محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    وزارة الدفاع تنتدب تلامذة ضباط صف بجيش البحر    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    كرة اليد: منتخب الاصاغر ينسحب من ربع نهائي المونديال    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    الاحتلال يضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الغزالي : للإخوان رؤية اقتصادية لكن المشكلة في التطبيق
نشر في الفجر نيوز يوم 14 - 08 - 2008

تكمن أهمية اللقاء مع د.عبد الحميد الغزالي في أنه كان المسئول عن الجانب الاقتصادي في القراءة الأولى لبرنامج الإخوان المسلمين والذي لاقى انتقادات عدة من بينها أنه برنامج ليبرالي وليس به ما يميزه كبرنامج اقتصادي ذي مرجعية إسلامية، ومن ثم كان الحوار فرصة للنقاش حول هذه القضية، بجانب تقييم الأداء الاقتصادي لنواب الإخوان في البرلمان المصري، وقضية غياب القضايا الاجتماعية المختلفة عن أجندة عمل الجماعة، إضافة إلى التداعيات المستقبلية للمحاكمات العسكرية الأخيرة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية داخل الجماعة وعلى الاقتصاد المصري بشكل عام.
د.عبد الحميد الغزالي بجانب كونه أستاذا للاقتصاد والاقتصاد الإسلامي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة هو مستشار لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، وله العديد من الكتابات والمؤلفات الاقتصادية كان آخرها "الفكر الاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين"، وتعرف الغزالي على الإخوان منذ الصغر، وترقى داخل الجماعة ليشغل عضوية مجلس شورى الإخوان ومسئولا عن القسم السياسي بالجماعة قرابة 8 سنوات، وقد ألقى القبض عليه بسبب انتمائه للإخوان ثلاث مرات كان آخرها مع ما تسمى بمجموعة قضية حزب الوسط التي ضمت أيضا المرشد الحالي مهدي عاكف وقضيا فيها حكما بالسجن ثلاث سنوات.
نقد البرنامج الاقتصادي
* قمتم بإعداد الجانب الاقتصادي في القراءة الأولى لبرنامج الإخوان المسلمين، وفي حقيقة الأمر هناك عدة انتقادات وجهت إلى البعد الاقتصادي، مثل رؤيته للخصخصة التي تكاد تنطلق من نفس أرضية الحزب الحاكم، كما أن البرنامج ليس به ما يميزه كبرنامج ذي مرجعية إسلامية..ما ردك على هذا الكلام؟
- هذه القراءة الأولى التي قدمت تعد سابقة لم يقدم عليها أي حزب أو تيار سياسي في مصر حتى الآن، وهي أن تعرض الجماعة برنامجا متكاملا على النخبة لكي تستطلع رؤاها في تفاصيل ما تقوم به الجماعة، وهذا البرنامج يحوى مقدمة وجانبا سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وإعلاميا.
وبالنسبة للجانب الاقتصادي، والذي كان له نصيب الأسد في عدد الصفحات في هذه القراءة الأولى؛ لأنه كان مفصلا وقدم وصفة متكاملة لمواجهة المشكلة الاقتصادية في مصر، وانطلق من أصول وثوابت النظام الاقتصادي الإسلامي.
الصفحات الأولى من البرنامج تؤكد الملامح الرئيسية للنظام الاقتصادي الإسلامي، من هذا المنطلق تم تفصيل البرنامج الاقتصادي من حيث الأهداف الكلية التي تسهم في تحقيق تنمية مستدامة، ثم الأهداف الوظيفية للقطاع العام والخاص والمشترك والتعاوني، وهنا ناقش البرنامج عملية الخصخصة، وأكد اعتمادها بحقها، وليس كما يسميها النظام، فالخصخصة يقصد بها تقوية القطاع الخاص الوطني من خلال نظرة تكاملية بين القطاع العام والخاص، ثم انتقل هذا الشق الاقتصادي إلى القطاعات الإنتاجية ليناقش أساس التنمية الزراعية والصناعية، والتشييد والبناء، ثم التنمية الخدمية وعلى رأسها صناعة السياحة.
ثم انتهى البرنامج إلى البعد الخارجي، مؤكدا ضرورة انتهاج سياسة تعاون اقتصادي على حلقات إستراتيجية رئيسية (الحلقة العربية، والإسلامية ثم الدول النامية)، ابتداء من المشروعات المشتركة وتنسيق الخطط ومثلثات النمو، ثم الأخذ بصيغ متقدمة في التعاون الاقتصادي ليس فقط منطقة تجارة حرة، وإنما أيضا سوق مشتركة وصولا إلى تكامل اقتصادي ووحدة اقتصادية على أساس مصلحة الدول الأعضاء.
هذا البرنامج قد يرى البعض أنه يتداخل مع بعض البرامج الأخرى، مثل برنامج الحزب الوطني الحاكم، نعم قد يكون هناك أرضية مشتركة في المعالجات الفنية؛ لأننا نعالج المشكلة نفسها، ونهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد المصري، ولكن هناك البعد الاجتماعي للتنمية أو التوجه الإنمائي للاقتصاد، وهو ما يتفرد به البرنامج في مقارنته بالبرامج الحزبية الأخرى.
وعلى سبيل المثال هناك دور لمؤسسات الزكاة والوقف كمصادر تمويلية مساعدة للتغلب على عجز الموازنة العامة، وهناك دور للمشروعات كثيفة العمل للحد من مشكلة البطالة.. إلخ.
فمثل هذا البرنامج كان يجب أن يكون موضع اهتمام النخبة والإعلاميين، بدلا من الإمساك بتلابيب الصفحات الأولى للقراءة الأولى للبرنامج مثل هيئة كبار العلماء والولاية العامة للمرأة والقبطي.
نواب الإخوان والأداء البرلماني
*فيما يخص الأداء الاقتصادي لنواب الإخوان خلال دورته الحالية لوحظ أن ردود أطروحات الإخوان الاقتصادية في البرلمان تتشابه مع الحلول المطروحة من قبل القوى السياسية الأخرى وأن التوجهات الاقتصادية للإخوان بشكل عام هي في مجملها توجهات ليبرالية؛ لا تختلف كثيرًا عن التوجهات التي تتبناها الحكومة المصرية في السنوات الماضية..
- منذ برلمان 1984، ومرورا ببرلمان 1987، وبرلمان عام 2000، وصولا إلى برلمان 2005، كان أداء الإخوان الاقتصادي في البرلمان يتسم بالموضوعية العلمية، والحرفية المتعمقة في معالجة المشكلات الجادة التي تجابه الاقتصاد في المجتمع المصري، ويمكن مطالعة استجوابات الإخوان حول القضايا الاقتصادية في البرلمان، مثل استجوابات البطالة وكيفية معالجة الفقر، وارتفاع الأسعار، والاحتكار ومشكلة غرق عبارة السلام 98، والقطارات المحترقة، وحريق مسرح بني سويف، ومشكل التعليم والصحة والفساد.. إلخ.
وبالتالي فإن نواب الإخوان قاموا بدورهم، ولكن للأسف الشديد فإن أثر هذا الأداء، لم ينعكس على قرارات مجلس الشعب، وبالتالي لم يعد له أثر في الواقع، وهذا يرجع إلى الدور الفاعل للأغلبية المعيقة في مجلس الشعب، والسبب هو تزييف إرادة الناخب المصري خلال انتخابات مجلس الشعب الحالي، حيث كان ما حصل عليه الحزب الحاكم 33% من المقاعد بواقع 145 مقعدا، ثم أغرى 148 نائبا مستقلا، للانضمام إليه، على أساس أنهم يسيرون وفقا لمبادئ الحزب الوطني؛ وبذلك ضمن الحزب الحاكم الأغلبية المعيقة وتمرير القوانين الخانقة للحريات على رأسها قانون الطوارئ؛ وبالتالي كان أثر نواب الإخوان ضعيفا، لكن كتلة الإخوان عملت من أجل الضغط على النظام، وإعلام المواطن المصري بوجهة النظر الصحيحة في القضايا الاقتصادية المطروحة.
