لا أستطيع أن أصف هذه الثورة الدائرة في مصر ثورة جياع ولا أحد يصفها كذلك , بل إنها ثورة الكرامة وثورة الحقوق . هالني المشهد عندما تابعت بالأمس حوار يجري بين مذيعين في قناة فضائية من جهة وبين الآنسة ( أسماء محفوظ ) والتي قدمت انموذجا رائعاً في مسيرة ( الفيس بوك) وهي واحدة من جموع وأعداد كثيره من الشباب اللذين حسموا أمور يوم الغضب بالخروج للشارع وقامت هذه الفتاة من خلال ( اليوتيوب ) – ويستطيع أي متابع أن يبحث من خلال الشبكة العنكبوتية على هذا الحدث – حيث خاطبت المجتمع المصري بنزولها الى الشارع يوم (25 يناير 2011) كي تتظاهر رافضة للظلم الذي فهمته هذه الفتاة قبل أن يفهمه الآخر, وأظن ان مصطلح الفهم أصبح مهما خاصة بهذه الأيام . لا أدري كيف تم استدراجها لهذه الفضائية , ولكن المراقب للحدث يشعر ان هناك محاولة لسرقة الثورة وبأكثر من أسلوب حيث دار الحوار بثناء ومديح لها ولمن شاركها , واختتم المذيعان الحديث بطلبهما أن تأتي في اليوم التالي بتسعه شباب آخرين ممن شاركوها التظاهر ليمثلون الشباب المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة من أجل منع المظاهرة المليونية ليوم الأول من فبراير 2011 لصناعة حوار مفتوح على القناة مباشرة بدءا من الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت القاهرة , حيث استعد المذيعان إحضار أي مسؤول حتى لوكان رئيس الوزراء أو أعلى من ذلك ولتكن هناك شاشات تنقل ما يجري من حوار مباشر ليشاهده كافة الشباب المعتصمين في ميدان التحرير , حاولت الفتاة أن تضع بعض الشروط لكن تم التشديد عليها وبأسلوب السهل الممتنع لعل أحد وسائله الخجل الى أن وافقت بعد جهد واقناع على هذا الطلب . الكل يعلم ان الذين تحركوا أيام الغضب كان من الشباب والاحزاب الرئيسية بشقيها المعارضة والمحظورة , والأحزاب تحت التأسيس بغض النظر عن مشاربها وفئاتها , لكنها تمثل كافة أطياف الشعب المصري , وما تحركت هذه الجموع الا من واقع الظلم والذي شمل كافة أفراد المجتمع مشتركين بمعظم حالاته , متفردين كل حسب موقعه أو مراحل عمره . فمن الظلم بمكان أن تقزم هذه الثورة أو تجزأ فهي البحث عن الكرامة وعن الحقوق وعن الأمن السياسي وحرية التعبير قبل اطعام الفقير , وهذا ما يستدعي أن يتم اشراك كافة أطياف المجتمع المصري إن كان هناك محاولة لمثل هذا الحوار , مع العلم ان الناس بالشارع ستبقى مالكه لزمام المبادره والتي تقود التغيير وان رجعت الى بيوتها او الى روتينها يصعب ان تعود ان لم تمنع بقيود . لذلك أهيب بكل المعتصمين ان يضعوا سريعا ميثاق شرف شامل يحدد اسلوب وآليات العمل للمرحلة المقبلة من أجل أن لا تُسرق الثورة . مهلا تستطيع الآن ان تشرب القهوه . لذا نؤكد إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار . وددت أن يعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة .