عاجل/ برمجة 1770 انتداب بهذه الوزارة سنة 2026..    استعمال'' الدرون'' في تونس : وزارة الدفاع تكشف مستجدات المشروع الجديد    محاولة سطو ثانية على لاعب تشلسي... واللاعب وأطفاله ينجون بأعجوبة    عاجل : مداخيل'' البروموسبور'' تحقق قفزة وقانون جديد على قريب    فحوصات مجانية للعموم: معهد باستور يوضح كل شيء عن السكري    تطاوين : السفير البريطاني بتونس يزور قصر "زناتة" ويتعرف على أعمال ترميمه باشراف باحثين تونسيين بالشراكة مع خبراء بريطانيين    انطلاق معرض الموبيليا بمركز المعارض بالشرقية الجمعة 14 نوفمبر 2025    يوم مفتوح لتقصي مرض الانسداد الرئوي المزمن يوم الجمعة 14 نوفمبر بمركز الوسيط المطار بصفاقس    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    قفصة: وفاة مساعد سائق في حادث جنوح قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    النجم الساحلي: زبير بية يكشف عن أسباب الإستقالة.. ويتوجه برسالة إلى الأحباء    عاجل/ هذه حقيقة الأرقام المتداولة حول نسبة الزيادة في الأجور…    سباق التسّلح يعود مجددًا: العالم على أعتاب حرب عالمية اقتصادية نووية..    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    المنتخب الجزائري: لاعب الترجي الرياضي لن يشارك في وديتي الزيمباوبوي والسعودية    مباراة ودية: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الموريتاني    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    قطاع القهوة في تونس في خطر: احتكار، نقص، شنوا الحكاية ؟!    عاجل/ بعد وفاة مساعد السائق: فتح تحقيق في حادث انقلاب قطار تابع لفسفاط قفصة..    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    أحكام بالسجن والإعدام في قضية الهجوم الإرهابي بأكودة استشهد خلالها عون حرس    الأداء على الثروة ومنظومة "ليكوبا" لمتابعة الحسابات البنكية: قراءة نقدية لأستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي    الجبل الأحمر: 8 سنوات سجن وغرامة ب10 آلاف دينار لفتاة روّجت المخدرات بالوسط المدرسي    حادث مؤلم أمام مدرسة.. تلميذ يفارق الحياة في لحظة    سلوفاكيا.. سخرية من قانون يحدد سرعة المشاة على الأرصفة    تصرف صادم لفتاة في المتحف المصري الكبير... ووزارة الآثار تتحرك!    عاجل: امكانية وقوع أزمة في القهوة في تونس..هذه الأسباب    فريق تونسي آخر يحتج رسميًا على التحكيم ويطالب بفتح تحقيق عاجل    بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة "ملكة الكريبتو"    مجموعة السبع تبحث في كندا ملفات عدة أبرزها "اتفاق غزة"    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    3 آلاف قضية    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    وزارة الثقافة تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    بعد انقطاع دام أكثر من 5 سنوات.. عودة تقنية العلاج بالليزر إلى معهد صالح عزيز    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: عندما تكذب صحيفة "الشعب" على الشعب
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 04 - 2008

img height="75" alt="تونس: عندما تكذب صحيفة "الشعب" على الشعب" src="/images/iupload/itihadchogl_1.jpg" width="75" align="right" style="WIDTH: 75px; HEIGHT: 75px" /تضمّنت جريدة الاتحاد العام التونسي للشغل الصادرة يوم 19 أفريل 2008 مقالا تحت عنوان "ماذا فعل وفد الاتحاد في مهمّته النقابيّة بقفصة؟" احتوى الكثير من المغالطات الصارخة هدفت أوّلا وقبل كلّ شيء إلى تحميل السلوك المخزي لقيادة هذه المنظّمة وطنيّا وجهويّا.
وحتّى نسهم في إزالة مكامن التشويه بل التزييف المقصود لهذه الصحيفة، نتطرّق إلى:
1) موقع البيروقراطية النقابية من انتفاضة الحوض المنجمي.
2) صحيفة "الشعب" بين الصمت والكذب.
3) في مهمّة الوفد النقابي.
