عصام الشابي وجوهر بن مبارك يدخلان في إضراب جوع وحشي    سعيد لماكرون: توافد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء أمر غير طبيعي    رحلة بحرية على متنها 5500 سائح ترسو بميناء حلق الوادي    مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    ماكرون: هناك احتمال أن تموت أوروبا    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    حالة الطقس ليوم الجمعة 26 أفريل 2024    مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي..    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق اعتماد سفير تونس باندونيسيا    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين


المقدمة :
تصدر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تقريرها السنوي حول واقع الحريات الصحفية في تونس. وترصد من خلال هذا التقرير الشروط الموضوعية والذاتية لممارسة حرية الصحافة والإعلام في بلادنا، والظروف التي تمارس فيها مهنة الصحافة ومدى استجابة الهياكل والقوانين والإجراءات المؤطرة لهذا القطاع مع متطلبات التعددية الإعلامية وجودة المنتوج الصحفي ومدى احترام أخلاقيات المهنة ومصداقية الصحافة الوطنية وقدرتها على أن تشكل سلطة حقيقية داخل المجتمع.
إن استعراضنا لواقع الإعلام الوطني، لا يدعي الشمولية وإنما نأمل أن يعطي فكرة قريبة وموضوعية عن الواقع. كما أن تركيز هذا التقرير، كما الذي سبقه، على السلبيات والهنات والنقائص التي سجلناها في القطاع خلال الفترة الماضية، ينطلق من رغبة في تلافيها وتجاوزها بما يرتقي بإعلامنا ويطوره. وإن نقد أداء وواقع المؤسسات الصحفية الوطنية، عمومية كانت أو خاصة أو حزبية، لا ينبع من موقف عدائي تجاه هذه المؤسسات، التي تواجه بدورها في بعض الأحيان الضغوط نفسها والتضييقات التي يواجهها الصحفيون. هذا النقد هو إيمان منا بقدرة المؤسسات الإعلامية على القيام بدور أفضل، وعلى التألق في محيط عربي ودولي تشتد فيه المنافسة.
ونحن على يقين بأن المؤسسات الإعلامية الوطنية قادرة، لو مارست دورها وتشبثت باستقلاليتها التحريرية، على تقديم منتوج إعلامي يحترم المواطن ويكسب ثقته.
ولا يفوتنا أن نتقدم بالشكر للزملاء أعضاء لجنة الحريات على الجهد الذي بذلوه لإعداد مشروع تقرير الحريات
المناخ السياسي العام
شهدت تونس خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير (3 ماي 2008/ 3 ماي 2009) جملة من الأحداث والتطورات كان لها تأثير مباشر وغير مباشر على أوضاع الحريات الصحفية في البلاد:
الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها في أكتوبر القادم، حيث بدأ الحزب الحاكم وأحزاب معارضة في التحرك استعدادا لهذا الموعد. وبدا واضحا الفارق الرهيب بين إمكانيات ومجالات التحرك لكل طرف، تجسدت في مظاهر الحملة في الشوارع والساحات ومداخل المدن والمؤسسات الإدارية والاقتصادية والتجارية. وكالعادة استبق الإعلام العمومي الجميع ليبدأ في تنظيم حملة انتخابية سابقة لأوانها وخارج آجالها القانونية.
خطاب رئيس الدولة بمناسبة الذكرى 53 للاستقلال أعلن خلاله :
" أن الإلحاح على إبراز الأخطاء والتجاوزات وتعمد الإثارة والتشكيك والإساءة هي ممارسات لا تليق بمجتمعنا وليست من الحرية والديمقراطية في شيء... ونحن ندعو إلى ضرورة التحلي بأخلاقيات المهنة واحترام القانون وحرمة الأشخاص وعدم المس بهيبة المؤسسات والهيئات الإدارية والمهنية والاجتماعية والقضائية..."
انعقاد مؤتمرات ثلاثة أحزاب هي التجمع الدستوري الديمقراطي "الحزب الحاكم" (30 جويلية - 2 أوت 2008) وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين (12 أوت 2008) وحزب الخضر للتقدم (المؤتمر الأول 16 ديسمبر 2008). وعكست هذه المؤتمرات مرة أخرى اختلال التوازن بين أطراف اللعبة السياسية في البلاد.
إعلان عدد من الأمناء العامين للأحزاب السياسية رغبتهم في الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009
إصدار صحيفة حزبية جديدة "التونسي" ل"حزب الخضر للتقدم"، لم تحصل إلى الآن على الدعم العمومي، ومجلتين "المغرب الموحد" للسيد إسماعيل بولحية الأمين العام الحالي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين ومجلة "رؤى" للسيد رضا الملولي عضو مجلس المستشارين، وعودة صدور مجلة "أكسبو روفي".
وتجدر الإشارة إلى أن عديد طلبات تراخيص إصدار الصحف مازالت تنتظر دون رد منذ سنوات.
انطلاق بث "نسمة تيفي" كقناة فضائية جامعة يوم 20 مارس 2009
أحداث الحركة الاحتجاجية الاجتماعية في منطقة الحوض المنجمي وما تلاها من محاكمات. وقد انطلقت الحركة من قبل شبان للمطالبة بأحقيتهم في الشغل واحتجاجا على تشغيل غيرهم بطرق المحاباة والولاءات. وقد تعامل الإعلام مع هذه الأحداث بكثير من التعتيم.
توقف مجلة "لاكسبرسيون" عن الصدور وهي مجلة استطاعت أن تفتك هامشا من الحرية وأن تطرق عديد المواضيع الاجتماعية والسياسية بجدية وحرفية عالية.
التضييقات التي طالت بعض صحف المعارضة ومحاكمة كل من صحيفتي "الموقف" و"مواطنون" وحجز عددين من صحيفة "الطريق الجديد"
اعتصام أكثر من 130 زميلة وزميل من صحفيين وتقنيين يعملون في ظروف غير قانونية منذ سنوات بمؤسستي الإذاعة والتلفزة وذلك للمطالبة بتسوية أوضاعهم
التفويت في دار الصباح ، أعرق المؤسسات الصحفية التونسية لرجل الأعمال السيد محمد صخر الماطري
تواصل أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنعها من عقد مؤتمرها
استمرار أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس
تنظيم جملة من الفعاليات والتظاهرات تضامنا مع أهالي غزة واحتجاجا على الاعتداءات الصهيونية ضد الفلسطينيين. وقد نظمت النقابة مسيرة حاشدة إلى جانب أهم منظمات المجتمع المدني
الإطار التشريعي
نبهت النقابة في أكثر من مناسبة إلى الطابع الزجري لمجلة الصحافة وصبغتها العقابية وعديد القوانين التي تتضمنها والتي تحد من الحرية وتضيق على المهنة، ودعت إلى إجراء تحويرات جذرية على هذه المجلة وتخليصها من الطابع الزجري على أن تكون النقابة طرفا أساسيا في هذا التحوير.
فعلى مستوى النشر تعتبر النقابة أن الإطار القانوني الحالي يقيد عملية النشر حسبما ورد بمنطوق الفصل 13 من مجلّة الصحافة، إذ يحتمل هذا الفصل التأويل ويعطي صلاحيات لوزارة الداخلية للتنصل من إعطاء الوصل لأصحاب المطالب كما لم يعط النص آجالا محددة لتسليم الوصل ولا ما يترتب عن عدم تسليمه. وعلى هذا الأساس تبقى المطالب دون رد، مما حول مجرد الإعلام حسب القانون إلى ترخيص مسبق وأعطى سلطة مطلقة في هذا الشأن إلى وزارة الداخلية.
جدول المطالب :

صاحب الطلب اسم الجريدة أو الدورية أو الراديو أو القناة
خميس الخياطي الأسبوع الثقافي
نورة برصلي مغربية
عبد اللطيف الفراتي الأديب
زياد الهاني الميثاق الجمهوري
صالح فورتي راديو 7
زياد الهاني راديو قرطاج
رشيد خشانة راديو الشراع
خالد الوسلاتي راديو مجردة
نزهة بن محمد راديو Femmes
النقابة التونسية للإذاعات الخاصة حراقة FM
سهام بن سدرين كلمة
خالد الكريشي الناصرية
تعديل الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة
أكدت النقابة مرارا على أحقيتها في التفاوض نيابة عن الصحفيين التونسيين في المفاوضات الاجتماعية وذلك حسب ما ينص عليه القانون منددة بإقصائها من هذه المفاوضات على الرغم من قيامها بكل الإجراءات القانونية الضرورية. وقد نظمت النقابة يومي 13 و 14 مارس من السنة الجارية ملتقى دوليا بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين حول قانون موحد للصحافيين التونسيين، وأوصى هذا الملتقى الذي بحث في النصوص القانونية الموجودة بالتفكير في إيجاد اتفاقية مشتركة خاصة بجميع الصحفيين في كل المؤسسات الإعلامية تتجاوز سلبيات الاتفاقية الموجودة والمتمثلة في الاقتصار على الصحافة المكتوبة وشموليتها لكل العاملين في القطاع من أعوان وتقنيين وعملة.
وقد صدر مؤخرا قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج، مؤرخ في 17 فيفري 2009 يتعلق بالمصادقة على الملحق التعديلي عدد 9 للاتفاقية المشتركة القطاعية للصحافة المكتوبة، تم نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 16 بتاريخ 17 فيفري 2009. ولم تشمل التنقيحات الفصل 7 من الاتفاقية، الذي كان محل قلق للنقابة، باعتباره يتعلق بانتداب المتعاونين ويشرع الباب أمام المشغل لاستغلال الصحفيين تحت عنوان متعاون أو استخدام دخلاء على المهنة.
وتضمن الملحق تنقيحات وإضافات شملت الأبواب التالية:
الحق النقابي حيث أقر الفصل 4 جديد حق المسؤولين النقابيين في القيام بنشاطهم النقابي والمشاركة في الدورات التدريبية والتثقيفية التي تنظمها هياكل منظمتهم النقابية على المستويات المحلية والجهوية والمركزية وتكون هذه الأنشطة خالصة الأجر.
التدرج والترقية : تم ضبط التفاصيل العادية والاستثنائية بغية إضفاء الشفافية في هذه العملية داخل المؤسسات الإعلامية.
وقد تضمن الملحق أيضا تنصيصا على الترفيع في بعض المنح مثل الولادة والنقل والصحافة والمنح المدرسية.
النظام الأساسي الخاص بمؤسسة الإذاعة والتلفزة
صدر بتاريخ 28 مارس 2009 الأمر عدد 818 لسنة 2009 والمتعلق بالمصادقة على إتمام النظام الأساسي الخاص بمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية المنطبق على أعوان مؤسسة "الإذاعة التونسية" ومؤسسة "التلفزة التونسية".
صدر الأمر عدد 630 لسنة 2009 المؤرخ في 2 مارس 2009 يتعلق بضبط الهيكل
التنظيمي للإذاعة التونسية.
قوانين وأوامر :
أمر عدد 821 لسنة 2009 مؤرخ في 28 مارس 2009 يتعلق بضبط الهيكل التنظيمي للوكالة التونسية للأنترنات.
أمر عدد 3592 لسنة 2008 مؤرخ في 21 نوفمبر 2008 يتعلق بتنقيح الأمر عدد 1226 لسنة 2000 المؤرخ في 05 جوان 2000 المتعلق بالمصادقة على النظام الأساسي الخاص بأعوان الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي.
صدور القانون الأساسي عدد 19 لسنة 2009 مؤرخ في 13 أفريل 2009 ويتعلق بتنقيح وإتمام المجلّة الانتخابية.
وقد تميّزت الفترة الفاصلة بين تقرير 2008 وتقرير 2009 خاصة بتوظيف الفصل 63 من مجلّة الصحافة بشكل انتقائي. و تجدّد النقابة تمسكها بضرورة تنقيح مجلّة الصحافة بما يتماشى والمعايير الدولية لحرية الصحافة وحماية الصحفيين.
