بعد أربعة أسابيع، انتقلت عدوى الاحتجاجات ليلة البارحة إلى العاصمة. فبعد موجة من المظاهرات، شهدت أحياء تونس أول اشتباكاتها ليلة أمس واستيقظ سكان المدينة صباح اليوم على وقع أقدام الشرطة وسيارات الجيش، في جو مشحون بالتوتر والخوف، الأمر الذي دفعهم إلى اتخاذ أقصى حذرهم تحسبا لما سيؤول إليه الوضع. مشاهد عنف واشتباكات لم تر العاصمة لها مثيلا تجددت البارحة في أحياء التضامن والانطلاقة ولا تزال متواصلة إلى اليوم. ومنذ تلك الأثناء، خرج عناصر الجيش التونسي من ثكناته للتمركز في مختلف أنحاء المدينة. هذا وقد قامت الشرطة بتطويق عدد كبير من شوارع وسط المدينة وإطلاق النار حسب شهود عيان، لمنع خروج متظاهرين من نقابة التعليم اجتمعوا في ساحة محمد علي الحامي للتنديد بوقف الدروس في المدارس والمعاهد والجامعات منذ يوم الاثنين. ويبدو أن قرارات الرئيس بن علي الأخيرة وإقالته لوزير الداخلية لم تجد نفعا لإعادة الهدوء إلى شوارع العاصمة، بينما تتواصل الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
بعد أن تحدثنا إلى مراقبتنا، أعلنت حالة الطوارئ في تونس مساء اليوم من الساعة الثامنة ليلا إلى الخامسة والنصف صباحا.
"اجتاح الناس اليوم متاجر المواد الغذائية وكأنهم يتأهبون لحالة الطوارئ" صوفية طالبة تقطن أحد أحياء ولاية أريانة. يبدو أن رياح الهلع هبت اليوم على أحياء تونس الكبرى. خرجت من منزلي اليوم لقضاء بعض الشؤون وفوجئت بمشاهدة المحلات التجارية تغلق أبوابها وتفرغ بضاعتها، خشية أن تتعرض للهجوم أو النهب. أما محلات المواد الغذائية، فقد اجتاحها المواطنون خوفا من إعلان حالة الطوارئ، فالكل يستعد للمكوث في بيته وصد الأبواب تحسبا لما يحدث.
حاولت الذهاب إلى وسط المدينة لكنني عدلت عن ذلك بعد أن وصلتني أخبار عما يوجد هناك من اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن، زيادة على انتشار عناصر الجيش. إن الجو هنا مشحون للغاية."