1) في موقع البيروقراطية:
كشفت انتفاضة الحوض المنجمي الهوّة السحيقة التّي تفصل التيار البيروقراطي المتنفذ بالاتحاد العام التونسي للشغل عن منخرطي المنظّمة وعموم الفئات الشعبية المتضرّرة حتّى النخاع من حكم النظام النوفمبري.
وأخطر من ذلك فإنّ ذاك التيار في جميع مستوياته العليا والمتوسّطة والسفلى تجاوز حدود التواطؤ والصمت إلى مجال العداء السافر للحركة الاحتجاجية منذ اليوم الأول لاندلاعها بالرديف ومرّ لاحقا وخصوصا عند اتساع دوائر الغضب والحراك الاجتماعي بالمظيلة وأم العرائس والمتلوي، إلى مركز متقدّم فاق السلطة أحيانا في التخطيط التآمري بهدف فرقعة هذه الحركة وإخماد لهيبها المتزايد.
ومن الطبيعي أنّ مثل هذا الموقع والسلوك يرتبط بمصالح ماديّة ورهانات مالية وامتيازات معنويّة خاصّة بهذه الفئة وبعض زعاماتها الفاسدة جهويا ووطنيا.
وفي قضّية الحال، يعرف الجميع أنّ السبب المباشر لاندلاع الاحتجاج بالحوض المنجمي يتّصل بنتائج مناظرة شركة فسفاط قفصة، هذه النتائج التي تحكّمت فيها عقليّة المحاصصة القبلية والسياسية والنقابية زيادة على الرشوة و"الأكتاف"... ومنذ البداية اتّجه غضب المحتجّين نحو كلّ الجهات المسؤولة عن هذا التلاعب، فنالت السلطة نصيبها من نقمة الأهالي ونالت رموز الفساد النقابي بالجهة ما يليق بغدرها وخياناتها في بعض الأوساط النقابية (الرديف مثلا) والشعبية في كلّ مناطق الاحتجاج كما لم يحدث من قبل.
والحقيقة أنّ استهداف تلك الرموز لم يكن أمرا اعتباطيّا من هذا الشخص أو من فئة سياسية معيّنة مثلما يسوّقون، وإنّما هو متّصل بوقائع ملموسة أهمّها:
تلاعب الكاتب العام للاتحاد الجهوي بقفصة عمارة العبّاسي ونقابات المناجم في المناب الاجتماعي المخصّص في هذه المناظرة حتّى أنّ ال20% المحدّدة ووفق الأسماء المصرّح بها جاءت في مجملها محكومة بعقلية الزبونية النقابية والعلاقات الدمويّة الأسرية، وحتّى بما هو أكثر خطورة مثل الارتشاء والتزوير، حتّى أنّ عمارة العبّاسي نفسه وبعض خدمه لا ينكرون تفشّي مثل هذه المظاهر بل إنّهم في أوساط ضيّقة يبدون تذمّرهم من مبالغة الكتّاب العامين لنقابات المناجم في مثل هذه الأفعال (عبد الجواد هنشيري بالمظيلة، إبراهيم الطبابي بالرديف...). وقوف الاتحاد الجهوي وبعض النقابات المنجمية بشكل سافر في وجه الاحتجاجات في طورها الأول وعبر كل المراحل، الأمر الذي أذكى مشاعر النقمة والغضب في أوساط واسعة من المحتجّين ممّا جعل الحركة الاجتماعية تدخل بالضرورة في معركة ضدّ خصمين: السلطة ورموز الفساد النقابي ورأسه الأكثر بشاعة بالجهة: عمارة العبّاسي الذي حشد كلّ الإمكانيات المادية والمعنوية والبشرية للإجهاز مبكّرا على الحركة الاحتجاجية، ومع تعدّد خيباته في الوصول لهدفه ذلك من خلال ممارسة الضغط والشراء لبعض الفعاليات النقابية المتخلّفة، سارعت البيروقراطية النقابية بتنسيق تام مع الدوائر الأمنية والسياسية التجمّعية إلى توفير الشروط المادّية الضرورية للحلّ الأمني القمعي تجاه نشطاء النقابيين والمعطّلين والشباب وكلّ الأهالي. وضمن هذا السياق تناقل