على غرار الرئيس السوداني عمر البشير, كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى عن اعتزام مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي تجهيز مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد, مستندين فيها إلى أحداث سجن "صيدنايا" العسكري قرب العاصمة دمشق قبل أسبوعين، والتى شهدت مقتل مالا يقل عن 25 شخصاً. وأفادت المصادر أن أربعة سيناتورات في الكونجرس الأمريكي معروفين بصلاتهم الوثيقة بمعهد جيمس بيكر, الذي يدير قنوات سرية للمفاوضات بين سوريا وإسرائيل, يعكفون حاليًا على الإعداد لهذه المذكرة, مشيرةً إلى الطابع السياسي لهذه القضية، كسابقتها الخاصة بالرئيس السوداني, لاسيما أن المذكرة تتضمن قيام نظام الأسد بمجازر ضد السنة في سوريا، وسماح نظامه بدخول المقاتلين المعادين لواشنطن إلى الأراضي العراقية، فضلاً عن ارتكاب "المذبحة" الأخيرة بسجن صيدنايا. ولم تستبعد المصادر أن تتم تسوية هذه القضية في المرحلة القادمة, وإجبار سوريا على تغيير بعض سياساتها، وعلى رأسها تخفيف دعمها للفصائل الفلسطينية والتعاطي مع الجهود الخاصة بإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط. إجراء تحقيق ويعزز هذه الأنباء, البيان الذي أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلاثاء وطالبت فيه الرئيس السوري بإجراء تحقيق مستقل على الفور في أحداث سجن صيدنايا رغم مرور أسبوعين عليها, وعللت ذلك بأن المنظمات أو الهيئات الحقوقية لم تستطع تحديد ما حصل فعلاً، كما أن بعض الجهات الحقوقية تؤكد أن الاحتجاجات مازالت مستمرةً وأن المعتقلين ظلوا مسيطرون على السجن لعدة أيام قبل أن تبُيدهم القوات السورية. وتعليقًا على هذه الأحداث، قالت "سارة ليا ويتسن"، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة:" على الرئيس بشار الأسد أن يأمر فوراً بإجراء تحقيق مستقل في استخدام الشرطة للقوة المميتة بسجن صيدنايا.. إننا ما زلنا لانعرف كيف انتهت المواجهة في السجن أو أعداد وأسماء القتلى والمصابين". وكشفت المنظمة الحقوقية أنها حصلت على أسماء تسعة نزلاء يُعتقد أنهم لقوا حتفهم، وأفادت منظمات حقوق الإنسان السورية أن ما يُقدر ب25 شخصاً قد قُتلوا, كما تم تأكيد مصرع أحد عناصر الشرطة العسكرية إثر دفنه بقرية مارع المجاورة لحلب. واندلعت أحداث سجن صيدنايا في الخامس من الشهر الجاري، عندما حاولت سلطات السجن قمع احتجاجات قام بها معتقلون إسلاميون. وأكد المعتقلون أن الاحتجاجات نشبت حين أجرت قوة من ضباط الشرطة العسكرية تفتيشاً عنيفاً داخل السجن، ووجهوا إهانات إلى النزلاء (أغلبهم إسلاميون) وداسوا بأقدامهم نسخاً من المصحف الشريف. تصريحات الأسد وحاول الرئيس السوري استباق هذه الأنباء, عندما أعلن رفض بلاده طلب المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني, واعتبره "ابتزازاً للخرطوم وتدخلاً سافراً في شئونها الداخلية". وأعرب الأسد عن رفض سورية قيادةً وشعبًا لقرار مدعي محكمة الجنايات الدولية ومحاولة استهداف الرئيس البشير, معتبرا أن من شأن هكذا قرار إعاقة الجهود المبذولة لاحلال السلام بدارفور وتقويض كل مسعى لاستقرار السودان, مؤكداً أن بلاده بصفتها رئيسة للقمة العربية ستقوم بكل مايلزم من أجل الوقوف إلى جانب السودان الشقيق في ضوء مايتعرض له من مخططات تستهدف امنه واستقراره. وكانت سوريا استنكرت طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو، إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني معتبرة ان ذلك "سابقة خطيرة في العلاقات الدولية"، مشددة على أن "الجنائية الدولية تجاوزت صلاحياتها" ، كما شارك وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية السبت الماضي الذي اكد على رفض اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة للرئيس السوداني. هروب أممي الأممالمتحدة كعادتها نأت بنفسها عن هذه المشكلات, حيث أعلنت ميشال مونتاس المتحدثة بإسمها أن المنظمة الدولية لا تستطيع التدخل في قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي يستهدف الرئيس السوداني عمر البشير. وكانت مونتاس تشير في تصريحاتها الى طلب تقدم به الاتحاد الافريقي امام مجلس الامن الدولي لارجاء قرار المحكمة بحق البشير, وصرح وزير الخارجية النيجيري اوجو مادويكوي للصحافيين ان "الاتحاد الافريقي يطلب من مجلس الامن الدولي ارجاء اجراءات المحكمة الجنائية الدولية بسبب ضرورة تجنب المساس بعملية السلام" في السودان، داعيا الى ارجاء يتطابق مع قواعد معاهدة روما" التي نصت على انشاء المحكمة قبل عشرة اعوام. ويستطيع الاعضاء ال 15 في مجلس الامن التصويت على قرار لارجاء اي تحقيق او ملاحقة تجريها المحكمة الجنائية ل 12 شهرا، ويمكن للمجلس أن يمدد هذه المهلة وفق الشروط نفسها, وهي المرة الاولى يطلب فيها مدع عام بالمحكمة الجنائية الدولية باصدار مذكرة توقيف بحق رئيس بلاد.