تونس - الحوارنت - منذ بروز اسم الفريق أول رشيد عمّار على سطح الأحداث والرجل يتجاذبه فريقان، فريقا يعتبره منقذ تونس وحامي حماها ولولاه ما قامت للثورة قيامة ولنجح بن علي في إخماد الحراك ومن ثمّ القيام بعملية انتقام خطيرة لرد الاعتبار؛ والفريق الثاني أطلق العنان لنظرية المؤامرة ترتع في أفكاره وأقواله ولم يبدأ القصة من17 ديسمبر2010 إنما بدأها منذ2004 حين تحطمت المروحية وفقد الجيش التونسي14 ضابطا من خيرة قياداته بمن فيهم قائد الأركان الجنرال سكيك، حينها أشاروا بأصابع الاتهام لرشيد عمّار ثم أصروا على أنّه وخلال الثورة لم يرفض إطلاق النار على المتظاهرين إنّما طلب إذنا كتابيا من بن علي وذلك من أجل توريطه وإضعافه استعدادا للانقضاض عليه. وحتى تلك التصريحات التي أطلقها ضابط الحرس الوطني أحمد الخضراوي والتي اتهم فيها رشيد عمّار بتلقيه أوامر في آخر لحظة من أمريكا بضرورة الإمساك بزمام الأمور تبدو جافة عسيرة الهضم وتركيبها لا يشجع على التعامل معها كحقيقة ثابتة. الكثير من الروايات الواهية التي ليس لها قرائن تدعمها لا يمكنها أن تصنّف إلا ضمن حالة من الإثارة الإعلامية أو عمليات الثأر الجانبية ، لأنّ هذه الأقوال والتصريحات والإفادات غير مدعومة بالوقائع، ثم أن كل المعطيات على الأرض تفنّد مثل هذه الأقوال التي توغلت بعيدا في نظرية المؤامرة، ولا يعد هذا من باب التنزيه المجاني للرجل بقدر وجوب التعامل مع المعلومة الثابتة ذات القرائن القوية وإلا فإن الجنرال القادم لتوه إلى واجهة الأحداث لا يمكن الحكم له أو عليه وأقصى ما يتسنى الذهاب إليه هو الإقرار بالدور المتميز والنظيف للجيش التونسي خلال الثورة وبعدها، ومن المنطقي أن يكون للجنرال رشيد عمّار اليد الطولى في الأسلوب المتبع في تعامل العسكر مع المواطنين الثائرين. البحث في ما وراء الحدث يبدو منهكا في زمن تكثر فيه الإشاعة وتسترزق فيه الصحافة من كل شيء وعلى حساب أي شيء، والأجدى أن نتعامل مع المعطى الجاهز الذي يظهر جنرالا قاد مؤسسة عسكرية بحنكة وبأقل الخسائر وهو الآن وإن وجد في الواجهة الإعلامية فإنه غير متموقع في الواجهة السياسية، وهذه القراءة العامّة للصورة الظاهرية تحسب له لا عليه. أمّا تصريحات الراجحي حول موقف الجنرال عمّار من فرضية فوز النهضة في الانتخابات وتداعيات ذلك على التجربة السياسية فيشوبها شيئا من الضبابية لأننا لم نسمع بتبريرشاف للرواية وما يزيد الأمر تعقيدا أن الرجلين أهّلتهم قطاعات كبيرة من الشعب إلى مستوى ثقتها، بحيث يصبح من الصعب على المواطن تكذيب هذا واتهام ذاك.. مهما يكن فإن التعامل المنطقي مع الأحداث يقول أنّ رشيد عمّار ليس بالقديس النقي التقي اللين البشوش البلسم الذي يبرأ الجراح، ولا هو الداهية الماكر الذي يتحين الفرصة ليثب على كرسي قرطاج،، خاصة وقد تيسر له ذلك ليلة الرابع عشر وما تبعها من انفلات أمني، إنما يبدو أن الجنرال دعم الصورة الأولى التي كان قد أخذها عنه الشعب عندما كانت رحى الثورة تدور والتي مفادها أنّه شخصية ثكنات وليس شخصية سياسات.