    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    كأس تونس لكرة اليد... «كلاسيكو» من نار بين «ليتوال» والترجي    تفاصيل الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرّقاعي الوطني لسنة 2024    الإدارة الجهوية للتجارة بولاية تونس ترفع 3097 مخالفة خلال 4 أشهر    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة وحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    المهدية: الاحتفاظ بشخص محل 15 منشور تفتيش وينشط ضمن شبكة دولية لترويج المخدرات    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    هذه مواعيدها...حملة استثناىية لتلقيح الكلاب و القطط في أريانة    طقس قليل السحب بأغلب المناطق وارتفاع طفيف للحرارة    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    الرابطة المحترفة الثانية : نتائج مباريات الدفعة الأولى للجولة الحادية والعشرين..    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    انتخابات الجامعة:إسقاط قائمتي التلمساني و بن تقية    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال الظلام في تونس... الليل يُحييهم والضوء يميتهم
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 04 - 2008

برواق الطابق الاول المخصص للمقيمين كانت تلهو طفلة في الثانية عشرة من عمرها، تغدو وتجيء وتقفز كما الفراشات التي تزهو بقدوم الربيع. تبتسم للعابرين في صمت، فلا فرصة امامها للتحليق
إلا داخل هذا المحيط المغلق، ترقص بأحلامها الصغيرة كما يرقص الطير مذبوحا من الألم.
هاجر فراشة من بين عشرات الفراشات اللاتي يعانين مرضا خاصا جدا، مرض جعل من الظلام أملا لحياتهم ومن النور خطرا يفتك بأجسادهم الصغيرة وينهش طراوتها مرض Xeroderma - Pigmentosum او النور القاتل الذي يصيب الأطفال وهم في أرحام أمّهاتهم.
أطفال الظلام كيف يتعايشون مع حالتهم الخاصة التي تكبّل مصيرهم وتتحكّم في مستقبلهم وتحتم عليهم العيش في السواد ليكون مرادفا للحياة؟
«.. هو مرض وراثي، ينتقل عبر الجينات، أساسه زواج الاقارب، ينطلق من وجود جينات متطابقة ويتكاثر في بعض الجهات التي ترتفع فيها نسبة الزواج بين الاقارب هو مرض قليل الوجود لكنه نسبيا موجود بكثرة اذ لدينا في تونس بين 10 و100 حالة أكثر من أوروبا» هكذا استهل الدكتور الأستاذ رضا كمون رئيس قسم الأمراض الجلدية بمستشفى شارل نيكول تفسيره لهذا المرض النادر الذي يتعايش معه المرضى المصابون به حتى الموت مضيفا: «هذا المرض يسمى Xeroderma - Pigmentosum ومعناه ان الانسان المصاب به لا يحتمل التعرض أبدا للأشعة فوق البنفسجية.
فجسمه ينقصه شيء بعكس الانسان العادي الذي يمكنه التعرض للشمس وجلده هو الذي يحميه اي هناك مناعة تحميه تصلح ما تفسده الأشعة فوق البنفسجية عند التعرض لها لكن المرضى لا يحملون هذه المناعة وبالتالي فإنهم ومنذ نعومة أظافرهم لا يحتملون التعرض للشمس، تدمع عيونهم وتحمّر وجوههم بسرعة حتى (فلاش) آلة التصوير يصيبهم بحالة قلق دائم.
فتظهر علامات على الجزء المكشوف من الجسم واليدين في شكل بثور بينة تتحول الى بثور وبقع سوداء ثم بامكانها ان تتطوّر لتتحوّل الى بيضاء لو تعرّض المصاب للشمس والضوء هذه البقع تصبح في شكل تشوّهات خلقية ويصاب الجلد بمرض السرطان، ينتهي بالموت اذ يتآكل الوجه تدريجيا.
ويسبب هذا المرض في تطوّره تعاسة كبرى وألما للمصاب به.
لكن لو بقي معزولا عن الشمس، وبقي في الظلام فإن حياته تكون عادية وبشرته ايضا ويعيش بلا أية أعراض أو آثار على جسده.
* «الضوء يطفيهم»
«.. هؤلاء المرضى، الضوء يطفيهم..» هكذا علّق الدكتور رضا كمون على الحالة، مضيفا: «هي حالات صعبة جدا، إذ تحكم على الطفل بأن يعيش طفولته في الظلام وهذا المرض لم يوجد له دواء بعد، ونحن نسعى حاليا من خلال شبكة في دول البحر المتوسط لوجود حلول جذرية لإنقاذ المصابين، هناك مساعدة بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب لتبادل الخبرات.. أنجزنا اجتماعنا الأول في باريس والثاني في الجزائر والثالث في بيروت والرابع كان في تونس، أما السنة الحالية فسيقام بالرباط. كما نقوم حاليا بمحاولات لتكوين ممرضين وممرضات مختصين لعلاج هذا المرض، والتعامل معه، ولا تزال المحاولات مستمرّة».
* حياة اجتماعية مقبولة
كيف يمكن لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا دون أن تحصل لهم أضرار ومضاعفات؟
عن هذا السؤال أكد الدكتور رضا كمون: «البقاء في الظلام لا للضوء ولا للأشعة فوق البنفسجية في هذه الحالة يمكن للطفل أن يعيش حياة عادية أو يجب أن نجد طريقة لتغطية الطفل بالكامل بواسطة غطاء يكون مقبولا اجتماعيا ولا يؤثر نفسيا على الطفل.. ثم ان الاشكال الثاني يكمن في أنه لا يوجد عدد كاف من المرضى حتى يمكن اعداد فضاء خاص بهم للدراسة وللعيش، ويكون مضاء بطريقة طبية فأغلبية المرضى لا يتمتعون بالدراسة ولا اللّعب ونضطرّ في أغلب الحالات اثر التعرّض للشمس، الى إجراء عمليات جراحية متواصلة لاستئصال الأورام من الوجه وأذكر حالة طفلة اضطررنا لزرع جلد جديد لها كانت حالتها النفسية شبه منهارة».
* رواية عن أطفال الظلام
ويضيف الدكتور: «هذا المرض النادر للأسف الشديد يسبّب الكثير من الألم.. احدى الطبيبات وهي الدكتورة ليليا اللّومي، كتبت رواية كاملة ستصدر بمناسبة معرض الكتاب بعد أسابيع عن الأطفال والمرض الذي يجعل الضوء يطفئ حياتهم».
* حلمت بدخول المدرسة
هاجر احدى المصابات بهذا المرض تحدثت إلينا بصوت خافت فهي تقيم منذ أكثر من شهر بالمستشفى في انتظار اجراء عملية جراحية لاستئصال ثلاث بثور سوداء طفت على جلدة وجهها ابتسمت وقالت: ««لا أحتمل الشمس وضوء النهار، تمنيت ان أدخل المدرسة، لكن ذلك مستحيل فالمدرسة بعيدة عن المنزل والطريق يعرضني للشمس وعندما أتعرض لها تحرقني وتصيبني بألم شديد». وتتدخل والدتها التي تتقاسم معها الغرفة السيدة فاطمة: «لقد تعبت، فهي ابنتي الوحيدة قدمت من جهة الخمايسية سبيبة (ولاية القصرين) تركت زوجي المسن في رعاية أجواري، وها أنا برفقة فلذة كبدي، اكتشفنا مرضها منذ صغرها فهي تحسّ بحرق شديد وألم حين تخرج للشمس او تتعرض للضوء، أنا وزوجي أبناء عم، لكن لا يوجد مصابون آخرون في العائلة، فقط طفلتي، كل ليلة تبكي وتحلم بدخول المدرسة لكن هذا مستحيل، فالمدرسة بعيدة والذهاب اليها معناه الموت، ستأكل الشمس وجهها، لا تستطيع الخروج الا ليلا، حتى حين نأتي الى العاصمة اضطر الى كراء سيارة لواج ليلا حتى أصل العاصمة في الساعة الثانية فجرا فيكون الظلام مخيما»... وتتنهد فاطمة: «هي فعلا معاناة، لقد سبق وأجرت طفلتي عمليتين جراحيتين على وجهها وهذه هي الثالثة ولا أدري ماذا سأفعل، ها أني أقيم معها بالمستشفى وبعض الزوار يمنحونني اعانات مختلفة، لا يمكنني العودة الى مسقط رأسي الا بعد اجراء العملية حتى لا تكبر تلك البثور».
الوقاية أكيدة وإجهاض الحمل إجباري
* كيف يمكن التخلص من المرض؟
عن هذا السؤال أجاب الدكتور رضا كمون: «هذا المرض الوراثي الذي ينتقل عبر الجينات قد يصيب طفلا في حين لا يصاب البقية به. لذا ننصح بضرورة الكشوفات الطبية الضرورية قبل الزواج خاصة بين الأقارب. واذا ما ثبت وجود هذا المرض داخل الأسرة الموسعة فإن مراقبة الحمل في أسابيعه الاولى أمر جد ضروري أصبحنا نكتشف المرض الذي يصيب الجنين وهو داخل رحم أمه، وبالتالي لا خيار الا الاجهاض، حتى لا يولد هذا الطفل وتنتظره معاناة طويلة مازال الطب الحديث لم يتوصل لدواء لعلاجه.
* تونس «الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.