إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    القصرين: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية    الجامعات الغربية تخاطب النظام العالمي الأنغلوصهيوأميركي.. انتهت الخدعة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    بجامعة لوزان..احتجاجات الطلبة المؤيدين لفلسطين تصل سويسرا    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    حالة الطقس ليوم الجمعة 3 ماي 2024    القبض على منحرف خطير محلّ 19 منشور تفتيش    وزير الداخلية يدعو لانطلاق أشغال اللجنة المشتركة لمراقبة العودة الطوعية للمهاجرين    منزل جميل.. تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي ومحلات السكنى    ساقية الزيت: حجز مواد غذائية مدعّمة بمخزن عشوائي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    ماذا في لقاء لطفي الرياحي بمفتي الجمهورية؟    النادي الافريقي يراسل الجامعة من أجل تغيير موعد الدربي    منوبة: مشتبه به في سرقة المصلّين في مواضئ الجوامع في قبضة الأمن    قيس سعيد: الامتحانات خط أحمر ولا تسامح مع من يريد تعطيلها أو المساومة بها    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء: غرفة تجّار لحوم الدواجن تعلق وتكشف..    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    بنزيما يغادر إلى مدريد    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    هذه حقيقة فتح معبر رأس وعودة حركة العبور..#خبر_عاجل    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    تونس:تفاصيل التمديد في سن التقاعد بالقطاع الخاص    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع نورالدين ختروشي منسق مبادرة طلب العودة حق واسترداده واجب
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 08 - 2008

منذ عشرات السنين بلغت حد 26 سنة، تلك هي بعجالة حصيلة أعوام النفي والحرمان من رؤية البلد والأهل للكثير من التونسيين الذين يعيشون في الشتات، منتشرين في المنافى وموزعين في دول العالم، ممنوعين من العودة إلى أرض الوطن، نتيجة صدور أحكام قضائية حضورية أو غيابية ضدهم بسبب آرائهم السياسية، حيث تمكنوا من الفرار من تونس بطرق تشبه الأفلام، ووراء كل منهم قصّة تترجم بصمات رحلة المغامرة والمتاعب والفراق والانتصار على الزمن،

ورغم مرور كل هذه الأعوام، فإن السلطة التونسية ما تزال توصد الأبواب في وجه أبنائها المهجّرين اضطرارا والمستقرين منذ سنوات في المنافي الأوروبية والمقاطعات الأمريكية، وأغلبهم حقق نجاحات علمية وفكرية واقتصادية معتبرة كان يمكن أن تشعّ على البلد، ولئن كانت السلطة التونسية قد سمحت في المدة الأخيرة لبعض الأفراد من زيارة البلد، فإن البعض الآخر يعتبر هذه التسوية ذات أفق أمني ومن قبيل الحل الفردي، الضمانات فيها هشّة، مما جعلهم ينتفضون على واقع المنفى الذي طال بشكل درامي، والمطالبة بحل هذا الملف، عبر إطلاق مبادرة تحمل عنوان

طلب العودة حق واسترداده واجب والتي جمعت حولها الكثير من المهجّرين التونسيين من كل بلدان العالم، لمعرفة ملامح هذا الفعل، اتصلنا بالسيد نورالدين ختروشي منسق مبادرة طلب العودة حق واسترداده واجب لنسترشد منه تفاصيل هذه المبادرة.

لماذا جاءت المبادرة في هذا التوقيت، ثم ألا تعتبر متأخرة من حيث الفعل السياسي؟

المبادرة وليدة واقعها، ومقوم شرعيتها تستمدّه من حاجة الواقع الموضوعي لها، وفكرة العودة طرحت على الساحة المهجرية في أكثر من مناسبة، سواء في شكل تحاليل ونصوص ونداءات، أو في صيغة مقترحات عملية.

والمبادرة استفادت من ذاكرة العودة، فهي محصلة قراءة تراكمية في تلك الذاكرة، وقد حرص المبادرون على توسيع دائرة الحوار لتشمل العائدين، واستفادت من رأيهم في الموضوع، وبعضهم عبّر عن مساندته للمشروع واستعداده للتعاون معنا، والمبادرة تتعامل مع العائدين على أنهم رصيدا لمشروع التغيير في المستقبل المنظور، ما لم تتحول مواقع العائدين سياسيا إلى دائرة دعم خصوم الانفتاح السياسي ببلادنا، فروح الانفتاح المسئول على الجميع هي بطانة المبادرة وجوهرها الأساسي، وستبقى تلك الروح تطارد منطق التخوين والإقصاء والتهارج، حول قضية يرفض غالبية المعنيين بها تمثلها كمنطقة فرز بين من ينتمي للدائرة النضالية وبين من خرج منها أوعليها.

