أرينا سبالينكا تَغِيبُ في أولمبياد باريس    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    خلال يومين.. احباط 59 عملية "حرقة" وايقاف 24 منظما ووسيطا    معبر الذهيبة : ازدحام كبير جراء ارتفاع عدد العائلات الليبية القادمة نحو تونس    تونسي يتميز في جامعة دايفس بكاليفورنيا الأمريكية    مدخرات تونس من العملة الصعبة تقدر ب 107 ايام توريد    احمد الجوّادي يُتوّج بذهبية سباق 400 متر في بطولة فرنسا للسباحة 2024    سليانة.. تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة    بداية من الغد: تحذير من ارتفاع درجات الحرارة    وزير الشّؤون الدّينية يتفقّد أحوال الحجيج بمخيّمات المشاعر المقدّسة    الهيئة الوطنية للمحامين تنعى المحامي الدواس الذي وافته المنية في البقاع المقدسة    نحو 16 ألف شخص تعرضوا لإصابات خلال ذبح الخرفان في أول أيام العيد    كأس أمم أوروبا: برنامج مواجهات اليوم والنقل التلفزي    القيروان : زوج يقتل زوجته بطريقة وحشية بعد ملاحقتها في الطريق العام    قرقنة.. وفاة حاج من منطقة العطايا بالبقاع المقدسة    رئيس الاتحاد الفرنسي يحذر مبابي لأسباب سياسية    تنس – انس جابر تحافظ على مركزها العاشر عالميا وتواجه الصينية وانغ في مستهل مشوارها ببطولة برلين    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الختامية..    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    مصرع 6 أشخاص وفقدان 30 آخرين في انهيار أرضي في الإكوادور    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يحرق قاعة المسافرين في معبر رفح البري..    قتلى وجرحى بإطلاق نار خلال احتفال في تكساس الأمريكية    بسبب ين غفير.. نتنياهو يلغي مجلس الحرب    المتحدث باسم "اليونيسف".. الحرب على غزة هي حرب على الأطفال    طقس اليوم.. خلايا رعدية بعد الظهر والحرارة في ارتفاع    تراجع الإنتاج الوطني للنفط الخام في أفريل بنسبة 13 بالمائة    بن عروس/ 18 اتصالا حول وضعيات صحية للأضاحي في أوّل أيّام عيد الأضحى..    صفاقس : "البازين بالقلاية".. عادة غذائية مقدسة غير أنها مهددة بالإندثار والعلم ينصح بتفاديها لما تسببه من أضرار صحية.    الإنتاج الوطني للنفط الخام يتراجع في شهر افريل بنسبة 13 بالمائة (المرصد الوطني للطاقة والمناجم)    رئيس الجمهورية يتبادل تهاني العيد مع كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    استدرجوا امرأة للانتقام منها: صدور حكم بالسجن في جريمة قتل..    العلاقات الاندونيسية التونسية جسر تواصل من اجل ثقافة هادفة، محور ندوة بتونس العاصمة    فرنسا: تصدعات بتحالف اليسار وبلبلة ببيت اليمين التقليدي والحزب الحاكم يعد بتعزيز القدرة الشرائية    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    كأس أوروبا 2024 : المنتخب الفرنسي يستهل غدا مشاركته بلقاء النمسا    انس جابر تشارك الاسبوع المقبل في بطولة برلين للتنس    إخصائية في التغذية: لا ضرر من استهلاك ماء الحنفية..    صفاقس : الصوناد لم تكن وفيّة لوعودها يوم العيد    فرق التفقد الطبي بكامل الجمهورية تقوم بزيارات ميدانية غير معلنة لعدد من الأقسام الاستعجالية    وزارة الصحة السعودية تصدر بيانا تحذيريا لضيوف الرحمان    منسق البعثة الصحية: لا وفيات في صفوف حُجّاجنا    الصوناد: الرقم الأخضر 80100319 لتلقي التشكيات    تخصيص برنامج متكامل لرفع الفضلات خلال أيام العيد    بعد ظهر اليوم.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار متفرقة    أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى    المطربة المصرية منى عبد الغني تنهار باكية أثناء أداء مناسك الحج على جبل عرفات (فيديو)    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود درويش:ليس شاعرا عاديا .. بل عبقري أو ضرب من خيال


الناصرة
أعظم الله أجركم يا شعب فلسطين وأعظم الله اجر الأمة العربية والإسلامية والإنسانية بفقيدها الغالي محمود درويش الذي عاش لنا وفينا فهل نقبل تعازينا لنا فينا ، وهل صراخ وعويل وبكاء وتكفير وعتاب ورجاء سيحينا .
