بقلم:عامر عياد *مكتبة عمومية معزولة و فقيرة مكتبة عمومية استبشر بها المثقفون و أحباء الكتاب ..مكتبة أحيت في أذهان الكثيرين من كبار القوم ذكرى تأسيس أول جمعية تحتفي بالكتاب و محبيه بجهة الساحل ..جمعية الإخاء الثقافي الخنيسي التي تأسست في أوائل القرن الماضي لتكون منارة تشعّ على الساحل التونسي و اغتالتها بعدئذ " الأيادي البريئة". كانت المكتبة العمومية التي تأسست منذ عقد من الزمن و رغم سلبيات موقعها الجغرافي الذي جعل الذهاب إليها مغامرة غير محسوبة العواقب،حلما فرحنا بتحققه..أملا أردناه أن يكبر مع طموحاتنا ،احتضنتنا بدفء المعرفة وعبق التعلّم..كنا نطمح بان تتوسع بتوسع آفاق المدينة و طموحاتها ،إلا أنها و منذ لحظة التأسيس و الولادة لم تكبر ،لم تنمو بل بقيت رضيعة لم تتعلم الحبو بعد، أصيبت كما يبدو بنقص في هرمونات النمو. فقيرة هي إلا من بعض الكتب البالية ..القديمة التي لم تعد تستجب لأدني حاجات مئات التلاميذ و الطلبة و الباحثين و أحبّاء الكتاب الذين يضطرون إلى مساءلة المكتبات المجاورة علّهم يجدون ما لم يجدوه في مولودهم الذي لم ينمو. قاعة وحيدة رغم اتساع مساحتها ..فالمساحة هي أشبه بالمكان المهجور التي يحلو للسكارى و الباحثين على الخلوات ارتياده..تتراكم فيه الأوساخ و الأتربة و الحشائش لتساهم في الشهادة بتعاسة الاحتفاء بالكتاب و محبيه. غريبة هي عمّا تشهده تونس و العالم من ثورة في مجال الاتصالات ..ما زالت متمسكة ، محافظة على أصالة وبدائية التسيير فيها.. البعض من الخييرين وأمام كبار المسؤولين وعد بالمساهمة الفعالة في تأثيثها بمكتبته القيمة فهل من وقفة؟ ..و هل من متابعة؟ .. وهل من احترام للكتاب و مريديه؟ دار للثقافة احد أحلام المثقفين منذ أكثر من خمسين سنة ،أن تكون للمدينة دار تحتمي فيها الثقافة من التشرّد و التسكّع و الضياع و التهميش و أن يكون للمثقفين مكان غير المقاهي يرتادونه ليساهموا بما يستطيعون في إحياء الواقع الثقافي الذي يشهد تصحرا و قحطا لم يستطع مهرجان الصناعات التقليدية اختراقه نظرا للبعد التنشيطي الذي يميزه. الواقع الثقافي الذي نعيشه لا يعطي صورة حقيقية عما تشهده المدينة من نهضة معرفية حيث تفتخر بكونها منبعا لتخريج الإطارات و أرضا خصبة معطاء لرجالات العلم و المعرفة و الدولة ..هذا الواقع لا يعكس حقيقة طموحات أبناء المدينة في حياة ثقافية انتحرت على أسوار المؤسسة البلدية و اللجان الثقافية التي أصبحت مهمتها مقتصرة فقط على تعليق مظاهر الزينة في المناسبات الوطنية....إن أفلحت.. القبض على عصابة عاشت المدينة قبل أيام من عيد الأضحى المبارك على وقع موجة من السرقات جعلت الرعب و الخوف يسيطران على الأهالي الذين اضطر البعض منهم التسلح بالسكاكين و الهراوات و العصي لحماية أملاكهم و أعراضهم..و انتاب كثير من الشك نفوس المواطنين في قدرة الجهاز الأمني على فك لغز هذه السرقات المحيرة و التي وقع البعض منها في وضح النهار،إلا أن الأيام الماضية حملت إلى مسامعنا بشرى القبض على إحدى العصابات المتخصصة في سرقة النحاس..وقد قوبل هذا النجاح بارتياح كبير رغم عودة موجة السرقة من جديد.. كما انه لا بد من الإشارة إلى انه وقع يوم السبت الفارط تشخيص جريمة القتل البشعة التي اهتزت لها المدينة والتي راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر وبالمناسبة نحي شرطة المدينة التي استطاعت و بسرعة فائقة -36ساعة –فك لغز الجريمة والقبض على القاتل قبل تحصنه بالفرار. الدروس الخصوصية من المؤسف حقا أن ينزل المربي إلى المستوى الذي يصبح فيه رمزا للجشع و الاستغلال المفرط ، بعد أن اقترنت صورته بالشمعة التي تحترق لتضيء دروب المعرفة و العلم وتساهم في تربية نشء و جيل هو ثروة البلاد و مستقبلها.. لقد أصبحت الدروس الخصوصية عبئا ثقيلا يئن بحمله الأولياء المنهكون أصلا..و يجبرون على حمله كرها..و إلا فان المآل انتقام الأستاذ أو المعلم المستعد" لتحطيم "تلميذه بجميع الوسائل "السلمية "المتاحة..لهفة وصراع ..من اجل تدريس أكبر عدد ممكن من التلاميذ في فضاءات لا تستجيب لأبسط المقاييس الصحية ..المهم فقط بيع المعرفة و جمع أكثر ما يمكن من المال ..فها من رقيب؟؟ وهل من ضمير؟ البطل...بطل رغم التجاوزات الخطيرة التي ارتكبها عمدة مدينتنا في حق مواطنين أبرياء و في حق مرؤوسيه و حق البلدة -و التي ثبت بعد البحث و التحري الأمني و الإداري من الجهات المعنية مدى خطورتها و انتهاكها للقانون ..ما زال خارج إطار المحاسبة و مازال يتنطع و لو باحتشام وحذر على القانون و أهله ..هذا وقد علمنا أن جهات متنفذة يرجع إليها عمدتنا بالنظر هي الحريصة على حمايته رغم اقتناعها بتجاوزاته..و ما زال المواطنون ينتظرون تحركا جديا ممن يهمه الأمر حتى يكون القانون سيدا في دولة نريدها دولة القانون و المؤسسات.. للإشارة : بلغنا أن الأهالي بصدد الإمضاء على عريضة تطالب بمحاسبة العمدة قبل اتخاذ إجراءات أخرى.