أعلنت وزارة الاتصال المغربية قرار منع قناة ''الجزيرة'' من مواصلة نشاطها وسحب رخص العمل لصحفييها لعدم مراعاة قواعد ''الإعلام الجاد والمسؤول''. لكن مسؤول مكتب ''الجزيرة'' بالرباط صرح أن القناة احترمت دوما ''القواعد المهنية والحياد، خصوصا بالمغرب''. طبعا لا يمكن لوزير مهما كان وزنه أو مساحة تحرره من قبضة الأنظمة التحدث عن الحرية والمهنية في الإعلام، لأن ذلك ليس من اهتماماته ولا من شيمه. لكن باستطاعته البحث والاجتهاد في المنابع التي يأتي منها البلاء وكيفية التصدي لها قبل وقوع الواقعة. ذلك ما حدث مع الأشقاء المغاربة لما اشتد عليهم الخناق جراء مقتل الصبي الصحراوي الناجم الكارحي. فأصبح للقضية الصحراوية أيضا ''درة''. وباتت القضية الصحراوية تستنطق الرأي العام الدولي. وقد أثبت المغرب أنه لا يختلف في الأسلوب عن المستعمرات التقليدية. وكانت قناة ''الجزيرة''، التي سايرت المغرب إلى حد بعيد، تعاملت مع الخبر وفقا للعمل الصحفي في نقل المعلومة وبث صورة الضحية. فثارت الثائرة. وجاء قرار السلطات المغربية مدويا كالصاعقة، فأغلقوها. وكانت ''الجزيرة'' راهنت على الرباط، في وقت كانت الجزائر في كابوسها مع الإرهاب وكانت حساسيتها من الخبر تتجاوز أمراض الملوك والقياصرة، ففتحت مكتبا وأعدت العدة. وكانت تبث من الرباط الأخبار عن المغرب العربي في حصة ''حصاد المغرب العربي''. وكان للمغرب حصة الأسد في الحصة... وتوقفت الحصة.. توقفت عندما خرقت ''الجزيرة'' موثق العهد. ففي غياب تونس التي لا يمكن وصفها بالمثل الديمقراطي في المنطقة، ولا الجزائر التي تتخبط في ثيابها، ولا ليبيا العظمى بهوسها، ولا موريتانيا بانقلاباتها، لم يبق أمام ''الجزيرة'' غير المغرب. فهنا يلتقي الغرب والشرق، هناك انتهى مد الفتوحات الإسلامية بعدما ضيّعوا الأندلس، وهناك ينتهي المد العربي، وهناك أثبتت ''الجزيرة'' لنفسها أنها تقوم بنقل الخبر أينما تعثرت الناقة على الأرض العربية. لكنها تسببت للمغرب في مشاكل جمة، لأن المغرب كان يريدها أن تكون حاملة تلك الرسالة عن البلد المتفتح على العالم بالسياحة الجنسية والامتداد الطبيعي للغرب عبر جبل طارق نحو الشمال. فجنى أصحاب ''الجزيرة'' شوك المغامرة. ولم يعد أمامهم غير طرق أبواب الجزائر، لعل الساهرين على سعادتنا يفهمون أن الفرصة سانحة لجلب ود ''الجزيرة''. ومن ترضى عنه ''الجزيرة'' لن يصيبه أي مكروه. الخبر 30-10-2010