جمعت 3 وزارات.. جلسة عمل للوقاية من حرائق الغابات والمزارع لصائفة 2024    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    «لارتيستو»...الفنانة خديجة العفريت ل«الشروق».... المشهد الموسيقي التونسي حزين    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نستعدّ لإستقبال شهر رمضان


بسم الله الرحمان الرّحيم
كيف نستعدّ لإستقبال شهر رمضان
دروس و عبر
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم" (آل عمران 103)
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة"
(النحل - 125)
" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، "
(النساء - 1)

باريس في 28 أوت 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، طالب علم في مدرسة الحياة من تونس

الحمد لله ربّ العالمين ، والعاقبة للمتقين ، نحمده تعالى على آلائه حمدا كثيرا ، و نذكره ذكرا لا يغادر في القلب استكبارا و لا نفورا ، و نشكره إذ جعل الليل و النهار خلفة لمن ألااد ان يذكر او اراد شكورا.
نحمده سبحانه و تعالى بجميع محامده ، ما علمنا منها و ما لم نعلم، و على نعمه كلّها ، ما علمنا منها وما لم نعلم، و على نعمه كلّها ، ما علمنا منها و ما لم نعلم ، هو الله الذي أعظم على عباده المنّة ، بما دفع عنهم كيد الشيطان و فنّه، وردّ أمله وخيّب ظنّه، وهو الذي جعل الصيام حصنا لأوليائه ، و فتح الله لأخبائه أبواب الجنّة و عرّفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الشهوات و أن بقمعها تصبح النفس المطمئنة ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنّة.
ففي الحديث الصحيح الذي رواه النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: " يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان". قال الحبيب المصطفى :" ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان، هو شهر ترفع فيه الاعمال إلى ربّ العالمين، و أحبّ أن يرفع عملي و أنا صائم" .
و في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني وابن حبّان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال :" يطلع الله الى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"
فالحمد لله الذي منّ علينا معشر المسلمين أن بعث فينا و منّا نبيّا ، سيد الأولين و الآخرين و أشرف الانبياء والمرسلين محمدا صلى الله عليه وعلى آله الطيبين و أصحابه الغرّ الميامين ، و أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، والتابعين و من تبعهم بإحسان و القارئين إلى يوم الدين و علينا معهم والوالدين، برحمتك يا أرخم الراحمين.
يقول الله تعالى في سورة المائدة: " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهّركم وليتمّ نعمته عليكم لعلّكم تشكرون" (المائدة - 6)
نحمده سبحانه و تعالى على نعمه، ونشكره على ما هيّأ لنا من المناسبات العظيمة التي تصقل الايمان، و تحرّك المشاعر، فتزيد بالطاعات، و تضيّق مجالات الشرّ في المجتمعات، و تعطي المسلمين دروسا في الوحدانية الربانية و الإخاء ، والتضامن والصفاء، و البرّ و صلة الارحام، و الهناء والطّهر، و الخير والنقاء، والصبر في السرّاء والضرّاء، و الشجاعة والإباء، انها منهل عذب، وحمى أمين، و خصن حصين للطائعين، و فرصة لا تعوّض للمذنبين،بالاكثار من الطاعات و فضائل الاعمال، و محاسن الأفعال، و مكارم الخصال.
إن من اجل هذه المناسبات، والتي تليها في الشهر القادم، من المناسبات العظيمة قدرا ، و أبعدها أثرا، ما سنعيشه ، إن شاء الله ، ليلا اهارا، نرتوي من نميره و نترشّف من رحيقه، و نشمّ عاطر شذاه في هذا الشهر القادم، فتتضاعف الحسنات و ترتفع الدرجات و تغفر الذنوب و الزلات و السيئات، و تقال العثرات.
في هذا الشهر المبارك القادم بفتح ابواب الجنان و تغلّق ابواب النيران و تصفّد الشياطين. من صامه و قامه إيمانا و احتسابا لله جل ولى ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه. قال تعالى في سورة البقرة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (- البقرة-183) )
قال أبو جعفرفي تفسير القرطبي يعني تعالى ذكره بقوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بهما وأقرُّوا. ويعني بقوله: " كتب عليكم الصيام "، فرض عليكم الصيام. و " الصيام " مصدر، من قول القائل: " صُمت عن كذا وكذا " -يعني: كففت عنه-" أصوم عَنه صوْمًا وصيامًا ". ومعنى " الصيام "، الكف عما أمر الله بالكف عنه. ومن ذلك قيل: " صَامت الخيل "، إذا كفت عن السير، ومنه قول نابغة بني ذبيان: خَيْلٌ صِيَامٌ, وخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ تَحْتَ العَجَاجِ, وأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا. ومنه قول الله تعالى ذكره: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ) [سورة مريم: 26] يعني: صمتًا عن الكلام. وقوله: " كما كُتب على الذين من قبلكم "، يعني فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين منْ قبلكم. قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: " كما كُتبَ على الذين من قبلكم "، وفي المعنى الذي وَقعَ فيه التشبيه بين فرضِ صَومنا وصوم الذين من قبلنا. فقال بعضهم: الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا، أنه كمثل الذي كان عليهم، هم النصارى. وقالوا: التشبيه الذي شَبه من أجله أحدَهما بصاحبه، هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضُه.
ذكر من قال ذلك: حدثت عن يحيى بن زياد, عن محمد بن أبان [القرشي]، عن أبي أمية الطنافسي, عن الشعبي أنه قال: لو صُمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان. وذلك أن النصارى فُرض عليهم شهر رَمضان كما فرض علينا فحوَّلوه إلى الفصل. وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يومًا. ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يومًا وبعدها يومًا. ثم لم يزل الآخر يُستن سنّة القرن الذي قبله حَتى صارت إلى خمسين. فذلك قوله: " كتبَ عليكم الصيام كما كتبَ عَلى الذين من قَبلكم "،
وقال آخرون: بل التشبيه إنما هو من أجل أنّ صومهم كان من العشاء الآخرة إلى العشاء الآخرة. وذلك كان فرضُ الله جَل ثناؤه على المؤمنين في أول ما افترض عليهم الصوم. ووافق قائلو هذا القول القائلي القولَ الأوَّلَ: أن الذين عَنى الله جل ثناؤه بقوله: " كما كُتبَ على الذين من قبلكم "، النصارى.
* ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، أما الذين من قبلنا: فالنصارى, كتب عليهم رمضان, وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم, ولا ينكحوا النساءَ شهر رمضان. فاشتد على النصارى صيامُ رمَضان, وجعل يُقَلَّبُ عليهم في الشتاء والصيف. فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صيامًا في الفصل بين الشتاء والصيف, وقالوا: نزيد عشرين يومًا نكفّر بها ما صنعنا! فجعلوا صيامهم خمسين. فلم يزل المسلمون على ذلك يَصنعون كما تصنع النصارى, حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب، ما كان، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماعَ إلى طُلوع الفجر.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " كتب عليكم الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم "، قال: كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة. وقال آخرون: الذين عَنى الله جل ثناؤه بقوله: " كما كتب على الذين من قبلكم "، أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، أهل الكتاب. وقال بعضهم: بل ذلك كان على الناس كلهم.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " كتب عليكم الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم "، قال: كتب شهرُ رمضان على الناس, كما كُتب على الذين من قبلهم. قال: وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضانُ صَوْمَ ثلاثة أيام من كل شهر.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "، رمضانُ، كتبه الله على من كان قَبلهم.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا فُرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب," أيامًا معدودات ", وهي شهر رمضان كله. لأن مَن بعدَ إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان مأمورًا باتباع إبراهيم, وذلك أن الله جل ثناؤه كان جَعله للناس إمامًا, وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان الحنيفيةَ المسلمةَ, فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بمثل الذي أمر به مَنْ قبله من الأنبياء. وأما التشبيه، فإنما وقع على الوقت. وذلك أن مَنْ كان قبلنا إنما كان فرِض عليهم شهر رمضان، مثل الذي فُرض علينا سواء. وأما تأويل قوله: " لعلكم تَتقون "، فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه. يقول: فرضت عليكم الصوم والكفّ عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يُفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قُلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل:
* ذكر من قال ذلك: حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما قوله: " لعلكم تتقون "، يقول: فتتقون من الطعامِ والشرابِ والنساءِ مثل ما اتقوا - يعني: مثل الذي اتقى النصارى قبلكم. القول في تأويل قوله تعالى : (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ) قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره، كتب عليكم أيها الذين آمنوا - الصيامُ أيامًا معدودات. ونصبَ" أيامًا " بمضمر من الفعل, كأنه قيل: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قَبلكم، أن تصوموا أيامًا معدودات, كما يقال: " أعجبني الضربُ، زيدًا ". وقوله: (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )من الصيام, كأنه قيل: كتب عليكم الذي هو مثل الذي كتب على الذين من قبلكم: أن تصوموا أيامًا معدودات. ثم اختلف أهل التأويل فيما عَنى الله جل وعز بقوله: " أيامًا معدودات ". فقال بعضهم: " الأيام المعدودات "، صومُ ثلاثة أيام من كل شهر. قال: وكان ذلك الذي فُرض على الناس من الصيام قبل أن يُفرض عليهم شهرُ رمضان.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن عطاء قال: كان عليهم الصيامُ ثلاثة أيام من كل شهر, ولم يُسمِّ الشهرَ أيامًا معدودات. قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهرَ رمصان.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )، وكان ثلاثةَ أيام من كل شهر، ثم نسخ ذلك بالذي أنزل من صيام رمضان. فهذا الصوم الأول، من العتمة.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة. عن عمرو بن مرة, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصامَ يومَ عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر, ثم أنزل الله جل وعزّ فرضَ شهر رمضان, فأنزل الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )حتى بلغ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ).
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة قال: قد كتب الله تعالى ذكره على الناس، قَبل أن ينزل رمضان، صومَ ثلاثة أيام من كل شهر. وقال آخرون: بل الأيام الثلاثةُ التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومُها قبل أن يفرض رمضان، كان تَطوعًا صوْمهُنّ, وإنما عنى الله جل وعز بقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ )، أيامَ شَهر رمضان, لا الأيامَ التي كان يصومهن قبل وُجوب فرض صَوم شهر رمضان.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة, عن عمرو بن مرة، قال، حدثنا أصحابنا: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرَهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعًا لا فريضةً. قال: ثم نزل صيام رمضان - قال أبو موسى: قوله: " قال عمرو بن مرة: حدثنا أصحابنا " 3-416 يريد ابن أبي ليلى, كأنّ ابنَ أبي ليلى القائلُ: " حدثنا أصحابنا ".
حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة قال، سمعت عمرو بن مرة قال، سمعت ابن أبي ليلى, فذكر نحوه. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا قول من قال: عنى بقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )، شهرَ رمضان. وأولى ذلك بالصواب عندي قولُ من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله: (أيامًا معدودات)، أيامَ شهر رمضان. وذلك أنه لم يأت خبرٌ تَقوم به حُجة بأنّ صومًا فُرِض على أهل الإسلام غيرَ صوم شهر رمضان, ثم نسخ بصوم شهر رمضان, وأن الله تعالى قَد بيَّن في سياق الآية، أنّ الصيامَ الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته, عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومَها بقوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ). فمن ادعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين فرضُه غير صوم شهر رمضان الذي هم مجمعون على وجوب فرض صومه -ثم نسخ ذلك- سئل البرهانَ على ذلك من خبر تقوم به حُجة, إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذرَ.
وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا, فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أيامًا معدودات هي شهر رمضان. وجائز أيضًا أن يكون معناه: " كتب عليكم الصيام "، كتب عليكم شهر رمضان. وأما " المعدودات ": فهي التي تعدّ مبالغها وساعاتُ أوقاتها. ويعني بقوله: " معدودات "، مُحْصَيَاتٍ. القول في تأويل قوله تعالى : (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فمن كان منكم مريضًا "، من كان منكم مريضًا، ممن كلِّف صَومه أو كان صحيحًا غير مريض وكان على سَفر،" فعدة من أيام أخر "، يقول: فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره،" من أيام أخر ", يعني: من أيام أخر غير أيام مرضه أو سفره. والرفع في قوله: " فعدةٌ منْ أيام أخر "، نظير الرفع في قوله: (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ). وقد مضى بيان ذلك هنالك بما أغنى عن إعادته. وأما قوله: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طَعامُ مسكين "، فإنّ قراءة كافة المسلمين: " وعلى الذين يُطيقونه "، وعلى ذلك خطوط مصاحفهم. وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافُها، لنقل جميعهم تصويبَ ذلك قرنًا عن قرن. وكان ابن عباس يقرؤها فيما روي عنه: " وعلى الذين يُطوَّقونه ". ثم اختلف قُرّاء ذلك: " وَعلى الذين يُطيقونه " في معناه. فقال بعضهم: كان ذلك في أول ما فرض الصوم, وكان من أطاقه من المقيمين صامَه إن شاء, وإن شاء أفطره وَافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينًا، حتى نُسخ ذلك.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة, عن عمرو بن مرة, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن معاذ بن جبل قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصامَ يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر, ثم إنّ الله جل وعز فرض شهر رَمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ )حتى بلغ " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين "، فكان من شاء صامَ, ومن شاء أفطر وأطعمَ مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ )إلى آخر الآية.
حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة, عن عمرو بن مرة, قال حَدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعًا غيرَ فريضة. قال: ثم نزل صيام رمضان. قال: وكانوا قومًا لم يتعودوا الصيام. قال: وكان يشتد عليهم الصوم. قال: فكان من لم يصم أطعمَ مسكينًا, ثم نزلت هذه الآية: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، فكانت الرخصة للمريض والمسافر, وأمرنا بالصيام. قال محمد بن المثنى قوله: " قال عمرو: حدثنا أصحابنا "، يريد ابنَ أبي ليلى. كأن ابن أبي ليلى القائل: " حدثنا أصحابنا ".
حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة قال، سمعت عمرو بن مرة قال، سمعت ابن أبي ليلى فذكر نحوه. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم, عن علقمة في قوله: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: كان من شاء صام, ومن شاء أفطر وأطعم نصف صاع مسكينًا, فنسخها: (شَهْرُ رَمَضَانَ )إلى قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم، بنحوه - وزاد فيه، قال: فنسختها هذه الآية, وصارت الآية الأولى للشيخ الذي لا يستطيع الصوم، يتصدق مكانَ كل يوم على مسكين نصفَ صاع.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح أبو تميلة قال، حدثنا الحسين, عن يزيد النحوي, عن عكرمة والحسن البصري قوله: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، فكان من شاء منهم أن يصومَ صَام, ومن شاء منهم أن يَفتدي بطعام مسكين افتدى وتَمَّ له صومه. ثم قال: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، ثم استثنى من ذلك فقال: " ومنْ كان مريضًا أوْ عَلى سفر فعدةٌ من أيام أخر ".
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن إدريس قال: سألت الأعمش عن قوله: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، فحدثنا عن إبراهيم، عن علقمة. قال: نسختها: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
حدثنا عمر بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبد الله, عن نافع, عن ابن عمر قال: نَسَخت هذه الآية - يعني: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين " - التي بَعدها: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ).
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة في قوله: " وعلى الذين يطيقونه فدية طعامُ مسكين "، قال: نسختها: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
حدثنا الوليد بن شجاع أبو همام قال، حدثنا علي بن مُسهر, عن عاصم, عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية : " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، كان الرجل يُفطر فيتصدق عن كل يوم على مسكين طعامًا, ثم نزلت هذه الآية: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، فلم تنزل الرّخصةُ إلا للمريض والمسافر.
حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا علي بن مسهر, عن عاصم, عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية للناس عامة: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، وكان الرجل يفطر ويتصدق بطعامه على مسكين, ثم نزلت هذه الآية: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، قال : فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر.
حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء وهو يأكل في شهر رمضان، فقال: إني شيخ كبيرٌ، إن الصومَ نزل, فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا, حتى نزلت هذه الآية: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، فوجب الصوم على كل أحد، إلا مريض أو مسافر أو شيخ كبير مثلي يَفتدي.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )، قال ابن شهاب: كتب الله الصيام علينا, فكان من شاء افتدى ممن يطيق الصيامَ من صحيح أو مريض أو مسافر, ولم يكن عليه غير ذلك. فلما أوجب الله على من شهد الشهرَ الصيامَ, فمن كان صحيحًا يُطيقه وضع عنه الفدية, وكان من كان على سفر أو كان مريضًا فعدة من أيام أخر. قال: وبقيت الفديةُ التي كانت تقبل قبل ذلك للكبير الذي لا يُطيق الصيام, والذي يعرض له العطشُ أو العلة التي لا يستطيع معها الصيام.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال، جعل الله في الصوم الأوّل فدية طعام مسكين, فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يُطعم مسكينًا ويفطر، كان ذلك رخصةً له. فأنزل الله في الصوم الآخِر: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، ولم يذكر الله في الصوم الآخر فدية طعام مسكين, فنُسِخت الفدية, وَثبت في الصوم الآخر: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )، وهو الإفطار في السفر, وجعله عدةً من أيام أخَر.
حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، أخبرني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث قال، بكَيْر بن عبد الله, عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع, عن سلمة بن الأكوع أنه قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام، ومن شاء أفطر وافتدى بطعام مسكين, حتى أنزلت: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن عاصم الأحول, عن الشعبي في قوله : " وعلى الذين يُطيقونه فدية طعامُ مسكين "، قال: كانت للناس كلهم: فلما نزلت: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، أمِروا بالصوم والقضاء, فقال: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ).
حدثنا هناد قال، حدثنا علي بن مسهر, عن الأعمش, عن إبراهيم في قوله: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: نسختها الآية التي بعدها: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ). حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن محمد بن سليمان, عن ابن سيرين, عن عبيدة: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: نسختها الآية التي تليها: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
حدثت عن الحسين بن الفرج قال، حدثنا الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ )الآية, فُرض الصوم من العتمة إلى مثلها من القابلة, فإذا صلى الرجل العتمة حَرُم عليه الطعام والجماع إلى مثلها من القابلة. ثم نزل الصوم الآخِر بإحلال الطعام والجماع بالليل كله, وهو قوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ )إلى قوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ )، وأحل الجماع أيضًا فقال: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ )، وكان في الصوم الأول الفدية, فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يُطعم مسكينًا ويفطرَ فعل ذلك, ولم يذكر الله تعالى ذكره في الصوم الآخر الفديةَ, وقال: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، فنسخ هذا الصومُ الآخِرُ الفديةَ.
وقال آخرون: بل كان قوله: " وَعلى الذينَ يُطيقونه فدية طعامُ مسكين "، حُكمًا خاصًّا للشيخ الكبير والعجوز الذين يُطيقان الصوم، كان مرخصًا لهما أن يَفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا, ثم نسخ ذلك بقوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم، فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبلَ النسخ ثابتًا لهما حينئذ بحاله.
