رسالة إلى السيد وزير الداخلية إفهنا يا سيادة الوزير لقد إزدانت تلفزتنا الوطنيّة ليلة البارحة بطلعتك البهيّة المهيبة ، هذه المؤسّسة التي كرّست مسيرتها منذ ولادتها بالطواطئ ضد الشعب فكانت بارعة في ( قلبان الفيستا المرّات العديدة في اليوم الواحد ، بارعة في التّطبيل والتّمجيد ، بارعة في التّنظير للنّظام البائس البائد للطّاغوت بن علي الذي جثى على صدورنا طيلة 23 سنة بتواطئ من زبانيته الفسّاق من وزراء ، وبرلمانيين ، وإستشاريين ، وصحفيين بإستثناء البعض بقليل من التحفّظ ،و أقزام من مجرميّ التجمّع الذي سيحل قريبا بإرادة شعبية تريد أن تتذوّق طعم الحرية والدّيموقراطية ، فدحرته ثورة أحرار تونس المجيدة ( ثورة البوعزيزي الشهيد ) فأصيب بذلك هذا النظام الجائر في مقتله وسقط صريع الحمام و الدّحر ، وصدق الله حين يقول في حفظ الأرض من الفساد ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} وقال سبحانه تعالى : {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ } وقال سبحانه : {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } إفهمنا يا سيادة الوزير لقد إظطهدتمونا في أرائنا و أفكارنا لقد سرقتم منّا ارزاقنا وآختلستم ثرواتنا ، وساومتمونا في شرفنا وكرامتنا فقتلتم الأبطال وشرّدتم الأحرار فمنهم من زججتم به في غياهب السجون ولفّقتم له التّهم الخطيرة ونسيتموهم هناك وراء قضبان الغدر والقهر ، ومنهم من هجّرتم من المثقّفين والعلماء والأصفياء الأانقياء ، لا لشيئ إلاّ أنّه لم يصادف هواهم هواكم ... إفهمنا يا سيادة الوزير لقد تفنّنتم في ظلمكم لهذا الشعب الأبيّ من قمع ، وقهر ، وتظييق عليه ، وترويعه شيبا وشبابا ،و إقصاءه من الحياة السياسية وإحتكارها لأنفسكم فحكتم له المؤامرات فجوعتموه ، وآستثولتموه وآستغبيتموه ، فأنشأتم الصّناديق الوهمية لثلبه وسلبه ، ظنّا منكم أنّكم تحكمون امواتا ، عذرا لقد أخطأتم العنوان ... إفهمنا يا سيادة الوزير هاهو البطل الشّهيد ( البوعزيزي ) يوقظه الجوع الذّي لازمه طويلا فلم يتنبّه أحد من المسؤولين المنغمسين في لذّاتهم وشهواتهتم وإشباع نهمهم لأنّاته وإستجدائه فأراد أن يلفتهم إليه فأضرم في نفسه النّار فآحترق الجسد الجائع ، فأحرق معه أحلام الطّاغين ومطامع الجبّارين فآستيقظ بذلك الملايين من التونسيين وثاروا على صمتهم المزمن ... وثاروا على طاغية لعنه الله ، حكمهم بالحديد والنّار، أحكم القبضة عليهم ، فأعلن بذلك الألوهية وقال ( لا أريكم إلاّ ما أرى ) فأعلن له زبانيته تمام الولاء ، فملك العباد والبلاد ، وجعل من تونس سجنا للمستضعفين منها ، ومزرعة للأفّاكين المدلّسين ، فتواصلت الثّورة المباركة وآلت إلى ما آلت إليه فطلع علينا الطّاغية المدحور وأعلن بأنّه قد فهم الثّائرين عليه .. وفرّ من البلاد بكل حزم ...بكل حزم ،وآنتصرت ثورة البوعزيزي على القهر والظلم والطّغيان .... إفهمنا يا سيادة الوزير أخيرا تشكّلت حكومة الظّلم الوطني و النسيان الجهوي ،و الإقصاء السياسي ، وها انت يا سيادة وزير الدّاخلية تتواضع وتقول كلمتك التي سمعناها ، ففهمناها بكلّ حزم ، ووقفنا على نقاطها بكل حزم ، وعبرنا إلى معانيها ومراميها بكلّ حزم ... بكل حزم ، فأرجو ان تفهمنا بكلّ حزم ...بكلّ حزم ... الإمضاء : الثّائر بكل حزم ( أبو تسنيم )