مراد المالكي: اللاعبون كانوا خائفين أكثر من اللازم.. وترشح المنتخب ب"أيدينا"    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    منخفض جوي قوي يضرب غزة.. خيام النازحين تتطاير أمام هبوب الرياح العاتية    عبد الحق العلايمي: مباراة للنسيان.. وسامي الطرابلسي مطالب بمراجعة هذه النقاط    تنظيم سلسلة من المعارض الثقافية ضمن فعاليات المهرجان الدولي للصحراء بدوز    خسارة تونس أمام نيجيريا    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سيدي حسين: المنحرف الخطير المكنّى ب«ب بألو» في قبضة الأمن    لجنة مشتركة تونسية سعودية    انقطاع جزئي للكهرباء بالمنستير    مع الشروق : «الإبراهيمية» تغزو الشرق الإفريقي    قرقنة تكشف مخزونها التراثي .. الحرف الأصيلة تتحوّل إلى مشاريع تنموية    جهاز استشعار للكشف عن السرطان    عاجل/ كأس أمم افريقيا: التشكيلة الأساسية للمنتخب التونسي ضد نيجيريا..    تراجع خدمات الدين الخارجي المتراكمة ب 13،8 بالمائة    الرصد الجوي: درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية متوقعة خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2026..    مسرحية "كحلة الأهذاب"... إنتاج جديد لفرقة مدينة تونس للمسرح احتفالا بذكراها السبعين    الدورة الثانية للمؤتمر الدولي حول التقنيات المبتكرة والذكية للمعلومات (IC3IT'26) في الفترة من 26 إلى 28 مارس 2026 بالحمامات    كاس امم افريقيا 2025: السنيغال يتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1-1    الليلة: الحرارة في انخفاض مع أمطار غزيرة بهذه الجهات    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز خلال سنة 2022    المستشفى الجامعي شارل نيكول يحقق أول عمليات ناجحة بالفيمتو ليزك بتونس!    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    خبايا الخطة..ماذا وراء اعتراف اسرائيل بأرض الصومال..؟!    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    هام/ بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    تقدم أشغال بناء المستشفى الجهوي بالقصرين مع توقع انطلاق استغلاله بداية السنة    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    اخلاء هذا القصر بقرار قضائي..وهذا هو السبب..#خبر_عاجل    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    إعادة انتخاب محرز بوصيان رئيسًا للجنة الوطنية الأولمبية التونسية    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارمع: الدكتور مصطفى بن جعفر الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي التونسي
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 04 - 2008

الدكتور مصطفى بن جعفر الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي التونسي : مشروع تعديل الدستور سيفضي إلى انتخابات رئاسية شكلية
حاوره:تونس - صالح عطية
الحكومة تخاف من التغيير وممن يدعو إليه
قاعدة المشاركة في الانتخابات تعجيزية
نراهن على إصلاح المنظومة برمتها وإخراج الانتخابات من بوتقة وزارة الداخلية
التونسيون في حاجة ماسة لمحكمة دستورية تنظر في قضايا الانتخابات بانصاف وحياد
انتقد الدكتور مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ما وصفه ب "خوف الحكومة التونسية من التغيير وممن يدعو إليه".. ملاحظا أن السيناريو الذي اختارته للانتخابات الرئاسية المقررة في تونس خلال خريف عام 2009، "يستحق كل النعوت إلا الديمقراطية"، على حدّ تعبيره.
وأوضح بن جعفر الذي يصنف حزبه في خانة "الأحزاب الراديكالية" في تونس، أن الحكم في بلاده، اختار تعديل الدستور على نحو يفضي إلى انتخابات رئاسية شكلية، يعيّن فيها مرشح الحزب الحاكم المنافسين الذين يرتاح لهم، ويقصي المغضوب عليهم، كما قال ل "الشرق" من مكتبه في قلب العاصمة التونسية.
واعتبر زعيم التكتل (غير الممثل في البرلمان)، أن تونس والتونسيين، في حاجة ماسة لمحكمة دستورية تنظر في قضايا الانتخابات بإنصاف وحياد، داعيا في هذا السياق، إلى تشكيل لجنة وطنية مستقلة، تشرف على الانتخابات المقبلة، "حتى نعيش أول الانتخابات الديمقراطية في تونس"، حسب قوله.
لكن الدكتور بن جعفر، الذي يعدّ أحد مؤسسي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (كبرى الأحزاب المعارضة القانونية في تونس)، قبل أن يغادرها نهاية التسعينيات من القرن المنقضي ليعلن تأسيس حزب التكتل، الحاصل على ترخيص قانوني من الحكومة في عام 2002، أظهر مسحة من التفاؤل فيما يتعلق بمستقبل المعارضة التونسية، عندما تحدّث عن التحالفات الجارية حاليا فيما بين مكونات "المعارضة الديمقراطية"، من أجل تغيير ظروف الانتخابات المقبلة، معلنا رهان حزبه ورهان المعارضة الديمقراطية في البلاد، على ما وصفه ب "إصلاح المنظومة القانونية والدستورية والسياسية برمتها، وإخراج الانتخابات من بوتقة وزارة الداخلية المنحازة إلى الحزب الحاكم".
وفيما يلي نص الحوار:
الاستثناء المنغلق
*كيف تقرأون الإجراءات الأخيرة بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في خريف العام القادم؟
- إن ما يثير الانتباه هو، أولا، اللجوء، وللمرة الثالثة على التوالي، إلى تحوير استثنائي للدستور، وفي ذلك مساس بحرمة الدستور وهيبته ومصداقيته، إضافة إلى ما يعنيه اللجوء المتواتر لأسلوب الاستثناء، من غياب الإرادة السياسية في وضع قاعدة معقولة ومقبولة وصلبة ومستقرة يعرفها الجميع مسبقا حتى يتهيأوا للتأقلم معها على المدى الطويل.. لقد اختارت السلطة، وعن قصد، أن تكون هذه القاعدة تعجيزية حتى يستحيل احترامها، ثم تلجأ للاستثناء، بأسلوب المنّ لكي تختار بحسب الظرف منافسين على قياسها.. إن هذا التمشّي يتنافى تماما مع أبسط قواعد الديمقراطية والمنافسة النزيهة.
المسألة الثانية المثيرة للأسف، هي أن هذا الإجراء الاستثنائي يدّعي الانفتاح في حين يكرّس الانغلاق.. حيث أنه- حتى لو أخذنا بمقاييس السلطة وبمقولة التدرج- يشكّل تراجعا بالنسبة إلى القاعدة الاستثنائية التي وقع اعتمادها في انتخابات 2004، التي فتحت الباب للأحزاب لإمكانية نسبية في اختيار مرشح عن كل حزب، ثم إن الإجراء المزمع إقراره يدّعي الانفتاح على الحزبين اللذين ليس لهما تمثيل في البرلمان، إلا أنه، عمليا، يلغي مشاركة حزبنا (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات)، فيما يمنع من اختاره الحزب الثاني، الحزب الديمقراطي التقدمي، من الترشح رغم أن ترشح الأستاذ نجيب الشابي كان سابقا للخطاب الرئاسي. بهذا الشكل يمكن أن نقول إن المصادقة على هذا المشروع ستفضي إذا حصلت إلى انتخابات رئاسية شكلية، يعين فيها مرشح الحزب الحاكم المنافسين الذين يرتاح لهم ويقصي من اللعبة المغضوب عليهم.
*تعتبرون أن الحكومة تعمدت إقصاء بعض الأسماء من إمكانية الترشح إلى الاستحقاقات القادمة، هل معنى هذا أن الحكومة متخوفة من بعض الأسماء؟
- خطورة المسألة لا تكمن فقط في إقصاء مصطفى بن جعفر أو أحمد نجيب الشابي، الخطورة تكمن في إقصاء كل من يرى نفسه أهلا للتنافس على منصب رئيس الدولة، من قيادات حزبية ونقابية وجمعياتية وشخصيات وطنية مستقلة، حسب شروط معقولة قابلة للإنجاز، وتونس التي راهنت منذ الاستقلال على رصيدها البشري، لها من الكفاءات والرموز ما يترك للمواطنين مجالا واسعا للاختيار.. الخطورة تكمن في أننا، وبعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال، لم نضع بعد أسسا صلبة وقواعد قارة لنظام ديمقراطي حقيقي. حافظنا على الشكليات فأصبحت طقوسا لا يهتم بها إلا من يدفعون دفعا إلى مكاتب الاقتراع، الخطورة تكمن في هذا العزوف الذي نراه يتفاقم يوما بعد يوم لدى المواطنين تجاه الشأن العام، نتيجة ما تمارسه السلطة من استخفاف بذكائهم ونضجهم. أما عن مسألة الخوف فلا أظن الحكومة خائفة من بعض الأسماء، فهي في الحقيقة خائفة من التغيير ومن كل من يدعو إليه والخوف من الأشخاص لا معنى له لأن الأشخاص يزولون، أما إرادة التغيير فهي باقية وهي التي تشحذ همم الشعوب الحية، التي تسعى دوما إلى الأفضل.. ولا شك أن الشعب التونسي في الكوكبة المتقدمة منها.
موازين القوى مختلة
* ألا ترون أن موازين القوى السياسية في البلاد، تميل إلى الحزب الحاكم، أكثر من مرشحي المعارضة في ضوء الضعف الذي تعاني منه الأحزاب السياسية منذ نحو خمسة عشر عاما على الأقل؟
- كثيرا ما يتحدث الصحفيون والملاحظون عن موازين القوى، وكأننا نعيش تنافسا نزيها تتساوى فيه الحظوظ وتتقارب فيه الإمكانيات. الوضع في تونس غير ذلك. نحن أمام حزب الدولة، وهو جهاز محتكر لكل الإمكانيات والفضاءات، يوظف القانون وجهاز الأمن لإقصاء منافسيه ومحاصرتهم، وعلى الرغم من هذه السيطرة المطلقة فهو يخشى الامتحان ويتحكم في المنظومة الانتخابية في كل مراحلها، من التسجيل على القائمات إلى الإعلان عن النتائج. لهذه الأسباب ترانا في التكتل نركّز، ودون إهمال مسألة حرية الترشح التي طغى عليها الطابع الشخصي، على أهمية إصلاح المنظومة برمتها، وإخراج الانتخابات من بوتقة وزارة الداخلية المنحازة بشكل مستمر وواضح إلى التجمع الدستوري الحاكم.
* ماذا تقترحون في هذا السياق؟
لا بدّ من إرساء لجنة وطنية مستقلة، تشرف على الانتخابات حتى نعيش أول الانتخابات الديمقراطية. فيما يخصني، لا أشكك في قوة حزب الحكم وقدرته على التعبئة، لكن في غياب سبر جدي للآراء وغياب الحريات الأساسية، ومنع الأصوات المعارضة والمستقلة من الإعلام السمعي والبصري، لا يمكن أن نتحدث عن موازين قوى بالمعنى الصحيح، والحديث عن ضعف المعارضة في ظل القمع والكبت لا يعني شيئا.. ويكفي للاستدلال، التذكير بما حدث في بلدان أوروبا الشرقية إثر سقوط حائط برلين، من كان يتحدث عن المعارضة في تلك الأصقاع؟ ثم وفي تونس، كلما أمكن تنظيم انتخابات شفافة في قطاع ما، إلا وتبين أن الموالين للحزب الحاكم قد يفوزون كما قد يخفقون مثل غيرهم... ويتبين من خلال ذلك ضرورة تنسيب مسألة موازين القوى هذه.
* بعض المراقبين اعتبروا خطاب الرئيس بن علي، إيجابيا في جوانب عديدة، لاسيما لجهة عدم استبعاده الأحزاب غير الممثلة في البرلمان، واعتماد مقاربة "المؤسسة الحزبية" بدلا من الأشخاص والزعامات.. ألا تعتقدون أن ذلك أمر إيجابي من ناحية تطوير المشهد الحزبي في تونس؟
- هذه المقاربة كانت تنال تأييدنا بدون تحفّظ- لأننا لسنا كما يقال عنا من المشاكسين والرافضين لكل ما تأتي به السلطة- لو احترمت بحق "المؤسسة الحزبية"، أي لو تركت لهذه المؤسسة حرية اختيار مرشحها عوض تعيينه، ولو لم تلجأ بأساليب ملتوية وغريبة عن الدساتير إلى إقصاء التكتل، جملة وتفصيلا من اللعبة... ثم إن المسألة لا تتعلق بتطوير المشهد الحزبي، بل بتطوير الحياة السياسية، وهو ما يستدعي وضع أسس قارة محمية من ضغوط الظرف والمزاج.
لقد كان من الممكن عندما تناول البرلمان مسألة التمويل العمومي للأحزاب، أن يرفع الحظر ضد الأحزاب التي ليس لها تمثيل داخل البرلمان، ولكن السلطة خيّرت الاستمرار في التمييز، وهي التي تعلم علم اليقين قيمة هذه الأحزاب وأهمية ما تقوم به، رغم محدودية إمكانياتها، ورغم الحصار المضروب على نشاطها، إضافة إلى أن التمييز يتناقض مع ما نص عليه الدستور، الذي يستوي أمامه من هو داخل البرلمان ومن هو خارجه.
الترشح السياسي
* على الرغم من الشروط الجديدة المعلنة من قبل الحكومة، هل ستترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن ما يعرف ب "الترشح السياسي"، مثلما فعل السيد نجيب الشابي، أم أن لديكم رؤية أخرى للموضوع؟
- لا أنكر ما "للترشح السياسي" من أهمية، لكن رمزيته الأساسية هي تكسير المحرمات المقترنة بالمرشح الأوحد، وقد وقع ذلك في عام 1994 عن طريق الأخ المناضل الدكتور منصف المرزوقي، الذي كلفه ذلك ما كلفه.. أما الآن فقد تغير الوضع، وأصبحت الأولوية في إخراج المواطنين من العزوف إلى المشاركة الميدانية، لأن التغيير الذي نسعى إليه لا يتم إلا عبر هذه المشاركة وعبر صناديق الاقتراع، و"الترشح السياسي" الذي يسحب ليلة المعركة مثلما حدث في 2004، لم يكن له من مفعول سوى الدعاية الظرفية لفائدة المرشح، دون أن تحدث النقلة النوعية المرجوة. في رأيي لم يعد الوقت مناسبا للمواقف الرمزية، وبخاصة إذا جاءت لتقطع الطريق أو تشوش على ترشيحات أخرى ممكنة وذات جدوى.
نحن في حزب التكتل الديمقراطي، لم نتخذ موقفا بعد ولكن الثابت هو أن نعطي الأولوية لجمع صف المعارضة، والسعي جماعيا من أجل تغيير ظروف الانتخابات المقبلة، حتى لا تكون نسخة لسابقاتها، ويبدو أن الآفاق واعدة في هذا الاتجاه، حسب ما لمسناه في لقاءاتنا مع أطراف المعارضة الأخرى.
* لكن ألا ترون أن السيناريو الذي أعلنته السلطة مؤخرا، يقيم فرزا جديدا للمشهد الحزبي في تونس، بشكل يجعل الحزب الحاكم في مواجهة بقية الأحزاب الأخرى، وينهي بالتالي ما يسمى ب "الاستقطاب الثنائي" بين التجمع الحاكم والحزب الديمقراطي التقدمي؟
في سؤال سابق كنت تتحدث عن اختلال الموازين لفائدة الحزب الحاكم، فكيف يصحّ الحديث عن وجود استقطاب ثنائي في ظل هيمنة التجمع واحتكاره لكل الفضاءات؟ أما السيناريو المطروح فإنه استمرار وتواصل مع السيناريوهات السابقة مع بعض التراجع، بالمقارنة مع سيناريو عام 2004.. والسلطة تؤكد من جديد، أنها ليست مستعدة لأي لعبة لا تكون متحكّمة في جزئياتها، وهو ما دفعها بالأمس، ويدفعها اليوم، إلى "فبركة" سيناريو على قياسها، تعيّن من ينافسها وتمنع من يقلق راحتها، ومثل هذا السيناريو يستحق كل النعوت إلا الديمقراطية.. ثم لا تنسى أن السيناريو المطروح، لا يمنعني من الترشح للانتخابات الرئاسية فحسب، بل يلغي مشاركة حزبنا، وهو مؤسسة قانونية لها مهام حددها الدستور، وهي نفس المهام التي حددها لكل الأحزاب، فلماذا هذا التمييز حينئذ؟
الحقيقة التي تفرض نفسها في مثل هذه الظروف، هي أن تونس والتونسيين، في حاجة ماسة وأكيدة لمحكمة دستورية تبت بإنصاف وحياد في مثل هذه القضايا، وتعطي لكل ذي حق حقه.. فأين نحن من ذلك، والحكم في نظامنا هو الخصم !؟ وهنا أودّ أن أضيف في هذا الصدد، بأن الحديث عن "الاستقطاب الثنائي" يحيل، في التجارب التي مرت بها بلادنا، على التصادم أكثر مما يحيل على التغيير السياسي في موازين القوى.. وهو ما نرجو أن تبقى تونس بمنأى عنه.
