وزارة الفلاحة: برمجة تسييج قنال مجردة بمنطقة لخوين ضمن مخطط سنة 2025    عاجل/ حملة مراقبة للتصدي للممارسات الاحتكارية والمضاربة بهذه الولاية..    أسطول الصمود المغاربي يطمئن..#خبر_عاجل    اللجنة الوطنية البرالمبية تعبر عن اعتزازها بالبطل البرالمبي وليد كتيلة    الرابطة الثانية    الكرة الطائرة...نهال الغول تلفت الأنظار    الكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل يكتب ل«الشروق» خطة ترامب ... نزع «فلسطينية» فلسطين    حماس تنفي الموافقة على تسليم سلاحها بإشراف دولي    أولا وأخيرا .. مواسم صابات الكذب    القمح الصلب والزيتون والسكر: متى تستغني تونس عن التوريد ؟    التزام بالنهوض بظروف المدرسين    مهرجان الأثر البيئي    من 24 أكتوبر إلى 1 نوفمبر في جربة ودوز وتوزر .. ملتقى المناطيد و الطائرات الشراعية «ثورة» ترسم سحر الجنوب    مسيرة أستاذ باحث في الجامعة التونسية: شهادة على الصعوبات والتحديات    بالفيديو: وصول الوفد الأول من التونسيين المحررين من أسطول الصمود    تراجع طفيف لنسبة التضخم خلال شهر سبتمبر لتبلغ 5 بالمائة    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    لاعب امريكي سابق مارك سانشيز يُطعن ويُعتقل أثناء مشاجرة    صدمة علمية : ميكروبات عمرها 40 ألف عام تهدد البشر...شنوا الحكاية ؟    عاجل: معهد الرصد الجوي يحذر من رياح قوية وبحر هائج ابتداءً من هذه الساعة    تفاصيل: حجز أطنان من اللحوم والمأكولات الفاسدة في 5 ولايات تونسية    ممثل ديوان السياحة في بكين: فتح خط جوي مباشر قد يضاعف عدد السياح الصينيين إلى تونس    نحو شراكة بين تونس وعمان في المجال الصحي    "الهاربات" لوفاء الطبوبي... مسرحية عن ضياع البوصلة في مجتمع يبحث عن طريقه منذ الثورة    رابطة أبطال إفريقيا: الاتحاد المنستيري يستضيف شبيبة القبائل الجزائري بملعب الطيب المهيري بصفاقس    مختصة في علم النفس: علامات المراهقة قد تتواصل الى سن ال25 عاما    خيمة بيطرية للتلقيح المجاني ضد داء الكلب برادس    تنظيم اليوم العلمي الاول حول الرياضة والصحة والتغذية يوم 17 اكتوبر بكلية الطب بسوسة    نقص الفيتامينات و الأملاح المعدنية في الجسم يشكل عائقا أمام النجاح في تخفيض الوزن ( مختصة قي التغذية)    37 منظمة تطالب بإطلاق سراح كل المشاركين في أسطول الصمود    الشرع: بناء سوريا مسؤولية الجميع    الدوري العالمي للكاراتي: التونسية تسنيم الصيد تحرز برونزية وزن ما دون 68 كلغ    الفنان فاضل شاكر يسلم نفسه للجيش اللبناني    الطاقات المتجددة بين الواقع والانتظارات... وربط تونس–إيطاليا تحت المجهر    عاجل: شهادات صادمة من نشطاء أسطول الصمود المغاربي بعد إطلاق سراحهم    بعد استكمال التحقيق معهم: اليوم عودة الدفعة الأولى لنشطاء الأسطول إلى تونس    للتوانسة : تلقيح النزلة الموسمية يتباع بين 37 و41 دينار في الصيدليات    الأحد: الحرارة في ارتفاع طفيف مع أمطار ضعيفة ليلا    وكالة احياء التراث:الدخول الى المتاحف بصفة مجانية الاحد 5 اكتوبر 2025    بطولة العالم لبارا العاب القوى - التونسية رجاء الجبالي تحرز برونزية دفع الجلة لفئة (اف 40)    الليغا.. ريال مدريد يستعيد نغمة الفوزمن بوابة فياريال    أسرة عبد الحليم حافظ تخالف وصيته والجماهير غاضبة..