حذر نائب رئيس هيئة الشئون الدينية التركية، البروفيسور محمد جورماز، من "خطورة" بعض المسلسلات التركية التي تتناول أشياء "خارقة للعادة" تناقض العقيدة الإسلامية ، فيما يتعلق بالقضاء والقدر والثواب والعقاب، والآخرة، والمعجزات، والعدالة الإلهية، وغيرها. ويأتي هذا التحذير الرسمي ضمن سلسلة انتقادات لاذعة توالت في الأشهر الأخيرة من مصادر إسلامية ومصادر بحكومة رجب طيب أردوغان للمؤسسات العلمانية المتشددة، كالمحكمة الدستورية العليا والجامعات ووسائل إعلام، وهي الانتقادات التي لم تكن بنفس الوضوح والتتابع قبل تولي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية الحكم عام 2002. وجاء تحذير جورماز في ندوة أُقيمت هذا الأسبوع في المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي عن الطفل والإعلام قال فيها: "إن مسلسلات كمسلسل "الأم الساحرة" و "سيلانا" و"الساحرة المبتدئة" و"أحسن صديق" هي مسلسلات تضر بعقيدة المسلمين؛ لأنها تقدم أحداثا خارقة للعادة كجعل الأشياء حية بواسطة السحر، وهو ما يترسخ في العقل الباطن للأطفال، ويظهر تأثيره في المستقبل". وبحسب ما نشره موقع "أخبار العالم" التركي اعتبر نائب رئيس هيئة الشئون الدينية (هيئة تتبع الحكومة) أن هذه الأفكار "مستوحاة من العقيدة اليهودية، ولا يقبلها الإسلام". وكان السفير التركي بالسعودية، ناجي كورو، قد أعلن في وقت سابق أنه ليس كل ما يعرض في مسلسلي "نور" و"سنوات الضياع" التركيين المدبلجين، اللذين يحظيان بنسبة مشاهدة عالية في العالم العربي، يوافق ثقافة الشعب التركي المسلم المتمسك بثقافته الإسلامية رغم تمسك الدولة بالعلمانية. ودفعت الانتقادات الموجهة إلى السلوكيات والعلاقات الاجتماعية "المخالفة للثقافة الإسلامية" في مسلسلي "نور" و"سنوات الضياع"، عددا من علماء المملكة العربية السعودية إلى إصدار فتاوى تحرم مشاهدتهما، خاصة بعد أن تسببا في وقوع عدة حالات طلاق ومشاكل أسرية بين المشاهدين العرب. وبحسب ما صرح به الصحفي التركي فايق بولوت ل"إسلام أون لاين" فإن "المحتوى العلماني الواضح في بعض المسلسلات "لا يرجع فقط إلى النظام العلماني الرسمي للدولة، بل هو انعكاس لاستجابة أنقرة لبعض شروط الاتحاد الأوروبي لقبولها عضوة فيه، ومنها إطلاق حريات التعبير في الإعلام حتى إن خالفت ثقافة الشعب ذي الغالبية المسلمة". مواجهة مستمرة وفي الأشهر الأخيرة تتابعت سلسلة انتقادات لاذعة من مصادر إسلامية ومصادر حكومية داخل تركيا للمؤسسات الأتاتوركية المتشددة، كالمحكمة الدستورية العليا التي ألغت في مارس الماضي تعديلا دستوريا أقره البرلمان بالسماح بارتداء الحجاب في الجامعات بعد حظر دام عقودا. وقبل عيد الفطر بأسبوع انتقد رئيس الحكومة، رجب طيب أردوغان، في خطاب قيام جهات علمانية بإطلاق اسم "عيد الحلوى" على عيد الفطر بدلا من اسم "عيد رمضان" الذي كان سائدا في الدولة قبل حلول النظام العلماني إليها في عشرينيات القرن الماضي. كما تستعد الحكومة لإجراء تعديلات على المناهج في الجامعات (إحدى قلاع العلمانية الأتاتوركية)، من بينها منهج الفلسفة الذي يتيح للطالب حرية إثبات أو نفي وجود الله تعالى؛ بينما يطالب التعديل بأن يدع المنهج للطالب فقط الفرصة لإثبات وجوده تعالى. وفي مارس الماضي شن رئيس الشئون الدينية، على بارداق أوغلو، هجوما حادا على مجلس الدولة الذي أصدر قرارا بأن تكون مادة الأخلاق والثقافة الدينية مادة اختيارية وليست إلزامية في المدارس. وقال أوغلو في هذا الصدد: إن "ثمة خطرا بالغا في ترك الأطفال على غير وعي وعلم بثقافة الدين الإسلامي وأخلاقه"، متهما مجلس الدولة ب"الاستجابة لجهات أوروبية" دون الرجوع إلى رئاسة الشئون الدينية التركية، وكليات الإلهيات التركية المتخصصة في العلوم الدينية. إقبال عربي وعودة إلى محتوى المسلسلات التركية، فالبرغم من حجم الانتقادات والفتاوى الدينية التي تحرم مشاهدة بعضها، فإن طوفانا من المسلسلات التركية منتظر أن يغرق المشاهدين العرب، بعد أن حقق وليد الإبراهيم، رئيس مجلس إدارة تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) تهديده لمنتجي الدراما العربية، واشترى 40 مسلسلا تركيا تمهيدا لعرضها خلال الفترة القادمة، وبقيمة رمزية مقدارها 10 آلاف دولار للمسلسل الواحد، بحسب ما نشرته صحيفة "الجزيرة" السعودية السبت 11-10-2008. وكان الشيخ وليد الإبراهيم قد هدد قبل نحو 4 أشهر المنتجين العرب بأن مجموعته الإعلامية ستعتمد على الدراما التركية في حال استمرارهم في عدم ترشيد أسعارهم "غير المنطقية"، موضحا أن الأعمال الدرامية العربية اليوم تُباع بأسعار مبالغ فيها كثيرا، معتمدة على أسماء نجومها. وإضافة إلى فرق السعر، تعتمد (MBC) في توجهها إلى المسلسلات التركية إلى نسبة المشاهدة العالية التي حققها مسلسلا "نور" و"سنوات الضياع" بين المشاهدين العرب في الأشهر الماضية، وهو ما انعكس في الانتشار الكبير لصور أبطال المسلسلين في أيدي وعلى ملابس الشباب، واستطلاعات الرأي التي أظهرت شغف الفتيات العرب ب"وسامة ورومانسية" مهند بطل المسلسل الأول، وشغف الرجال ب"جمال وأداء" لميس بطلة المسلسل الثاني، كما نال العملان أيضا إعجاب الصغار.