مستقبل 18 أكتوبر
* هناك من اعتبر أن تحالف 18 أكتوبر الذي أقيم قبل بضع سنوات، الذي يمثل حزبكم أحد مكوناته، قد تلاشى خصوصا بعد التصريحات الأخيرة للسيد نجيب الشابي، التي طالب فيها "حركة النهضة" (أحد أبرز مكونات التحالف)، بالخروج من ترددها وإعلان موقفها من الشروط التي طرحتها الحكومة للرئاسيات.. أليس ذلك مؤشرا على نجاح الحكومة في تكريس التناقضات والصراعات صلب التحالف؟
- السلطة تحاول باستمرار التشويش على كل مبادرة تأتي من جانب المعارضة، ولها من وسائل الترغيب والترهيب، ما يسمح لها بتحقيق ما ترغب فيه، ولا أسمي ذلك "نجاحات"، حيث ان الحصيلة تبعدنا أكثر مما تقربنا من "الحياة السياسية المتطورة" التي وعدت السلطة بها..
ولا شك أن ترشح الأستاذ نجيب الشابي، أحدث ارتباكا داخل هيئة 18 أكتوبر، إلا أن من يضع هذه الهيئة في إطارها الصحيح، ولا يحمّلها أكثر مما اختارته لنفسها من أهداف، يدرك أن المعركة الانتخابية تعني كل مكونات 18 أكتوبر فيما تطرحه من مسائل تنظيمية أساسية، تتعلق بحق الانتخاب وحق الترشح وشفافية الحملة الانتخابية ونزاهة النتائج إلى غير ذلك..
ويخطئ من يراهن على اصطفاف مكونات 18 أكتوبر وراء برنامج حزبي أو شخصي، كما يخطئ من يراهن على اندثارها بمجرد مرورها بتقلبات مناخية عرضية وظرفية.
تغيير ظروف الانتخابات
* كيف ترون المشهد السياسي التونسي خلال المدة القادمة، وبخاصة في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقررة في عام 2009؟
- نحن نأمل، رغم غياب عناصر التفاؤل، أن تقع مراجعة جدية لشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، حتى نخرج من الاستثناء ونضع قواعد واضحة وقارة، تضمن تعددية حقيقية وتقطع نهائيا مع الإقصاء والتعيين.. وهذا ممكن لو توافرت الإرادة السياسية.. إلاّ أن الأهم، يبقى العمل من أجل تغيير ظروف الانتخابات المقبلة، عبر تنقية المناخ السياسي من جهة، وتغيير قانون اللعبة في اتجاه رفع وصاية وزارة الداخلية المنحازة على المنظومة الانتخابية، من جهة ثانية.. ونحن نسعى مع كل الأطراف المعنية، أحزابا وشخصيات مستقلة، إلى جمع الكلمة في هذا الاتجاه، وقد دعمنا المبادرتين اللتين انطلقتا منذ أيام، سواء تلك التي أطلقتها بعض المناضلات الديمقراطيات، أو تلك التي حملت شعار "السيادة للشعب".. ومن جهة أخرى كثفنا الاتصال بقيادتي الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة التجديد من أجل تقريب وجهات النظر، ومزيد من التشاور والتنسيق، والهدف من كل ذلك، توجيه رسالة موحدة للمواطنين، بخصوص ما يتطلبه التغيير من إصلاحات، و- إن أمكن - توحيد المواقف الميدانية بالنسبة إلى الانتخابات المقبلة، التي من المأمول والممكن أن تخوضها المعارضة الجدية في إطار التنسيق والتناغم الكاملين.. فالأولوية بالنسبة إلى التكتل، رغم العراقيل القائمة وتلك التي ستنشأ هي جمع صف قوى التغيير، وإخراج المواطن من حالة التفرج إلى وضعية المشاركة.. هذا ما من شأنه أن يبني للمستقبل مهما كانت النتائج الرسمية التي ستفضي إليها انتخابات 2009.
الشرق
| تاريخ النشر:يوم الخميس ,24 إبريل 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.