نددت مجموعة من الأحزاب الجزائرية الممثلة في البرلمان بما اعتبرته تزويرا في احتساب أصوات نوابها في جلسة التصويت التي عقدها البرلمان أول أمس للمصادقة على مشروع التعديل الدستوري. وكان البرلمان قد صادق على التعديل الدستوري ب 500 صوت مقابل 21 نائباً عارضوا المشروع، بينما أعلن عن 8 ممتنعين. واعتبرت هذه الأحزاب أن عدد الممتنعين عن التصويت هو 19 وليس 8 مثلما تم الإعلان عنه، مشددة على أن ما وقع لم يكن خطأ، وإنما عملية مدبرة بغرض الوصول إلى رقم 500 صوت موافق على المشروع من أجل التباهي بالرقم. وقال محمد جهيد يونسي الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني ( تيار إسلامي معارضة) في تصريح ل'القدس العربي' أن عملية تزوير وقعت على المباشر، موضحا أن عدد الممتنعين حقيقة هو 19 نائباً، ولكن أحزاب التحالف الرئاسي كانت قد تفاهمت فيما بينها سلفا على بلوغ رقم 500 مهما حدث. وأوضح أن اعتماد نقطة في النظام الداخلي للدورة الاستثنائية التي عقدها البرلمان تخص عدم السماح بأي اعتراض أو المطالبة بنقطة نظام بعد التصويت لم يكن اعتباطا، مؤكدا أن هذا الأمر مقصود، وذلك لعدم تمكين النواب من الاعتراض في حالة ما إذا لاحظوا أي خطأ. وأشار إلى أن 5 من نواب حزبه امتنعوا عن التصويت، و3 من حركة النهضة ( تيار إسلامي معارضة) و8 آخرين من الجبهة الوطنية الجزائرية (معارضة) إضافة إلى 3 نواب من أحزاب أخرى، مشددا على أنها ليست المرة الأولى، التي يتم فيها التلاعب بنتائج التصويت داخل البرلمان. وأيد النائب محمد حديبي عن حركة النهضة كلام يونسي، مؤكدا على أن عملية قرصنة وقعت على المباشر، موضحا أنه بالرغم من احتجاج النواب ومحاولاتهم التدخل لإصلاح الخطأ، إلا أن رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح لم يلتفت إلينا، خاصة بعد أن أومأ له عبد العزيز زياري رئيس مجلس الشعب، وهو ما فهمه النواب الممتنعون على أنه إشارة بعدم منحهم الكلمة. وذكر حديبي أنه من الصعب القول أن الأمر كان مدبرا أم لا، مشددا على ما قالته أحزاب الأغلبية من أنها ستحقق الرقم 500، مستغربا خلفية أولئك الذين أقدموا على تشويه عملية التصويت والطعن في شرعيتها، في حين أن الأغلبية كانت موافقة على التعديل. من جهة أخرى جاءت معظم افتتاحيات ومقالات الصحف الجزائرية الصادرة أمس بنظرة سلبية بشأن تعديل الدستور، فقد اعتبرت 'الخبر' (خاصة) في ركنها الشهير 'مجرد رأي' أن تعديل الدستور بإمكانه أن يرجع الممارسة الديمقراطية عشر سنوات إلى الوراء، وأن يغلق باب الحياة السياسية إلى إشعار آخر، مستغربة أن يستشهد رئيس الحكومة أحمد أويحيى بالنظام التونسي في مجال الديمقراطية، واصفة ذلك بأنه نوع من 'الهذيان السياسي'. أما صحيفة 'الشروق' ( خاصة) فقد تساءلت في افتتاحيتها عن مدى مصداقية هيئات مثل البرلمان، الذي صادق على التعديل الدستوري 'دون أي نوع من النقاش، ودون أن يسمع الشعب الرأي والرأي الآخر حتى يتمكن من الحكم بكل تبصر ودراية'. من جهتها وصفت صحيفة 'الوطن' (خاصة صادرة بالفرنسية) في افتتاحيتها ما حدث في مسألة تعديل الدستور بأنه انكماش سياسي وديمقراطي، وقد استوحى كاتب المقال عنوانه من الانكماش الاقتصادي الذي صاحب الأزمة المالية العالمية. واعتبر الكاتب أنه مثلما تم التصويت في الدول المتطورة على برامج للخروج من الأزمة المالية العالمية، صوت نواب البرلمان الجزائري على تعديل دستوري يفتح باب الترشح للرئيس بوتفليقة لولاية ثالثة، معتبرا أن الفرق الوحيد أنهم في الدول المتطورة في تقدم والجزائر في تخلف. وقالت صحيفة 'الفجر' (خاصة) ان النسبة الساحقة التي تم التصويت بها على مشروع التعديل الدستوري، تفرغ الانتخابات الرئاسية القادمة من محتواها، مشددة على أن نتائجها محسومة سلفا لصالح الرئيس بوتفليقة. كما اعتبرت أن إرسال الرئيس بوتفليقة سلفا رسالة شكر للنواب على موافقتهم بأغلبية عريضة على التعديل، تمت تلاوتها مباشرة بعد أن انتهى النواب من رفع الأيدي، تعد إهانة على المباشر للبرلمان وللرئيس وللجزائر. بينما رأت صحيفة 'الشعب' (حكومية) أن موافقة البرلمان بأغلبية عريضة على تعديل الدستور تكرس شرعية دستورية، وأنها ستمهد لاستقرار في مؤسسات وهيئات الدولة. 14/11/2008 الجزائر 'القدس العربي' من كمال زايت: