أعربت 27 منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان وحرية الصحافة عن قلقها العميق من الوضع المتدهور لحرية التعبير في اليمن، وأعلنت تلك المنظمات انضمامها لمنظمة المادة 19 لمشاركتها قلقها إزاء تدهور حرية التعبير والصحافة في اليمن مستشهدة ببعض الانتهاكات التي تعرض لها صحفيون وصحف خلال الفترة الماضية، وحث الموقعون على البيان من المنظمات الأعضاء في الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير(IFEX) السلطات اليمنية على التزاماتها الدولية في احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير التي وقعت عليها، وكذا التزامها بأجندة الإصلاح الوطني الذي اقرته عام 2006، والمتضمن التزامها باحترام حقوق الانسان، وطالبوا الحكومة اليمنية بعدد من الاجراءات المتعلقة بمعالجة بعض قضايا انتهاك حرية التعبير. وقالت الدكتورة اجنيس كالامارد المديرة التنفيذية للمادة 19 في الرسالة التي بعثتها للرئيس علي عبدالله صالح ، ونسختها لوزير الإعلام حسن اللوزي، وسفير اليمن في لمملكة المتحدة خالد طه مصطفى، ان المادة 19 تعبر عن بالغ انزعاجها للتقويض الخطير لحرية التعبير في اليمن، واضافت: نجدد إدانتنا للأوضاع الراهنة، التي تعد انتهاكا واضحا للالتزامات الدولية لليمن بشان حرية التعبير". وفي الرسالة المعدة من قبل منظمة المادة 19 والموقعة من 27 منظمة إقليمية ودولية تتواجد في أكثر من 20 عاصمة أوروبية وأمريكية وعربية وأسيوية وافريقية، تم التطرق الى جملة من الانتهاكات أبرزها قضية الصحفي عبدالكريم الخيواني رئيس تحرير صحيفة الشورى الذي صدر بحقه حكما بالسجن ست سنوات من قبل محكمة امن الدولة في قضية ذات دوافع سياسية متعلقة بتغطية الخيواني لحرب صعده والتي تم التعامل معها كجريمة إرهابية. وأشارت الرسالة الى التحوير الذي طرأ على الحكم بإضافة عبارة تدل على النفاذ العاجل، كما أجلت محكمة الاستئناف في 29 يوليو 2008 النظر في طلب هيئة الدفاع للافراج عن الخيواني الى شهر نوفمبر المقبل، وهو القرار الذي انتقد من قبل قانونيين يمنيين باعتباره انتهاكا بالغا لإجراءات التقاضي السليمة. ودعت المنظمة السلطات اليمنية الى الإفراج الفوري عن الخيواني والسماح له باستئناف الحكم الصادر بحقه، والتحقيق في التحوير الذي طرأ على الحكم ونقض الحكم الصادر محكمة امن الدولة. كما أشارت رسالة المنظمات الدولية لرئيس الجمهورية الى محاكمة الفنان فهد القرني، المستهدف سلفاً، والحكم بسجنه 18 شهراً وتغريمه نصف مليون ريال، بتهمة الاساءة للرئيس علي عبدالله صالح، ذاكرة ان سلطات البحث الجنائي القت القبض على عدد من بائعي كاسيتات القرني للحد من انتشارها، والكاسيتات عبارة عن فلكلور تقليدي ممزوج بروح الدعابة في انتقاد السياسات الحكومية. و عن الحكم الصادر بحق الكاتب الصحفي محمد المقالح، تقول الرسالة أن القيادي الاشتراكي محمد المقالح انفجر ضاحكا في جلسة محاكمة كانت مخصصة لقضية الخيواني، ليحاكم بتهمة مهاجمة وتشويه سمعة النظام القضائي، وقضت محكمة امن الدولة في 27 يونيو 2008 بسجن المقالح، الناقد الشهير للحكومة اليمنية، ستة اشهر مع وقف النفاذ، وجاء الحكم بعد أن قضى شهرين في السجن. وبالإضافة لذلك كانت هناك، طبقا للرسالة، هجمات عديدة ضد صحفيين وناشطين