مات محمود درويش ، لكن لن تسدل ستارة عن فكرة منارة وساعد جبارة فالقمر المضيء لن يرحل عن البرايا ولن تحشر شمس طليقة في الزوايا يشهد عليه الزمان ، يخلد ذكره المكان , نعم مات محمود درويش – عليه رحمة الله – بعد قصة جهاد ونضال مرير تحكي قصة فلسطين : ارض وشعب من النكبة إلى يومنا هذا، استطاع محمود درويش أن يجسد من خلال حياته وشعره صورة حقيقية لفلسطين وشعبها وتاريخها فكان معها ومنها وفيها سيان لا يفترقان ، فإذا ذكر محمود درويش ذكرت فلسطين وإذا ذكرت فلسطين ذكر محمود درويش، الذي كافح لأجلها وعاش منفيا عنها جاعلا منها قضيته الأولى والأخيرة وقصة عشق سرمدية عرفت بدايتها ولم تزل أبدية ليعود مسجى بكفنه ويدفن فيها محققا حلما وحقا للعودة وان لم يكن في حيفا أو الجليل كما أحب وأراد .
كنت ارغب أن يدفن محمود درويش في حيفا أو الجديدة أو البروة أو في أي بلد في الجليل لعدة أسباب منها الشخصية ومنها الرمزية المتعلقة بموقع الرجل – تغمده الله برحمته – ومكانته فان دفن محمود درويش في حيفا أو الجليل ، يعني الإصرار والثبات وعدم التنازل عن حق العودة الذي نسعى لتحقيقه بكافة الأشكال ، فإما أن نعود ونحن أحياء – وهذا فضل ومنة – وان لم يكن ذلك فان اضعف الإيمان أن يدفن من تغرب ونفي وسجن وقتل واسر مقدما حياته فداء لأرضه , خضبها بدمائه ،عطرها بحياته مات لتحيا فلسطين فليس بالكثير على من كان هذا شانه وهذه حالته أن يدفن في وطنه.
وهل في الدنيا شيء أحنى على الوليد من الأم الحنون ؟
تضمه بين ذراعيها تقربه من قلبها ليشعر بالأمان والاطمئنان ويرقد عندها بسلام رقدته الدنيوية .
إن الراصد لحياة محمود درويش يرى ويفهم ويشعر من خلال كلماته وتصرفاته في الآونة الأخيرة انه كان يحس بدنو الأجل وانتهاء متسع العمر ، في حين غابت عنا تلك اللحظات ولم نلق لتلك العبارات بالا ، فهو عندما يعلم أن طابعا بريديا سيصدر على اسمه يقول : نعيتموني حيا . وعندما يكرم يقول : ليس من العادة تكريم الأحياء . ولما يتحدث عن الموت والدفن يذكر أن رام الله محطة ومكان عمل ليس إلا وما الحب إلا للحبيب الأول ، حيفا والجليل مرتع الصبا ومسرح النضال والكفاح .
والشهادة أن محمود درويش ليس شاعرا عاديا أو سياسيا عاديا ، إنما هو عبقري أو ضرب من خيال . أقول ذلك ليس من باب التعظيم ولكن معرفة الفضل لأهل الفضل . كيف لا وهو الذي أعاد للشعر هيبته وحضوره ، وما مهرجانات شعره التي حضرتها الآلاف المؤلفة ، وضجت منها وبها الساحات والملاعب والمدرجات في صورة لم تعد مألوفة في زماننا الذي أصبح فيه الشعراء والأدباء أيتاما يعانون الفاقة والعزلة.