المبادرة تعبير تاريخي مباشر على تفاعل قراءات متعدّدة ومفتوحة في موضوع العودة، يجمعها حرص مشترك على أن تكون العودة بداية لمرحلة جديدة، عنوانها الأساسي الاستفادة من تجربة مهجرية عميقة، يحرص المبادرون على أن تكون رصيدا في حساب الوطن و طموحه المشروع في حياة عامة أكثر انفتاحا وتعددا.

ما هي تحديدا الملامح السياسية لهذه المبادرة، التي تحمل عنوان مطلب العودة حق واسترداده واجب فهناك من يرى أن مطلب العودة هو أولا وأخيرا مطلبا حقوقيا فكيف تفهم علاقة الحقوقي والمطلبي بالسياسي في المبادرة؟

هذا سؤال دقيق ومشروع يضعنا مباشرة في مربع تقاطع مختلف زوايا التعاطي مع الموضوع، لذلك أستسمحك الإطالة في الإجابة

الطريف والشيق هنا أن كل المقاربات هي بالضرورة مقاربات سياسية، فمن يتمثل المبادرة على أنها حقوقية مطلبية فاعليتها مرتبطة في مدى القدرة على تحمل درجة الصفر السياسي، يدخل على المبادرة من باب المناورة السياسية . ومن يتعاطى مع المبادرة على أنها أداة جديدة لفتح جبهة تهارج مع السلطة هو أيضا قد تمثل المبادرة على قاعدة المناورة. ومن جاء للمبادرة ليمارس نواسه الحاد بين المهادنة والتجذر السياسي يتعاطى مع المبادرة كورقة امتحان أبيض لن يفشل فيه مهما كانت النتيجة

وفي جميع الحالات نحن أمام منطق استعمالي ووظيفي أساسا وأنا أرى أنه من الطبيعي أن تستغرق السياسة مختلف الرؤى فعنوان العودة هو موضوعا ونهاية في قلب الهم السياسي

الجميع يعي أن موضوع عودة المهجرين التونسيين هو موضوع سياسي بالدرجة الأولى مرتبط مصيره بإرادة سياسية هي بالضبط محل الرهان الاستراتيجي من وراء تلك المقاربات

محظور إستراتيجية الصفر السياسي في التعاطي مع المبادرة هو في تقاطعها مع إستراتيجية السلطة ونزوعها إلى تجويف الملف بامتصاص دلالته السياسية وطمسها فالسلطة تميل في جل الحالات إلى تحويل المهجّر إلى مهاجر وترميه بقسوة في أخدود الانتقام من حميمية الوفاء للذاكرة النضالية

أما محظور إستراتيجية الكل سياسي فهو في ممكن إعادة إنتاج فشل دائم تكرره المعارضة الوطنية في امتحان التناوب بين منطق المبدأ والقيمة ومنطق المصلحة والنجاعة عندما يتعلق الأمر بإستراتيجية أرضيتها الأساسية حقوقية وتضميناتها المباشرة سياسية

المبادرة تعي جيدا أن هناك قليلا أو كثيرا من الحقيقة في خطاب الطرفين وهي تسعى إلى تركيب جديد لحقيقة أخرى تعكس جدلا بنّاءا بين رؤيتين في أسلوب التعامل مع المرحلة يتجاوز لحظة الجدل التائه الذي ساد حينا من الدهر في أوساط المهجرين

المبادرة ستسعى للانتقال بمفعول الفرز من دائرة الحكم القيمي إلى فضاء النجاعة السياسية المباشرة والمتمثلة في إدارة المتاح لإنجاز الممكن في موضوع العودة وضمن ذلك المسار ستصنع المبادرة ديناميكيتها الخاصة وسيكون الكثير أو القليل من السياسي من منتوجها الخاص وبما يخدم أهدافها وأولوياتها وأجنتدها الخاصة