حرب اقتصادية ضد الإخوان
*د.عبد الحميد.. هل صحيح أننا بإزاء حرب اقتصادية من قبل النظام على الجماعة وأن المحاكمات العسكرية الأخيرة هي أول فصولها؟ ما توقعاتكم لهذه الحرب ومتى يمكن أن تنتهي؟ وما تأثيراتها المستقبلية المتوقعة على الوضع الاقتصادي داخل الجماعة وفي مصر بشكل عام؟
- طبعا المحاكمات العسكرية من حيث المبدأ مرفوضة؛ لأن الوضع الطبيعي للمواطن هو أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي إذا ما ارتكب ما يخالف القانون والدستور، لكنني أجزم أنه لا أثر لهذه الأحكام على الجانب الاقتصادي للجماعة؛ لأن هؤلاء الأعضاء لم يكونوا يديرون استثماراتهم نيابة عن الجماعة، ولكنهم كانوا يديرون مشروعاتهم الخاصة والتي قاموا بتأسيسها بجهدهم ورأسمالهم الخاص والذي لا يرتبط بأي صلة بالجانب المالي للجماعة.
وهذه الأحكام لن تؤثر على خطاب الإصلاح السياسي والاجتماعي داخل الجماعة، فالجماعة تحملت الكثير من الضربات من قبل النظام الحاكم، هذه الضربات تزيد الجماعة قوة، وتعطيها دفعة للتضحية والإصرار على الإصلاح مهما كانت النتائج.
لكن من ناحية أخرى فإنني أرى أن لهذه الأحكام أثرا مدمرا سلبيا ومباشرا على مناخ الاستثمار في مصر وعلى أداء الاقتصاد المصري؛ لأن الاقتصاد المصري يمر بأزمة حقيقية تتمثل في سوء إدارة الإمكانات المتاحة انعكست في مشكلة فقر حادة، وبطالة طاحنة وارتفاع جامح في الأسعار وثقافة فساد في شتى القطاعات الإنتاجية، إضافة إلى مديونية داخلية وخارجية خطيرة، ومن ثم فالاقتصاد المصري في أمس الحاجة إلى مناخ مناسب لتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة عربيا وإسلاميا ثم دوليا لسد العجز.
هذه الأحكام جاءت لتزيد الشكوك حول مناخ الاستثمار في مصر، حيث جمدت ما يقرب من 200 مشروع إنتاجي، ومن ثم تعد عاملاً طاردًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، في وقت يبدو فيه الاقتصاد المصري في أمس الحاجة لمشروعات ناجحة، خاصة بعد الآثار السلبية الواضحة لعملية الخصخصة، وهو ما يمثل ضربة حقيقية للاقتصاد المصري في فترة يعاني فيها الاقتصاد المصري من ضربات كثيرة موجعة.
على المستوى الإنساني كانت هذه الأحكام سببا في حرمان الاقتصاد المصري من رجال أعمال جادين محليا وخارجيا، وناجحين في شتى مجالات عملهم، ويحوزون على ثقة مجتمع الأعمال داخليا وخارجيا أمثال حسن مالك، أيضا فإن مشروعات هؤلاء الأعضاء كانت تفتح آلاف البيوت، والآن أصبحت آلاف الأسر مهددة في أرزاقها، وقد انضم معظم أفراد هذه الأسر إلى طابور البطالة، وبالتالي تركت هذه الأحكام آثارا سلبية واضحة على الاقتصاد المصري.
أموال الإخوان والاقتصاد الوطني
*يرى البعض أن أحد كبرى مشكلات رأس المال داخل جماعة الإخوان أنه لم يوجه إلى الاهتمام بالمشاريع الوطنية الكبرى في مصر، ولكنه وجه إلى استثمارات فردية ربحية استهلاكية تصب في مصلحة أفراد وليس في مصلحة مجتمع.. ما رأيك؟
-هذه مقولة خاطئة؛ لأنه لا يوجد رأس مال للجماعة وإنما يوجد مجموعة من رجال الأعمال ينتمون إلى الجماعة في شتى قطاعات الاقتصاد المصري، وانتماء هؤلاء إلى الجماعة لا يعني أن مشروعاتهم ملك للجماعة، ومن جانب آخر فهؤلاء الأعضاء يمثلون جزءا هاما من مجتمع رجال الأعمال في مصر، وهم يعملون بإخلاص وجدية من أجل المساهمة الجادة في عملية تنمية الاقتصاد المصري، وفقا للأولويات الإنمائية المعتبرة من أجل إحداث تنمية مستدامة لهذا الاقتصاد، سواء في مشروعات استهلاكية أو مشروعات إنتاجية بسيطة أو مشروعات رأسمالية، ولا يعقل أن يتقدم رجل أعمال ناجح في القطاع الخاص بمشروع لا يتمتع بأولوية إنمائية واضحة، أو بجدوى اقتصادية مرتفعة.