الرأي العام الوطني والمحلّي أخبارا كثيرة حول الضغوطات المختلفة التي مارسها الكاتب العام للاتحاد الجهوي وزمرته على السلطة الجهوية من أجل تسريع التدخّل الإجرامي ضدّ أهالي الرديف وكلّ النشطاء بالحوض المنجمي، فالزاوية الوحيدة التي نظرت منها جماعة الفساد النقابي كانت الإسراع بتشغيل الناجحين في المناظرة المشؤومة ووأد الاحتجاجات المشروعة، والتي لم يخجل عمارة العباسي في نعتها علانية وأكثر من مرّة ب"الفتنة التي تقف وراءها فئة ضالة"؟؟؟ بعد تعدّد خيباته، وفي وقت اتجهت الأمور إلى نوع من التهدئة، سارع الاتحاد الجهوي بصفة مستعجلة وغير قانونية إلى اتخاذ قرار خطير أسهم في تدهور الأوضاع في الرديف، فكان قرار التجميد الوقتي للمناضل عدنان حاجّي مبرّرا لعودة الاحتجاجات وتوسّعها في اتجاهين: القرار النقابي الجائر والسلطة المستهترة.
ومرّة أخرى توفر للقاصي والداني سقوط القرار النقابي في أدقّ جزئياته وتفاصيله تحت سيطرة الحزب الحاكم والسلطة عموما، ولا نظنّ نزيها واحدا بإمكانه نفي حقيقة أنّ قرار التجميد النقابي ضدّ السيد عدنان الحاجي قد طُبخ في اجتماع رسمي بمقرّ ولاية قفصة حضره عمارة العباسي وبعض الإطارات التجمعية والأمنية تحت إشراف الأمين العام للتجمّع الدستوري الديمقراطي، كما أننا لا نعتقد أنّ أبسط متتبّع لما يدور، بإمكانه نفي تورّط البيروقراطية النقابية بالجهة في نسج خيوط العمل الاستفزازي الشنيع الذي حدث ليلة الأحد 6 أفريل الجاري بالرديف لتمهيد الهجوم على البلدة والتنكيل بمتساكنيها و نشطائها.
2) صحيفة "الشعب" بين الصمت والكذب:
لازمت "الشعب" الصمت المريب إزاء احتجاجات الأهالي بالحوض المنجمي، وتصرّفت مثل غيرها من صحافة التعليمات بل إننا لا نبالغ في شيء إذا اعتبرنا أدائها أكثر سوءا من جرائد مثل "الشروق" و"الصباح" وحتّى "صباح الخير" الذين أجبرتهم سعة الحركة الاحتجاجية واستمرارها على الخروج من الصمت قبل جريدة منظمة الشغيلة؟؟؟
وبصفة إجمالية فإنّ لسان الاتحاد الصادرة أسبوعيا لم تكلّف نفسها التعاطي مع هذه الاحتجاجات التي تقارب طيّ شهرها الرابع إلا ثلاث مرّات كان الجامع المشترك بين جميعها العداء السافر لتطلّعات المحتجّين وترويج الأكاذيب والتشويهات وحتّى التحريض المبطّن لاستعمال القوّة الغاشمة ضدّ الأهالي.
وبصفة ملموسة فإنّ جريدة "الشعب" خرجت لأوّل مرّة عن صمتها بعد شهر من الانتفاضة واكتفت بإصدار بيان مشترك لجامعة المناجم والنقابات الأساسية لهذا القطاع مع المكتب الجهوي للإتحاد، تضمّن "قلقا وانزعاجا من تعطيل العمل بالشركة" حتى أنّ أوساطا نقابية واسعة فهمته إدانة مقنعة للاحتجاجات، ولعلّ ما دعّم هذه القناعة هو اكتفاء البيان المذكور بتقديم وابل من المقترحات المغشوشة لحلّ معضلة البطالة، والحقيقة أنّ كلّ تلك المقترحات بل الدافع الرئيسي لذاك البيان يتمثل في تمسّك الممضين بنتائج المناظرة المهزلة التي أشعلت الاحتجاجات. ومرّة أخرى فإن مثل هذه القراءة ليست اعتباطية ولا ذاتية فأوّل نقطة في مطالب الممضين كانت "الإسراع الفوري بتشغيل الناجحين في المناظرة".