خارج المحاكم، وفي وقت مبكر من هذا العام حجبت السلطات محرك البحث يمن بورتال، وتلقت توكل كرمان رئيسة منظمة صحفيات بلاقيود تهديدات مجهولة المصدر بالقتل، وقُمع ناشطون كانوا يحتجون سلميا في حول المحاكمات آنفة الذكر، كما وضبطت بعض متعلقاتهم. في هذا السياق دعت الرسالة السلطات القضائية اليمنية الى عدم إدانة الأشخاص الآخرين، سيما الصحفيين، الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير، بارتكاب جرائم إرهابية او اهانة القضاء. كما دعت المشرع اليمني، بناء على اقتراح من الحكومة اليمنية، إلى إلغاء كل التشريعات التي تحدد مفاهيم واسعة غير مبررة في ارتكاب الجرائم الارهابيه وتلك التي تجرم "اهانة" السياسيين ، والمحاكم ، وأعضاء السلطة القضائية. و طالبت الرسالة السلطات اليمنية ممثلة بوزارة الإعلام الى التوقف عن حظر الصحف او إلغاء تراخيصها بحجة تهديد الوحدة اليمنية والإضرار بالصالح العام، هي أشارت في هذا السياق إلى إصدار وزارة الإعلام قراراً بحظر صحيفة الصباح في مارس الماضي، وفي ابريل سحبت ترخيص صحيفة الوسط، الذي تم استعادته بحكم قضائي، وتم اتهام الصحيفتين بتهديد الوحدة الوطنية والصالح العام، قالت الرسالة. كما دعت أجهزة الدولة الأمنية والبحث الجنائي الى الكف عن التضييق والتخويف والإيذاء والاعتقال للافراد، لا سيما العاملين في حقل الصحافة، لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير، والعمل على حماية الافراد ، سيما الصحفيين ايضا، الممارسين لحرية التعبير من الانتهاكات العنيفة. و أشارت الرسالة في بدايتها أن اليمن كانت قد احرزت بعض التقدم في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، منذ انضمامها الى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والحقوق السياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى عام 1987، منوهة بتوسع وتطور منظمات المجتمع المدني، بما فيها المنظمات غير الحكومية المهتمة بحقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، أوجدت صحافة مستقلة ومعارضة اعتمدت موقفا حاسما نحو سلطات الدولة، لم يسمع به من قبل في المنطقة. ورغم هذه التطورات الايجابية ، تستدرك الرسالة، فإن اليمن، البلد الذي اتخذت حكومته تدابير مختلفة لدعم الولاياتالمتحدة فيما يسمى "الحرب على الإرهاب"، قامت باعتقال المئات من الأفراد لمجرد الاشتباه في انتمائهم الى تنظيم القاعده، تضيف الرسالة: وفي إطار هذه العملية، قامت السلطات، ولا سيما قوات الأمن، بمضايقات، وأحيانا استجوابات للمحتجزين من الصحفيين الذين قاموا بتغطية حيثيات تلك الاعتقالات، وبعد ان حذرت السلطات من متابعة تلك "القضايا الأمنية" ، بدأت الصحفيون بممارسة الرقابة الذاتية تخوفا من اتهامهم بدعم الإرهاب. ومع الانخفاض في عدد الاعتقالات، بدأ الصحفيين يعيدون التأكيد على حقهم في حريةالتعبير، وتبعا لذلك واجهوا جولة جديدة من المضايقات والاعتداءات البدنية، وعمليات الاعتقال والاحتجاز من قبل قوات الأمن التي دعمتها السلطة القضائية، وهذا النمط من القمع، الذي وصل الذروة عام 2005، يتواصل بمعدلات مثيرة للجزع. وبالفعل، يدل العدد الكبير من الانتهاكات المسجله في النصف الأول من عام 2008 على مدى تآكل الحق في حرية التعبير في اليمن.