الحق في الوصول إلى المعلومات :
يبقى الوصول إلى المعلومة أحد مقومات دولة القانون والمؤسسات وركيزة أساسية في مبدأ الشفافية الذي يميز الأنظمة الديمقراطية. فدور الصحافة الأساسي هو تمكين الرأى العام من الاطلاع على ما يجري في الشأن العام وكل ما يهم حياة المواطنين. بيد أن هذا الدور لا يمكن للصحافة أن تقوم به إذا لم تتوفر لديها المعلومة الصحيحة والحينية. ففي الأحداث الكبرى كما في الأوقات العادية يواجه الصحفيون مصاعب كبرى للوصول إلى المعلومات، فهي إما شحيحة أو تجانب الصواب بهدف خدمة الإدارة المعنية. وتفتقد بلادنا إلى قوانين أو إجراءات عملية تؤكد على حق الصحفي في الوصول إلى المعلومات ونقلها إلى الرأي العام بكل مصداقية وفي إطار القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن عديد الدول العربية مثل الجزائر والمغرب والأردن أكدت حق الصحفي في الوصول إلى المعلومة قانونيا، ففي الجزائر يضمن البند 35 من قانون الإعلام لسنة 1990 حق الصحفيين في الوصول إلى مصادر الخبر وحماية السر المهني. أما في المغرب، فيشير البند 4 من قانون النظام الأساسي للصحفيين المهنيين الصادر سنة 1995 أنه للصحفي الحق في "الوصول إلى مصادر الخبر في إطار ممارسته مهنته وفي حدود احترام القوانين الجاري بها العمل" ويقر قانون المطبوعات والنشر لسنة 1998 في الأردن "حق الحصول على الأخبار والإحصائيات" ويفرض "على الجهات الرسمية إتاحة المجال للصحفي للاطلاع على برامجها ومشاريعها وخططها".
حماية الصحفيين :
إن حماية الصحفيين شرط أساسي لضمان ممارسة حرية الصحافة ولا يمكن للصحفي أن يقوم بواجبه في مهنة تتصف بالمخاطر والمتاعب في أجواء التهديد والتضييق والاعتداءات المتكررة وبوجود ترسانة من القوانين الزجرية التي تكبل الصحفي وترهبه، مع تهميشه داخل المؤسسات الإعلامية إذ تغيب هيئات التحرير المنتخبة التي تمثل الصحفي وتجعله طرفا في القرار الإعلامي، كل ذلك يدعو إلى التفكير في إيجاد آليات قانونية وعملية لضمان حصانة الصحفي وحمايته أثناء القيام بواجبه وتكون له بمثابة الحافز للمبادرة والعمل بكل جرأة والتخلص من أية رقابة ذاتية ممكنة.
وإذا كانت بعض القوانين العربية، على غرار القوانين المصرية والجزائرية، قد أكدت على الحماية القانونية للصحفيين، فإن الصحفي التونسي لا يتمتع بأية حصانة.
وأكد القانون المصري، الفصل 12 على أن "كل من أهان صحفيا أو اعتدى عليه بسبب عمله يعاقب بالعقوبات المقررة لإهانة الموظف العمومي أو التعدي عليه" وينص الفصل 32 من القانون الجزائري على أنه "يجب على الهيئة المستخدمة أن تخطر الجهة القضائية المختصة وتمثل الطرف المهني، إذا تعرض الصحفي المحترف أثناء مهنته لعنف أو اعتداء أو محاولة إرشاء أو ترهيب أو ضغط سافر"
وفي تونس وردت بعض الفصول القانونية لحماية الصحفي مهنيا وماديا لتمكينه من حقوقه وضمان ظروف تأجير منطقية، وقد ورد بالفصل 406 من مجلة الشغل أنه على كاتب الدولة للإخبار والإرشاد (وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين حاليا) يحرر في شهر جانفي من كل سنة قائمة في أرباب المؤسسات الصحفية التي تحترم حقوق الصحفيين، وفرض الفصل 407 من المجلة ذاتها حرمان المؤسسات الإعلامية غير المحررة بالقائمة المعنية، من المال العمومي المتأتي من الإشهار وينحصر التمتع وجوبا ضمن المؤسسات التي تحترم هذه الحقوق، بيد أن وزير الاتصال لم يحرر أية قائمة حسب ما ينص عليه القانون، لتبقى هذه القوانين حبرا على ورق يتجاهلها أرباب العمل في المؤسسات الإعلامية على مرمى ومسمع من السلط المعنية وأحيانا بتشجيع غير معلن منها.
بطاقة صحفي محترف :
طالبت النقابة في أكثر من مناسبة بضرورة مراجعة القانون المتعلق بإسناد بطاقة الصحفي المحترف وتركيبة لجنة إسنادها، نحو إعطاء الدور الأساسي لممثلي الصحفيين. وتؤكد النقابة على أهمية توحيد المدخل للمهنة بإقرار قانون موحد لها وتشريك النقابة في عملية الانتداب وفقا للقوانين.
الوضع المادي والمهني :
رصدت النقابة عديد التجاوزات والانتهاكات المادية والمهنية للصحفيين في عديد المؤسسات، وانعكس هذا الوضع على عمل الصحفيين وعلى المناخ الاجتماعي داخل هذه المؤسسات.
وعلى الرغم من وجود قوانين سواء على مستوى مجلة الشغل أو الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة والقوانين الأساسية في الإذاعة والتلفزة ووكالة تونس إفريقيا للأنباء، إلا أن هذه القوانين عادة ما يتم تجاهلها لتظل حبرا على ورق في عديد المؤسسات الإعلامية دون تدخل من أي سلطة رقابية لفرض تطبيق هذه القوانين.
ومن الصعب الحصول على منتوج إعلامي ذي جودة عالية إذا لم تكن ظروف العمل جيدة وظروف التأجير ملائمة ذلك أن عدم الاستقرار في العمل والمردود المالي الضئيل يحطم المعنويات ويحد من حرية المبادرة لدى الصحفيين، خاصة وقد سجلت النقابة تواصل تردي الوضع المهني الذي يشتغلون فيه، فأغلبهم يعملون في ظروف صعبة داخل قاعات مزدحمة لا تتوفر فيها أبسط الظروف الصحية. وفي المقابل يتم صرف أموال طائلة على تهيئة وتجميل بعض المكاتب الإدارية واقتناء السيارات وإقامة ندوات مكلفة لا جدوى منها. ويوضع ثقل جرائد أسبوعية وحتى يومية على عاتق فئة قليلة من الصحفيين ويكلف بعضهم بالسطو على المقالات من الصحف الأجنبية والانترنت واستنساخ ما تبثه الفضائيات لملء فراغاتها عوض الاعتماد على الكفاءات الشابة من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار.
وقد رصدنا هذه الإخلالات في تقاريرنا السابقة، لكن الوضع بقي على ما هو عليه وكأن بعض الأعراف خارج سلطة القانون في مستوى الأجور والترسيم والمنح والترقيات... فيعمد البعض منهم إلى استغلال ما توفره المجموعة الوطنية من إمكانيات وامتيازات لانتداب حاملي الشهادات العليا، ولكنهم ينتهون بطرد هؤلاء وانتداب آخرين قبل انتهاء العقد والترسيم وذلك بافتعال أسباب واهية لتبرير قراراتهم، على غرار ما يحدث في جريدة "الخبير"، في حين تعمد بعض المؤسسات الأخرى إلى تشغيل صحافيين بأجور متدنية جدا ودون ضمانات ولا تغطية اجتماعية وصحية، أو التعامل مع دخلاء على المهنة يقبلون العمل في ظروف أسوأ وبأجر أدنى عكس ما تنص عليه الاتفاقية المشتركة وفي خرق واضح لميثاق الشرف، على غرار ما يحدث في الصريح والأخبار والإعلان والحدث والملاحظ... كما رصدت النقابة انتهاكات في حق الصحفيين في مؤسسات مثل حقائق ودار الصباح.
وتظل الأوضاع المادية والآفاق المهنية للعاملين في مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين مصدر قلق كبير للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين نظرا لطريقة التسيير العشوائية بالمؤسستين والتي أدت إلى أزمات دورية خاصة في ما يتعلق بطريقة الانتداب والتصرف في الموارد البشرية. وقد عبرت النقابة عن ارتياحها لقرار رئيس الدولة بتسوية أوضاع الزملاء العرضيين والمتعاونين بالمؤسستين، إثر الاعتصام الذي خاضه مجموعة من الزملاء الصحفيين والتقنيين لتسوية أوضاعهم بعد انتظار تواصل أكثر من عشر سنوات في بعض الحالات.
ويقضي القرار بالتسوية على مرحلتين، في فيفري بالنسبة إلى كل زميل التحق بالمؤسسة قبل نهاية 2001، وفي مارس بالنسبة إلى الذين التحقوا بعد هذا التاريخ. لكن الالتفاف على هذا القرار ومماطلة إدارة المؤسستين ومخطط التسوية الجديد الذي تضمن كثيرا من الغموض، إضافة إلى تعمد إقصاء النقابة من حقها في المشاركة في لجنة متابعة هذا الملف، زاد في توتير الأجواء والإحساس بالقهر لدى عديد الزملاء الذين يتواصل قلقهم من أجل مصيرهم المهني.
ويزداد وضع الزملاء الصحفيين سوءا في قناة حنبعل الخاصة حيث لا يخضع انتداب الصحفيين لأي قانون ولا يتمتعون بأية امتيازات.
الانتهاكات :
تعرض عدد من الزملاء الصحفيين خلال المدة المنقضية إلى جملة من التضييقات والانتهاكات بسبب ممارستهم لمهامهم. وتوزعت بين تضييقات أمنية ومنع من ممارسة المهنة وطرد تعسفي وحجز أدوات العمل. ونورد في ما يلي الحالات التي توصلت النقابة بشكاوى بشأنها:
الاسم واللقب المؤسسة الانتهاكات التاريخ
محمد ظافر عطي/ فاتن الحمدي راديو كلمة اعتقال ومحاصرة الصحفيين وهرسلتهم إثر إغلاق مقر راديو كلمة ومصادرة معداته 2 فيفري 2009
أمينةجبلون
بدرالسلام
الطرابلسي
أيمن الرزقي قناة الحوارالتونسي
تضييقات من قبل أعوان الأمن وإيقاف لمدة ساعة ونصف بمركز الحرس الوطني بحمام الغزاز 9 نوفمبر 2008
الإيقاف ثم التفتيش وسط الطريق العام واقتياده إلى منطقة الأمن إثر تغطيته ندوة صحفية بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نوفمبر 2008
مضايقات متكررة ومسترسلة وهرسلة وتهديد من قبل أعوان الأمن وأحيانا اعتداءات جسدية 30 سبتمبر 2008
سامي نصر جريدة الموقف عدم تمكينه من بطاقة صحفي محترف رغم توفر كل الشروط ورغم تدخل النقابة 13 جانفي 2009
زمردة الدلهومي
بشرى السلامي
هدى الطرابلسي
منى الزياتي
لمياء الورغي
وصال خليل
راوية السالمي
شريفة الصيفي جريدة الخبير إيقاف عقود العمل 2008/ 2009
لطفي الحجي موقع الجزيرة نت مطاردة أمنية وملاحقة من قبل أعوان من البوليس السياسي ومنعه من التوجه من بنزرت إلى مدينة الشابة لإلقاء محاضرة حول "دور حرية الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان" وتم حجز أوراق سيارته ثم أجبروه على العودة إلى بنزرت 14 مارس 2009
منجي الخضراوي
جريدة الشروق مثل يوم 2 أفريل 2009 أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة على خلفية نشره مقالا في جريدة الشروق في أكتوبر 2008 وقد تم تأجيل القضية 2 أفريل 2009
شكري اللجمي
هيكل سلامة
ريم السوودي دار الأنوار طرد تعسفي 2008 / 2009
سفيان الشورابي الطريق الجديد تضييقات متكررة وحجز ألة تصوير أثناء مسيرة النقابة الوطنية لمساندة غزة جانفي 2009
زهرة عبيد لو كوتيديان اعتداء لفظي أثناء اجتماع تحرير أفريل 2009
التعتيم :
أكدت الأحداث أن التعتيم على بعض القضايا والأخبار في بلادنا، يفسح المجال للتهويل والإشاعة، في حين أن طرحها وتسليط الأضواء عليها يحترم حق المواطن في المعلومة، ويدعم ثقته في وسائل الإعلام الوطنية، عوض البحث عنها في فضاءات إعلامية أخرى فيها الغث والسمين. فتعامل أغلب الصحف بشكل انتقائي وموجه وتضليلي مع أحداث الحوض المنجمي كحركة احتجاجية اجتماعية وما تلته من محاكمات، إضافة إلى أحداث أخرى مثل الإضرابات الطلابية والعمالية واعتصام أعوان مؤسستي الإذاعة والتلفزة، فسح المجال لوسائل إعلام أجنبية لتقديمها حسب توجهاتها.
كما تواصل المؤسسات الإعلامية، وخاصة العموميّة منها، تجاهلها لأنشطة العديد من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة وتنتهج أسلوب الانتقائية في تغطية الأنشطة الوطنية والجهوية وفق اعتبارات سياسية، فتفرد الأنشطة الرسمية بصفحات مكتوبة وبحيز يومي من البرامج الإذاعية والتلفزية، في حين تكتفي بمجرد الإبلاغ عن بعض الأنشطة وتتجاهل كليا البعض الآخر.
ويظل الصحفي التونسي في صراع يومي من أجل البحث عن المعلومات وعدم الاكتفاء بالأخبار الرسمية.
أخلاقيات المهنة :
أفردت التقارير السابقة أخلاقيات المهنة الصحفية وميثاق شرفها باهتمام كبير، أملاه حجم الانتهاكات المتنامي من جهة، وحرص النقابة على تنقية المهنة من كل ما يشوبها ويعيق رسالتها من جهة ثانية. وتؤكد النقابة أن قضية أخلاقيات المهنة هي شأن يهم المهنيين وينبغي أن يعالجوه بأنفسهم، ولا يمكن قبول أي تدخل خاصة من قبل الأطراف الرسمية. وتشدد النقابة على أن الصحافة الجيدة التي تحترم أخلاقيات المهنة، ترتبط أساسا باحترام الدولة لمبادئ حرية الصحافة وحقوق الصحفيين.
ولقد رصدت النقابة عديد الشكاوى من زملاء صحفيين ومن مسؤولين إعلاميين ومواطنين أثاروا من خلالها عديد الانتهاكات ذات العلاقة بأخلاقيات المهنة. وقد تم تسجيل كثرة حالات انتهاك أخلاقيات المهنة الصحفية في عديد الصحف اليومية والأسبوعية وفي عدد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية عمومية وخاصة.
وتعبر النقابة عن انشغالها من تفشي ظاهرة الصحافيين الذين يقومون بالدعاية لفائدة شركات صناعية تجارية ومجموعات اقتصادية، إلى حد ضم البعض منهم في ناد للترويج لمنتوجاتها، في خرق واضح لميثاق الشرف.
وقد تم تسجيل الحالات التالية :
سرقة وانتحال المقالات إذ تعمد عديد الصحف اليومية والأسبوعية إلى استنساخ مقالات تنشر على الانترنت أو في صحف عربية وأجنبية لتأثيث صفحات بأكملها دون الإشارة إلى مصادرها
مواصلة بعض الصحف الأسبوعية خاصة والتي تتلقى دعما غير معلن ثلب وهتك أعراض مواطنين تونسيين نشطاء بمؤسسات المجتمع المدني وتخوينهم، وهي ممارسات فضلا عن كونها مرفوضة ولا تمت لقيم الصحافة بأية صلة، فهي متخلفة تعود إلى أنظمة القرن الماضي في تصفية خصومها.
كثرة المقالات غير الموقعة والريبورتاجات الإشهارية الموقعة بما يتنافى مع ميثاق شرف المهنة ومع القانون الذي يشترط الإشارة إلى المادة الصحفية المنشورة مقابل أموال بعبارة بلاغ أو إعلان
الترويج إلى قيم الغيبيات والشعوذة والفكر الخرافي واعتماد أسلوب الإثارة
الحياد عن الموضوعية والدخول كطرف في بعض المعارك الفنية والرياضية والسياسية
الصحافة المكتوبة :
في ظل تنامي المشهد الإعلامي الإلكتروني وتعدد القنوات الفضائية، لم تواكب الصحافة المكتوبة هذا النسق، وحافظت على نمطيتها ورتابتها، سيما وأن منطق المنافسة يقتضي منها أن تعكس بمصداقية المشاغل الحقيقية للمواطنين، وتتجاوز الخطاب التبريري والدعائي التي حبست نفسها فيه.
ولئن سجلت النقابة بعض المحاولات الجادة في بعض الصحف، لعكس خطاب متنوع وطرق مواضيع كانت من باب المحظور، فإن المشهد العام ظل على حاله ولم يحقق القفزة النوعية المنتظرة. فعديد الصحف وخاصة العمومية منها تعتمد بشكل أساسي على برقيات وكالة تونس إفريقيا للأنباء، مما حولها إلى نشريات رتيبة مستنسخة من بعضها البعض يغلب التعليق الموجه فيها على الخبر الموضوعي في خلط واضح بين الأجناس الصحفية وغياب صحافة القرب، وملء صفحات بأكملها بمواضيع عالمية ليست لها أولوية الأحداث الوطنية التي تمس القارئ مباشرة على غرار أحداث الحوض المنجمي وأزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومؤتمرات أحزاب المعارضة...
وفي الإطار ذاته يغيب مقال الرأي من أغلب الصحف الوطنية، ولا تبذل صحف أخرىٍ جهدا بل تكرس الابتذال والاستهانة بوعي القراء، مخاطبة الغرائز والفضول المنحرف على طرح المشاغل والاهتمامات الحقيقية للمجتمع، حتى أن البعض منها ساهم في إثارة النعرات الجهوية والترويج للشعوذة وانتهاك الأعراض.
دار لابراس :
يعاني صحافيو جريدتي الصحافة ولابراس من التهميش وغياب هيئات التحرير وصنصرة المقالات وعدم تشريك الصحافيين في وضع تصورات في محتوى الصحيفتين. ويؤكد الزملاء تواصل حجب بعض المقالات وفرض رقابة دون مبرر على منتوجهم الإعلامي، إضافة إلى الاقتصار على الأخبار الرسمية التي تطغى عليها اللغة الخشبية، مما أدى إلى تواصل تردي مستوى الصحيفتين وتخليهما عن خصوصيتهما كفضاء للحوار الفكري.
ومنذ السنة الفارطة عبر الصحفيون في أكثر من مناسبة بجريدة لابراس عن احتجاجهم على الأوضاع داخل الصحيفة، فأصدروا تقريرا شرحوا من خلاله ظروف عملهم ودعوا المسؤولين إلى التدخل وتشريك الصحفيين من أجل الارتقاء بالمؤسسة.
وأمام تواصل تردي الوضع وفي حركة احتجاجية أخرى، أصدر صحفيو لابراس بيانا يوم 30 أفريل 2009، جددوا من خلاله الدعوة إلى إيقاف النزيف من أجل تكريس إعلام مهني حر ومسؤول بعيدا عن الرقابة المفرطة وعن حجب المقالات دون مبرر. وشددوا على ضرورة تحفيز الصحفيين وخاصة الشبان منهم وإيلاء الاهتمام اللازم بعديد المبادرات الهادفة إلى تطوير محتوى الجريدة وأداء العاملين فيها.
