الكثير منا يتعجب ويتساءل: كيف تنتصر إسرائيل، وهي دويلة صغيرة، على العرب وهم أكثر دولاً وعدداً؟! وإذا أردنا أن نعرف الإجابة عن هذا السؤال المحيّر فلا بد من مواجهة الحقائق بشجاعة، وألاّ نتهرب منها. اليهود.. شعب الله المختار، هذا ما أطلقوه على أنفسهم.. وهم يعملون ليل نهار من أجل تحقيق هدفهم، وهو احتواء العالم والسيطرة عليه. وعمل اليهود هذا ليس ارتجالياً، ولا عشوائياً، ولكنه يرتكز على بروتوكولات حكمائهم.. لذلك فهو يتّسم بالتخطيط المحكم، والجهد الدؤوب، مع المكر اللئيم، والنفس الطويل، وتعدّد صور هذا العمل.. فهم ملوك الرأسمالية، وكهّان الشيوعية.. وهم صنّاع الكثير من المؤسسات الإعلامية والسياسية في العالم..!! تتقدم إسرائيل عسكرياً وتكنولوجياً واقتصادياً، وتصير من أغنى دول العالم، بينما يتخلف العرب، ويخفقون في بناء الدولة الحديثة القادرة على حماية حقوق مواطنيها. تبني إسرائيل الجامعات والجيوش في آن واحد؛ فيرفد أحدهما الآخر، فيما يشيد العرب القصائد الفجّة ويدمرون حتى ما كان عندهم من جامعات!! تنمّي إسرائيل انتماء مواطنيها عبر ترسيخ نظام سياسي يؤمنون بديمقراطيته.. في الوقت الذي تتعمق فيه غربة العرب في بلادهم نتيجة حتمية لغياب الديموقراطية. نصر إسرائيل الأكبر كان في داخلها؛ إذ نجحت في تحصين الدولة بالعلم والعمل والمعرفة، وهزيمة العرب الكارثية كانت في الداخل؛ إذ دمروا الدولة، وقدموها فريسة للعنجهيات، والظواهر الصوتية، والتراجع الثقافي والعلمي والحضاري. إسرائيل تعتمد على دعم اليهود في العالم كله، واليهود يمتلكون مالاً عظيماً، وفكراً متقدماً، وتخطيطاً محكماً.. وأسوق إليكم مثالاً واحداً يدلّ على ما أقول: • اسمه (ليزل وكسنر)، احفظوا هذا الاسم جيداً. يهودي من أصل روسي وأحد عمالقة الاقتصاد في أمريكا. هدفه المعلن هو تخريج قادة في شمال أمريكا، وقادة في داخل إسرائيل؛ لخدمة الكيان الصهيوني، ودعم الصهيونية في العالم؛ لتثبيت دولة إسرائيل، وتعزيز وجودها من خلال إعداد قادة يحملون نفس الفكر واتباع نفس النهج بشغف وعمل دؤوب لتغذية إسرائيل بجيل من القادة الصهيونيين المتشدّدين داخل إسرائيل وداخل أمريكا لخدمة الصهيونية. • يتم اختيار أفضل عشرين نابغة (يهود فقط) في المجالات المختلفة، وتقديم دعم تعليمي بكلفة (20,000) ألف دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات، يخضع كل طالب منهم لدروس مكثفة في تعاليم الصهيونية، بعقد دائم ومدعوم من جامعة هارفارد. هكذا يعد اليهود قادتهم، وهكذا ينفقون الأموال، ويضعون البرامج، ويقيمون المؤسسات لتخريج القادة الأكفاء، فهل لدينا نحن العرب شيئاً من هذا التوجّه، وشيئاً من هذا الإعداد والتخطيط.