* ذكر من قال ذلك. حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, عن عَزْرة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: كان الشيخُ الكبير والعجوزُ الكبيرةُ وهما يطيقان الصوم، رُخص لهما أن يفطرَا إن شاءا ويطعما لكلّ يوم مسكينًا, ثم نَسخَ ذلك بعد ذلك: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، إذا كانا لا يطيقان الصوم, وللحبلى والمرضع إذا خافتا.
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سعيد, عن قتادة, عن عروة عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: " وَعلى الذين يُطيقونه "، قال: الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، ثم ذكر مثل حديث بشر عن يزيد.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي, عن قتادة, عن عكرمة قال: كان الشيخ والعجوز لهما الرخصة أن يفطرا ويُطعما بقوله: " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين ". قال: فكانت لهم الرخصة، ثم نسخت بهذه الآية: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، فنسخت الرخصة عن الشيخ والعجوز إذا كانا يطيقان الصوم، وبقيت الحاملُ والمرضعُ أن يفطرَا ويُطعما.
حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال, حدثنا همام بن يحيى قال، سمعت قتادة يقول في قوله: " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: كان فيها رخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصومَ أن يطعما مكانَ كل يوم مسكينًا ويفطرا, ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ )إلى قوله: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، فنسختها هذه الآية. فكان أهل العلم يُرَوْن ويرجُون الرخصةَ تثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا لم يطيقا الصومَ أن يفطرا ويُطعما عن كل يوم مسكينًا, وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها, وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها.
حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " وَعلى الذين يطيقونه فدية طعامُ مسكين "، فكان الشيخ والعجوز يطيقان صوم رمضان, فأحل الله لهما أن يفطراه إن أرادا ذلك, وعليهما الفدية لكل يَوم يفطرانه طعامُ مسكين, فأنزل الله بعد ذلك: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )، إلى قوله: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ). وقال آخرون ممن قرأ ذلك: " وَعلى الذين يُطيقونه "، لم ينسخ ذلك ولا شيء منه, وهو حكم مثبتٌ من لَدُنْ نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة، وقالوا: إنما تأويل ذلك: وعلى الذين يطيقونه - في حال شبابهم وَحداثتهم, وفي حال صحتهم وقوتهم - إذا مَرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم، فدية طعام مسكين = لا أنَّ القوم كان رُخِّص لهم في الإفطار - وهم على الصوم قادرون - إذا افتدوا.
* ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وَعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: أما الذين يطيقونه، فالرجل كان يطيقه وقد صام قَبل ذلك، ثم يعرض له الوَجع أو العطش أو المرض الطويل, أو المرأة المرضعُ لا تستطيع أن تصوم، فإن أولئك عليهم مكانَ كل يوم إطعام مسكين, فإن أطعم مسكينًا فهو خيرٌ له, ومن تكلف الصيام فصامه فهو خيرٌ له.
حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة، عن عَزْرَة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: إذا خَافت الحاملُ على نفسها، والمرضع على ولدها في رمضان, قال: يفطران ويطعمان مكانَ كل يوم مسكينًا، ولا يقضيان صومًا.
حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة,...، عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: أنه رَأى أمَّ ولدٍ له حاملا أو مُرضعًا, فقال: أنت بمنزلة الذي لا يُطيقه, عليك أن تطعمي مكانَ كل يوم مسكينُا، ولا قَضَاء عليك. حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة, عن سعيد, عن نافع, عن علي بن ثابت, عن نافع، عن ابن عمر، مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن ابن عباس قال، لأم ولد له حبلى أو مرضع: أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه, عليك الفداءُ ولا صومَ عليك. هذا إذا خافت على نفسها.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " وَعلى الذين يطيقونه فدية طعامُ مسكين "، هو الشيخ الكبير كان يُطيق صومَ شهر رمضان وهو شاب، فكبر وهو لا يستطيع صومَه، فليتصدق على مسكين واحد لكل يوم أفطرَه، حين يُفطر وحينَ يَتسحَّر. حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة, عن منصور، عن مجاهد, عن ابن عباس نحوه - غير أنه لم يقل: حين يُفطر وحين يَتسحر.
حدثنا هناد قال، حدثنا حاتم بن إسماعيل, عن عبد الرحمن بن حرملة, عن سعيد بن المسيب أنه قال في قول الله تعالى ذكره: " فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: هو الكبير الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه, وهي الحامل التي ليس عليها الصيام. فعلى كل واحد منهما طعامُ مسكين: مُدٌّ من حنطة لكلّ يوم حتى يمضيَ رَمضان. وقرأ ذلك آخرون: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"، وقالوا: إنه الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم, فهما يكلفان الصوم ولا يطيقانه, فلهما أن يفطرا ويطعما مكانَ كلّ يوم أفطراه مسكينًا. وقالوا: الآية ثابتة الحكم منذ أنزلت، لم تنسخ, وأنكروا قول من قال: إنها منسوخة.
* ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, حدثنا ابن جريج, عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " يُطوَّقونه ". حدثنا هناد قال، حدثنا علي بن مسهر, عن عصام, عن عكرمة, عن ابن عباس أنه كان يقرأ: " وَعلى الذين يُطوقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: فكان يقول: هي للناس اليوم قائمة.
حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " وَعلى الذين يُطوَّقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: وكان يقول: هي للناس اليوم قائمة.
حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " وعلى الذين يُطوَّقونه "، ويقول: هو الشيخ الكبير يُفطر ويُطعِم عنه. حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب, عن عكرمة أنه قال في هذه الآية: " وعلى الذين يُطوَّقونه "، -وكذلك كان يقرؤها-: إنها ليست منسوخة، كلِّف الشيخُ الكبير أن يُفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينًا. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير أنه قرأ: " وعلى الذين يُطوَّقونه ".
حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن عمران بن حدَير, عن عكرمة قال: " الذين يُطيقونه " يصومونه، ولكن الذين " يُطوَّقونه "، يعجزون عنه. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، حدثني محمد بن عباد بن جعفر, عن أبي عمرو مولى عائشة، أن عائشة كانت تقرأ: " يُطوَّقونه ". حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج, عن عطاء أنه كان يقرؤها " يطوَّقونه ". قال ابن جريج: وكان مجاهد يقرؤها كذلك.
