خالد شمت - برلين اعتبرت دراسة ميدانية أجراها قسم علم نفس الإعلام بجامعة يينا الألمانية أن التقارير المتعلقة بالإرهاب في نشرات الأخبار بقنوات التلفزة الرسمية والخاصة في البلاد تلعب دورا يؤثر في زيادة خوف المواطنين الألمان من المسلمين. ونصحت الدراسة مسؤولي تحرير الأخبار في قنوات التلفاز الألمانية بتوخي الموضوعية والالتزام بالمعايير المهنية، والابتعاد عن الانفعال والتعميم عند تغطية قضايا الإرهاب ذات الخلفية المرتبطة بالإسلام أو المنتمين إليه. وفي رد على الدراسة، شددت القناة الرسمية الأولى في التلفاز الألماني "أي آر دي" على تغطية نشرات أخبارها للحوادث المرتبطة بالإرهاب بمهنية تعتمد على النقل الموضوعي وعدم تضخيم هذه الأحداث. فريندتا رأى في الاهتمام بالدراسة مؤشرا على تأثير محتمل لها في تقارير الأخبار (الجزيرة نت) تحليل الأخبار وحملت الدراسة عنوان "الإرهاب المصطنع" وأجرت تحليلا مسحيا شاملا لنشرات الأخبار في القناتين الرسميتين الأولى والثانية في التلفزيون الألماني "أي آر دي" و"زد دي أف" والقناتين الخاصتين "أر تي أل" و"سات 1" ، خلال الفترة من أغسطس/أب 2007 حتى فبراير/شباط 2009. وتضمنت الدراسة استطلاعا ميدانيا لآراء شريحة منتقاة لفئات عمرية وتعليمية ومهنية مختلفة من مشاهدي القنوات الأربع التي حُللت نشرات أخبارها. ومثلت دراسة "الإرهاب المصطنع" الجزء الأول في مشروع بحثي تتبناه جامعة يينا، وسيحمل جزءه الثاني عنوان "العوالم الإعلامية للشبيبة المسلمة في ألمانيا" حيث يتعرض لتأثر الشباب المسلم في ألمانيا بما يشاهده من نشرات أخبار وبرامج في قنوات تركية وعربية من بينها قناة الجزيرة بشقيها العربي والإنجليزي. وأوضح المشرف على الدراسة البروفيسور فولفغانغ فريندتا في حديث للجزيرة نت، أن "الدراسة لم تتعرض بأي شكل لأسباب الإرهاب أو ضحاياه أو الأهداف السياسية المرتبطة به، وركزت فقط على العلاقة بين مضامين نشرات الأخبار في القنوات الألمانية المستهدفة ومشاهديها، والتأثير النفسي لهذه النشرات على الجمهور المتلقي". وقالت الدراسة إن القنوات الأربع التي تناولتها لعبت دورا في تحويل الإرهاب لخطر مصطنع حيث تطرقت 80% من مفردات نشرات أخبارها لحوادث أو أنشطة لها علاقة بالإرهاب، وأشارت إلى أن 20% فقط من مواد هذه النشرات –معظمها في قناتي "أي أر دي" و"زد دي أف"– قد تعرضت لمسببات أو خلفيات الإرهاب. مبالغة ومهنية واعتبرت الدراسة أن تغطيات أحداث الإرهاب في القناتين الخاصتين "أر تي أل" و"سات 1" تتسم بالمبالغة الشديدة واستخدام صور الحوادث الإرهابية بشكل يثير الفزع. ورأت أن قناة "أر تي أل" تسهم عبر آلية صناعتها للتقارير المتعلقة بالإرهاب في إثارة فزع المشاهدين وغضبهم في آن واحد، ولفتت إلى أن نشرات قناة "زد دي أف" الرسمية تشترك مع مثيلاتها "أر تي أل" و"سات 1" في التهويل من خطر الإرهاب وزيادة الفزع منه. وأثنت الدراسة الإعلامية على الجودة المهنية لنشرات الأخبار في قناة "أي أر دي" الحكومية، وذكرت أن "التقارير الإخبارية بالقنوات الأربع تفسر الأحداث المستقبلية المتوقعة كأخطار محدقة وهذا يجعل الإرهاب يبدو أشبه بسيناريو مختلق". ولفتت إلى أن نشرات الأخبار التي حللتها تصور لمشاهديها أن ألمانيا في بؤرة استهداف الإرهاب العالمي مما يشعرهم دائما بخطر قوي غامض الملامح. وأشارت الدراسة إلى أن الموضوع المحوري في نشرات القنوات الأربع يركز على أن الخطر الكبير الذي يهدد أمن البلاد يأتي من قبل "الإرهابيين الإسلاميين"، وقالت إن هذا التصور يلقى قبولا كبيرا من مشاهدي القناتين الخاصتين وتأييدا محدودا من مشاهدي القناتين الرسميتين الأولى والثانية. وأشار البروفيسور فولفغانغ فريندتا إلى أن الربط بين الإسلام والإرهاب موجود في التقارير الإعلامية قبل الضجة المتواصلة حول كتاب "ألمانيا تدمر نفسها" للمصرفي المثير للجدل تيلو سارسين، ورأى فريندتا في الاهتمام الواسع بالدراسة مؤشرا على تأثير محتمل لنتائجها في تقارير نشرات الأخبار التلفزيونية. إيكر: الدراسة لا تشكك في جدية تهديد الإرهاب لألمانيا (الجزيرة نت) دعوة للموضوعية وفي نفس السياق قالت المشرفة الثانية على الدراسة نيكولا هاوس إيكر إن الدراسة لا تشكك في جدّية تهديد الإرهاب لألمانيا، لكن نتائجها توضح أن هذا التهديد يأتي من قبل أفراد محدودين. واعتبرت في تصريح للجزيرة نت أن هذا الوضع يفرض على نشرات أخبار القنوات الألمانية عدم المساهمة في خلق عوالم افتراضية تصور عامة المسلمين إرهابيين محتملين. ومن جانبه قال رئيس تحرير الأخبار في قناة "أي آر دي" كاي جينفكا إن قناته لم تزعم قط أن ألمانيا في بؤرة التهديدات الإرهابية، وتركز في نشرات أخبارها على الأحداث الواقعية ولا تفسر التوقعات المستقبلية باعتبارها تهديدات مثلما ورد بدراسة جامعة يينا. وشدد جينفكا في تصريح للجزيرة نت على التزام القناة الأولى الألمانية بالمعايير المهنية المتعارف عليها عالميا في تغطياتها الإخبارية، وقال إن القناة تحتكم إلى الخبرة الصحفية في تحديد أهمية أي حدث وتراعي حساسيات بعض المواضيع غير أن هذا لا يعد دائما العامل الحاسم في الأخبار