محمود درويش حالة من امتزاج الشعر بالسياسة بالاجتماع بالإنسانية دون حدود أو فواصل عبر امتداد تاريخي ، في سنوات طوال من الاحتلال والتشريد لهذا الشعب ، فخطاب محمود درويش خطاب شخصي لكل فرد من أفراد المجتمع الفلسطيني والعربي وحتى الإنساني , يفهمه كل واحد حسب ثقافته وذوقه , يدغدغ المشاعر ويحرك الوجدان بلمسات سحرية قلما نجد لها مثيلا عند قراءة أو سماع شعراء آخرين .
سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف . قضيه أساسية في الصراع القائم لا بد من تحديدها حتى نستطيع متابعة المسير ، فان كان محمود درويش شاعرا فذا ، فهو سياسي محنك عنده بعد نظر ورؤية ، لذلك رأى أن قضية الهوية هي الركيزة الأولى إن لم تحدد منذ البداية ستكون إشكاليه حقيقية ، تؤدي إلى حالة من التبلد والتلبد ما بعدها حالة ، من بداية التيه وفقدان أبجديات العمل ينتج عنها عدم الانتماء ، وبالتالي ضياع الأرض والهوية.
محمود درويش يرى أن الفلسطينيين الباقين في أرضهم سيعانون الويلات والمحن ، وحياة الصخر التي حتما ستنجب الرجال في تحد صارخ وصريح حتى انتهاء الملحمة ، لذلك عليهم أن يتسلحوا بهويتهم وانتمائهم من اجل أن ينغرسوا بأرضهم ويتجذروا فيها للحفاظ على الثوابت والبقاء .
إن مملكة محمود درويش ظاهرة فريدة جديرة بالدراسة والنظر العميق ، واحسبها لا تتكرر إلا بمقدار تكرار حالة البطولة ، وهو الذي استطاع أن يزيد من شحنة إدمان القراء للقراءة وحب الشعر وحب السياسة وحب الوطن ، وزيادة الوعي وتأكيد الانتماء ، وهو أيضا الذي غرس في نفوس الذين لا يقرأون استماع أشعاره وحفظها عن ظهر قلب ، وهو داعية أرباب الثقافة الذين ملوا السياسة ورجالها ، مارسوها حبا بالعبقري والإبداع والحقيقة والقاسم المشترك بين فصائل وجهات عديدة على الساحة الفلسطينية وسفير القضية أينما كان وحل .
بتقديري إن محمود درويش سلطان شعراء العصر بلا منافس ، أعاد للشعر مملكته وهيبته التي عرفها العرب على مدار تاريخهم وهو الذي سيس الأدب وأدّب السياسة وأعاد للشعر منبره وقوة ردعه وحروبه النفسية ، وجعل للشاعر كيانا وكأنه وزارة حربية ووزارة إعلام جمعتا معا في كيان إنسان ، ولم ينس معها الانسانيه التي قدم منها نماذج وصورا في حياته العملية ، فكان نبضا حيا يتدفق بين إخوانه وأصدقائه ، وفي أعماله وأشعاره برز حب الأرض والتواصل العميق والترابط الواضح مع أبناء شعبه الذي فجر فيه العبقرية والإبداع .
وحتى لا يبقى الحصان وحيدا
وحتى لا ننسى وان طال الزمن وتعاقبت أجيال اثر أجيال ، يبقى محمود درويش خالد الذكر علما شامخا كالطود العظيم ، كنت اقترح أن نسمي أولادنا باسم محمود درويش ، وشوارعنا على اسم درويش وحضاناتنا ومدارسنا وجامعاتنا على اسم محمود درويش ، ومؤسساتنا على اسم محمود درويش ، وان تكون هناك فعاليات ثقافية لحفظ أشعاره ونشر تراثه ، من مسابقات وجوائز ودراسات أدبية وأكاديمية ومناهج تعليمه وفعاليات لا منهجية وجوائز إبداع تحمل اسم محمود درويش , في محاولة رد الجميل لهذا الراحل العظيم والابن البار ، الذي عاش ومات وعشقه الأول انتم وحلمه الأخير انتم
ليتني شمعة في الظلام .
أبو العلاء
عبد عبد الله
الناصرة
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.