شفما؟!    تلقيح الإنفلونزا في الصيدليات ومراكز الصحة الأساسية وهذه هي الأسعار    طقس الليلة    الزهروني: الإطاحة بالمجرم الخطير الملقّب ب"الهولندي" بعد ترويعه للمواطنين    فتح باب التسجيل في مناظرتي التبريز في مادتي علوم الرياضايت والعلوم الفيزيائية ( اختصاص فيزياء) بعنوان 2026    عاجل: نصف مليون وفاة سنويًا بسبب المخدرات في تونس    رأس جدير: حجز صفيحة من الذهب تبلغ قيمتها مليون دينار    إجراءات عاجلة من وزارة الفلاحة لتزويد المدارس الريفية بالماء    عاجل/ ضبط ناظر بهذا المستشفى وسائق سيارة إسعاف يروّجان المخدرات    القضاء الأمريكي يحكم على مغني الراب "ديدي" بالسجن لأربع سنوات وشهرين بتهمة العنف الجنسي    عاجل: تخفيضات مهمة في المعاليم لكل تونسي يستعمل المبيدات البيولوجية    استراحة الويكاند    عاجل : صدمة في الوسط الفني العراقي بعد وفاة الفنان إياد الطائي    رمضان 2026: شوف شنوّة تاريخ أول الشهر الكريم وعدد أيّام الصيام فلكيا    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..تصدّي الإسلام للجريمة    عاجل/ مفتي الجمهورية الأسبق حمدة سعيّد في ذمّة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في العنف المدرسي: من الحقوق إلى العقوق
نشر في الحوار نت يوم 06 - 11 - 2010

"تواضعوا لمن تتعلمون منه ولمن تعلمونه ولا تكونوا جبابرة العلماء" هذا الحديث يصلح أن يكون شعارا على مداخل كل المؤسسات التربوية يؤسس لعقد معنوي بين المعلمين والمتعلمين يتواضع فيه الطرفان للعلم تعليمًا وتعلمًا... فلا تكون العلاقة بينهما مجرد علاقة مهنية مشحونة بإكراهات وتوترات... المعلم في مختلف مستويات التدريس ليس مجرد موظف من موظفي الدولة يتعامل مع المتعلمين كأدوات عمل، إنه صانع الذوات بما هي ذوات عارفة ومسؤولة وواعية ومثقلة بالقيم المدنية والإنسانية، وهو إذ يؤدي رسالته تلك يحتاج رحابة صدر وفائض صبر ومعرفة بالحالات النفسية والتغيرات الإجتماعية ويحتاج مع ذلك منهجا في الخطاب وفي التبليغ وفي التوجيه... لا يعتبر المعلم نفسه مجرد مصدر للمعرفة ولا ينظر للمتعلمين على كونهم مجرد أوعية لتفريغ المعلومات... فلا يتعالى عليهم ولا ينال من كرامتهم بسبب انعدام أو قلة معارفهم ... يحتاج المتعلم شوقا للمعرفة وانجذابا للمعلم حتى يُجيد التفاعل مع الدرس... ثمة وشيجة روحية بين الطرفين هي المسلك النشط للمعلومة والفكرة والمبادئ والقيم... لا يَنشدّ المتعلم لمن يهينه أو يتعالى عليه ولا يلتذ فكرة دفع فيها ثمنا من شخصيته الغضة... يفرق المتعلمون بين من يقسو عليهم بدافع محبتهم والحرص عليهم فلا يشعرون تجاهه إلا بمحبة وتقدير وبين من يقسو عليهم تعاليا وتنكيلا واستخفافا فلا يجدون ميلا إليه ولا إلى دروسه... تلك طبيعة بشرية لا يمكن تجاهلها في العملية التربوية...
المعلم لا ينمي في المتعلم قدراته الذهنية فقط إنما ينمي فيه وعيه بإنسانيته وبمعاني الوجود وبالقيم والمبادئ التي يتأسس عليها العمران البشري... يتجاوز دوره أسوار المؤسسة التربوية إلى مجالات أرحب تسعُ الدولة والأعماق الإنسانية... ربما تجَبّرَ ذو مال بماله أو ذو سلطة بسلطانه ولكن لا يُنتظر من "عالم" أن يتجبر بعلمه، تلك مداخلُ تداعي المجتمعات إلى التحلل والفوضى حين تفقد علاماتها الرمزية التي تتأسى بها فكرا وممارسة لذلك يُحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تجبر العلماء ... المتعلمون هم مشاتل الأجيال القادمة المتدافعة على باب الوطن وعلى المستقبل الوطني يحتاجون تنشئة هادئة تعنى بمختلف أبعادهم التكوينية الذهنية والنفسية والجسدية والروحية وفي الحديث " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويُوقر كبيرنا..." لاحظوا كيف ينسب الرسول صلى الله عليه وسلم الصغير إلى الأمة كلها ولا يذكره نكرة إنه في مسؤولية الجميع وإن ما يترتب عن طرائق تنشئته لن يكون خاصا بوالديه وإنما بالمجتمع كله.
وفي الطرف المقابل للعملية التعليمية/ التربوية يقف المتعلم قبالة معلمه لا ينظر إليه على كونه مجرد موظف في وزارة التربية ولا على كونه سلطة يرتبط بها عموديا و يتوجس منها "أذى" إنما ينظر إليه باعتباره مُنشّئا وموجها وذا رسالة حضارية وتاريخية ووطنية يُوقرهُ لعلمه ولرسالته دون تجرد من حق السؤال والنقد والنقاش والمشاركة مع الإلتزام بكل ما يقتضيه العلم من مهابة المعرفة وهيبة العارفين... "تواضع" المتعلم للمعلم هو تواضع للعلم ولرسالة التعليم وذاك من أوكد شروط تحصيل المعرفة حين نوليها مكانتها... إذا تجرأ المتعلمون على المعلمين بأي درجة من درجات "الأذى" فتلك مؤشرات بدايات تداعي صرح المجتمع وانهيار رموزه... إن المجتمعات التي لا تحترم مُعلميها هي مجتمعات موعودة بالردة نحو البداوة والبدائية .
ما الذي يجعل صورة المعلم تضمر في عيون المتعلمين؟ كيف تحصل حالات عنف ضد من ائتمنهم الشعب على صغاره؟ كيف تصغر قامة المربي في نظر عامةٍ أصبحت تُعلي من شأن الدينار وتمتهن الأفكار؟ كيف أصبحت الأحذية أرفع من الأدمغة؟ تلك أسئلة وغيرها تتناسلُ عن بيئة بدأت تتجه على عجل نحو "اللامعنى" بحيث يصير السخف واللغو تعبيرا ثقافيا ويصير التمرد على المشترك من القيم المدنية وجهة نظر مختلفة جديرة بالإحترام ويصير الجانحون ذواتٍ إنسانية يُمنعُ التعامل معها بما يخدش مشاعرها أو يؤذي أبدانها ضمن منهج عقابي ترفضه النظم الحداثية المؤسسة على حقوق الطفل ضمن حقوق الإنسان... حين لا تكون المجتمعات مؤهلة لتمثل"الحرية" بما هي كفاءة ووعي ومسؤولية تنحرف بها نحو الغرائزية والتهمّج فلا نستغرب بعدها اعتداء تلميذ أو وليه على مدرس داخل حرم المؤسسة... تنزلق الحقوق في ظل المجتمعات الرخوة نحو العقوق، ويتجرأ الفارغون على العارفين ويخفت بريق العلم والتربية وتتحول المدارس والمعاهد إلى فضاءات مسيجة لعلاقات إكراهية ومتوترة بين المعلمين والمتعلمين.
ثمة إحصاءات تؤكد تزايد حالات "العنف" بمختلف مستوياته ضد المربين وثمة وعد من السيد وزير التربية باتخاذ ما يجب من الإجراءات العملية لحماية سلامة المربين وكرامتهم.... والسؤال الأعمق: هل تقدر المناهج العقابية على إعادة الإعتبار للمعلم ... ألا يُخشى ترسيخ صورة مسيئة مفادها أن المربين قد أصبحوا في متناول الأطفال إذ فقدوا مهابتهم وهيبتهم وأضحوا يحتاجون حماية... هل نحتاج حماية مكانة المعرفة والقيم في أذهان الناس ضمن مشروع ثقافي جديد ؟ أم نحتاج تجريب فرض احترام العارفين والمعلمين بوسائل أضحت جدّ تقليدية ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.