كوبنهاجن- برأت محكمة دنماركية اليوم الخميس، رئيس تحرير صحيفة "يولاند بوسطن"، ومحرر القسم الثقافي بها من التهم الموجهة إليهما في القضية التي رفعتها ضدهما مؤسسات إسلامية دنماركية بسبب نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم عام 2005. وأعرب مسلمو الدنمارك عن توقعهم لهذا الحكم " المحزن"، وأرجعوه لعدم فهم القضاء الدنماركي للقضية منذ البداية، حسب تعبيرهم، غير أنهم أعلنوا عن اعتزامهم رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وقالت محكمة "غرب الدنمارك" في مدينة فيبورج في حيثيات حكمها ببراءة رئيس تحرير الصحيفة كارست نيوسته ومحرر القسم الثقافي فليمينج روسه من التهم الموجهة إليهما: "إن من الممكن أن يفهم البعض المساواة بين محمد (صلى الله عليه وسلم) أو الإسلام والإرهاب أنه أمر مسيء ومهين، ولكن الواقع هو أنه نُفذت العديد من الأعمال الإرهابية باسم الإسلام، وعلى هذا الأساس لا تعتبر المحكمة أن تناول العلاقة بين محمد والإرهاب بطريقة ساخرة أمر غير قانوني". متوقع واعتبر محمد خالد سمحة، والذي ترأس وفد مسلمي الدنمارك للبلدان العربية في أواخر عام 2005 للتعريف بقضية الرسوم: "إن قرار المحكمة كان أمرا متوقعا". وأضاف: "لم نفاجئ بقرار المحكمة، وكنا نتوقع هذا القرار؛ لأننا لم نعتقد ولو للحظة أن القضاء الدنماركي سوف ينصفنا؛ فهو لم ينظر للقضية بالمنظار الصحيح وهو جرح مشاعر المسلمين، ولكنه نظر إليها من زاوية ما أطلق عليه رئيس الوزراء الدنماركي حرية الرأي والتعبير". وكانت "اللجنة الأوروبية لنصرة خير البرية" والتي تضم 27 منظمة إسلامية في الدنمارك، قد رفعت بدعم من "اللجنة العالمية لنصرة خير البرية" دعوى قضائية "مدنية" ضد الصحيفة الدنماركية ورئيس تحريرها في مارس 2006 لنشرها 12 رسما كاريكاتيريا مسيئا للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في سبتمبر 2005. ويأتي الحكم اليوم بعد أن استأنف مسلمو الدنمارك قرار محكمة مدينة أوروس في أكتوبر عام 2006، والذي برأ الصحيفة ورئيس تحريرها في حينه من جميع التهم الموجهة ضدهم. المحكمة الأوروبية أما عن الخطوة القادمة للمؤسسات الإسلامية بالدنمارك بعد صدور الحكم، فكشف سمحة أن المؤسسات الإسلامية تنوي رفع القضية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ "لأننا كنا نعرف منذ البداية أن القضاء الدنماركي لن ينصفنا، فنحن استخدمنا القضاء الدنماركي كوسيلة للوصول للمحكمة الأوروبية". وتخوف سمحة من أن تكون هناك نتائج سلبية للحكم قائلا: إن "الحكم يؤكد شعور العديد من المسلمين في الدنمارك الذين أتحدث معهم بأنهم مهددون ومهانون ومستهدفون". وبدوره وصف محمد نعمة، السكرتير الإعلامي في الوقف الإسكندنافي، الأجواء في مؤسسته بأنها "حزينة". وقال: "نحن حزينون جدا لهذا القرار، وسنأخذ فترة راحة نفكر فيها بمستقبل القضية بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية المشاركة في القضية". حكم "مريح" أما رئيس صحيفة "يولاند بوسطن" الحالي، يورن ميكيلسن، فرأى أن قرار المحكمة اليوم "هو القرار الوحيد القابل للتطبيق". وادعى ميكيلسن أن قرار المحكمة يؤكد أن الرسومات التي نشرتها الصحيفة تأتي في إطار مشروع صحفي يجيزه القانون والقيم الصحفية في الدنمارك. ومن جانبه علق رئيس تحرير الصحيفة خلال وقت نشر الرسومات، كارستن يوسته، على القرار بقوله: "هذا أمر مريح، ولكنني شخصيا لا أعتقد أن القضية ستنتهي عند هذا الحد، ربما ستصل القضية إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في استراسبورج، وأتمنى أن تتفهم المؤسسات الإسلامية القرارات المتعاقبة، ولكنني أشك في ذلك". وتعتبر هذه هي المرة الرابعة التي يرفض فيه القضاء الدنماركي توجيه أي تهمة لصحيفة "يولاندز بوستن" بسبب نشرها للرسومات المسيئة للنبي الكريم؛ حيث رفض المدعي العام في مدينة "فيبورق" في فبراير 2006 رفع دعوى قضائية ضد الصحيفة، وبعدها رفض المدعي العام الدنماركي قبول دعوى قضائية مماثلة رفعتها المؤسسات الإسلامية، وفي أكتوبر من العام نفسه رفضت محكمة مدينة أوروس دعوى مدنية ضد رئيس تحرير الصحيفة ومحررها الثقافي.