الفيوم (مصر)واجه أعضاء بجماعة الاخوان المسلمين المعارضة طوقا أمنيا عندما حاولوا تسجيل اسمائهم في مدينة الفيوم جنوبي القاهرة لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني الجاري.مضت ساعات حتى تمكن الطامحون لخوض الانتخابات الذين يسجلون انفسهم باعتبارهم مستقلين تحايلا على حظر مفروض على الجماعة من دخول مكاتب التسجيل. لكن مرشحي الحزب الوطني الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك لم يواجهوا أيا من هذه المتاعب لدى تسجيل أسمائهم. وقال أحمدي قاسم أحد مرشحي الاخوان "المعارض لابد أن يتحلى بصفات المقاتل حتى يستطيع فضح النظام... لن نيأس أبدا بالرغم من هذا الفساد." وتعزز مثل هذه المشاهد بين الشرطة ومرشحي الاخوان هنا وفي مناطق أخرى توقعات تراود حتى زعماء الاخوان أنفسهم بأن الجماعة لن تتمكن من تكرار النجاح الذي حققته في عام 2005 عندما فازت بخمس مقاعد مجلس الشعب لتصبح أكبر كتلة معارضة فيه. ويتوقع محللون أن تفقد جماعة الاخوان المسلمين أكثر من ثلاثة أرباع مقاعدها البالغ عددها 88 مقعدا من بين 454 مقعدا مشيرين الى أن السلطات تريد تخليص المجلس من أكبر المعارضين قبيل انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل. وقالت دينا شحاتة من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام "الدولة هي التي تقرر متى تدخل الاخوان البرلمان ومتى تخرج منه." لكن دفع الاخوان خارج مجلس الشعب لن يضعف شبكتها المتوغلة في المجتمع. وقالت دينا شحاتة "أهداف الاخوان للتغيير طويلة الامد. أعضاؤها تغلغلوا في النقابات والمجتمع المدني وسيواصلون العمل حتى تأتي اللحظة المناسبة للتغيير." وحشدت الجماعة التأييد من خلال العمل الديني والخيري اذ تقدم خدمات طبية واجتماعية للفقراء. وتقول الاممالمتحدة ان نحو خمس سكان مصر البالغ عددهم 79 مليون نسمة يعيشون بأقل من دولار في اليوم. وتشعر الحكومة التي نجحت في التصدي لحملة شنها متشددون في تسعينات القرن الماضي بالقلق منذ فترة طويلة من الجماعات ذات الاتجاهات الاسلامية. وفي قرية قرب الفيوم وهي منطقة نشط فيها المتشددون اثناء حملتهم في التسعينات تتردد الشكاوى من الامن. وفي منتصف نوفمبر قال سكان ان 20 شخصا احتجزوا لمدة أسبوع للاشتباه في انهم من المتشددين رغم أنهم كانوا من الملتزمين دينيا وحسب. وقال أحد سكان القرية وهو في منتصف الاربعينات من عمره "أمن الدولة يفعل ذلك كل فترة. يحتجزونهم لبضعة أيام ليروا ما اذا كانوا يقومون بأي شيء ضد القانون." وقبل عقود نبذ الاخوان العنف كسبيل لتحقيق تغيير سياسي في مصر لكن كثيرا ما تحتجز السلطات أعضاء بالجماعة. وتقول الجماعة ومنظمات مدافعة عن حقوق الانسان ان أنصار الاخوان عادة ما يمنعون من دخول لجان الاقتراع للادلاء باصواتهم في الانتخابات رغم تأكيد الحكومة على نزاهة عملية التصويت. وقال محمد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة "نحن نعلم أن الطريق الى السلطة مسدود." وأضاف "ومن المواءمة السياسة عدم استفزاز النظام. في الوقت الحالي نأخذ خطوات محسوبة وفي كل الاتجاهات نواصل جهودنا في المساعدات الاجتماعية والمشاركة السياسية والدعوة." وجماعة الاخوان المسلمين هي الجماعة المعارضة الوحيدة التي أمكنها تنظيم مظاهرات بالالوف لكنها تتجنب الدخول في مواجهات مباشرة قد تثير حملة ضدها. وقال شادي حامد مدير مركز بروكنجز الدوحة "انها المنظمة السياسية الوحيدة ذات العضوية الكبيرة في مصر لكنها نادرا ما تشارك في أعمال سلمية مباشرة مثل المظاهرات الحاشدة أو العصيان المدني أو المقاطعة." وأثار هذا الاسلوب غضب معارضين اخرين لحكومة الرئيس مبارك (82 عاما) الذي تولى السلطة منذ عام 1981 بعدما اغتال متشددون اسلاميون الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وعندما حث محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أحزاب المعارضة على مقاطعة الانتخابات البرلمانية أيدت جماعة الاخوان المسلمين دعوته من أجل التغيير لكنها رفضت مقاطعة الانتخابات. ونزلت الجماعة الساحة بأكثر من 130 مرشحا وهو عدد قد تخفضه لجنة انتخابية يمكنها استبعاد مرشحين لعدم استكمال أوراقهم أو عدم تأدية الخدمة العسكرية. وفي عام 2005 كان للجماعة 165 مرشحا بعد تدقيق اللجنة. وأحبط موقف الجماعة الحذر العديد من أعضائها الشبان الاصغر سنا ممن نفد صبرهم انتظارا للتغيير والمتحمسين لتوجيه تحد أكثر مباشرة للدولة وأجهزتها الامنية الضخمة. وقال الباحث ابراهيم الهضيبي وهو عضو سابق في الجماعة في أواخر العشرينات من عمره "الاخوان يخسرون جزءا من تأييدهم بين الشبان وبين الذين يدركون مدى جهلهم بشأن الطريق الذي يتعين المضي فيه قدما." وأضاف "الكثيرون يشعرون بالاحباط لان الاخوان يفتقرون لرؤية واضحة ويخوضون انتخابات لا تقود الى شيء. وهذا ما يبعد الكثيرين." وقال حامد ان اساليب الجماعة ابطأت أي دفعة أوسع نطاقا للاصلاح. وتابع "بشكل ما خذلت الاخوان بقية أطراف المعارضة عندما اختارت عدم مقاطعة الانتخابات." وأثارت مسألة المقاطعة نقاشا داخليا ساخنا في الجماعة لكن فرص تغيير الاسلوب تضاءلت بعد اختيار الجماعة لمرشد محافظ هو محمد بديع (66 عاما) في وقت سابق هذا العام. ورغم سلوك الاخوان الحذر يقول أعضاء ان الحكومة تستغل الجماعة في مواجهة ضغوط دول غربية تدعو لمزيد من الديمقراطية في مصر لكنها تشعر بالقلق عندما يفوز الاسلاميون في الانتخابات على نطاق واسع. وقال الكتاتني "النظام كثيرا ما استخدم الجماعة كفزاعة لاقناع الغرب أن .. جماعة الاخوان تشكل خطرا للديمقراطية." من مروة عوض