حدثنا حميد بن مسعدة قال حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا خالد, عن عكرمة: " وعلى الذين يُطيقونه " قال، قال ابن عباس: هو الشيخُ الكبير. حدثنا إسماعيل بن موسى السديّ قال، أخبرنا شريك, عن سالم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: " وعلى الذين يُطوَّقونه " قال: يَتجشمونه يَتكلفونه.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس, عن مسلم الملائي, عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله: " وعلى الذين يُطيقونه فدية طعامُ مسكين "، قال: الشيخ الكبير الذي لا يُطيق فيفطر ويُطعم كل يوم مسكينًا.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس في قول الله: " وَعلى الذين يُطيقونه "، قال: يُكلَّفونه, فديةٌ طعامُ مسكين واحد. قال: فهذه آية منسوخةٌ لا يرخص فيها إلا للكبير الذي لا يُطيق الصيام, أو مريض يعلم أنه لا يُشفى.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن عمرو بن دينار, عن عطاء, عن ابن عباس قال: " الذين يطيقونه "، يتكلَّفونه، فديةٌ طعام مسكين واحد، ولم يُرخَّص هذا إلا للشيخ الذي لا يُطيق الصوم, أو المريض الذي يعلم أنه لا يشفى - هذا عن مجاهد. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس أنه كان يقول: ليست بمنسوخة. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، يقول: من لم يطق الصوم إلا على جَهد، فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا, والحاملُ والمرضعُ والشيخُ الكبيرُ والذي به سُقمٌ دائم.
حدثنا هناد قال، حدثنا عبيدة, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره: " وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: هو الشيخ الكبير، والمرء الذي كان يصومُ في شبابه فلما كبر عجز عن الصوم قبل أن يموتَ, فهو يطعم كل يوم مسكينًا - قال هناد: قال عبيدة: قيل لمنصور: الذي يطعم كل يوم نصف صاعٍ؟ قال: نعم.
حدثنا هناد قال، حدثنا مروان بن معاوية, عن عثمان بن الأسود قال: سألتُ مجاهدًا عن امرأة لي وافقَ تاسعها شهرَ رَمضان, ووافق حرًّا شديدًا, فأمرني أن تُفطر وتُطعم. قال: وقال مجاهد: وتلك الرخصة أيضًا في المسافر والمريض, فإن الله يقول: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين ".
حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية, عن عاصم, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: الحاملُ والمرضعُ والشيخُ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، يفطرون في رمضان, ويطعمون عن كل يوم مسكينًا، ثم قرأ: " وعلى الذينَ يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين ".
حدثنا علي بن سَعيد الكندي قال، حدثنا حفص، عن حجاج, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن علي في قوله: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعام مسكين "، قال: الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوَم، يُفطر ويطعم مكانَ كل يوم مسكينًا.
حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد, عن عمرو بن دينار, عن عطاء, عن ابن عباس قال: " وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: هم الذين يتكلفونه ولا يطيقونه, الشيخُ والشيخة.
حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حَماد, عن الحجاج, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن علي قال: هو الشيخُ والشيخة. حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد, عن عمران بن حُدير, عن عكرمة أنه كان يقرؤها: " وَعلى الذين يُطيقونه " فأفطروا. حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن عاصم، عمن حدثه عن ابن عباس قال: هي مثبتةٌ للكبير والمرضع والحامل، وعلى الذين يُطيقونَ الصيام.
حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال, حدثنا ابن المبارك, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما قوله:, " وعلى الذين يطيقونه "؟ قال: بلغنا أن الكبير إذا لم يستطع الصوم يفتدي من كل يوم بمسكين. قلت: الكبيرُ الذي لا يستطيعُ الصوم, أو الذي لا يستطيعه إلا بالجهد؟ قال: بل الكبير الذي لا يستطيعه بجهد ولا بشيء, فأما مَن استطاع بجهد فليصمه، ولا عذر له في تركه.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن أبي يزيد: " وَعلى الذين يُطيقونه " الآية, كأنه يعني الشيخَ الكبير - قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوس، عن أبيه أنه كان يقول: نزلت في الكبير الذي لا يَستطيع صيامَ رمضان، فيفتدي من كل يوم بطعام مسكين. قلت له: كم طعامه؟ قال: لا أدري, غير أنه قال: طعام يوم.
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن الحسن بن يحيى, عن الضحاك في قوله: " فديةٌ طعامُ مسكين "، قال: الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصومَ، يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: " وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين "، منسوخٌ بقول الله تعالى ذكره: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)ُ . لأن " الهاء " التي في قوله: " وَعلى الذين يُطيقونه "، من ذكر " الصيام " ومعناه: وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعامُ مسكين. فإذْ كان ذلك كذلك, وكان الجميعُ من أهل الإسلام مجمعينَ على أن من كان مُطيقًا من الرجال الأصحاء المقيمين غير المسافرين صوْمَ شهر رمضان، فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين - كان معلومًا أنّ الآية منسوخةٌ.
هذا، مع ما يؤيد هذا القول من الأخبار التي ذكرناها آنفًا عن مُعاذ بن جبل، وابن عمر، وسلمة بن الأكوع: من أنهم كانوا - بعد نزول هذه الآية على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في صوم شهر رمضان بالخيار بين صومه وسُقوط الفدية عنهم, وبين الإفطار والافتداء من إفطاره بإطعام مسكين لكل يوم؛ وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزلت: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )، فألزموا فرضَ صومه, وبطل الخيار والفديةُ. فإن قال قائل: وكيف تدَّعي إجماعًا من أهل الإسلام = على أنّ من أطاق صومه وهو بالصفة التي وصفت، فغير جائز له إلا صومُه = وقد علمت قول من قال: الحامل والمرضعُ إذا خافتا على أولادهما، لهما الإفطار, وإن أطاقتا الصوم بأبدانهما, مع الخبر الذي رُوي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي: حدثنا به هناد بن السري قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن أيوب, عن أبي قلابة, عن أنس قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يَتغدَّى، فقال: " تعالَ أحدِّثك, إن الله وَضع عن المسافر والحامل والمرضع الصومَ وشَطرَ الصلاة "؟
قيل: إنّا لم ندَّع إجماعًا في الحامل والمرضع, وإنما ادعينا في الرجال الذين وصفنا صفتهم. فأما الحامل والمرضع، فإنما علمنا أنهنّ غير معنيات بقوله: (وعلى الذين يطيقونه) وخلا الرجال أن يكونوا معنيين به، لأنهن لو كن معنيات بذلك دون غيرهن من الرجال، لقيل: وعلى اللواتي يُطقنه فدية طعامُ مسكين، لأن ذلك كلام العرب، إذا أفرد الكلامُ بالخبر عنهنّ دُون الرجال. فلما قيل: " وعلى الذين يُطيقونه "، كان معلومًا أنّ المعنيَّ به الرجالُ دون النساء, أو الرجالُ والنساء. فلما صحّ بإجماع الجميع - على أنّ من أطاق من الرجال المقيمين الأصحاء صومُ شهر رمضان، فغيرُ مرخص له في الإفطار والافتداء, فخرج الرجال من أن يكونوا معنيين بالآية, وعُلم أن النساء لم يُردن بها لما وصفنا: من أن الخبر عن النساء إذا انفرد الكلامُ بالخبر عنهن: " وعلى اللواتي يطقنه ", والتنزيل بغير ذلك.