بعد هذه الإطلالة عادت "الشعب" إلى صمتها المخزي وأطلّت يوم 5 أفريل بمقال كتبه محمد العليمي أحد الموظفين المتقاعدين من العمل الإداري بالاتحاد الجهوي بقفصة... والبقيّة عن صاحب المقال بالإمكان تصوّرها...
ومن جديد كان هذا الظهور مرتبطا بمصالح وحسابات تخصّ رموز الفساد النقابي بالجهة، وأكثر من ذلك فالتجمّع الذي تمّ تغطيته لا يندرج بالمرّة ضمن استحقاقات العمل النقابي والدفاع عن المنظّمة مثلما أوحى به صاحبه، فهو في صلة وثيقة بالدفاع عن شخص الكاتب العام للاتحاد الجهوي ومملكة المال التي يديرها في السرّ والعلن من منصبه.
كذب صاحب المقال وزوّر الوقائع كما أراد ولعلّ البداية كانت من تضخيم الحاضرين في التجمّع "حشد عمالي... شبابي... نقابي... نسائي" ولم يغب عنه التغطية عن نوعية الحضور وأسبابه فذكر ذلك "... حضورهم التلقائي والتطوّعي لتجديد ولائهم التّام..."، وهي مغالطة ثانية من الحجم الثقيل فأغلب الحضور كان من عملة المناولات التي تتبع عمارة العباسي وبعض أصدقائه مثل بشير أفضال... وبعضهم الآخر من الناجحين في المناظرة المهزلة مصحوبين بأهاليهم دون أن ننسى الميليشيات الدستورية والمأجورين.
ولا ندري لماذا غاب عن صاحب المقال وصف المشادّات الكلامية والخصومات التي أعقبت التجمع المذكور من أجل وصولات مالية بقيمة 25 دينارا ثمن ذلك الحضور؟
كما لا ندري لما سكوت محمد العليمي عن نقل مقتطفات من كلمة عمارة العباسي وخصوصا تلك التي تضمّنت قذفا وتشهيرا فظا بالسيد عدنان الحاجي وصل حدّ إفشاء معطيات متّصلة بمرض زوجته؟ ولا نعلم لما صمته عن نقل التواجد للبوليس السياسي داخل ذلك التجمّع ولا انسحاب العديد من الحاضرين يومها سخطا على السقوط الأخلاقي والنقابي للكاتب العام للاتحاد الجهوي.
3) في مهمّة الوفد النقابي:
اخترنا التطرّق للإطلالة الثالثة لصحيفة "الشعب" ضمن هذا العنصر بالنظر لحجم المغالطات الأكثر ضررا على الوسطين النقابي والشعبي.
فقد تصدّر تلك الجريدة عنوان بالبنط العريض "ماذا فعل وفد الاتحاد في مهمّته النقابية بقفصة؟" وعلى الصفحة الثانية من الجريدة عمد مرّة أخرى محمد العليمي ضمن مقالات متعدّدة تزييف الوقائع بهدف تلميع صورة الاتحاد والتضخيم في أدائه في ما يتّصل بتداعيات الأوضاع بهذه الجهة ويصل الأمر حدّ السطو على انتصار أهالي الرديف ومجمل الحركة الديمقراطية في تونس وخارجها فيما يتصل بإطلاق سراح الموقوفين؟؟؟
فالوفد النقابي الذي يتحدّث عنه اندرج منذ البداية مسار عمله ضمن جدول أعمال مشبوه أثار السُخط. كيف لا؟ وهذه اللجنة اندرجت تحت تسمية "لجنة تقصّي الحقائق" وفي ذلك دلالة مؤكّدة على تواطؤ قيادة الاتحاد مع السلطة، فعن أي حقائق يبحثون؟ وماهي مكامن الغموض في الحركة الاحتجاجية وتداعياتها حتّى يعمدون إلى تقصّي الحقائق؟
وقبل ذلك عن أيّ دور لعبد السلام جراد وللاتحاد الجهوي وحتّى هذه اللجنة في الإفراج عن الموقوفين من النقابيين والشبّان المعطّلين؟
