جميل أن يهتم رئيس حزب أو مسؤول ما في جهاز الدولة بقضايا الشباب و همومه من أجل تغيير حاله و إزاحة عنه السخط ، حتى يبلغ مستوى الرقي و التقدم، و لا يبقى متخلفا عن قافلة التطور، وكم من الأحزاب السياسية التي ناقشت ملف الشباب و على رأسها حزب جبهة التحرير الوطني الذي جعل ملف الشباب إحدى أولويات برنامجه السياسي و علاجه بالاساليب الحضارية عكس ما ذهبت إليه الجبهة الوطنية الجزائري FNA التي يترأسها موسى تواتي.. فقد كان لهذا الأخير أمس الخميس 06 نوفمبر 2008 لقاءً بكلية الشعب لولاية قسنطينة ضم منتخبي مجالسه المحلية لولايات الشرق الأربعة عشر لتقييم نشاطهم و التحضير للحملة الإنتخابية المقبلة، بعدما اعلن عن ترشحه لرئاسيات أفريل 2009 ، و قد بدأ زعيم الأفانا حملته الإنتخابية بدعوة الشباب الجزائري لإحداث " صحوة " شبانية، الأمر الذي ينبغي النظر فيه بروية و تبصر و عقلانية ، حتى لا يحدث انقلاب شباني على الطريقة " الإسلاموية" التي دعا زعماؤها في فترة ما الى صحوة إسلام "و" ية و كأن الشباب في حاجة ماسة الى من يشخص له واقعه المزري كي ينأى عنه، سيما و قد اثار مصطلح " صحوة" الكثير من الجدل و النقاش و الحساسيات و المطارحات الفكرية المذهبية بين المفكرين و رجال الدعوة، و تبعته بعض الحركات الإيديولوجية الإسلامية انتهى بها المطاف الى التطرف في الممارسات و الإنحراف في السلوك مستغلة في ذلك حماس الشباب الجزائري و إيمانه العميق بوطنه الحبيب.. والسؤال الذي ينبغي طرحه هو : " هل الشباب ما زال في حاجة الى صحوة؟ و هو يدخل باب الألفية الثالثة و يضع قدمه عليها في ظل النظام العولماتي؟ ، و إذا قلنا كذلك، فهذا يعني أن الشباب ما زال يجهل كيف يسير، و كيف يوجه مصيره بنفسه طالما هناك أطرافا ما تزال ترفض تحديث النظام و تشبيبه.. إن الظروف المعيشية المزرية التي مر بها الشباب الجزائري و ما يزال يعيشها جعلته ينطلق في هذه الحياة كالقذيفة الطائشة نحو قوارب الموت في ظل ما يسمى بالحرقة، و آخر فضل ثقافة العنف بالصعود إلى الجبل و حمل السلاح و سفك الدماء..، لكن التجربة كانت قاسية جدا ، تعلمها الشباب الجزائري و استوعب دروسها جعلته يعود إلى جادة الصواب في إطار الوئام المدني و المصالحة الوطنية، و هي تعتبر في حدّ ذاتها " صحوةً " ، و عليه فإنه من غير المقول أو المنطق أن ياتي حزب ما و يدعو من جديد في ظل سياسة التسامح الى صحوة شبانية ، خاصة و الشباب الجزائري معروف عنه بالحماس و التهور من اجل الدفاع عن مواقف معينة تخص وطنيته و ابناء وطنه ، و كأن ب: " تواتي " إبن الأسرة الثورية ما يزال يبحث عن " جنكيزخان " جزائري يحمل صفات الوحش الشرس الذي لا يعرف الرقة سبيلا الى قلبه، يخوض في الجزائر بحرا جديدا من الدماء، و هي بالتالي دعوة إلى الإنقلاب أو العصيان.. !! ما يمكن أن نتفق عليه هو أن الشباب الجزائري ليس في حاجة إلى صحوة بل في حاجة إلى إصلاح فكري ثقافي و اجتماعي، لقد حاول مولود ابن الموهوب الجزائري في إحدى محاضراته توعية الشباب و تحسيسهم بأن الحضارة الحقيقية هي برنامج للعمل و العلوم و التسامح و التضامن و التقدم، و قد نظم ابن الموهوب لطلابه بنادي الصنوبر شعرا يقول فيه: إن العلم يزدهر بالعمل.. و إن الكسل يقتل مواهب الإنسان.. فاعمل بجد ايها الشباب لتحصل على مكان مُشَرِّفٍ.. و اطمح مثل الآخرين إلى المجد.. إلى أن يقول: ألستم من نسل شعب عظيمِ؟ .. ألستم أبناء رجال شجعانِ؟ ما يمكن أن نستخلصه أن مصطلح " الصحوة" الذي جاء في خطاب تواتي كان سياسيا محضا، حتى لو كانت عفوية، سيما و الرجل يُحَضِّرُ لحملة انتخابية مستعملا في ذلك نقاوة ذهن الشباب و بالتالي فهي بعيدة عن البناء الإنساني و تخدم أغراضا سياسية لا غير .. علجية عيش