وأما الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه إن كان صحيحًا, فإنما معناه: أنه وضَع عن الحامل والمرضع الصومَ ما دامتا عاجزتين عنه، حتى تُطيقا فتقضيا, كما وُضع عن المسافر في سفره، حتى يقيم فيقضيه - لا أنهما أُمِرتا بالفدية والإفطار بغير وجوب قضاء, ولو كان في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله وضع عن المسافر والمرضع والحامل الصوم "، دلالةٌ على أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى أن الله تعالى ذكره وضع عنهم بقوله: " وعلى الذين يُطيقونه 3-438 فدية طعامُ مسكين "، لوجب أن لا يكون على المسافر إذا أفطر في سفره قضاء, وأن لا يلزمه بإفطاره ذلك إلا الفدية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حُكمه وبين حكم الحامل والمرضع. وذلك قولٌ، إن قاله قائلٌ، خلافٌ لظاهر كتاب الله، ولما أجمع عليه جميع أهل الإسلام.
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنّ معنى قوله: " وعلى الذين يطيقونه "، وعلى الذين يطيقون الطعام. وذلك لتأويل أهل العلم مخالفٌ. وأما قراءة من قرأ ذلك: " وعلى الذين يُطوَّقونه " فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلافٌ, وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وِرَاثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلا ظاهرًا قاطعًا للعذر. لأن ما جاءت به الحجة من الدين، هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله. ولا يُعترض على ما قد ثَبت وقامت به حُجة أنه من عند الله، بالآراء والظنون والأقوال الشاذة. وأما معنى " الفدية " فإنه: الجزاء، من قولك: " فديت هذا بهذا "، أي جزيته به, وأعطيته بدلا منه. ومعنى الكلام: وعلى الذين يُطيقون الصيام جزاءُ طعام مسكين، لكلّ يوم أفطرَه من أيام صيامه الذي كتب عليه.
وأما قوله: " فدية طعامُ مسكين "، فإنّ القرأة مختلفةٌ في قراءته. فبعضٌ يقرأ بإضافة " الفدية " إلى " الطعام ", وخفض " الطعام " - وذلك قراءة عُظْم قراء أهل المدينة - بمعنى: وعلى الذين يطيقونه أن يفدوه طعامَ مسكين. فلما جعل مكان " أن يفديه "" الفدية " أضيف إلى " الطعام ", كما يقال " لزمني غَرامةُ درهم لك "، بمعنى: لزمني أن أغرَم لك درهمًا. وآخرون يقرأونه بتنوين " الفدية "، ورفع " الطعام "، بمعنى الإبانة في" الطعام " عن معنى " الفدية " الواجبة على من أفطر في صومه الواجب, كما يقال: " لزمني غرامةٌ، درهمٌ لك ", فتبين " بالدرهم " عن معنى " الغرامة " ما هي؟ وما حدُّها؟ وذلك قراءةُ عُظْم قُراء أهل العراق.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بين الصواب قراءة من قرأ " فديةُ طعام " بإضافة " الفدية " إلى " الطعام ", لأن " الفدية " اسم للفعل, وهي غير " الطعام " المفديّ به الصوم. وذلك أن " الفِدْية " مصدر من قول القائل: " فَديت صَوم هذا اليوم بطعام مسكين أفديه فدية ", كما يقال: " جلست جِلْسة, ومَشيتُ مِشْية "." والفدية " فعل، و " الطعام " غيرها. فإذْ كان ذلك كذلك, فبيِّنٌ أن أصَحّ القراءتين إضافة " الفدية " إلى " الطعام "، وواضحٌ خطأ قول من قال: إن ترك إضافة " الفدية " إلى الطعام، أصح في المعنى، من أجل أن " الطعام " عنده هو " الفدية ". فيقال لقائل ذلك: قد علمنا أن " الفدية " مقتضية مفديًّا، ومفديًّا به، وفدية. فإن كان " الطعام " هو " الفدية "" والصوم " هو المفديّ به, فأين اسم فعل المفتدي الذي هو " فدية " إنّ هذا القول خطأ بين غير مشكل.
وأما " الطعام " فإنه مضاف إلى " المسكين ". والقرأة في قراءة ذلك مختلفون. فقرأه بعضهم بتوحيد " المسكين "، بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد لكل يوم أفطره، كما:- حدثني محمد بن يزيد الرفاعي قال، حدثنا حسين الجعفي, عن أبي عمرو أنه قرأ: " فديةٌ" -رفع منون-" طعام " -رفع بغير تنوين-" مسكين "، وقال: عن كل يوم مسكين. وعلى ذلك عُظْم قراء أهل العراق. وقرأه آخرون بجمع " المساكين "،" فدية طعام مَساكين " بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين عن الشهر، إذا أفطر الشهر كله، كما:- حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي, عن يعقوب, عن بشار, عن عمرو, عن الحسن: " طعام مساكين "، عن الشهر كله. قال أبو جعفر: وأعجبُ القراءتين إليّ في ذلك قراءة من قرأ: " طعام مسكين " على الواحد، بمعنى: وعلى الذين يطيقونه عن كل يوم أفطروه فدية طعام مسكين. لأن في إبانة حُكم المفطر يومًا واحدًا، وصُولا إلى معرفة حُكم المفطر جميع الشهر -وليس في إبانة حكم المفطر جميعَ الشهر، وصولٌ إلى إبانة حكم المفطر يومًا واحدًا، وأيامًا هي أقل من أيام جميع الشهر -, وأن كل " واحد " يُترجم عن " الجميع "، وأن " الجميع " لا يترجم به عن " الواحد ". فلذلك اخترنا قراءة ذلك بالتوحيد.
