اللوبيات المعتلفة و زمر الفساد في الجزائر! تُعرِّف موسوعة ويكيبيديا للوبي بأنه شخص أو أشخاص لهم النية والمحاولة للتأثير على تشريعات وقرارات وسياسات الحكومة لخدمة مصلحة جهة معينة. وفي الدول الغربية نرى الكثير من اللوبيات تنشط وتتكتل للتأثير على سياسات الحكومات,فنجد مثلا, اللوبي الصهيوني القوي قابضا بعنق مختلف الإدارات الأمريكية على مر عقود من الزمن ويحملها على حماية وتأييد إسرائيل,وهناك اللوبي العربي والذي مازال ضعيفا وقليل التأثير. عندنا في الجزائر كذلك توجد لوبيات وكلها تدور في فلك النظام ,وليس لها أي إستقلالية تذكر,وإلا لماسمح لها بالتواجد,إنها لوبيات تحتاج إلى تعريف خاص,فهي لوبيات مدجنة أو حيوانات أليفة ومعتلفة. في الجزائر الفساد والإعتلاف درجات ,وهوينخر البلد من هرم السلطة إلى أبسط مسؤول,فهو سرطان منتشر في كل أجزاء الجسم الجزائري,هو أخطبوط خبيث وعنكبوت متوحش نسج شباكه حول البلد كله وبات من الصعب التخلص منه بغير تغيير راديكالي في رأس النظام وفي جسمه وأطرافه.ويمكن تقسيم زمر الفساد أو ديوان المعتلفين في الجزائر إلى ثلاثة أقسام, الميجا ميليارديرات والمليارديرات والطبقة الملتفة حولهم تخدمهم وتختطف الفتات أو البقشيش منهم. إن زمرة الميجاميليارديرات تتكون من بارونات الإستيراد وكبار المقاولين ومالكي حافلات النقل الجامعي ومسؤولين كبار في وزارات النفط والدفاع وغيرها والمسؤولون عن إبرام الصفقات الميلياردية مع الخارج,هاته الزمرة تستحوذ على نسبة مهمة من ثروة الجزائر,وبعدهم يأتي المليارديرات الجدد أو البقارة,وهم عمالقة الرشوة,إستغلوا ظروف الإرهاب في التسعينات وبدأوا حملة لا أخلاقية لجمع ملاييرهم بأسرع وقت بطرق ملتوية , رشوات للجمارك,تهرب ضريبي,غش في الصفقات,إستيراد كل النفايات الصينية,نهب للأراضي والعقارات والبنوك. المشكلة أن هاته البرجوازية الطفيلية الإستهلاكية والتي لاتعرف أبسط القواعد الإقتصادية كالمنافسة الشريفة وقوانين العرض والطلب,هاته الزمرة الفاسدة لا تحاسب لأن هناك زمرة أعلى منها في السلطة تمارس فساد أكبر. وأما الفئة الثالثة في سلم الفساد في الجزائر فهم من يستفيدون من فتات ريع النظام,كفيلة وسيارة وبعض الشقق وقطع أراضي صغيرة وربما شقة ومنصب وسيارة فقط! هؤلاء شهود زور ويظنون أنفسهم لوبيات فاعلة. هاته اللوبيات المهرجة في الجزائر هم مرضى أوهام,يعتقدون أنهم يؤثرون على السلطة الفعلية ودفعها لسن قوانين وأتخاد إجراءات معينة,وحقيقة الأمر أنهم مجرد ديكور فاسد الذوق لديمقراطية الجزائر الباهتة والمزورة. على رأس هؤلاء تتموقع أحزب التحالف أو التعالف الرئاسي والبرلمان ومجلس الأمة والمنظمات الجماهيرية. فيجب أولا تعريف هذا الذي يسمى بالتحالف الرئاسي ووضعه في قالبه الصحيح وهو تحالف اللاشيء،تحالف البندير و ديوان الصالحين!