وإذا كان النظام يعتمد فلسفة اقتصاديات السوق ومن ثم تشجيع القطاع الخاص الوطني، فإن ما فعله في الواقع عكس ذلك تماما؛ لأن القبض على رجال أعمال ناجحين ومخلصين لوطنهم والحكم عليهم بأحكام عسكرية ما بين 3: 10 سنوات هو في حقيقة الأمر قتل لأي مبادرات مشروعة وتثبيط واضح للقطاع الخاص الوطني.
وقد أقامت الجماعة في بدايتها العديد من المشروعات الاقتصادية تراوحت بين أنشطة التعدين والمحاجر والغزل والنسيج، فالتمويل الإسلامي، إلى الطباعة والنشر والإعلام، وكانت معظم هذه الشركات في شكل شركات مساهمة تسير على مسيرة الاقتصاد الوطني، لكن هذه النهضة الإخوانية توقفت في بدايتها نتيجة قرار حل الجماعة، ولقد قدرت قيمة هذه الأصول الاقتصادية التي أهدرت بالتصفية أو المصادرة في ذلك القوت من عام 1948 بنحو ستين مليون جنيه مصري بأسعار الأربعينيات من القرن الماضي، وتقدر هذه الأسعار ببليون جنيه بأسعار السوق الحالية.
*فيما يتعلق باشتغال بعض قيادات الجماعة بالاقتصاد والتجارة.. ألا يؤدي على المستوى البعيد إلى الخلط بين النشاط الدعوي والاقتصادي مما يضر الجانب الدعوي ويشوهه؟
- لا أرى أن النشاط الاقتصادي يضر بالجانب الدعوي، فهذه مقولة تشبه تماما مقولة الفصل بين الدين والدولة، إن الدين أسلوب حياة للمواطن المسلم، وللدولة الإسلامية المدنية، فالاقتصاد أحد الأنشطة الحياتية وهو يسير جنبا إلى جنب مع الأنشطة الدعوية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وبرغم ذلك تحرص الجماعة على عدم الخلط بين الدعوة الخالصة لوجه الله والنشاط الاقتصادي، وذلك إيمانا برسالة الإمام المؤسس حسن البنا في أن الاقتصاد هو أهم قوى التنمية الاجتماعية التي يمكن أن تسهم في تطوير المجتمع، وانتقاله من حالة العجز والتبعية الاقتصادية والسياسية إلى الاستقلالية، وهو ما ينعكس على قرارات الدولة وخياراتها.
وقد أوصى الإمام البنا بعدم الخلط بين النشاط الدعوي والنشاط الاقتصادي، لا في الشكل ولا في الموضوع بمعنى ألا تكون هناك شركة تجارية أو مشروع اقتصادي يحمل لافتة أو شعار الإخوان المسلمين، صحيح المال لازم للدعوة، والدعوة تحتاج إلى المال، ولكن الدعوة شيء في نظامها وطبيعتها، والمال شيء آخر في نظمه وطبيعة دولابه.
حسن البنا والاقتصاد
*على ذكر الإمام البنا.. كيف كانت رؤيته للاقتصاد داخل الجماعة؟ وما هي رؤية مرشدي الجماعة بعد البنا للاقتصاد والاستثمارات؟ وهل كانت هذه الرؤى استكمالا لرؤيته أم أنها انحرفت عن المسار؟
-قدم الإمام حسن البنا فكرا اقتصاديا شاملا وحديثا من حيث المفاهيم والمبادئ والمصطلحات، وقدم تحليلا للمشكلة الاقتصادية المصرية، وحدد الآليات التشغيلية المتكاملة لمعالجتها لتحقيق تنمية مستدامة، ابتداء من تزاوج وتفعيل السياسي مع الاقتصادي، والتركيز على أهمية الإصلاح السياسي، ثم الأخذ بالمصرفية الإسلامية لتمويل المشروعات الإنمائية وفقا لنظام المشاركة في الربح والخسارة بديلا عن نظام المداينة بفائدة، والحث على تفعيل وتنظيم فريضة الزكاة كمورد مالي مساند للتوصيفات المالية، بصرفها في مصارفها الشرعية، وبالذات مصرف الفقراء والمساكين.