واختلف أهل العلم في مبلغ الطعام الذي كانوا يطعمون في ذلك إذا أفطروا. فقال بعضهم: كان الواجبُ من طعام المسكين لإفطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح. وقال بعضهم: كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم، مدًّا من قمح ومن سائر أقواتهم. وقال بعضهم: كان ذلك نصف صاع من قمح، أو صاعًا من تمر أو زبيب. وقال بعضهم: ما كان المفطر يتقوَّته يومَه الذي أفطرَه. وقال بعضهم: كان ذلك سحورًا وَعشاءً، يكون للمسكين إفطارًا. وقد ذكرنا بعض هذه المقالات فيما مضى قبل، فكرهنا إعادة ذكرها.
وصدق رسول الله صلّى الله عليه و سلّم اذ قال في الحديث الشريف الذي رواه الشيخان اذ قال : "من صام رمضان أيمانا و احتسابا، غفر له ما تقدّم من ذنبه"
أما عن الشهر الحالي فهو شهرالنفحات الربانية و الانطلاقات الإيمانية يفيض بالخيرات والبركاتعلى الأمة الإسلامية، التي اتخذتمن الله ربّا، و من القرآن الكريم كتابا، و من سنة رسول الله إماما و قائدا و إماما و مرشدا و هاديا الى الرشد، وسراجا منيرا،تتهيأ النفوس في هذا الشهرالمبارك،شهر شعبان ، لإستقبال النفحات العظمى لشهر رمضان، نسإل الله تعالى ان يجعلنا من صيامه و قيامه, ان لشهر شعبان لدى رسول الله سلى الله عليه و سلّم مكانة لا مثيل لها، اذ كان يكثر فيه الصيام, و لمّا سئل عن سبب ذلك أجاب في الحديث الذي اخرجه النسائي و أبو داود و صحّحه ابن خزيمة عن اسامة بن زيد رضي الله عنه، انه قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب و رمضان، وهو شهر ترفع فيه الاعمال الى ربّ العالمين، فأحب أن يرفع عملي و أنا صائم"
الأيادي المسلمة : تشهد فرنسا في شهر رمضان من هذا العام بداية نشاط منظمة العمل الخيري المسماة "الأيادي المسلمة" عبر حملة "الإعانات الغذائية"، بمناسبة تفاقم أزمة الغذاء العالمي.
ففي فرنسا الذي يحتوي على أكبر أقلية مسلمة في الغرب، تطمح منظمة "الأيادي المسلمة" أن تفتتح مكتب لها على الأراضي الفرنسية بداية نقلة نوعية في عمل المنظمة التي تحتفل هذه السنة بالذكرى الخامسة عشرة لتأسيسها.
في شارع "فيبورج سانت ديني" في الدائرة العاشرة من العاصمة الفرنسية باريس، في شقة متواضعة، بدأت منظمة "الأيادي المسلمة" أولى خطواتها في العمل الخيري في فرنسا.
تأسست منظمة "الأيادي المسلمة" ببريطانيا سنة 1993 عقب من أجل جمع الأموال للمحتاجين والمتضررين من الحرب في البوسنة والهرسك ، ويمتد نشاطها إلى مناطق أخرى من العالم مثل بنجلاديش وأفغانستان والعديد من الدول الإفريقية؛ لتصبح -وبعد حوالي خمس عشرة سنة من تأسيسها- من أكبر المنظمات الخيرية البريطانية التي لها فروع في مختلف أنحاء العالم.
وعلى الرغم من أن هذه الجمعية تعمل طبق قواعد ومبادئ منظمة "الأيادي المسلمة" العالمية، فإنها مسجلة باعتبارها منظمة فرنسية، خاضعة للقانون الفرنسي.
حملة رمضان هذا العام، تأتي في إطار الأزمة العالمية للغذاء وهي تواصل لعمل المنظمة في هذا الإطار، والتي استفاد منها خلال رمضان الماضي حوالي نصف مليون شخص من مختلف أنحاء العالم.
طرود رمضانية : وللتعريف بالحملة يقول كمال الزين المدير المالي والإعلامي للمنظمة: "نحن بصدد القيام بحملة إعلامية في وسائل الإعلام الفرنسية حاليا، وبالنسبة للعمل الميداني فإننا - وكبادرة أولى للتنسيق مع الجمعيات المحلية الفرنسية - شاركنا في معرض التضامن الذي عقد هذه السنة في باريس وجمع كل الجمعيات والمنظمات الخيرية التي تعمل فوق الأراضي الفرنسية".
يقول كمال الزين المدير المالي والإعلامي للمنظمة- عقدنا اتفاقية مع إحدى الجمعيات المحلية في مدينة (كلورنفورون) في وسط فرنسا من أجل توزيع الطرود الغذائية خلال شهر رمضان من هذا العام على المحتاجين والطلبة واللاجئين والمساجين في هذه المدينة. وحول الإضافة التي يمكن أن تقدمها المنظمة للعمل الخيري بفرنسا في ظل وجود منظمات أخرى مثل "الإغاثة الإسلامية" و"اللجنة الخيرية لمناصرة فلسطين بفرنسا"، يقول "طبعا لكل منظمة خصوصياتها مع أن عمل كل الجمعيات الخيرية في العموم يتكامل، وليس فيه أدنى تزاحم".
الاستقلال الذاتي: وعن خاصيات عمل المنظمة يقول المدير المالي والإعلامي للمنظمة: "إنها تعمل على أن تكون مساعداتها للمحتاجين في اتجاه يمكنهم في وقت لاحق من الاستقلال الذاتي؛ أي لا يبقون رهن المساعدات، وهذه إحدى أبرز خصائص المنظمة، ولهذا السبب فإن "الأيادي المسلمة" تستثمر في المدارس على سبيل المثال، إذ أنها تدير حوالي 290 مدرسة في كل أنحاء العالم؛ لعلمها بأن التعليم هو رأس مال لا ينفد، ومن خلاله نستطيع التمكن من دخول سوق العمل، وبالتالي سد الحاجات باستقلالية كاملة".