دار الصباح :
واصلت جريدة "الصباح" تقديم مضمون صحفي يرقى إلى المأمول أحيانا، وخاصة فيما يتعلق بتناول المشاغل الاجتماعية والوطنية في شكل مقالات أو تحقيقات أو ملفات رغم محدودية عدد الصحفيين في مختلف الأقسام. لكن بعض المقالات وخاصة الرياضية، حاد أصحابها عن المصداقية ولجأ البعض منهم إلى التوقيع تحت مقالات هي في الحقيقة بلاغات للجامعات والأندية.
ولئن تلجأ صحيفة "لوطون" أحيانا إلى اقتباس بعض المقالات من مواقع إلكترونية دون التنصيص على مصدرها، فهي تتميز على شقيقتها "الصباح" ببعض الحوارات التي يجريها الصحفيون مع ناشطين وشخصيات سياسية، تجاوزت في جرأتها ما تعودّ عليه القارئ.
وبرزت مجلة "لاكسبرسيون" بمواضيعها الجدية وبالتناول المهني الرصين للملفات المطروحة. لكن وفي خطوة مفاجأة وفي الذكرى الأولى لميلاد المجلة تمت إقالة رئيس تحريرها السيد رضا الكافي، وبعد خمسة أشهر من تعيين رئيس تحرير جديد للمجلة أوقفت هذه الأخيرة عن الصدور لأسباب وصفها صاحبها ب "المادية".
من جهة أخرى ظلت جريدة "صباح الخير" مركزة على مواضيع الإثارة، وتميزت "الصباح الأسبوعي" في بعض الأحيان بتطرقها إلى المواضيع الاجتماعية.
وفي ما يتعلق بظروف العمل، يواصل الصحفيون والإطار الفني خاصة العمل في ظروف صعبة داخل قاعة لا تتوفر فيها أبسط الظروف الصحية من تهوئة وإنارة وتدفئة وتكييف.
وبعد ثماني سنوات من حرمان الصحفيين والفنيين والإداريين من منحة الإنتاج، لم يحصلوا هذا العام إلا على نصف أجرة فقط كمنحة في حين أن الأغلبية كان من حقها الحصول على أجرتين كاملتين. ومازال الإطار العامل في المؤسسة يأمل في الحصول على ما تخلد من هذه المنح التي أقر بها صاحب المؤسسة السابق واعتبرها بمثابة الدين.
وواصلت المؤسسة تجاهل حق أعوانها في الترقية الآلية بل أنها رفضت تسوية الوضعية الإدارية لبعض الزملاء وفق ما يقتضيه القانون والاتفاقية المشتركة.
ورغم تواصل عملهم لأكثر من ست سنوات في مختلف صحف "دار الصباح" بصفة قارة ودائمة، فإن بعض الزملاء الصحفيين لم يتمكنوا من الخروج من صفة "المتعاون" بالقطعة وظلوا يعملون في ظروف مادية ومعنوية سيّئة.
وعرفت "دار الصباح" في أواخر الشهر الماضي تطورات كبيرة تمثلت في التفويت في مجمل أسهمها لفائدة مجموعة" برانسيس قروب"، وتعهد المالك الجديد للدار السيد محمد صخر الماطري ب" تطوير مجموعة دار الصباح وتحسين ظروف العيش والعمل الكفيلة بالمساهمة في ضمان الاستقلالية والمهنية والامتياز."
دار الأنوار :
تعتبر ظروف العمل في دار الأنوار مرضية، إذ أقدمت مؤخرا على ترسيم عدد من زملاء صحفيين إلا أنها لم تتخل عن سياسة إنهاء عقود الشغل دون احترام للشروط القانونية. ويتصف الوضع الاجتماعي بدار الأنوار بالتوتر. ولا تزال وضعية الترقيات هي الإشكالية الأكثر إلحاحا إذ لا تعترف الإدارة بشهائد المرحلة الثالثة وتتم الترقيات والمهام إلى الخارج والامتيازات حسب الولاءات، خاصة في جريدة الشروق.
أما على مستوى المضمون ورغم وجود بعض المواضيع الجادة ومجهودات الصحفيين، فإن جريدة الشروق لا تغطي أنشطة كل المنظمات الفاعلة في المجتمع المدني فضلا عن دخولها كطرف في بعض الصراعات داخل أحزاب سياسية.
ويتسم المناخ الاجتماعي بجريدة لوكوتيديان بالتوتر، إذ تم تعيين "مشرف" يقوم مقام رئيس التحرير، بلغت النقابة شكاية ضده من زميلة أصبحت تعاني من إشكالات صحية بسببه. أما جريدة المصور فإن النقابة تسجل بإيجابية مجهودات الزملاء الصحفيين في حين لا تزال جريدة الأنوار تعتمد الإثارة والتشجيع على الخرافة في عدد من مواضيعها.
جريدة الصريح :
رغم ارتياح النقابة للتحسين النسبي في الوضعية المادية والاجتماعية لبعض العاملين بجريدة الصريح، فإنها تؤكد تواصل الاعتماد على عدد محدود من الصحفيين، مما انعكس سلبا على مستوى الحرفية، وطريقة تناول بعض المواضيع وفي الهيكلة العامة للصفحات بحيث لم تستقر الصحيفة على توجه خاص.
الصحف الأسبوعية :
مازالت أغلب الصحف الأسبوعية تتصف بقلة عدد الصحفيين المحترفين ومحدودية المهنية وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية وتدني الرواتب وغياب التغطية الاجتماعية على غرار الحدث والإعلان و"كل الناس" والأخبار والملاحظ و"الأبسرفاتور".
وإن كانت الشعب تنفرد بتطبيقها لقانون الشغل والاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة، إلا أنها لم تحسن استغلال ما لديها من كفاءات عالية إذ لم نعد نقرأ للعديد من الأقلام المعروفة والذين عوضتهم مقالات المتعاونين الخارجيين والمساهمين عن بعد.
ولئن عرفت جريدة "البيان" بعض التحسن في الشكل والمضمون إلا أن زملاءنا مازالوا يعانون من غياب العديد من حقوقهم على غرار التصنيف والترقيات المهنية وجملة المنح المنصوص عليها.
وتلتقي جل الأسبوعيات في اعتمادها على الصحفيين غير المختصين في مجال الرياضة والإعلام القضائي، فضلا عن محدودية نسبة التشغيلية وانتداب خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار.
