قال سكان إن قوات الأمن السورية قتلت ثلاثة محتجين في مدينة درعا الجنوبية أمس الجمعة في أول اشتباكات عنيفة تشهدها البلاد منذ اندلاع موجة من الانتفاضات في أنحاء العالم العربي. وكان المتظاهرون يشاركون في احتجاج سلمي يطالب بالحريات السياسية والقضاء على الفساد في سوريا التي تخضع منذ نحو نصف قرن لقانون الطواريء تحت حكم حزب البعث بزعامة الرئيس بشار الاسد. وقال نشطاء إن احتجاجات أصغر خرجت في مدينة حمص في وسط البلاد وبلدة بانياس التي توجد بها احدى مصفاتي النفط السوريتين. وهتف حشد لفترة وجيزة بشعارات مطالبة بالحرية داخل المسجد الأموي في دمشق القديمة قبل أن تهاجمهم قوات الامن. وكثفت سوريا من عمليات اعتقال المعارضين منذ تفجرت الانتفاضات العربية في يناير الماضي، علما بأن لها تاريخ طويل دام في قمع المعارضة. وفي عام 1982 ارسل والد بشار الاسد جنودا لإخماد تمرد في مدينة حماة قتل فيه الآلاف من الإسلاميين. "الله..سوريا..الحرية" وقال سكان ان ما يترواح بين ثلاثة إلى اربعة آلاف شخص رددوا هتافات تقول "الله.. سوريا..الحرية" عقب صلاة الجمعة في مسجد العمري في درعا ورددوا شهادات تتهم عائلة الرئيس بالفساد. وقال شاهد عيان إن قوات الأمن استخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين وفتحت بعدها النار. ورد المحتجون برشق الشرطة بالحجارة وإضرام النيران بسيارة ونقطة أمنية. وقتل حسام عبد الولي عياش وأكرم جوابرة وايهم الحريري برصاص أفراد أمن انضم إليهم جنود وصلوا على متن مروحيات. واصيب العشرات في الهجوم الذي وقع في الحي القديم في درعا قرب الحدود مع الأردن. وزعم بيان رسمي أن "مندسين" حاولوا انتهاز فرصة ما وصفه بتجمع في درعا "وعمدوا الى احداث الفوضى والشغب ملحقين أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة ... ما استدعى تدخل عناصر حفظ الامن." ولم يتحدث البيان عن وقوع قتلى أو جرحى. وأدانت الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سعت تحت إدارة الرئيس باراك اوباما للتواصل مع الأسد الهجوم على المحتجين وحثت الحكومة على السماح للشعب بالتظاهر بحرية. وقال تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض "لابد من محاسبة المسؤولين عن العنف الذي وقع اليوم." وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات من الاشتباكات بدت المدينة هادئة عند المساء في ظل تواجد امني كثيف. وكانت الحجارة ملقاة على الطريق الذي شهد الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن وقال السكان إن السلطات لم تسمح لهم بزيارة المصابين في المستشفيات. وبحسب المصادر نفسها، فإن أقارب القتلى رفضوا قبول العزاء في مؤشر على أنهم ربما يسعون للانتقام. وقال محام ونشط شارك في جزء من الاحتجاج إن الوضع خطير وإن الناس يشعرون أنهم تحت ضغط. وأوضح أنه أذا سلمت السلطات الجثث فستكون هناك مظاهرات وإن الناس سيدعون للانتقام. وعبر اعضاء المؤسسة الحاكمة في سوريا عن ثقتهم في انهم محصنون ضد الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي ونسبوا ذلك للتحرر الاقتصادي والخط المتشدد الذي تنتهجه دمشق تجاه اسرائيل لكن احتجاجات سلمية صغيرة هذا الاسبوع تحدت سلطتهم المنفردة بحكم البلاد للمرة الأولى منذ سنين. وتعد احتجاجات درعا أكبر تهديد حتى الآن لحكم الأسد الذي قال في مقابلة نشرت في يناير إنه لا يوجد سخط واسع ضد الدولة. وقال دبلوماسي في العاصمة السورية في حينه "أعطت القيادة إشارة واضحة على أنها ليست في عجلة من أمرها للشروع في إصلاح سياسي جوهري." وأظهرت لقطات فيديو تم بثها عبر موقع فيسبوك من وصفتهم بأنهم متظاهرون في درعا يرددون هتافات في وقت سابق ضد رجل الاعمال السوري رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الاسد والذي يمتلك عدة شركات كبيرة. وهتف عشرات المتظاهرين في الشوارع متهمين مخلوف بأنه لص. وتضم درعا آلاف النازحين الذين فروا من أزمة مياه ضربت شرق سوريا على مدى السنوات الست الماضية وأدت إلى نزوح نحو مليون شخص. ويقول خبراء إن سوء إدارة الموارد هو سبب الازمة الى جانب موجات جفاف متعاقبة. وتعد درعا مركزا إداريا لهضبة حوران التي كانت سلة خبز الشرق الأوسط. وعانت درعا أيضا من تناقص مستويات المياه مما أسفر عن تراجع متوسط الانتاج بواقع الربع في العام الماضي. وفي العاصمة دمشق فرقت قوات أمن ترتدي ملابس مدنية ومسلحة بالهراوات يوم الاربعاء 150 متظاهرا في وسط دمشق بعدما تجمعوا أمام وزارة الداخلية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. ويتزعم الرئيس السوري حزب البعث الذي يحكم البلاد منذ عام 1963 ويحظر المعارضة ويفرض قوانين الطواريء التي لا تزال سارية في سوريا. وخلف الاسد والده في السلطة قبل نحو 11 عاما. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا إن السلطات السورية بين أسوأ منتهكي حقوق الانسان في 2010 حيث سجنت محامين وعذبت معارضين واستخدمت العنف لقمع الأكراد. وفي عام 2004 نظم أكراد في شرق سوريا الذين تمنع السلطات العديد منهم من الحصول على الجنسية مظاهرات شابتها أعمال عنف انتشرت في كافة المناطق الكردية بسوريا مما أسفر عن مقتل 30 شخصا.