وبحسب المدير المالي والإعلامي للمنظمة فإن منظمة "الأيادي المسلمة" التي تمثل تبرعات المحسنين 90 بالمائة من دخلها تعمل في مشاريع خيرية أخرى كمشاريع كفالة اليتامى والمساعدات للمحتاجين في مناطق الكوارث والحروب والحملات من أجل توفير الغذاء والمياه.
وبالنظر إلى الإنجازات التي حققتها طوال خمسة عشر عاما من تأسيسها، تمكنت منظمة "الأيادي المسلمة" من نيل جائزة الأيزو للجودة سنة 2004، وأصبحت شريكا للعديد من منظمات الإغاثة العالمية مثل: منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومنظمات أخرى عاملة في مجال الطفولة والتعليم والعناية الصحية والاجتماعية.
هل استوفت العودة شروطها؟: مريرة حقّا سنوات المنفى والأمرّ منها، أن أرى بعض رفاق الدرب الجميل يكتبون سطور المديح لعودة يحول المناضل مسكينا يستجدي مكرمة جلاده . ونحن قادرون على إنجازها بما نملك من خبرة ، ومن شبكة العلاقات الداخلية والخارجية التي راكمناها بسهر ليال وعمل دءوب.
ان العودة التي نريد أن نعمل لها معا هي عودة تكون ثمرة لمسار نضالي، يبدأ أولا وأساسا بخوض معركة استعادة جوازات سفرنا، ليس عبر الاستجداء وإنما من خلال ديناميكية نضالية عنوانها حقوقيا ونهايتها سياسية.
ندعو الجميع إلى حوار هادئ ومسئول، ليس حول حق العودة الذي لا يناقش فيه ذو عقل سليم، ولكن حول كيفية إنجاز مسار العودة. فالعودة ليست لحظة في ذاتها بل مسار كامل لا بد له من تدبير وتخطيط واستجماع لشروط إنجازه . إن العودة التي ندعو لها تحت عنوان "الحق في العودة لمن يريد ان يعود" والدعوة الى بلورة خطة عملية وميدانية واضحةالمعالم والاهداف لانجاز ما عليه عزمنا العودة ببعدها السياسي والنضالي.
وهذه الفكرة أصبحت اليوم أليفة كل دار، تنتقل انسيابا بين القارات، وتجمع حولها نساءها ورجالها العازمون على عودة من بوابة الشرف، وعلى إيقاع التخطيط الوازن والحكيم، دون تسرع يرميها في مجهول المغامرة.
العودة أيها الصابرون إلى من يدفع الثمن، والصامدون أمام غواية عودة العطل، سنعمل لها حتى لا تستثني أحدا وكل من عمل من أجل وطن يسع الجميع، كل هؤلاء يمكنهم أن يعودوا متى شائوا.
يجب أعداد ظروف العودة في ظروف كريمة ، ومن الحكمة والفقه الحسن ومن الوعي والإدراك للحظة التاريخية وللمعاناة التي يعيشها شعبنا وعظم المسؤولية الملقاة علينا قبل غيرنا في هذه المرحلة التاريخية بالذات لأننا أصحاب رسالة واصحاب قضية وعلينا بالاحتساب الى الله العلي القدير والصبر والمصابرة والمرابطة.
وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون" (آل عمران - 200)
نحن نأمن و ندعو على الدوام الى المصالحة والمصارحة وفكّ الاشتباك بين الجميع والحوار وبالحوار فقط يمكننا ان نتخطى الصعاب مهما كبرت وشعارنا "يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدا على من سواهم".
وصية رئيس جامعة الأزهر الشريف : هذا و قد حث الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق جميع المسلمين على ضرورة التعرض لنفحات الله، والاستفادة منها في تقويم النفس خلال شهر رمضان الكريم الذي يحل علينا بعد أيام، مشيرا إلى أن الشهر الفضيل مليء بالنفحات التي يجب أن نستثمرها في إعادة بناء أنفسنا من جديد، وهو فرصة يهديها الله لعباده كل عام.
وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم ، بجريدة " الوطن " السعودية ، أن هناك ثلاث قواعد يجب على المسلم أن يستعد بها لاستقبال شهر رمضان قبيل قدومه وهي التوبة الخالصة النصوح من كل الذنوب، ومعاهدة الله على عدم العودة إلى الذنب ثانية، ثم الاجتهاد لمعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الشهر لكي يمكننا أن نحسن العبادة فيه. وهذا بخلاف توثيق صلة الرحم، ووصل ما انقطع منها، واستحضار نية الصيام والإخلاص لله عز وجل".
ووصى الدكتور أحمد عمر هاشم بأنه يجب على المسلم أن يعد نفسه للصورة التي يجب أن يكون عليها في هذا الشهر الكريم، إذ يجب عليه أن يمسك لسانه عن المعصية، وأن يعود نفسه على كظم الغيظ، وأن يقابل السيئة بالحسنة، وأن يتحلى بالخلق الحسن. ونبه إلى إحدى السلبيات التي يقع فيها بعض المسلمين في رمضان وهي: التقاعس عن أداء العمل لمعاونة أهل البيت بحجة الصيام، على الرغم من أن الواجب عليه أن يكون في هذا الشهر بالذات نموذجا للجد والدأب والتعاون والصبر الجميل؛ لأن هذا يقرب بين أفراد الأسرة الواحدة، ويلم شملهم نفسيا وإيمانيا.
ومن ضروري ألا يتوقف المسلم بعد انتهاء رمضان عن إصلاح نفسه وتهذيبها وتحسين علاقته مع الله أولا ثمّ مع الناس و سائر خلقه من المسلمين وغيرهم، بل يجب أن يستمر هذا بعد انقضاء شهر رمضان، فرب رمضان، هو رب شوال، وهو رب المحرم، وهو رب الشهور كلها.
و وما رمضان إلا محطة وقود يتزود منها العبد لباقي الشهور، فلا تكن من عبَاد رمضان، ولكن كن من عبَاد الله عز وجل، فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان شهر سوف يتولي وينقضي ثم يعود في العام القادم،أما نحن فهل نشهده في المرة القادمة، إن الله وحده هو العالم وأن ال وحده حي باق لا يموت.
وصدق الله العظيم اذ قال في كتابه العزيز من سورة المائدة :" يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ اذا إهتديتم" (المائدة -105)
و قال تعالى في سورة آل عمران: "ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران 104) و قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل:97). و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.