صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    جدل واسع في بريطانيا بعد بث وثائقي مثير عن Bonnie Blue على "Channel 4"    ChatGPT-5.. بداية عهد جديد للبشرية!    النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن ازيائه الرسمية للموسم الرياضي 2025-2026    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    بطولة أمم إفريقيا للمحليين 2024: تعادل كينيا مع أنغولا وفوز الكونغو الديمقراطية على زامبيا    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    فيروس خطير يتفشى في ألمانيا    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    سامي الطاهري: الاعتداء على مقرّ اتحاد الشغل مُخطط وممول.. والسلطة مطالَبة بتحمّل مسؤولياتها    نهار الجمعة: شمس وأجواء دافية في كامل البلاد...والبحر باش يكون هكا    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    بداية من اليوم: وزارة التربية تفتح باب التسجيل عن بعد للتلاميذ    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    رحيل الممثل المصري سيد صادق عن عمر ناهز 80 عامًا    عماد الخميري يفجرها: "الاعتداء على الاتحاد محاولةٌ محمومةٌ لإعادة البلاد إلى مربعات الإستبداد والتسلط"..#خبر_عاجل    فيديو... مرّة أخرى في ظرف أسبوع، سيارة خاصة تعرقل مرور سيارة اسعاف    هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات    بعد فضيحة المعركة بالسكاكين بين مغنيي «راب» 20 متورّطا والنيابة العمومية تحقق    رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    مجلس الأمن الصهيوني يوافق على خطة احتلال غزة    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    أخبار النادي الصفاقسي: معلول جاهز و المهذبي و«موتيابا» يُمضيان    أخبار الشبيبة الرياضية بالعمران...انتدابات بالجملة وطموحات كبيرة    بعد إعدام "الجاسوس النووي".. إيران تكشف عن تفاصيل صادمة وتبث اعترافاته    في ظل تنافس طاقي دولي ...الكابلات البحرية... ورقة هامة لتونس ؟    في ظل فوضى وسائل التواصل الاجتماعي.. .كيف نحمي الناشئة من فخ القدوة الرقمية؟    بالمناسبة «ترامب... فوق البيت الأبيض»    العمالة مقياس ديمقراطية الغرب: تونس تتحرّر من «سطوة» السفارات    دراسة: احذروا الشاشات... صحة أطفالكم في خطر!    احذر الشاي الأخضر إن كنت تعاني من هذه الحالات الصحية... القائمة    الالكسو تطلق سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية حماية لذاكرة المدن العربية    عاجل: وزارة المالية تعلن عن مناظرة جديدة بالديوانة... التفاصيل والتواريخ!    القصرين: تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بنحو 90 بالمائة وسط مؤشرات إنتاج قياسية (مندوبية الفلاحة)    عاجل/ الاعتداء على مقر اتحاد الشغل: بيان هام من منتدى الحقوق    عاجل/ فرنسا: حريق غابات يلتهم مساحة بحجم باريس.. ولا يزال خارج السيطرة    هام/ هذا عدد المحلات التي ستشارك في "الصولد" الصيفي..    تونس تسجّل زيادة ب16.9% في الاستثمارات المصرح بها خلال النصف الأول من 2025    قابس: التعريف بفرص الاستثمار في القطاع الفلاحي المتاحة لأبناء الجهة في الخارج    بعد انصافه وتوجيهه لكلية الطب بالمنستير: التلميذ محمد العبيدي يوجه هذه الرسالة لوزير التعليم العالي وكل من سانده..#خبر_عاجل    بطل العالم للسباحة أحمد الجوادي في حوار خاص مع "وات": استقبالي من قبل رئيس الجمهورية رسالة تحفيز على مزيد التألق    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    عاجل/ معركة بين مغني "راب" بالأسلحة البيضاء في سكرة..والنيابة العمومية تتدخل..    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا فشل الليبراليون في الأردن؟
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 05 - 2008

تتشتت الأفكار الليبرالية في الأردن بتعبيرات متفرقة، سواء في الساحة السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية، ولا يوجد بينها أدنى رابط أو تنسيق يضعها في سياق متناغم متكامل يشكل ندًّا موازيًا للسياقات الأيديولوجية الأخرى.
على الصعيد السياسي؛ تظهر الليبرالية بصورة ضعيفة من خلال بعض الشخصيات، سواء في مؤسسات الحكم أو المعارضة، دون وجود قوة سياسية تتبنّاها ترتكز على رافعة اجتماعية. وفي الوقت الذي تعج الساحة السياسية والفكرية بالتيارات والقوى الأيديولوجية الأخرى، فإنّ الخطاب الليبرالي لا يكاد يُسمع صوته.
أبرز الصور الليبرالية الجديدة تتمثل بوجود نخبة اقتصادية نافذة في مؤسسات صنع القرار، تتبنى الليبرالية فقط في المجال الاقتصادي (ويغيب خطابها في المجال السياسي والثقافي)، وتدعو إلى إدماج الاقتصاد الأردني بالاقتصاد العالمي، والمسارعة في تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي يقوم على التخاصية، وتمكين القطاع الخاص، والدفع باتجاه تحريك عجلة الاستثمار، والتخلي عن دور الدولة الاقتصادي.
من الصعوبة بمكان اعتبار هذه النخبة تعبيرًا جليًّا عن التيار الليبرالي (الوطني) لأسباب عديدة، في مقدمتها أنّها لم تأت بصورة ديمقراطية، ولم تُعبّر عن حاضنة اجتماعية معينة، فتكاد تكون معزولة في سُدَّة القرار، دون واجهة سياسية جماهيرية أو صورة مميزة، فهي تتماهى تمامًا مع السياسات الرسمية، ولا توجد لديها أية محاولات سابقة للتشكل الخاص المتكامل، إلّا بعض المحاولات الجديدة التي تحاول أن تتسربل بالعنوان "الليبرالي"، لكنها لم تنضج بعد.
خارج المؤسسات الرسمية؛ ثمة تعبيرات مختلفة عن الليبرالية في مؤسسات المجتمع المدني، التي انتشرت وازدهرت منذ عقد التسعينات في القرن المنصرم، كمؤسسات حقوق الإنسان، وجمعيات المرأة، ومؤسسات الأبحاث والدراسات، والمؤسسات المدنية الأخرى.
ولا يختلف حال مؤسسات المجتمع المدني كثيرًا عن واقع النخبة الاقتصادية؛ إذ تعاني هذه المؤسسات من اختلالات بنيوية، فلا تزال نخبويةً غير مؤثرة في المجتمع والشارع، ولم تحاول تقديم خطاب سياسي مباشر، بقدر ما اعتمدت على ظاهرة المؤتمرات والندوات.
وفي سياق تفسير عجز الرهان الليبرالي، فإنّ هنالك عواملَ عديدةً، في مقدمتها القضية الفلسطينية والظروف الإقليمية، مثَّلتْ دورًا كبيرًا في منح المشروعية، والمساحة الاجتماعية الواسعة للتيارات القومية واليسارية ثم الإسلامية. في الوقت الذي عانت فيه النخبة الليبرالية من الصورة النمطية السلبية تجاه السياسات الغربية للدول الليبرالية، مما شكّل حاجزًا رئيسًا من القبول الشعبي لليبرالية.
الشرط التاريخي الرئيس المفسّر لعدم تشكل التيار الليبرالي يرتبط بتلك اللحظة التي شعرت فيها النخبة الليبرالية أنّ مصالحها متماهية مع مؤسسة الحكم ، ولم تحاول الاستقلال وأخذ مسافة تحمي خطابها وأفكارها من الذبول والتلاشي.
ففقد الليبراليون الواجهة الفكرية والسياسية المستقلة، كما فقدوا الرافعة الاجتماعية، ولم يسعوا إلى بناء خطاب واضح الملامح يبحث عن رافعة اجتماعية. وفي المقابل تمكّن اليساريون والقوميون ثم الإسلاميون من لعب دور الخصم السياسي والموضوعي للسياسات الرسمية، خلال السنوات السابقة، ما منحهم دعمًا اجتماعيًّا وسياسيًّا شعبيًّا.
ولم تساعد الديناميكية الاقتصادية الأفكار الليبرالية بإيجاد موضع قدم في المجتمع، فقد توزع النشاط الاقتصادي بين قطاع عام تملكه الدولة وبين قطاع خاص ضعيف في المجال السياسي، تتحالف النخبة الأعلى فيه مع السياسيين في سياق المصالح المتبادلة. ربما الحال تغيّرت، بعض الشيء، على الصعيد الاقتصادي في التسعينات، مع المسارعة في تطبيق برنامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي؛ فبدأت نخب من رجال الأعمال تبرز بصورة واضحة في المجال الاقتصادي، إلاّ أنّها - إلى الآن- لم تقم بدور سياسي فاعل.
الملاحظة الرئيسة، في هذا السياق، أنّ الدورة الاقتصادية الداخلية لم تشهد تطورًا صناعيًّا ملموسًا، ولا قفزات إنتاجية خلال العقود السابقة تؤدي إلى تشكُّلِ طبقةٍ برجوازية خاصة ترى في الليبرالية حماية لمصالحها ودورها الاقتصادي والسياسي في مواجهة التيارات الأخرى، كما كانت عليه الحال في أوروبا أثناء مرحلة الثورة الصناعية التي أدّت - وَفقًا للمؤرخين- إلى ولادة طبقات اقتصادية جديدة، وجدت في الخطاب الليبرالي أيديولوجيا مناسبةً تعكس أهدافها ومصالحها الاجتماعية والسياسية المختلفة.
فلم تستطيع "النخبة الاقتصادية" الليبرالية (في الأردن) تكوين وتنفيذ خطاب تنموي للبرجوازية الوطنية يمكن أن يشكل رافعة اجتماعية ونموذجا تنمويا، بل بقيت مقتصرةً في أهدافها على تحقيق المكاسب المالية، والابتعاد المتواصل عن البنية التقليدية للمجتمع الأردني، وترك مهام التنمية للدولة والمجتمع المدني بإمكانياتهما المالية المتآكلة.
من الإشكاليات الموضوعية الرئيسة التي تقف في وجه الأفكار الليبرالية طبيعة التوزيع الديموغرافي وأبعاده السياسية الداخلية؛ إذ بدأ منذ عام 1970 توزيع وتقاسم أدوار، في المجال السياسي والاقتصادي بين المواطنين من أصل أردني، والمواطنين من أصول فلسطينية.
لقد ساهمت الأزمة البنيوية لدى من يحملون أفكارًا ليبرالية- بالتوازي مع الظروف التاريخية والموضوعية- في حالة العجز الكامل الحالية، فبناء تيار ليبرالي فاعل في الساحة الأردنية يتطلب شروطًا أساسية، يأتي في مقدمتها تقديم خطاب سياسي وفكري متكامل، والبناء على عملية تنوير ديني، ثم إيجاد قاعدة اجتماعية تحمل الليبرالية، وأخيرًا: الاشتباك مع الحياة السياسية والإعلامية والثقافية.


16/5/1429
21/05/2008
إسلام أزن لاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.