وجّه عدد من علماء الدعوة والشريعة الإسلامية في مصر انتقادات حادّة لبعض البنود التي تضمنها مشروع القانون الخاص بإدخال عدد من التعديلات على قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 ومقترحات تجريم الختان المعروضة حاليًا على البرلمان لإقراره، مؤكدين أن هذه البنود والمقترحات تمثل تحديًا واضحًا لأحكام الشريعة إلي جانب أنها تتضمن مخاطر اجتماعية وأخلاقية . وأشار العلماء في بيانهم إلى أن البند الخاص برفع سنّ توثيق الزواج للفتاة لسنّ 18 سنة في مشروع تعديلات قانون الطفل من شأنه أن يؤدي إلي شيوع الزواج السري والعلاقات غير المشروعة إذا قيد الزواج بهذا السنّ، لافتين إلى ضرورة نسب الولد ذكرًا أو أنثى إلى أبيه وليس إلى أمه، كما تدعو إلى ذلك التعديلات المقترحة ويستثني من ذلك أبناء الزنا فإنهم ينسبون إلي أمهاتهم لمجهولية الأب تصديقًا لقوله تعالي : {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله}. وشدّد البيان على أن مقترح تجريم عقاب الآباء للأبناء تحت مسمى منع العنف المادي والمعنوي علي الطفل يعد افتئاتًا على حق الآباء الأصيل في تربية الأبناء ومصادرة على البقية الباقية من ولايتهم التربوية لأبنائهم ويعدّ دعوة لإفساد الأبناء، مشيرين إلى أن المقترح الخاص بإعطاء الحق في الإبلاغ عن العنف على الأطفال للكافة والجيران يمكن أن يؤدي إلى التدخل في خصوصيات الأسر ويساعد علي الشكاوى الكيدية. وانتقد البيان المقترح الداعي إلى تشكيل لجان عامة وفرعية لحماية الطفل وتفويضها في اتخاذ تدابير حمائية وعقابية ضد أسرهم معللاً ذلك بأنه يفتح الباب لزيادة العداوة بين أفراد الأسرة وينزع سلطة الآباء على أبنائهم مما يؤدي إلى التفكك الأسري. ورفض العلماء الموقّعون على البيان مقترح تجريم ختان الإناث واصفين المبررات التي يتذرع بها الداعون إلى هذا التجريم بأنها غير صحيحة ولا تستند إلى أي دليل شرعي، مشيرين إلى أن الدعوة للتجريم لم تفرق بين الختان الفرعوني الذي يستأصل أغلب الأعضاء التناسلية للأنثى وهو المرفوض شرعًا وبين الخِفَاض الذي يزيل النواة التي في أعلي البظر طبقًا لحديث رسول الرحمة صلي الله عليه وسلم: «أشِمِّي ولا تنهكي» والذي أكدت أبحاث علمية عديدة لأساتذة الطبّ عربًا وغربيين إلى فائدته للإناث بل وعلاجه لبعض الأمراض التي تصيب النساء اللاتي لم يختتن. واستشهد العلماء الموقعون على البيان بعدد من أساتذة الطب المتخصصين منهم الدكتور محمد حسن الحفناوي، والدكتور محمد عبد الله خليفة، والدكتور حاتم سعد إسماعيل، والدكتور محمد علي البار، والدكتور منير محمد فوزي أستاذ أمراض النساء بجامعة عين شمس الذي أكّد في بحثٍ علمي موثق أهمية ختان الإناث في الحماية من مرض سرطان الرحم. ومن الأطباء الأجانب الذين أكّدوا على أهمية الختان للإناث الدكتور ايزل بيكر براون أستاذ أمراض النساء والولادة بانجلترا الذي أكّد في بحث بعنوان (علاج بعض أشكال الجنون: الصرع والإغماء عند الأنثى)، إلى جانب بحث الطبيبة الأمريكية أي بي لوري في كتابها "her self" والذي أشارت فيه إلى أن الختان المبكر للفتاة يكون علاجًا مؤكدًا لعصبية كمٍّ من النساء بسبب عدم إزالة القلفة المعقوفة إلى جانب إزالة أسباب الإثارة المتكررة للأعصاب مما يقلّل الحكّ والتهيج. وفند البيان الادعاء بأن ختان الإناث لا أصل له في الدين ووصفوا هذا الادعاء بأنّه افتراء على الحقائق الثابتة والأدلة الشرعية والآراء الفقهية لكبار الأئمة الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك وأبو حنيفة رضي الله عنهم جميعًا والذي تراوح الخفاض عندهم بين الوجوب والسنية و أكّدوا أنه من سنن الفطرة ومن شعائر الإسلام مستدلين بقوله صلي الله عليه وسلم: «إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل» وهو الذي أخرجه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما وليس هناك أي معارض ولا مطعن على صحة هذا الحديث. أما الزعم بحقّ الحاكم في تقييد المباح يضيف البيان: فهذا يعدّ نوعًا من الخلط والافتراء لأن المقترح المقدم لمجلس الشعب يطالب بالتجريم وفرض عقوبة على من يمارس إجراء الخِفاض وهذا لا يجوز لأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص شرعي. وأضاف البيان بأنه إلى جانب أن الخِفاض ليس من المباحات بل يدور حكمه بين الفرضية والسنية ولا يصحّ بالتالي تجريمه بحال، خاصة وأن الأضرار المتوهمة من إجراء الختان التي يروجها أنصار تلك التعديلات غير متيقنة بشهادة أساتذة الطبّ ولا وجود لها إذا تمّت وفق الإجراءات الطبية السليمة والضوابط الشرعية وهي الخفض وليس الاستئصال. يذكر أن من العلماء الذين وقّعوا على البيان الدكتور محمد رأفت عثمان والدكتور عبد العظيم المطعني عضوي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف والدكتور جميل علام عميد معهد الدعوة والدراسات الإسلامية بالإسكندرية والدكتور محمد عبد المنعم البري الرئيس السابق لجبهة علماء الأزهر. ومن الموقعين الدكتور مروان شاهين أستاذ ورئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر والدكتور موسي شاهين لاشين رئيس جامعة الأزهر سابقًا والدكتور محمد عبد المنعم منصور أستاذ الفقه وأصوله والدكتور محمد مطر أستاذ العلوم العربية بجامعة الأزهر والدكتور محمد حلمي عيسي وبركات دو يدار الأساتذة بجامعة الأزهر. 20/5/1429 4:38 م 25/05/2008 الإسلام اليوم / القاهرة / علي عليوة