يقول المثل الشعبي الجزائري ضربة بالفاس أحسن من عشرة بالقادوم! وهذا ما يتوجب على الرئيس ومن معه من أصحاب القرار الفعلي في الجزائر فعله للدفع بحل مشاكل البلد المتراكمة, بطريقة ناجعة وليست ترقيعية,فالسيد أويحي ووزرائه يجب أن يفكروا في الطرق الجذرية لحل هاته المشاكل , وليس الحلول الترقيعية والتي ماهي غير مهدئات مؤقتة لاغير.إن الإختلاسات والإحتجاجات والإضرابات والإنتحارات أصبحت واقع يومي في كل الجزائر ولايتجاهلها إلا إنتهازي مغالط. كم مرة قرأنا وسمعنا أن الجمارك فيها فساد وتهرب جمركي كبير,فماذا كانت الحلول حتى الآن ياترى؟ للأسف لم يكن هناك حل يرقى إلى المستوى المطلوب, وعادة مايكون تغيير جزئي لمفتشي أو أعوان الميناء المعني بعدما عاثوا فيه فسادا وأستأنسوا بوكلاء العبور وبارونات الإستيراد,ثم مانلبث ونسمع بالعون أو المفتش الجديد وهو يرتكب فسادا أكبر من سابقه ! ولقد سمعنا مؤخرا , كيف أن مئات من جمركيي وهران حولوا من مناصبهم وعوضوا بأعوان جدد بحجة كسر علاقتهم ببرونات الإستيراد,وبعدها نسمع من هيأة مكافحة الفساد أن التهرب والتزوير الجمركي سبب للبلد خسارة 7ملايير دولار, ثم سمعنا كيف أن مستوردا هرب 20حاوية من ميناء العاصمة, من دون تفتيشها من طرف الجمارك!؟ كيف يتوقعنا الرئيس أن نفكر ونحكم ونحن نسمع ونرى هاته الإختلاسات والتهربات تقع أسبوعيا؟ نحن كمواطنين نعتقد أن الرئيس وباقي رؤوس النظام يتحملون مسؤولية حماية المال العام من هاته الإختلاسات, لأن الشعب إئتمنهم على الجزائر,فلو أن أعوان جمارك وهران طردوا من مناصبهم ووقع جرد لممتلكاتهم ومظاهر ثرائهم,ولو أن هناك عدالة مستقلة لمحاكمتهم وسجنهم, ولو أن هناك تلفزة وصحافة حرة لنشر كل ذلك ليتعض الأخرون,لرأينا نتائج رائعة لتطهير ميناء وهران,ولوأن برونات الويسكي والمواد الأخرى روقبوا أمنيا وقضائيا,وتم الإشهار بمن ثبت إجرامه, وتم التحقيق حول مصدر ملاييرهم المهربة إلى إسبانيا لوصلنا إلى نتائج جيدة في محاربةالفساد ولما تراكمت ال7ملايير المختلسة في جيوب البرونات وستتراكم أكثر في الغرب و في البلدان المتقدمة قد تحتاج أسرة أو شركة إلى عقود من الكد والجهد لتصنع ثروتها, أما عندنا فالقدر يبتسم كثيرا لبقارتنا ورجال أعمالنا,الميليارديرات الجدد,فينتقلون من نكرة إلى معرفة في رمشة عين,هل هو عفريت سيدنا سليمان في خدمتهم ياترى؟ وإليكم المثال التالي حول كيف تصبح مليارديرا في الجزائر وفي مدة قصيرة ,وهو مأخوذ من تجربة وقعت فعلا !!؟ 1-البداية ستكون سهلة, فقط إستخرج سجل تجاري كتاجر مستورد-مصدر,بعد أن تستوفي شروط الإستخراج طبعا.. 2-تحتاج إلى الأجهزة الآتية هاتف فاكس كمبيوتر موصل بالإنترنات. 3-إبحث على المنتوج الذي تريد أن تستورده في علي بابا.كوم , وهو دليل المنتوجات الرخيصة في الصين وغيرها. 4-إتصل بنفسك أو بواسطة وكلاء في دبي مثلا, بالشركة المصدرة في الصين, وفاوضهم في السعر والكمية التي تريد إستيرادها,ثم أطلب منهم فاتورة بنصف سعر المنتوج فقط , والدفع سيكون عن طريق البنك في الجزائر على أن تدفع النصف الباقي من السعر الكامل عن طريق تحويل بنكي في دبي . 5- هذا النصف المدفوع من دبي عليك أن تدفع مقابله, بالدينار نقدا في الجزائر, لوكيل الوسيط المتمركز في دبي,وهو بدوره سيدفع المبلغ بالعملة الصعبة للمصدر الصيني,لهذا نرى زيادات في الطلب على العملة في بورسعيد وغيرها,ولهذا كذلك يحدث تهريب كبير للعملة إلى دبي.. 6- عندما تصل بضاعتك إلى الجزائر ستجد الجمارك تغرمك على أساس السعر المصرح به عن طريق الفوترة من المصدر الصيني والتي يكون البنك الممول في الجزائر قد تحصل عليها ,وهو نصف السعر الحقيقي للبضاعة,أي عوض أن تدفع 10% لألف وحدة ثمنها 10ألاف دولار مثلا,ستدفع 10% لألف وحدة ثمنها 5 ألاف دولار فقط كضريبة جمركية ,وعلى مستوى الميناء تكون تزويرات أخرى في الكمية والنوعية,لقد تسلم أعوان جمارك هدايا كبيرة كسيارات فخمة وغيرها مقابل ذلك. 7- ويستمر الإختلاس ,فعندما تستخرج البضاعة من الميناء تستطيع بيعها بسعر مركب من جزئين,سعر منخفض مفوتر لتتهرب من الضرائب, وتقبض الباقي نقدا بذون فوترة. 8-الضرائب ستحاسبك على أساس السعر المفوتر فقط,ثم إن أعوان الضرائب ليسوا كلهم ملائكة ومواطنين صالحين,بل إن كثيرا منهم ظهر عليهم ثراءا فاحشا نتيجة للتقييم الضريبي الجزافي أي الفورفي. 9-كرر عملية الإستيراد هاته عدة مرات حتى تصبح ميليارديرا بسرعة. إن قطاع الجمارك هو واحد من عشرات القطاعات في الإقتصاد الوطني, التي تستدعي حلولا عاجلة لأن الفساد نخرها,وعلى الوزراء الفاشلين أن يغادروا ويتركوا المجال للكفاءات الشابة,لكن يجب التنبيه أن أي إجراء لتغيير الحكومة بدون أي تفعيل لإستقلالية العدالة,وتحديث لطرق الرقابة التقنية والأمنية, والسماح للبرلمان وللإعلام والأحزاب بكشف الفساد , سوف لن يأتي بنتيجة وستكون مسألة وقت قبل أن تصبح أي حكومة جديدة في نفس وضعية الحكومة الحالية إذن على السيد الرئيس أن يفكر في طرق عصرية لإيقاف الفساد وإن إقتضى الأمر الزج باللصوص الكبار في السجن لمدد طويلة,وعلى الوزير المسؤول عن الجمارك وإطاراته الإنسحاب وترك المجال لمن يستطيع أن يضرب بالفأس وليس بالقادوم. الجزائر لايمكن أن تكون مستقرة بهذا القدر من الفساد والإحتجاجات اليومية , ولابد للرئيس من إيجاد مخرج راديكلي يجنب البلاد والعباد إهتزازات عنيفة