لعل عدم تعجلنا في هيكلة المبادرة ،وانحيازنا لفكرة تنشيط مرحلة بينية، تبدأ بالتجميع وتنتهي لحظة الاتفاق على خط المبادرة وإستراتجيتها يعكس وعيا حادا لدى المبادرين بضرورة تنضيج الحوار حول هوية المشروع ومسار تنزيله ومن حسن حظ المبادرة أن اجتمعت عليها نخبة وطنية مصممة على توظيف كفاءتها في استنبات الأسلم والأنجع لتحقيق العودة على أرضية ضوابطها التي نصص عليها بيان المبادرة

يمكن أن تفخر المبادرة أنها أقنعت جزءا من النخبة المهجرية المستقيلة من المجال السياسي منذ سنوات عديدة بالانخراط مجددا في قلب الهم العام من خلال عنوان العودة الذي يعكس في تضمينه السياسي مركب التحول الممكن تونسيا نحو نظام سياسي أقل انغلاقا

وتلك الكفاءات الوطنية مطروحا عليها أن تمارس واجب الأمل حتى وإن اضطرت لأن تضرب بعصاها الحجر

مقوم القوة الأساسي للمبادرة هي في كفاءاتها المتعددة التجارب والمواقع وطموحها لا يتعدى في النهاية إقناع الجميع بأن مكان هؤلاء الطبيعي هو أرض الوطن

وبقدر ما نحرص على استقلالية المبادرة والشفافية والشورى داخلها وبين المنخرطين فيها سنحرص على إدارة حوار عميق وهادئ ومسئول حول كل المحاور المتعلقة بموضوع حقنا في عودة لوطننا نريدها آمنة وكريمة ترفع المظالم وترد الحقوق

يتساءل البعض من وراء هذه المبادرة، وهل النص صيغ بصورة فردية، أم كانت هناك لجنة صياغة، أم هو مساهمة كل الموقعين، وهل هناك جهات وراء هذا المسعى؟

المبادرة تقف وراءها ذاكرتها، فهي كما ذكرت محصلة نصوص عديدة نشرت حول العودة. أما كيف بدأت؟ فالحكاية بسيطة، حيث وجه السيدان عماد الدايمي وسليم بن حميدان نداءا للمهجّرين للإتحاد حول حق العودة، وقد اتصلت بهما وعرضت عليهما فكرة المبادرة، وتوسّعت دائرة الحوار والتشاور حول المقترح، لتشمل النواة الأولى من المناضلين التي ساهمت في صياغة النص، وهم تحديدا ودون ترتيب مقصود السادة:

سليم بن حميدان - سيف بن سالم - عماد الدايمي - الطاهر بوبحري - عبد العزيز شمام - عزالدين شمام -

الطاهر العبيدي - عادل الحمزاوي - فتحي الفرخ - رياض بالطيب - نورالدين ختروشي.

وقد أجريت على البيان العديد من التحويرات كان آخرها قبل نشره، والطريف أن بعض الصياغات أقترحها مناضلون لم يوقعوا إلى اليوم على المبادرة.

لقد حاول الجميع وإلى آخر لحظة إقناع الأصدقاء بشرعية المبادرة وجدواها، تلك هي قصة البداية في عفويتها وبساطتها ،نرويها ليس فقط للرد على من يتصوّر أن المبادرة وليدة مكر بليل، بل وأساسا لحساب الشفافية مع كل الموقعين على المبادرة وكل المعنيين بها، بل وأيضا وخاصة لحساب الأمانة مع الذاكرة والتاريخ.

هناك من يعتبر هذه المبادرة نوعا من الالتفاف على حالة التململ، وآخرون يرون أن حركة النهضة وراءها لتعطيل ملف عودة المنفيين بصورة فردية، بعد أن بدا يتجاوزها من خلال رجوع بعض عناصرها بصورة فردية، والجدل القائم حول كيفية إدارة الأزمة؟

هذه أحكام تخص طرفا سياسيا لا أشارك أصحابه ذلك التقييم،

والمبادرة لا علاقة لها بأجندة أي طرف سياسي سواء كانت حركة النهضة أو غيرها، حيث انطلقت بقرار فيه كثيرا من الاستقلالية، وفيه كثيرا من الإرادة في العمل المشترك مع جميع المعنيين بملف عودة المهجّرين. ومن الطبيعي أن يكون أبناء حركة النهضة حاضرين، فتلك الحركة هي حمّالة الجرح الوطني في هذه المرحلة، ومن الطبيعي أن يكون حجم تضرّرها من محنة التهجير أكبر من غيرها.

النص ابتدأ بشكل تصعيدي، حيث شبّه الواقع الحالي بمرحلة الاستعمار، حين وقع نفي زعماء الحركة الوطنية، أليس هذا نوعا من الاستفزاز السياسي المجاني للسلطة، ونوعا من تأبيد الصراع كما بدا للبعض؟

أبدا هذا تأويل متعسّف ومتسرّع .... نحن نمثل حلقة وصل مع محنة المنفى التي عرفتها مختلف أجيال النضال الوطني في مراحله المختلفة، فقد مرّ على مرارة المنفى مارّة من كل أطياف النضال الوطني، سواء في مرحلة التحرير أو في معركة البناء التي مازالت السلطة الحالية تحتكر إدارة يومياتها، ونحن طرف من المجموعة الوطنية يدفع ثمن إرادته وإصراره على ممارسة حقه في المشاركة المستقلة والمسئولة في تلك المعركة النبيلة، معركة بناء بلادنا وصياغة مستقبلها، وكان القدر أن جمعنا في دائرة المنفى ،وكان يمكن أن نكون في دائرتي الشهداء أو المساجين، فالظلم واحد ومصادره متعددة والثمن واحد والدافعون أجيال.

أغلبية الموقعين على هذه المبادرة هم من الإسلاميين أو المتعاطفين معهم، كما لاحظنا غياب إمضاءات العديد من كوادر حركة النهضة المنفيين، فما هي دلالات ذلك؟

أما أن أغلبية الموقعين من حركة النهضة فذلك دليل صدقية وتمثيلية المبادرة، لأن أغلبية المهجّرين من أبناء تلك الحركة، وهي مفتوحة على جميع المهجّرين فلا يوجد أحدا في المبادرة بغير صفة المهجّر، أما في ما يخص غياب إمضاءات من كوادر حركة النهضة، فهو دليل على أن المبادرة مازالت في حاجة إلى مزيد من الحوار والتوضيح ،للإقناع بجدواها ونحن نجدد دعوتنا لهؤلاء السادة للانضمام للمبادرة، فحاجتنا لخبرتهم وكفاءتهم أكيدة.

هناك من المهجّرين من عادوا هذه الأيام إلى تونس، بعد عشرات السنوات التي قضوها في المنفى، ولم يتعرّضوا للأذى، مما يجعل هذه المبادرة نوعا من الإحراج السياسي للطرف الموجود في السلطة، والذي كما يقال يرغب في طي هذا الملف؟

لم يتعرضوا للأذى ليس لأنهم عادوا، ولكن لأنهم لم يعودوا للعمل العام، فمعاناة أصدقاءهم من معارضة الداخل نتابع يومياتها بأسف ومرارة، وهي يوميات تؤكد لنا أن أصحاب المصلحة في استمرار قوس الانغلاق السياسي واحتكار الحياة العامة بقوة العنف الرسمي مازالوا الفاعلين الأساسيين في مواقع صنع القرار داخل السلطة. أما إذا كان هناك طرفا داخل السلطة، يرغب في طي الملف فليظهر وليعبّر عن نفسه، ونحن مستعدون في الوقت المناسب للحوار حول صيغة طي الملف وشروطه الدنيا المقبولة من طرف المهجّرين ... نعم نحن مستعدون للحوار دون لهفة ذليلة ولا تكبّر مخاتل

نهنئ طبعا كل عائد إلى أهله ووطنه، وإن كنا نعتقد أن عودة أخرى أكثر كرامة وأقل شبهة ممكنة لا بحكم الأمل، بل بحكم المتاح.

هل هي عريضة أم مبادرة وما هي الحدود الفاصلة بين الاثنين؟

العريضة نص جماعي لتسجيل موقف من قضية أو للمطالبة بمشترك، أما المبادرة فهي أرضية التقاء على مشروع، وما أعلناه على الرأي العام الوطني والدولي هو مبادرة موضوعها حق العودة لوطننا على أرضية البيان التأسيسي للمبادرة.

هذه المبادرة كما اصطلح على تسميتها، هل هي تجميع لعدد أكثر من الأسماء، ثم يقع طيّها فيما بعد كما طويت العديد من العرائض الأخرى، أم لها أفاق سياسية، وحراك ميداني؟

جدة المبادرة في تعدد أبعادها. ففي المبادرة بعد ثقافي استراتيجي سيعمل لحساب الذاكرة، ويفتح للتجربة فضاءات أخرى للتعبير عن فصولها بأقصى حدود الأمانة مع النفس والحقيقة والتاريخ، سنبدأ بإحصاء لعدد المهجّرين وأماكن تواجدهم، وسنؤرخ لتجارب فردية في حميميتها وذاتيتها العميقة، لنعيد من خلالها تركيب صورة أخرى للمنفى لحساب الذاكرة الوطنية... سنحكي مرويات التغريبة التونسية على لسان الأطفال والأمهات والآباء والأحبة الذين غادروا ولم نرسم على جبينهم قبلة وداع،...ومن خلال شهادات عينية ومباشرة، ومن خلال النصوص والأعمال الفنية التي أنتجها المهجّرون سنحكي ونصوّر ونكتب ألمهم، ولكن سنروي قصّة إنجازاتهم ونجاحاتهم، وهي والحمد لله كثيرة ومتعددة، والتي نريد لوطننا أن يستفيد منها لأنه الأولى بها،

إنها ورشة واجب الذاكرة، تنتظر من المبادرة عملا وجهدا طويل المدى، أما في المدى المنظور فالمبادرة أمام هم النجاعة في إنجاز الممكن ومراكمته في إتجاه المطلوب، وهي ورشة عمل ذهني وميداني، سنقبل عليها بهم التجديد، وزحزحة السائد في التعامل مع الواقع والأطراف الفاعلة فيه، فالمبادرة متعدّدة الأبعاد ومفتوحة على تجربة طريفة، نأمل أن تكون عامل إثراء وإضافة في المشهد الوطني.

بعض المصادر تقول أن الأوامر جاءت من أعلى هرم في السلطة لحل ملف اللاجئين، وتيسير عودتهم للبلاد بصورة فردية، ألا ترون أن هذه المبادرة ربّما تعطل مسعى السلطة في هذا الاتجاه، كما وقع من قبل وتحديدا سنة 98 مع مبادرة الهاشمي الحامدي، حين وعده زين العابدين بحل المشكلة والعفو الإنساني، وقد تمت تسوية بعض الملفات، ووقع بعدها تجميد هذه الوساطة، نتيجة تصلب أطراف داخل السلطة، وتنصل جهات معارضة، كما يتداول في الأوساط السياسية؟

إن كانت هناك أوامر من أعلى هرم السلطة للسماح بعودة فردية مشروطة هذا ليس جديدا، والمبادرة ترفض الحلول المشروطة.

أما إذا تحوّل موقف السلطة بعد صدور الإعلان على نية القيام بالمبادرة فهذا ما نتمناه، وهو دليل على قوتها، فمجرّد الإعلان عنها حقق إنجازا في تخلي السلطة عن سياسة الابتزاز...أنت هنا يا سيدي تبشرنا بكسب، وتحثنا على استكمال إنجاز المبادرة، فإذا كانت نية المبادرة قد أربكت السلطة حد تغيير سياستها، فالأولى بالمبادرة بعد إنجازها أن تصعّد من سقف شروطها، لأنها ستكون في موقع أفضل،

هذا تأويل جامح، وكلام فيه مبالغة، وفيه عدم تقدير لقوة السلطة ومدى قدرتها على المناورة، نحن نتمثل المبادرة على أنها حل ممكن لملف العودة، وليس في الوارد عند المعنيين بها إضافة مشكل جديد في قضية تتقاطع على سطحها مفردات أزمة الحياة السياسية ببلادنا، نحن نعي في المبادرة حجم خصومنا، كما نعي تماما تعقيد المشهد وتعقد المسار، وسنعمل على قاعدة المراكمة والاستفادة من دروس تجربتنا والتجارب الشبيهة، دون تسرّع مغامر ولا بطء ممل.

لماذا كل هذه السنوات نراك تختفي ويطول غيابك، ثم تظهر على الساحة من جديد ثم تعود إلى الاختفاء، وهكذا نفس السيناريو المتكرر، نريد أن نفهم أين تتموقع ومن تكون؟

دعك من شخصي أستاذ العبيدي، أنا نورالدين ختروشي مواطن تونسي، أحمل منذ 17 عشر عاما وثيقة سفر زرقاء، كتب عليها مسموح لحامل هذا الوثيقة السفر إلى كل بلدان العالم باستثناء تونس.
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.