د.جهاد عبد العليم الفرا عرفته منذ اللحظة الأولى التي ابتدأ معها مشوار مرضه الذي توفي بسببه، حين التقيته في المسجد ليستشيرني في دوار كان يشكو منه وضعف شديد ألم به وحالة انحطاط أصابت جسده القوي، حيث كان طارق رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه من الشباب الحريصين على اللياقة البدنية والتدريب المنتظم لكنه بالرغم من ذلك كان ينحل ويضعف فقدمت له بعض النصائح والإرشادات الطبية وضرورة مراجعة طبيبه الخاص لإجراء بعض التحاليل، وكنت دائما على اتصال به لاطمئن على صحته وأسأله عن حاله فكانت كلمة " الحمد لله " والبسمة لاتفارق شفتيه الطاهرتين، وبقي على هذه الحال إلى أن تم تشخيص المرض والتقيته بعدها فأخبرني عن صحته وأحواله والنتائج الأخيرة للتشخيص واستراتيجية العلاج التي سيتبعها وعواقبها وآثارها الجانبية ..كان دائما يتحدث بهدوء واطمئنان والبشاشة لاتفارق محياه، والرضى والتسليم بما قدره الله له وقضاه لاتنفصل عن تعابيره وكلماته..حزنت حينها كثيرا على ما أصابه وأشفقت وحنوت عليه وكادت الدموع تنفر من عيني حزنا على حاله لكنني تماسكت وتجلدت لاخفف عنه وأهون من وطأة الأمر الجلل على نفسه، وأذكر اننا تحدثنا عن حب الله وأن المحب الحقيقي لله هو الذي يرضى بما يأتيه من حبيبه بغض النظر عن ماهية هذا الأمر . كانت أحوال طارق بسبب مرضه تتبدل كثيرا فتارة يشعر ببعض الحيوية والنشاط فتراه مع إخوانه في مسجد الوقف لايفارقهم وكان مع إخوانه الشباب في مونيدا يشارك في القيام بالعديد من الأنشطة الدعوية والرياضية والترفيهية والثقافية، ولمحته في أكثر من مرة مشاركا في فعاليات صلوات العيدين ولسان حاله وإخوانه في الوقف أنهم وقفوا أنفسهم لخدمة المسلمين ليفرح المسلمون في أعيادهم ولو كلفهم ذلك العناء والتعب والمشقة متناسين أنفسهم وغائبين عن ذواتهم، ولا شك أن كل من حضر صلوات العيد يدرك المجهود الضخم والعمل الدؤوب الذي يقوم به الإخوة الاكارم تلاميذ ومحبو وأحباب فضيلة الشيخ المحبوب احمد أبو لبن عليه من الله شآبيب الرحمة والرضوان وطارق رحمه الله تعالى معهم دائما بالرغم من مرضه الشديد وجسده المريض. وتارة يشتد عيه المرض فيرقد في المستشفى وقد عدته أكثر من مرة فما وجدته إلا راضيا مسلما أمره لله تعالى مستسلما لقضائه صابرا على ما اصابه لاتفارق البسمة المعهودة عنه وجهه الكريم . رحمك الله ياطارق فقد كنت مثالا للشاب الذي يبذل راحته من أجل إسعاد الآخرين. وكنت مثالا للشاب المسلم المبتلى الصابر المسلم الراضي بما اصابه . رحمك الله ياطارق فقد كنت حريصا على الجمع والجماعات، مؤديا للصلوات، محبا للمسلمين والناس أجمعين، شاكرا لله ثم لكل من يحسن إليك، بشوشا في وجه كل من يلقاك ويتعامل معك. كان حريصا دائما أن يدعو : " اللهم رب الناس، مذهب البأس، إشفني أنت الشافي لاشفاء إلا شفاؤك، شفاء لايغادر سقما " وكان حريصا أن يدعو :" أعوذ بعزة الله وقدرته وجلاله من شر ما أجد وأحاذر" وحريصا أن يقول :" أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيني" كل هذا مع الرضى والتسليم . ولاشك أن الرضى والتسليم يفوقان الصبر والتحمل ويعلوانهما. إختاره الله سبحانه وتعالى إلى جواره الكريم ليجزيه خيرا على ماقدم، وليوفيه أجره بغير حساب انشاء الله " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " أخي الحبيب طارق لقد قدمت على كريم ، ورحلت عنا وأنت في ريعان شبابك ، لكنه الموت الذي يأخذ الكبير والصغير، والشاب والهرم، والصحيح والعليل ، والذكر والأنثى ، والقوي والضعيف . اللهم هون علينا سكرات الموت، واجعلنا دائما على أهبة الاستعداد للقاء وجهك الكريم على الحال الذي يرضيك عنا. الله ارحم أخانا الحبيب طارق الهدرة ، وأحسن إليه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وتجاوز عن سيئاته، وبارك في حسناته، واغسله بالماء والثلج والبرد،ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا . اللهم لاتحرمنا أجره ولاتفتنا بعده واغفر لنا وله يا ارحم الراحمين ، وألهم أهله وإخوانه وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .