قِفِ المطيَّ على أطلال منزله وأسمعي الشوقَ إن الصمتَ يُفزعُهُ ولترقمي بدموع العين قصته فكم جرت بربوع الدار أدمعُه ما زال يؤنسه وُدٌّ و يوحشه بُعْدٌ ويدهمه خوف يروّعُه والله يشهد كم فاضت جوانحه بالبشر إذ كان من عينيك مطلِعُه وكان في صبوات العمر مضطلعا بالحلم تبني قصورَ السحر أضلُعه لا يأس يغزو، فمن ضرع الضريع غدا يرجو و تحتلب الآمالَ أصبعُه وأخلص الودّ مذ كبَّلتِه فغدا من سحر عينيك نهرُ الودّ منبعُه كم راودته خيالاتُ الهوى فبنى منها حياة ببيت راح يرفعه رآك حورية العمر التي قُدِرت له عروسا من الآهات تنزِعُه حيث السكينة في جفنيك أغنية يرنو لها رغم طول الصمت مسمعُه وكم تصوّر أبناء له نسلوا من صلبه الغضّ في روض يساجعه يهفو إلى عشّه الورديّ تملؤه زغبُ الحواصل تغريدا ترجّعُه وهدهدت طفلةَ الأحلام بسمتُه وهزهزت مهدها السحريّ أذرُعُه لكن تقوضتِ الآمالُ مذ زحفتْ مخاوفُ العقمِ فاهتزتْ مضاجعه سبع عجاف وما من طفلة صرخت من رحم زوجٍ ولا لاحت ودائعه ولا الطبيب الذي يرجوه يسعفه ولا المشافي التي راحتْ تتابعه سبع عجاف وما من بهجة سنحت إذ يقصف الدهر ما قد كان يزرعه والآن لا بسمة الماضي ترادوه ولا الطيور التي رفّت تُمَتِّعه ولا الأمان تغشّى قلبه قمرًا من بعد أن راحت الأحزان تقرعه فبيته الوادع المسكين مقبرة وروضه اليانع المخضلّ يصفعه فكيف يحيا بلا طفل يعانقه إذ يدخلِ البيتَ أو طفلٍ يشيّعه وكيف يضحك والألعاب قد وقفتْ على الرفوف بلا لطف تقطّعه وكيف يبصر والأركان مظلمة من غير طفل يضيء البيتَ مطلِعه " لا تعذليه " إذا فاضت محاجره فثورة الحزن في الأضلاع تسفعه ضاق الفضاء فلا الآفاق مشرعة على الحياة ولا الأحلام تدفعه ما راح من ألم إلا إلى ألم يكاد يقتله لولا تضرُّعه يرى الصغار فيذوي غصن فرحته ويستبد به يأس يضعضعه فبسمة الطفل في جنبيه طعن مُدى وصرخة الطفل في الحارات تُوجعه مدي إليه يدا بالرفق حانيةً فلست وحدك من ضاقتْ أضالعه ولست وحدك من هدّته جائحة ولست وحدك من فاضت مدامعه أتطلبين صكوك الهجر صارمة من القضاء لعلّ الحُكْمَ يخلعُه أتنشرين كتاب السرّ باسمة أليس يكفيه أهوال تفجّعه أليس من حقه أن تصبري زمنا فربَّ صبر يواسيه وينفعه لا تذبحيه بسيف الهجر ناكثة عهدًا توثق بالأيمانِ أجمعه فقدرة الله أعطت مثله ولدًا من بعد يأس طغى في القلب يصدعه واستذكري قدرة الرحمن إذ منحت "يحيى" لمن طال في الأقصى تخشّعه ما زال في الطب آمال تراوده وفي إرادة ربِّ الكون مطمعه