فالأوّل من السهل الترويج الكاذب عن تدخّلات قام بها مع هذا الوزير أو ذاك، أمّا بالنسبة للاتحاد الجهوي فالأمر يختلف كثيرا، وضمن هذا السياق نذكر معطى وحيدا مؤكّدا لا يقبل النقاش يتمثّل فيما صرّح به الكاتب العام للاتحاد الجهوي يوم الثلاثاء 8 أفريل وسط عدد كبير من المسؤولين النقابيين بالجهة وبعض النشطاء الذين توجّهوا إليه بغية الضغط عليه من أجل تحمّل مسؤولياته للدفاع عن المعتقلين حيث شنّ هجوما على الموقوفين وعلى الحركة الاحتجاجية وأبدع في خلق روايات خيالية عن التخريب والفوضى... وانتهى إلى التشفي من بعض المُقالين ورفض تقديم أيّ دعم وغلق الباب أمام انعقاد الهيئة الإدارية الجهوية أو سواها من مؤسسات الاتحاد ومارس سياسة الهروب من مجرّد التواجد لشخصه وأتباعه بدار الاتحاد وهو أمر مفهوم لأنّ الحلّ الأمني مطلبه وإيقاف النشطاء كذلك.
أمّا بالنسبة للوفد النقابي الذي حلّ يوم 10 أفريل وعلى عكس ما ورد، "أشرفوا على اجتماعين مهمّين الأول بالنقابات الأساسية بالرديف... والثاني بإطارات نقابية..." فهو افتراء، فعن أيّ نقابات أساسية قدمت من الرديف يتحدث صاحب المقال؟
فقط نقابتي "المنجم" هناك وهما منذ البدء ضدّ الحركة الاحتجاجية وتورّطتا حدّ العنق في المناظرة المشؤومة كما ضلعتا حتّى النخاع مع السلطة والبوليس في الهجوم الوحشي على بلدة الرديف.
أمّا عن لقاء الوفد بوالي الجهة والإفراج عن المعتقلين، فما نعلمه علم اليقين أنّ الوفد المذكور تقدّم فعلا صبيحة الخميس 10 أفريل 2008 بطلب للقاء المسؤول الأول إلا أنّه رفض متعلّلا بمشاغله وأعطاهم موعدا ليوم الجمعة وهو موعد مقابلة بقيّة المواطنين وعلى الأخصّ فلاّحي الجهة المشتكين من ندرة تواجد الأعلاف بالسوق وفي ذلك إذلال كبير للمنظّمة العتيدة التي يفاخرون بها.
والأهمّ من كلّ شيء أنّ إطلاق سراح الموقوفين تمّ ليلة الخميس وما بقي لهذا الوفد ونحن نصدّق ما كتبه العلايمي "سوى شكر السلطة والتعبير عن ارتياحهم لتفهّمها... خاصّة فيما يتعلّق بالإفراج عن كلّ الموقوفين..".
في حين أنّ المنطق حتّى في هذا الباب كان يقتضي توجيه الشكر لنضالات أهالي الرديف ولأنصار الحرّية في تونس وخارجها.
أمّا فيما يتعلّق بانعقاد الهيئة الإدارية الجهوية في ذاك التوقيت وبذاك جدول أعمال، فهو لا يتطلّب الكثير من النباهة حتّى يدرك أيّ إمرء الغايات الحقيقية لانعقاد تلك الهيئة التي جاءت أوّلا لإنقاذ ما بقي من ماء وجه البيروقراطية النقابية وخصوصا عمارة العباسي وذلك من خلال التظاهر الزائف بالاهتمام بمشاكل الجهة وثانيا تنشيط حملة الولاء للكاتب العام للاتحاد الجهوي ورصّ صفوف أتباعه الذين أربكهم تطوّر الاحتجاجات الاجتماعية وتداعياتها، وثالثا وهو الأهمّ محاولة السطو على الانتصار المدوّي للحركة الاجتماعية في إفشال الحلّ الأمني وإطلاق سراح المعتقلين من براثن الديكتاتورية، ذاك التسريح الذي اعتبر شعبيا صفعة مزدوجة للسلطة ورمز البيروقراطية بالجهة، وهو ما ترجمت عنه الآلاف من الجماهير بالرديف من خلال رفع شعارات مندّدة "بعمارة" ليلة الاحتفال التاريخي بالمناضل عدنان الحاجي ورفاقه.
ولأنّ الوقائع عنيدة كما يقال فالهيئة الإدارية المذكورة لم تنعقد إلا بعد إطلاق سراح مناضلي الرديف ولم تفعل سوى تثمين موقف السلطة وتناست موقوفي المظيلة القابعين منذ أسابيع في السجن المدني بقفصة، ولم تطالب حتّى بتسريحهم الذي تمّ يوم السبت 19 أفريل ونتمنى أن لا ينسبوا هذا الإفراج للاتحاد ومساعي هياكله العليا والسفلى.
أمّ في ما يتعلق بالاحتجاجات المشروعة وانخراط بعض النقابيين الصادقين فيها مثل ما حصل بالرديف فقد فضح كاتب المقال دور الاتحاد لمّا كتب "عبّرت الهيئة الإدارية عن رفضها القطعي للزجّ بالاتحاد في أجندا غير نقابية..." وفي ذلك اتهام صريح بل إدانة واضحة للنقابيين الذين انحازوا إلى شعبهم وقضاياه العادلة وبذلك شدّدت الهيئة الإدارية وفق ما ورد بالمقال المذكور على "... ضرورة احترام قوانين المنظمة وهياكلها وندّدت بمظاهر الفوضى والتوظيف السياسي..." وكأنّ ما أتاه السيد عدنان الحاجي ورفاقه النقابيين مُروقا يستدعي المعاقبة والتصفية من الاتحاد وبعدها يجدون الجرأة للحديث عن الاتحاد و"رسالته النبيلة في الدفاع عن الشغالين والقيام بدوره الوطني والتاريخي..." ونحن نعتقد أنّ السيد عدنان الحاجي ومن معه من نقابيين مخلصين هم من وضعوا أنفسهم ونقاباتهم ومنخر طيها وبالتالي "الاتحاد" في مساره الصحيح دفاعا عن الشغل والحرية والكرامة الوطنية.
وفي الختام نكتفي بملاحظات عابرة عن النقاط التالية التي تضمنتها تغطية محمد العلايمي:
المناولة: يقول صاحب المقال أن الهيئة الإدارية دعت إلى "التصدّي لمظاهر التشغيل الهشّة..باعتبارها إهانة للذات البشرية.."
فهل سأل نفسه وهل سأل ولي نعمته "عمارة" أحد أبرز مالكي المناولة بالجهة؟ وهل عرف أن من يدعوهم مارقين عن الاتحاد مثل عدنان وبشير والطيب وعادل رفعوا لواء مقاومة المناولة والمناولين؟
في الشأن العربي: ورد بالتغطية المذكورة "تدعو الهيئة الإدارية إلى مزيد الدعم والدفاع عن القضايا الوطنية والقومية..".
مرّة أخرى نسأل، هل علم صاحب المقال وأسياده أن الاتحاد الجهوي بمناسبة اشتداد العدوان على غزة فعل كلّ شيء من أجل إجهاض كلّ مبادرة نضالية نصرة لأشقائنا؟
وهل علم أنّ الأشخاص الذين يتولّى خدمتهم وبالتحديد "عمارة" مازال يستولي على تبرّعات مالية تفوق 200 مليون منذ 2003 إبان مجزرة جنين؟ وهل علم أنّ من يحرّض الرأي العام النقابي والشعبي ضدّهم وقفوا ولا زالوا في الصفوف الأمامية نصرة للقضايا الوطنية والقومية؟
ونكتفي بالإشارة فقط إلى أنّ أحد من يعتبرهم عمارة العباسي وقيادة الاتحاد "مخرّبين" ونقصد المناضل التقدّمي الطيب بن عثمان الذي حمل كفنه على كتفه والتحق بالمقاومة العراقية سنة 2003 دفاعا عن عزّة العراق وكرامته الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.