أعرب المغرب عن تقديره «الموقف الثابت» لفرنسا إزاء قضية الصحراء. وقال رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي خلال مأدبة عشاء أقامها على شرف رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون الذي يزور المغرب، إن بلاده تقدر الموقف الثابت والبنّاء لفرنسا التي نوهت بجدية وصدقية المبادرة المغربية الخاصة بمنح إقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً، باعتبار أنها أساس للمفاوضات من أجل التوصل الى تسوية نهائية للمشكلة. وأضاف الفاسي أن المغرب اتخذ مبادرات عدة من أجل تطبيع العلاقات الثنائية مع الجزائر وانعاش الاندماج المغاربي وإقرار آليات لمواجهة التحديات الأمنية التي تجتازها المجموعة المغاربية وتحقيق طموحات شعوب البلدان الخمسة الأعضاء في الاتحاد المغاربي. أما رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون فقال: «أريد أن اؤكد إلى أي حد تدعم فرنسا المبادرة المغربية لتسوية قضية الصحراء المؤلمة وإلى أي حد تشكل فرنسا صوتاً داعماً للمبادرة المغربية لدى الأممالمتحدة». ونقل عن المسؤول الفرنسي القول إن خطة الحكم الذاتي تشكل قاعدة حقيقية للتفاوض بين أطراف النزاع من أجل تحقيق تقدم للوصول إلى «حل معقول». وتكمن أهمية التصريح الفرنسي في كونه يتزامن وتقديم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريراً عن تطورات الوضع وآفاق المفاوضات إلى مجلس الأمن المقرر أن يصدر قراراً جديداً حول النزاع قبل نهاية الشهر الجاري. يرجح ألا يخرج عن إطار تمديد ولاية المينورسو وحض الأطراف المعنية على ابداء المزيد من المرونة في الجولات المقبلة من مفاوضات مانهاست. وشكل الموقف من هذه التطورات محور محادثات أجراها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري أمس عرضت الى الوفاق الفرنسي - الأميركي حيال هذه القضية. إلى ذلك، تمنت الرباط على باريس دعم موقفها ضمن سياسة الجوار الأوروبي المنبثقة من خطة توسيع الاتحاد الأوروبي. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي، بهذا الصدد، أن بلاده تساند المغرب في خياراته السياسية الاستراتيجية كافة، موضحاً أن «العلاقات الأكثر عمقاً هي التي تتجدد باستمرار». كما شكل الموقف من المبادرة الفرنسية حول الاتحاد من أجل المتوسط محوراً بارزاً في المحادثات المتعددة الأطراف التي التأمت في الرباط في مناسبة الدورة التاسعة لأعمال اللجنة العليا المشتركة، وهيمن عليها الجانب الاقتصادي الذي توج بإبرام اتفاقات عدة للتعاون. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن فيون الذي يرافقه وزير الخارجية كوشنير ووزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد، قوله لمحدثيه المغاربة: «أتيت لاعطاء اشارة الانطلاق» لمشاريع ثنائية. وكانت زيارة الرئيس الفرنسي الى المغرب في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي اتسمت باعلان عقود تجارية بنحو ثلاثة بلايين يورو وابرزها خط السكة الحديد للقطار الفائق السرعة من طراز تي. جي. في بين الدارالبيضاء وطنجة والذي تقدر كلفته بنحو بليوني يورو. ويتوقع ان يتم الاعلان عن مساعدة بنحو 75 مليون يورو لاجراء دراسات جدوى لهذا المشروع. كما سيضع البلدان اللمسات الأخيرة على بروتوكول قرض بقيمة 150 مليون يورو لتمويل «ترام الرباط» الذي ستنجزه شركة ألستوم الفرنسية بالتكاليف نفسها. ويفترض أن توقع فرنسا أيضاً عقداً لبيع فرقاطة. وترى فرنسا التي تتطلع الى البقاء أول شريك تجاري وأول مستثمر في المغرب، في زيارة فرنسوا فيون فرصة للمساهمة مالياً في التنمية الاقتصادية للمملكة وتمكين شركاتها من الاستفادة من السوق المغربية في المستقبل. إلا أن رئيس مجلس المراقبة في مجموعة فيفندي يونيفرسال جان رينيه فورتو الذي يرافق رئيس الوزراء تحدث عن ثلاث صعوبات وهي التدريب المهني ونظام الضرائب والقضاء التجاري. وقال في كلمة القاها خلال اعمال مجموعة الدفع الاقتصادي الفرنسية - المغربية التي يرأسها، انه «لا بد من تسوية المشكلة المركزية لموارد المغرب الانسانية عبر تطوير التدريب المهني». وفي هذا المجال، أعرب فيون عن «استعداد فرنسا لمساعدة المغرب على التدريب المهني» الذي قال انه «مفتاح النمو». من جانب آخر، وكما وعد ساركوزي، يُتوقع ابرام اتفاق اطار تدفع بمقتضاه فرنسا ثمانية ملايين يورو خلال 2008 «للمبادرة الوطنية للتنمية الانسانية» التي تهدف الى مكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي. ويفترض ان تطرح هذه القضية مع مشروع الاتحاد المتوسطي، الذي اقترحه ساركوزي ويحظى بتأييد المغرب، وقضية الصحراء الغربية الدقيقة خلال اللقاء الذي يُفترض أن يكون جمع أمس فيون بالملك محمد السادس. وتعتبر زيارة فرانسوا فيون للمغرب الأولى إلى بلد في شمال افريقيا، وجاءت بعد ستة أشهر على زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى المغرب بعد زيارة مماثلة لكل من تونسوالجزائر. الرباط - محمد الأشهب الحياة