محمد أقديم هل سيدخل المغرب التاريخ من بابه الواسع بهذا الإبداع الجديد في الفقه الدستوري ، الذي توصلت إليه لجنة الأستاذ عبد اللطيف المانوني بتقديمها لدستور "شفوي" لزعماء الأحزاب السياسية و الأمناء العامين للمركزيات النقابية، خلال الاجتماع الأخير للجنة المتابعة، التي تشكلت غداة الخطاب الملكي ليوم 9مارس 2011 ، كإطار للتشاور والمتابعة لأشغال اللجنة التقنية التي تشتغل على صياغة مشروع الوثيقة الدستورية ؟ فالمستشار الملكي المعتصم رفض أن يسلم لزعماء الأحزاب وأمناء النقابات الوثيقة المكتوبة للمنتوج، الذي عكفت لجنة المنوني على صياغته مند ثلاثة أشهر، و استطاع أن يقنعهم بأهمية الإنصات لهذا الدستور شفويا، دون الحاجة إلى الوثائق المكتوبة . انه الدستور "الشفوي" ، ماركة مغربية مسجلة ، و شكل جديد من الدساتير سينضاف إلى ما هو معروف و متعارف عليه إلى اليوم، في تاريخ الدساتير، فإلى جانب الدساتير المكتوبة و الدساتير العرفية ، و ستدرس مستقبلا هذه الفصيلة الجديدة من الدساتير الشفوية، في كليات الحقوق، والتي سيكون للمغرب فضل السبق في اختراعها و أجر العمل بها ، فإذا كانت الملكية البرلمانية البريطانية مقترنة بدستورها العرفي ، باعتباره تقاليد و أعراف سياسية ودستورية تنظم المؤسسات السياسية التي تحكم المملكة البريطانية . فستكون الملكية "البرلمانية" المغربية مقترنة، من الآن فصاعدا، ب "الدستور الشفوي". إنها خاصية أخرى من " الخصوصية المغربية" ، التي تدخل بدورها في إطار " الاستثناء" المغربي ، و معلمة من معالم "النبوغ المغربي" ( مع الاعتذار للمرحوم عبد الله كنون على هذه الاستعارة) ، فسيحق للمغرب و المغاربة أن يفتخروا بهذا الفتح الجديد في مجال الفقه الدستوري ، سيسجل التاريخ أن المغرب هو أول دولة أبدعت شكلا جديدا من الدساتير. و بهذا الاكتشاف الجديد سيكون المغرب في المنزلة بين المنزلتين ، منزلة الملكيات الأوربية البرلمانية بدساتيرها العرفية والمكتوبة ، ومنزلة الملكيات العربية المطلقة التي لا تتوفر نهائيا على شيء اسمه الدستور كتابيا كان أو شفويا. و من "حسن حظنا" نحن المغاربة أن انتقلنا فقط من الدستور المكتوب إلى الدستور الشفوي، ولم نتراجع مباشرة إلى وضعية لا دستور. لنضيف لدستورنا المنتظر صفة "الشفوي" الى جانب صفة " الممنوح". هذا الدستور "الشفوي" سيجعل المغرب والمغاربة يضاهون بهذا الانجاز الملكية البرلمانية البريطانية، التي لا تتوفر "إلا" على دستور عرفي !! أو لم يطالب المغاربة بالملكية البرلمانية ؟؟ فهذا الدستور الشفوي سيؤسس لملكية برلمانية شفوية كذلك. وديموقراطية شفوية و حكامة شفوية ، وسينضاف إلى ما نتمتع به من حرية وكرامة و عدالة شفوية بدورها، في إطار مجتمع ديموقراطي حداثي شفوي هو الآخر. جميع المؤشرات توضح بما لا مجال للشك فيه ، أن هذا الدستور سيستجيب ، شفويا بالطبع ، لكل ما تقدمت به الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، والجميعات الحقوقية، والهيئات النسوية والشبابية، من مطالب "كبيرة" في مذكراتها الكثيرة وعرائضها العديدة ، المعروضة والمرفوعة، أمام و إلى لجنة الأستاذ المنوني ، فهذا الكم الهائل من المطالب والمقترحات، لا يمكن فعلا الاستجابة له في دستور مكتوب !! ولا يستطيع استيعابه إلا "دستور شفوي" . فما دمنا في زمن المطالبة بدسترة كل شيئ، لكي لا يدستر أي شيئ، و حيث لا شيئ في الدستور المكتوب سيكون محترما و مطبقا، فمن الأولى أن يكون الدستور شفويا ، و حيث لا يخدم سوى مصالح "حراس المعبد الدستوري". ما دمنا نعيش مفارقة كبيرة بين ما هو مسطر في دستورنا، و ما هو مدون في قوانينا، و ما هو مكتوبا في مواثيقنا، من جهة ، وبين ما هو معمول به في الواقع ، من جهة ثانية ، و كما هو شأن كل الدول الفاشلة، التي لا تحترم دساتيرها وقوانينها ، ومن خلال ذلك لا تحترم إرادة شعوبها ، باعتبار الدساتير والقوانين هي أسمى ما يعبر عن إرادة الأمم وسيادتها، فإن حراس المعبد الدستوري قد تيقنوا أننا لا نستحق إلا دستورا شفويا . مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=18861&t=الدستور "الشفوي" بالمغرب&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"