اقترح الدكتور محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوي التقدم والوجه السياسي الموريتاني البارز في صف المعارضة أمس الاثنين إنشاء حكومة وحدة وطنية تؤازر الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في تنفيذ برنامجه الاصلاحي. وجاء الاقتراح في رد من الدكتور ولد مولود وهو معارض معتدل،علي سؤال إلي أين تتجه موريتانيا؟،الذي تطرحه هذه الأيام وكالة نواكشوط للأنباء علي مختلف الوجوه السياسية البارزة في موريتانيا. ولتحقيق ذلك، يقول ولد مولود في إجابته، ..علي رئيس الجمهورية بوصفه العنوان الدستوري المتفق عليه للسلطة، أن يتبني عملية الإصلاح، التي كانت محور حملته الانتخابية ويشرك معه في ذلك القوي التي كانت تنادي بالإصلاح سواء في المعارضة حاليا أو في الموالاة تحت عناوين مختلفة لأن المرحلة تحتاج لجهود جميع الموريتانيين ومشاركتهم في السلطة ،علي حد قوله. وعكسا لمعارضيها،تعتقد الحكومة الموريتانية الحالية أنها حققت الكثير خلال الفترة التي انقضت علي توليها للسلطة وتجزم بأنها هيأت الاصلاحات الضرورية وراجعت ترسانة القوانين التي تحكم البلاد معترفة بأن عراقيل كثيرة معظمها موروث،قد عرقلت نشاطها وأثرت علي أداءاتها. وتري الحكومة الموريتانية أنها تتوفر حاليا علي القدرة السياسية اللازمة المتمثلة في أغلبية برلمانية ملتحمة،لمواصلة العمل من أجل تنفيذ برنامج الرئيس الموريتاني الذي حاز علي الأغلبية في الانتخابات الرئاسية المنظمة في اذار/مارس 2007. وأشاد الدكتور محمد ولد مولود بالانفتاح السياسي الحالي في موريتانيا المتمثل في مجال سياسي منفتح شيئا فشيئا، بتردد أحيانا لكنه في ازدياد متواصل خاصة، في الفترة الراهنة أي بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة . وقال نحن نعيش اليوم جوا يمتاز بالحرية في كل المجالات بما فيها حرية التنافس السياسي في البرامج وتجاذب القوي السياسية بحرية وبدون قيود في ساحة مفتوحة وهذه فرصة في حد ذاتها لخلق ديناميكية سياسية جديدة وهذا مكسب مهم، لبلد عاش مسارا سياسيا مشلولا منذ الستينات . وحول تقييمه للفترة المنقضية من الحكم الديمقراطي قال محمد ولد مولود أنا لا أوافق النظرة المتشائمة السائدة الآن، بل عكس ذلك أري أن الظروف قد نضجت، لتخرج موريتانيا من وضعية مزرية، وضعية كنا نتعايش فيها مع دولة فاسدة ونتعايش فيها مع التخلف والعجز أمام ابسط التحديات . وأكد محمد ولد مولود أن الظروف قد تهيأت اليوم من ناحية الوعي ومن ناحية العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية للقفز أمام التحديات مشيرا الي أنه ليست هناك صعوبات كبيرة تحول دون ذلك لأن الأمر يتطلب فقط إرادة سياسية . وتحدث الدكتور محمد ولد مولود عن التحديات التي تواجه موريتانيا بادئا بما أسماه التحدي الغذائي، المطروح علينا (موريتانيا) بشكل حاد، يختلف عما كنا نعرفه في السابق من صعوبات في مجال غذاء المواطنين، لكون المشكلة اليوم عالمية، حيث أصبحت القدرة علي التموين بالمواد الغذائية من السوق العالمية صعبة والحصول علي المواد لم يعد مضمونا كما كان، مهما كان الثمن المدفوع لشرائها لندرة المواد عالميا وهذا يشكل خطورة بالنسبة لنا، وربما لكل ضارة نافعة، حيث من الممكن ان يشكل لنا هذا التحدي حافزا للتوجه الي البحث عن السيادة الغذائية، خاصة أننا نتوفر علي الإمكانات اللازمة لذلك، فلدينا نهر (نهر السنغال) يوفر الماء و أراض شاسعة صالحة للزراعة ولدينا من اليد العاملة ما يكفي لذلك . وتطرق الدكتور محمد ولد مولود للتحدي الأمني و المتمثل في كوننا (موريتانيا) أصبحنا نواجه مخاطر أمنية، تتعلق بالجريمة المنظمة الدولية سواء كانت سياسية بشكلها الإرهابي او كانت جريمة مافيوية، وهنا نعتبر أن الدولة الموريتانية غير مهيأة لمواجهة خطر مثل هذه الجرائم الدولية المنظمة، بجهازها الأمني الموجود الذي كان منذ نشأته يعمل لأغراض سياسية خصوصية، وهو غير منظم ولا مكون علي مواجهة هذه الجرائم ولا مهيأ لذلك . وكان التحدي الثالث الذي طرحه الدكتور محمد ولد مولود هو تحدي الوحدة الوطنية. معلوم أن الرئيس الموريتاني يضع في مقدمة برنامجه حل مشاكل الوحدة الوطنية حيث تنفذ حكومته برنامجا موسعا لعودة اللاجئين الزنوج إلي جانب جهود أخري بذلت لتجريم الرق ودمج الأرقاء السابقين في الحياة النشطة وتوفير الخدمات اللازمة لهم. وكان رابع التحديات التي تحدث عنها الدكتور محمد ولد مولود هو إعادة بناء دولة القانون لتكون حكما بين الفرقاء الاجتماعيين والسياسيين ولتكون راعية للعملية التنموية. وأكد ولد مولود أن هذا التحدي كبير للغاية في ظل جهاز إداري تنخره المحسوبية والرشوة وكافة عوامل الفساد. وكل هذه التحديات الغذائية والأمنية والبنيوية البشرية والإدارية،يقول محمد ولد مولود،تلزم كل الموريتانيين بان يتجاوزا الحدود السياسية والسلوكيات الأنانية (...) من اجل رفع هذه التحديات ومن المسلم به، أن رفع التحديات هو العنصر الأساسي لتطور الأمم، لان رفع كل تحد يعترض السبيل، يشكل حركة ديناميكية التقدم واستمرار السير إلي الأمام. وحول ما يجب عمله أكد الدكتور محمد ولد مولود ..أن الموريتانيين ساسة ومواطنين مرغمون علي اختيار منهج واضح بلا تردد في الفترة الراهنة، مبني علي التفاهم الوطني الواسع، وعلي أساس وفاق سياسي وطني مفتوح أمام كل من يريد المساهمة في هذه العملية التعبوية وحشد الهمم والطاقات لتجاوز هذه العقبات والصعوبات . وقال إن هذا يلزم النخبة السياسية بالاستعداد لإشراك الجميع في تسيير أمور البلاد وان تكون هناك صيغة حكومة وطنية او صيغة مماثلة، يتفق عليها، تفتح لكل الراغبين مجال المشاركة . وقال ان الإستراتيجية الوطنية التي علينا أن نتبناها اليوم تتلخص في بناء وحدة وطنية تمكننا من مجابهة التحديات الأربع: الأزمة الغذائية الأزمة الأمنية، أزمة الوحدة الوطنية، أزمة إعادة بناء الدولة، أما متطلبات المرحلة الراهنة فتتلخص في مسألتين مترابطتين ترابطا عضويا، أولهما، ضرورة تثبيت النظام الديمقراطي وهذا يعني رفض كل خطاب تشاؤمي لكونه يجهض إرادة التغيير ، مضيفا، أنه علي القوي السياسية أن تتحرك من اجل التغيير بأساليب سلمية ديمقراطية تدفع نحو خلق الموازين السياسية اللازمة . وحذر السياسي الموريتاني البارز من المراهنة علي الانقلابات، كما يتمني البعض، مشيرا إلي أن الانقلابات رهانات علي الإفلاس السياسي واليأس أو الانتحار . وقال ان موريتانيا لا يمكن أن تجد استقرارها في العودة إلي الوراء (في إشارة منه لعودة العقيد فال) ولا إلي النظام العسكري، لأننا قادمون من هناك ونحاول تجاوز مخلفات تلك الحقب ورجوعنا إليها معناه انتحار التجربة الديمقراطية والسياسية، بل لا قدر الله انتهاء المشروع الوطني . ودعا محمد ولد مولود الجميع النظر إلي الأمام والعمل علي تثبيت النظام الديمقراطي ومعالجة نواقصه وخلق مصداقية للدولة وللنظام السياسي، من خلال الابتعاد عن عيوب الأنظمة السابقة . ودعا الدكتور مولود لتثبيت النظام الديمقراطي الموريتاني بالدفع في اتجاه الإصلاح ونحو ترسيخ النظام السياسي واستعادة الطمأنينة للشعب الموريتاني. وختم الدكتورمحمد ولد مولود إجابته مؤكدا أن موريتانيا تقف حاليا علي مفترق طرق، فإذا توفرت الإرادة في السير إلي الأمام فكل الظروف تساعد علي ذلك لان الشعب قد مل تجارب الحقب الماضية، العسكرية والمدنية ذات الحزب الواحد المسيطر علي الدولة ومل أكثر من ذلك دولة الفساد ودولة رجال الأعمال . يذكر أن القوي السياسية المعارضة وحتي أطرافا في قوي الموالاة تدعو الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لتغيير الحكومة الحالية وتشكيل أخري أكثر قدرة علي مواجهة التحديات التي يتفق الجميع علي وجودها من جهات مختلفة. فبينما تدعو المعارضة لحكومة وحدة وطنية تدعو قوي الموالاة لتشكيل حكومة سياسية من فرق الأغلبية الممثلة في البرلمان تكون بديلة لحكومة التكنوقراط الحالية التي شكلت في ايار/مايو 2007. وتعارض قوي الموالاة تشكيل حكومة وحدة وطنية وتري أن من حق من فازوا بثقة الشعب في الانتخابات التشريعية والرئاسية أن يديروا وحدهم الأمور خلال مأمورياتهم. وبين هذين الطرحين تحدث تجاذبات هنا وهناك وينتظر الجميع حسم الموقف علي مستوي رئاسة الجمهورية وهو حسم يري مراقبون كثر أنه بات قريبا.