الجزائردعا ناشط إسلامي جزائري عناصر «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» إلى وقف النشاط المسلح وإعلان هدنة فورية. وسلّم الشيخ عبدالفتاح حمداش بن عمر بن أحمد بن محمد زراوي، المشرف العام على موقع «ميراث السنة»، بياناً جديداً موجّهاً للمسلحين يذكّرهم بإجماع أهل الدين وأبناء صحوة المساجد بأن «لا بد عليكم إعادة النظر في القضايا المتعلقة بفريضة الجهاد في بلاد المسلمين لإعلان هدنة صالحة للتفاوض». والشيخ عبدالفتاح عضو الرابطة العالمية لعلماء ودعاة الأمة الإسلامية والناطق باسم «أبناء صحوة المساجد»، وكان وقّع قبل أيام إلى جانب مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» سابقاً حسان حطاب نداء يدعو المسلحين إلى وقف عملياتهم. وجاء ذلك في وقت (رويترز) نقلت قناة «العربية» أمس عن مصادر قولها إن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» طالب بإلغاء الحظر الفرنسي على النقاب والإفراج عن متشددين والحصول على سبعة ملايين يورو (10 ملايين دولار) لإطلاق خمسة رهائن فرنسيين محتجزين في الساحل الأفريقي. ونقلت القناة عن المصادر التي وصفتها بأنها مطلعة قولها إن الخاطفين لديهم مطالب غير واقعية لم تقبلها فرنسا ومالي. وأضافت أن المطالب تشمل الغاء حظر النقاب في فرنسا والإفراج عن بعض أفراد التنظيم المحتجزين في فرنسا وموريتانيا ودول أخرى. وأبلغت المصادر قناة «العربية» أن الاتصالات المبدئية مع فرع «القاعدة» المغاربي من خلال شيوخ القبائل في مالي لم تكن مشجعة بسبب طبيعة المطالب. ونقلت «العربية» ان التنظيم يطلب مليون يورو في مقابل الإفراج عن كل رهينة وهم خمسة مواطنين فرنسيين وإثنان من الأفارفة. واختطف الرهائن وهم ستة رجال وإمرأة فرنسية يعملون في شركتي «اريفا» و «فينسي» الفرنسيتين في منتصف أيلول (سبتمبر) في النيجر قبل نقلهم إلى مالي. وتشير عملية الخطف إلى تصاعد التوتر بين باريس وفرع «القاعدة» المغاربي الذي أعدم الرهينة الفرنسي ميشيل جرمانو (78 سنة) في تموز (يوليو) بعد مشاركة قوات خاصة فرنسية في محاولة فاشلة لتحريره. وتوعدت بالانتقام من الغارة. وكانت فرنسا اعلنت انها لم تتلق أي مطالب من تنظيم «القاعدة» منذ اختطاف العمال، ولكنها أضافت أنها ستجري مفاوضات مع خاطفي الرهائن من أجل الإفراج عنهم. في غضون ذلك، التقت «الحياة» في الجزائر أمس بالشيخ عبدالفتاح زراوي الذي جاء حاملاً بياناً مطولاً من فصول عدة بينها شق موجّه إلى «أمراء الجماعات الإسلامية السلفية المسلحة باختلاف تنظيماتها وهياكلها على رأسها عبدالمالك درودكال، وأمراء الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وأمراء تنظيم حماة الدعوة السلفية وأمراء وأعضاء مجلس الأعيان وأمراء الأجناد و السرايا». كما تضمن البيان شقاً آخر موجهاً إلى رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة يقول له فيها إن «التيار الإسلامي كشريحة ثقيلة بوزنها تترقب معاملتكم من خلال ترقيات جديدة في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية». ويشرح الشيخ عبدالفتاح في الرسالة التي عنونها: «أعطوا فرصة للهدنة والمصالحة»، مخاطباً أتباع درودكال («أبو مصعب عبدالودود») قائلاً: «أريد أن أوضح لكم بعض النقاط الحاسمة في مسألة القتال الدائر في الجزائر». ومن الحقائق التي ينطلق منها الشيخ، وهو أحد موقعي النداء الأخير الذي قاده حسان حطاب والموجه إلى «الأمة المحمدية في عامة الأقطار والديار الإسلامية» من أجل دعم المصالحة في الجزائر، إن «معارضة العلماء لقتالكم الدائر في الجزائر له دوافعه الدينية وأسبابه المختلفة والتي تندرج تحت ذرائع شتى لها اعتبارات كثيرة ومختلفة ومتشعبة». ويلفت إلى أن «قتال المسلم للمسلم بلا فائدة وما انجرّ عليه من المفاسد والفتن التي زعزعت أمتنا المسلمة». ويُبلغ الشيخ زراوي أتباع «القاعدة» بما يشبه ردود الفعل الآتية من علماء الدين بخصوص المبادرة الأخيرة، فيشير: «لقد تواطأت أقوال العلماء في وجوب التصالح بين المسلمين في الجزائر المسلمة»، ثم يضيف: «يا معشر الأمراء التفكر جيداً في ما يعود في العاجل والأجل على الأمة الإسلامية بعامة والأمة الجزائرية بخاصة». ويشدد على المسلحين: «لا بد أن تثقوا في العلماء العاملين حق الثقة لأنهم هم سادة المسلمين ورجال قضاياهم، فيجب أن تُحسنوا الظن فيهم وتفوّضوا دعاة الحق وأنصار الإسلام للتحدث في قضيتكم بحق وعدل». وكرر الشيخ عبدالفتاح مصطلح «الهدنة» مراراً في رسالته المخطوطة في ست صفحات. ويقول في إحدى الفقرات «لا بد علينا جميعاً أن نتعاون على الحق والخير والصلاح والإصلاح وسوف ترون، بإذن الله تعالى، ثمار هذه الهدنة تتجسد في بداية مشوار جديد نشارك في إنجاحه جميعاً». ويطالب زراوي بعد ذلك من أمراء التنظيمات المسلحة وجنودهم وأتباعهم ب «هدنة شرعية»، قائلاً: «أسكتوا صوت السلاح جزاكم الله خيراً، وأعطوا فرصة للسلام والموادعة في بلاد الإسلام، الجزائر، وأعقدوا هدنة شرعية تدرسون فيها مع غيركم من العلماء و الدعاة المصلحين مصير الإسلام في الجزائر وما يعود عليكم وعلى غيركم من عباد الله بالخير والنفع في العاجل والآجل». وينقل صاحب الرسالة عن «الخيّرين من أبناء الأمة الإسلامية» أنهم جمعوا «معطيات وفق تحليلات ودراسات مستقبلية علمية وعملية فخرجوا بنتائج تصب كلها في مصب واحد وهو أنه يجب عقد هدنة للخروج من هذا المأزق الخطير». وأضاف ناقلاً عن «الصالحين من أبناء الأمة» نداءهم أن «أوقفوا نشاطاتكم المسلحة لإعلان هدنة صالحة للتفاوض، ثم ترجعون إلى أهاليكم ومساجدكم وتزاولون نشاطاتكم الدعوية والحقوقية والاجتماعية والسياسية». كما ينقل الشيخ عبدالفتاح عن «أبناء صحوة المساجد بدعاتهم وطلابهم» - هو الناطق الرسمي باسم «صحوة أبناء مساجد» الجزائر العاصمة - دعوتهم إلى أن «نضع حداً لهذا الاقتتال الداخلي ونوجّه طاقاتنا كلها لخدمة الإسلام وإنقاذ مجتمعنا دعوياً وأخلاقياً واجتماعياً وسياسياً». وينقل عن «أبناء صحوة المساجد» أنهم يدعون إلى «هدنة شرعية ترفعون فيها الراية السلمية علانية لمدة ستة أشهر أو على الأقل ثلاثة أشهر يأمن الناس بعضهم بعضاً حتى يعلم الخاص والعام عبر وسائل الإعلام أمرها فنحقق من خلالها نتائج مرضية في هذه المفاوضات». وفي شق ثان من الرسالة، يخاطب الشيخ عبدالفتاح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، قائلاً: «نقول لسيادتكم مذكّرين أن التيار الإسلامي في بلاد الجزائر المسلمة يعتبر الشريحة الاجتماعية الكبرى والقاعدة الشعبية القوية، وتمثل هذه الشريحة الثقيلة بوزنها قوة مباركة وطاقة كبيرة لا يستهان بها، وهي في الحقيقة تترقب معاملتكم من خلال ترقيات جديدة في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية والشارع في تربص وانتظار في ما ستبلوره هذه الصيغة الجديدة من خلال السياسة المنتظرة في إطار السلم والمصالحة الوطنية». الحياة الثلاثاء, 12 أكتوبر 2010