وحث الإمام البنا على قيام حركة تصنيع حقيقية ومتكاملة، وحذر من سيطرة الاحتكارات الأجنبية على الاقتصاد المصري، وأهمية العمل من أجل التخلص من هذه السيطرة، وناقش مشكلة البطالة والآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية لها، وكيفية معالجتها من خلال تشجيع العمل الحر عن طريق الإصلاح الزراعي والصناعات الحرفية والمنزلية الصغيرة.
ثم عرض للتعاون الاقتصادي العربي والإسلامي كضرورة أمام التكتلات العالمية، وكمدخل مهم لإحداث وحدة اقتصادية بين الدول الإسلامية.
وحقيقة فقد جاء فكر مرشدي الإخوان ومكتب الإرشاد وقيادات الجماعة متسقا مع الفكر الاقتصادي للإمام البنا، بل يكاد يكون متطابقا معه من حيث المرجعية الإسلامية، والتأكيد على أن قيام حركة نهضة وتنمية يدخلان في مجال الاقتصاد السياسي، وأن المدخل لتحقيقهما لا بد أن يكون سياسيا، فالإصلاح السياسي مدخل للاقتصادي، من خلال إقامة دول مدنية، تسير وفق نظام جمهوري برلماني، من خلال تعددية حزبية حقيقية، والالتزام بمبدأ تداول السلطة عبر الاقتراع العام الحر، كما قدم هذا الفكر توضيحا لشعار الإسلام هو الحل، من خلال برامج واقعية في المجالات السياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية والخارجية.
القضايا الاجتماعية وأجندة الجماعة
*من خلال متابعة نشاط الجماعة لوحظ غياب القضايا الاجتماعية عن الأجندة العملية للجماعة فلم نشهد الجماعة تتظاهر من أجل ارتفاع الأسعار أو المطالبة بتوفير فرص عمل للشباب.. إلخ، هذا في حين هناك اهتمام مبالغ فيه بقضايا الإصلاح السياسي مثلا؟
- الجماعة لا تهمل الجانب الاجتماعي في رؤيتها وخططتها، بل إن القضايا الاقتصادية والاجتماعية تنال اهتماما كبيرا من قبل الجماعة ويظهر ذلك في أدبيات الإخوان سواء في بيانات المرشد، أو في النشرة الأسبوعية للمرشد أو كتابات قادة الجماعة.
فالجماعة تنطلق من صحيح الإسلام كدين وكنظام شامل للحياة، وتقوم على أساس نظرة شاملة للمجتمع بهدف تحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق الحياة الكريمة لهم، وبالتالي كل جوانب الحياة تلقى نفس الاهتمام، ولا يجور جانب على آخر، ولدى الجماعة أقسام الإعانة والبر للفقراء والمحتاجين والطلاب، وقسم البر يقوم بواجبه، خاصة في المواسم مثل تقديم "شنطة رمضان" للفقراء؛ وبالتالي نهتم بقضايا الفقراء، لكن قد تظهر القضايا السياسية كصوت عال.
نحن نهتم بالأساس بطرح برامج عمل وخطط واقتراحات بديلة، ونطرح وجهة نظرنا في مؤتمرات وندوات ولقاءات، وفي برنامج الإخوان الأخير من أجل طرحها ووضعها أما المخططين والمنفذين في الدولة للأخذ بها، لكن المظاهرات لن تقدم حلولا لمثل هذه المشكلات، ولن تخفض الأسعار، خاصة في ظل سياسة القمع التي تتبعها الدولة لقمع المظاهرات وضربها واتباع سياسة الاعتقالات والحبس للمشاركين فيها.
(*)صحفي بموقع إسلام أون لاين.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.