فهؤلاء المخلوقات الإعتلافية قد مردت على ممارسة العهر السياسي، أحدهم كان بالأمس القريب يفتي ويؤلف كتيبات الدين-والدين منه بريء- يسطع نجمه ليصبح يتجول في سيلرة فخمة ويقيم عرس إبنه في الشيراتون و تراه يعض بالنواجد للبقاء في رئاسة حزبه مدى الحياة،هل تظنه يأبه لمشاكل وهموم المواطن بقدر مايهمه تحقيق كوطات ومصالح لنفسه ولأتباعه ,وأما الثاني في هذا التحالف فهو من سرح عشرات الألاف من العمال وأغلق عشرات المؤسسات وقام بكل المهام القذرة-بأعترافه-وعشش الفساد في عشرات الوزارات التي يشرف عليها،وبسط سيطرته على رئاسة حزبه بذون منازع، وأخيرا هل نتوقع ثالثهم هذا المحتمي ببرنوس الرئيس منذ سنين،والدي ضحك له زمن الجزائر البئيس، فتحول من نكرة إلى معرفة بين عشية وضحاها،هذا المخلوق مفتون بالحزب الحاكم في مصر سابقا وبالسودان فنراه يستورد السياسات والشعارات الرديئة ويحاول تطبيقها في جبهته،بل إنه مافتيء يدعو الشباب الجزائري إلى إتقان فن الهدرة والتبلعيط عوض الدعوة للعلم والعمل،هذا وماخفي أعظم،هل نتوقع من أمثاله الأهلية والكفاءة لمحاربة الفساد وممارسة الديمقراطية؟. إن المطلع على تسريبات ويكي ميكي حول الجزائر لَيُصاب بإحباط لامثيل له وهو يقرأ كيف أن السفيرين الفرنسي والأمريكي ،في الجزائر، يجتمعان ويرسلان إلى بلديهما تقارير، حول صحة رئيسنا، وحول رأيهما في خلافة رئيسنا،وحول الإقتصاد والأمن والفساد في بلادنا ويلتقيان رؤساء أحزاب للتجسس علينا! إنهم يتصرفون وكأن الجزائر تحت إدارتهم،ونشك في كونها ليس كذلك،فأين الرئيس والطبقة السياسية والضباط السامون والمثقفون والتعالف الرئاسي من كل ذلك؟! هناك لوبي الأحزاب المجهرية مثل حزب لويزة حنون وحزب الإصلاح وحزب النهضة وحزب الأرسيدي, وهي كلها أحزاب برئاسة ديكتاتورية,لايقع التغيير في رئاسة هاته الأحزاب إلا بالإنقلاب أو الوفاة-كأغلب الأحزاب الجزائرية الأخرى-, فهؤلاء لاوزن لهم في الشارع الجزائري كما بينت عدة إنتخابات سابقة,لكن النظام من خلال إعلامه يحاول تضخيمهم وإظهارهم بحجم أكبر من حجمهم لإعطاء الإنطباع بأن البلد يعيش ديمقراطية حقيقية. هؤلاء البكتيريات السياسية يستخدمهم النظام كأرانب سباق في الإنتخابات لإكمال كرنفال ديمقراطيته,ويستخدمهم كأبواق لتبييض سياساته الفاشلة,وبالمقابل يلقي إليهم بالفتات على شكل إمتيازات ومصالح محققة.لقد رأيناهم في إحتجاجات الشباب وفي المسيرات الأخيرة كيف نصبوا أنفسهم للدفاع عن مؤسسة قائمة فاشلة ومحاولة تقديمها للمواطن وللخارج كأنها مؤسسة ثورية ديمقراطية وطنية تعمل على رخاء الجزائر,وبالمقابل درجت هاته الحزيبات على التهجم على الشباب المحتجين وعلى الجماعات الحقوقية التي أرادت تنظيم مسيرات سلمية,فالشباب الذي يحرق نفسه هو مجنون وغير مسؤول,والمحتجين على غلاء الأسعار هم لصوص ومخربين وأما الداعين لمسيرات فهم مشوشين ولايمثلون شيأ في المجتمع. الشيء المزعج أن هؤلاء الأحزاب يحاولون أن يتشكلوا كلوبيات تحاول التكلم بأسم الجماهير,كما تفعل لويزة بإسم العمال, ويحاولوا أن يقدموا لنا حكومة فاشلة ونظام مستبد على أنها حكومة وطنية ونظام شرعي,وإذا أراد مهمش أو صاحب حق الإحتجاج أخرجوا له بعبع الإرهاب والعشرية السوداء وخوفونا بالقول أتريدون الرجوع بنا الى الدم والدمار؟ لكن الخبر السعيد أنهم مجهريون , ولو كانت غدا إنتخابات حرة لعرفوا حجمهم الحقيقي,ولهذا تراهم يخافون من التغيير لأنه سيكشفهم ويفقدهم إمتيازاتهم ويهوي بهم إلى مزبلة التاريخ. ثالث لوبي أعتلافي وهو لوبي الصحافة المرتزقة,فهؤلاء يتقاسمون الأدوار في مسرح المهزلة الديمقراطية في الجزائر منذ إجهاض أول تجربة ديمقراطية حقيقية في الجزائر سنة 1992.يجب أن يعرف الجميع أن أي صحيفة لها ذرة من المصداقية قد أغلقت أو دجنت ولم يبق في الميدان إلا من يسبح بحمد السلطة,خاصة منذ مجيء الرئيس بوتفليقة صاحب السياسة الشمولية,أب الجميع الذي لايقبل الإعتراض من أي أحد تحت درجته في سلم السلطة.هذا اللوبي إنتهازي بإمتياز . أخيرا يمكن التلخيص كما يلي: نحن في الجزائر أمام مشهدين: فمن جهة شعب هائم على وجهه،إستقلاله لم يبق منه شيء،شعب يبيع ويشتري مع بعضه البعض لتوفير لقمة العيش،شعب أبناؤه ضاق بهم الوطن فماتوا في البحار أو بألإنتحار، شعب كريم،بالأمس طرد المستعمر اللئيم واليوم حولوه إلى شعب جائع ومدلول.شعب يرى كل يوم ملايير وطنه تنهب وتشيد بها القصور أو تهرب إلى ماوراء البحر وهو يفتقر إلى أبسط الحاجات الإنسانية،فالتعليم رديء، والصحة والنقل والأمن كلها تعيش وضع كارثي،والوضيفة الدائمة تحولت إلى حلم.لقد أختطف وطننا من طرف قسم من أبنائه وبالتحالف مع فرنسا وأمريكا الحقيرتين،فالنجدة النجدة ياناس! أو أتارانا تحققت فينا مقولة أننا تحولنا إلى شعب قابل للقهر ويتكيف ويتعايش معه عوض الثورة عليه. أما المشهد الأخر فهو يتعلق بمن سلطتهم فرنسا والغرب على رقابنا، إنهم عبارة عن تعالف وتحالف غريب يتكون من حكامنا,سياسيين وعسكريين ورجال أعمال وأتباعهم من أحزاب وجمعيات وصحافة مرتزقة وقلة من المحظوظين، فهؤلاء وعائلاتهم يعيشون في بحبوحة،سكن ونقل وصحة ودراسة وأمن،ترى من أين لهم هذا؟ هل عملوا بعرق جبينهم أجيال ليصنعوا الثروة؟ لا ، بل بيدهم مفاتيح حاسي مسعود، طبعا، وهم خلفاء الغرب وحماة مصالحه، لكنهم لايترددون في القول أن الجزائر بلادهم وأنهم يحبونها،حياتهم وثقافتهم مختلفة،هم في واد والغاشي في واد،هم أنانيون ، يعتقدون أنهم وحدهم المتحضرون ويعرفون كيف يمارسون الديمقراطية,لكن بطريقة إذا أخدهم عزرائيل, تركوا أبناءهم كخلفاء لهم فيها.. ولهذا تراهم يرددون كالببغاوات لانحتاج التغيير في الجزائر,الجزائر ليست تونس أو مصر أو اليمن!,ربما يعتقدون أن الجزائر هي السويد أو سويسرا,وإذا أحتج علي بلحاج مع المحتجين قالوا الشعب لايريد أن يعود إلى عشرية نزار الدموية,وإذا أندس سعدي مع المحتجين قالوا الشعب يعرف العملاء,لكنهم يتجنبون الإشارة إلى بوشاشي ويحي عبد النور,بل يتناسون الإحتجاجات اليومية في كل الجزائر. فعلى الرئيس والشرفاء في الجيش وغيره من مواقع إتخاد القرار أن يتصرفوا بسرعة لإصلاح النظام جدريا ,إصلاحا حقيقيا يمكن الشعب من المشاركة الفعلية الديمقراطية في حكم بلده وإلا فالبقارة الميليارديرات الجدد وشركائهم السياسيون الإنتهازيون سيستولون على الحكم برمته,كما حدث من قبل في تونس ومصر,وسينتزعون السلطة من الجيش أو من أي شرعية موجودة,لأن القوة ستكون للمال وحده في بلد نامي,دجنت كل معارضة فيه وحطمت نخبه ومنعة أي طبقة متوسطة من الظهور فيه.