تونس – الحوار.نت- عندما تحدثت بعض وسائل إعلام عربية وأخرى تونسية مستقلة عن خلاف جدّ بين سهى عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وليلى بن علي أوضحت آنذاك أنّ الأمر يتعلق بنزاع شبّ حول مؤسسة تعليمية خاصة، حينها انبرت وسائل الإعلام الرسمية وبعض الوجوه الفاقدة للحياء لتفنّد الشائعات وتتهم كل من تناولوا هذا الخبر بالكذب واصفة إياهم بأصحاب الفتن وأعداء النجاح وخصوم تونس وحسادها... لكن اليوم تغيّرالوضع بعد أن أخذ الخبر مصداقيته من برقية الموظف الأمريكي، هذه البرقية التي زكّت الخبر وحررته من دنس الكذب والغش والإشاعة والحقد وأعطته شرعية بوأته مكانة الحقيقة المطلقة.
أين اليوم الإعلام المتزلف وأبواق النظام الذين ردّوا على كل من تناول هذا الموضوع والذين كالوا الاتهامات لوسائل الإعلام العربية ووصفوا قناة الجزيرة بالعميلة والباثة للفتنة والبلبلة!! أين هم من سكرتيرة بسيطة في سفارة الأمريكان بتونس وهي تحبر التقارير في أمن وأمان؟! هل يجرؤ أحدهم على استدعائها أو الاحتجاج عليها أو مضايقتها وهي تتسوق من أحياء العاصمة العتيقة!! أتحدث النظام نفسه بأن يقول لها لماذا أطلقت على قائد مسيرة التحول كنية الديكتاتور الفاسد؟! هي تتجول تستمتع بمناخ تونس وهوائها العليل تتنقل من المسرح البلدي إلى السوق العربي ومن الحمامات إلى جربة لأنّها فوق القانون، هذا القانون الذي فصل ليُسجن بموجبه شورو 20عاما ويعذّب بن عون ويُقتل الجوهري وينكل بشعب تونس... بكل بساطة هي لديها وثيقة رسمية تثبت بأنّها غير تونسية.
أكان يجب أن يظهر ويكيليكس للوجود كي يؤكد شيئا يسيرا مما قيل حول الأسرة الحاكمة في تونس؟! مصيبة كبيرة أن يصرخ الشعب وتتألم جميع شرائحه جراء جشع هذه الأسرة ثم يمرّ الأمر هادئا وكأنّ جميع التوانسة يدّعون على العائلة الحاكمة ويقذفونها زورا وبهتانا حسدا منهم على ما أنعم الله به على عائلة التغيير من مال وجاه هو حلالا طيبا من كدّ عرقهم وسهر لياليهم.
هل يعني هذا أنّ النظام الجائر في تونس بإمكانه أن يعذب ويقتل وينتهك ويفعل الأفاعيل بالناس ثم تلحق كل انتهاكاته بأرشيف الإشاعات مادامت لم تصدر فيه برقية من موظف أو موظفة بالسفارة الأمريكية تؤكد الحدث أو تنفيه، وإن كان من الصعب جدا أن نتجرع هذه الفرضية فعلينا اليوم أن نتعامل معها لأنّها أصبحت حقيقة على الأرض، ولا يختلف اثنان في أنّ برقية صادرة من مبنى سفارة حي الطيب المهيري أصدق من آلام الشعب وصرخات النخب التي تطلقها ليل نهار.
وإلى أن يردّ الاعتبار لصوت النخبة تبقى كل الأخبارالواردة من البلاد في الحجز حتى تتكرم السفارة الأمريكية وتختم عليها ختم التعريف بالإمضاء.