صحافة الأحزاب :
تمكنت عديد الصحف الحزبية من الخروج عن النمطية التي عهدناها في بقية الصحف المكتوبة، واستطاعت أن تفتك هامشا حقيقيا من الحرية وأن تتطرق إلى مواضيع يعدها الكثيرون من المحظور، وتعكس وجهات نظر مختلفة. ورغم التضييقات على مستوى التمويل والتوزيع وتعرض بعضها إلى المحاكمات، إلا أنها حافظت على دورية صدورها وحققت الإضافة في المشهد الإعلامي المكتوب. فإلى جانب "الطريق الجديد" و"مواطنون" و"الموقف" شهدت صحف أخرى مثل "الوطن" و"المستقبل" و"الوحدة" تطورا ملحوظا في أدائها وتخلصت من الفكرة التقليدية لصحف الأحزاب باعتبارها نشريات لا تعكس إلا وجهة نظر الأحزاب التي ترجع بالنظر إليها. كما تعززت الصحافة الحزبية بعنوان جديد هو جريدة "التونسي" لحزب الخضر للتقدم وعودة صدور مجلة "أفق" للحزب الاجتماعي التحرري.
وفي صحيفتي الحرية والرونوفو تمت تسوية وضعية 5 زملاء إثر انتهاء فترة التعاقد القانوني، وينتظر الصحفيون صرف بقية مستحقاتهم التي وعدت الإدارة بصرفها في آجال قريبة. وتوصلت النقابة بشكاية من صحفية بجريدة الحرية، احتجت من خلالها على تعرضها للتحرش الجنسي.
ولئن تأمل النقابة في أن تعتمد الصحف الحزبية على صحفيين محترفين وقارين ومنتدبين وفق الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة، على غرار ما قامت به "الطريق الجديد" و"الوطن"، فهي تدعو إلى النسج على هذا المنوال في صحف أخرى مثل "مواطنون" و"الموقف" حيث يعمل الصحفيون في ظروف صعبةٍ. كما تشدد النقابة على ضرورة تمكين كل صحف الأحزاب من حقها في الدعم العمومي ومراجعة مقاييس الدعم وربطه بشروط مهنية مثل احترام حقوق الصحفيين وجودة المنتوج الإعلامي وتنوعه واحترام أخلاقيات المهنة عوض عن الشروط السياسية المتمثلة في تمثيلية أحزاب هذه الصحف في البرلمان.
وتعتبر النقابة أن وجود صحف أحزاب قادرة على تقديم الإضافة في المشهد الإعلامي الوطني وعلى خلق حراك ثقافي وسياسي في البلاد عامل إيجابي من شأنه أن يعكس التعددية الإعلامية المطلوبة ويخلق تنافسية حقيقية بين مختلف وسائل الإعلام. لذلك من غير المبرر أن تواجه هذه الصحف تضييقات مختلفة قد تجهض هذا الحراك وتعيد صحافتنا خطوات إلى الوراء.
التضييقات على بعض الصحف الحزبية :
جريدة الطريق الجديد -12 حجز مخالف لمقتضيات الفصل 63 من مجلة الصحافة للعدد 113 إثر نشر مجريات محاكمة قائد عمالي محلي انخرط في اضطرابات الحوض المنجمي
-13 عدم توزيع العدد 121 الذي تضمن الإعلان الرسمي لترشح الأستاذ أحمد إبراهيم للانتخابات الرئاسية إلا بعد 4 أيام من صدوره
31 جانفي 2009
27 مارس 2009
جريدة الموقف -14 سلسلة من التضييقات على مستوى التوزيع
-15 قضية جنائية رفعها ممثلو خمس شركات زيت الطبخ طالبوا من خلالها بدفع تعويضات تبلغ نصف مليون دينار تونسي
لم يتم البت النهائي في القضية منذ أفريل 2008
جريدة مواطنون -16 محاكمة الصحيفة إثر نشرها لمقال رئيسة تحرير جريدة "كلمة" الإلكترونية نزيهة رجيبة عدد 77 بتاريخ 22 أكتوبر 2008
الإشهار :
مع ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة ومحدودية انتشار الصحف نتيجة المنافسة التي تفرضها الانترنت أصبح الدخل الأساسي للصحف هو الإشهار. وتتحكم الوكالة التونسية للاتصال الخارجي بشكل كامل في توزيع الإشهار العمومي، ويشتكي أصحاب المؤسسات الصحفية من أن الإشهار أصبح بمثابة السيف المسلط على رقابهم والذي يحد من استقلاليتهم وتحكمهم في ما ينشرونه ويتطرقون إليه.
وفي غياب مقاييس موضوعية وشفافة في توزيع نسب الإشهار العمومي تظل للوكالة السلطة المطلقة لإغداق عائدات طائلة لمن تريد.
وما يمكن ملاحظته أن جل أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة الذين يتمتعون بالإشهار لا يستثمرون عائداته في مؤسساتهم لتحسين مردودها الإعلامي ولا يحترمون الاتفاقية المشتركة للصحافة ولا مجلة الشغل في ما يتعلق بالزيادات في الرواتب والمنح.
وكالة تونس إفريقيا للأنباء :
إضافة إلى موقعها الأساسي في المشهد الإعلامي الوطني، باعتبارها مصدر أغلب المادة التحريرية للصحف الوطنية ونشرات الأخبار الإذاعية والتلفزية، تعد وكالة تونس إفريقيا للأنباء أكبر مشغل للصحافيين المحترفين إلى جانب مؤسستي الإذاعة والتلفزة. ولكن هذه المكانة وهذا الكم الهائل من الكفاءات البشرية التي تزخر بها، لا تحجب عديد النقائص سواء على المستوى التنظيمي الإداري أو التحريري المهني. فالاقتصار على تغطية الأنشطة الرسمية بالصياغة نفسها التي تتكرر منذ سنوات وبالمفردات ذاتها... عوامل أكسبت برقيات الوكالة لغة خشبية وأسلوبا رسميا جافا، يجانب في أغلب الأحيان القواعد المهنية والتقنية.
ولئن سعت الإدارة العامة للوكالة في السنوات الأخيرة إلى تشجيع الصحافيين على تحقيق الإضافة من خلال كتابة التعاليق والتحاليل السياسية، فإن كثرة الخطوط الحمراء من جهة وانتقائية الأحداث، محاور تلك التحاليل، من جهة ثانية، أنتج البرقيات ذاتها مع الكثير من الحشو والمعلومات الموجهة التي تفرغ محتوى تلك التحاليل وتشل روح المبادرة لدى الزميلات والزملاء بالوكالة، خاصة مع غياب اجتماعات التحرير في مختلف الأقسام واقتصار الاجتماعات النادرة على كبار مسؤولي التحرير.
ورغم أنها مؤسسة إعلامية عمومية، لا يعكس نشاط الوكالة واقع ولا تنوع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في بلادنا، فانتقاء الأحداث يتم حسب ارتباطها بمؤسسات وهياكل معينة وبأطراف وشخصيات سياسية نافذة، لا حسب أهمية الحدث أو مدى قربه من المواطن. وعلى هذا الأساس لا نجد أثرا لنشاط أغلب مؤسسات المجتمع المدني على غرار أنشطة النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
ولا يقتصر الأمر على غياب عامل أهمية الحدث فحسب، بل تفرض عديد النقائص نفسها على المتابعين للمنتوج الإعلامي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، حيث قد نطلع على أحداث تهم بلادنا من وكالات أجنبية قبل أن تبثها وات وذلك بسبب إعادة كتابة وصياغة وتنميط الريبورتاجات الخاصة بتلك الأحداث بطلب من الملحقين الإعلاميين والمسؤولين ببعض الوزارات خاصة ذات السيادة، مما يفقد العمل الصحفي عنصري الآنية والسرعة. ولذلك يواصل الصحفيون رفضهم الضغوط والتعليمات من أشخاص من خارج الوكالة، يتدخلون في عملهم معتبرين إياهم موظفين لا صحفيين.
ومع عدم تنظيم مناظرة لانتداب صحافيين منذ أكثر من 15 سنة، يتواصل تشغيل الصحفيين بشكل عشوائي، وغير مبرمج حسب مقاييس بعيدة عن المهنية، ومخالف للقانون الأساسي للمؤسسة، الذي ينصّ بوضوح على أن "المناظرة هي القاعدة الحصرية للانتداب".
ويلاحظ الزملاء بالوكالة نقصا في عدد الصحفيين بمختلف الأقسام مما يترتب عنه عملا يوميا مضاعفا، في حين أن حوالي 30 صحافيا يحسبون على الوكالة ويحصلون على رواتب منها رغم غيابهم الكامل عنها، بحكم عملهم في مؤسسات أخرى كملحقين، وهو ما يثقل ميزانية الوكالة ويحول دون انتداب الكفاءات. كما لا يفوتنا أن نسجل الظاهرة التي تتأكد من سنة إلى أخرى والمتمثلة في تمديد سنوات العمل لعدد من كبار المسؤولين قد يفوق الأربع سنوات دون أن تكون لهم أية إضافة أو مردودية.
القطاع السمعي البصري :
تعتبر مؤسستي الإذاعة والتلفرة الرسميتين من أكثر المؤسسات تشغيلا للصحفيين في تونس وهي في الوقت نقسه من أكثر المؤسسات الإعلامية التي تتضمن حالات هشة حيث يوجد بالمؤسستين أكثر من ٍمائة زميلة وزميل يعملون بصفة متواصلة ومنتظمة تتجاوز في بعض الأحيان العشر سنوات دون عقود عمل ولا تغطية اجتماعية ولا أجور تتناسب وتحصيلهم العلمي أو جهدهم اليومي، في خرق واضح للقانون. وقد نبهت النقابة منذ انطلاقتها إلى أن مثل هذه الوضعيات لن تساعد على تقديم منتوج إعلامي جيد ولن يؤدي إلا إلى توتير أجواء العمل واحتقان المناخ الاجتماعي بالمؤسستين، وهو فعلا ما تجسد في اعتصام خاضه أكثر من 130 زميلة وزميل من صحفيين وتقنيين.
وقد تفاقمت حالة الفوضى والإرباك في أداء المؤسستين بقرار فصل غير مدروس، كان يمكن أن يكون فعالا وإيجابيا لو تم تشريك مختلف الأطراف، وإصدار نظام أساسي لكل مؤسسة بعد فترة فراغ قانوني دون إعلام أعوان المؤسستين مع تعمد إقصاء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
وتنعكس هذه الحالة على أجواء العمل داخل المؤسستين حيث لا يتم الاعتماد على معطى الكفاءة في إسناد الخطط الوظيفية، التي تتم في غالب الأحيان حسب الميولات الشخصية والمحاباة ، إلى جانب إسناد امتيازات مالية إضافية تتمثل في منح بعض المسؤولين الإداريين ومسؤولي التحرير والمقربين منهم، في شكل عقود عمل.
كما يلاحظ عدم توخّي مبدأ المساواة في توزيع حصص العمل بالنسبة إلى المتعاونين العاملين بنظام القطعة، مما يؤدّي إلى تفاوت واضح في العائدات الماليّة تمكن البعض من الحصول على مبالغ طائلة فيما لا يحصل البعض الآخر إلاّ على مقابل مادي ضعيف.
ورغم التمشي الجريء الذي سلكته بعض البرامج التلفويونية في قناة تونس 7 وخاصة برامج تلفزيون الواقع، إلا أن سعيها إلى كسب أكبر عدد ممن المشاهدين والمستشهرين أسقطها في الإثارة فجانبت الحرفية، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل لماذا تتمتع شركة إنتاج بعينها بهذا الهامش الذي لم ينعكس على بقية أداء القناة، مما يدعو إلى التخوف من أن يكون ذلك بداية خصخصة مقنعة لهذه المؤسسة.
وفي السياق نفسه توخت بعض البرامج الإخبارية على غرار المنظار والنشرة الرئيسية للأنباء، مسلك صحافة القرب فتطرقت إلى مواضيع وقضايا تمس المشاهد، إلا أنها لم ترتق بعد إلى المستوى المأمول بحكم الرقابة على الكثير من المواضيع.
وتعتبر مساهمة المواطن من أهم مصادر تمويل التلفزة باعتبارها مرفقا عموميا إلا أن القائمين عليها لا يتورعون عن ممارسة سياسة الانتقاء في ما يتعلق بالأحداث والمدعوين في البرامج الحوارية تصل حد صنصرة بعض الوجوه.
أما على مستوى التكوين والتدريب والمساهمة في الندوات خارج أرض الوطن، فيتم غالبا تشريك نفس الأسماء باعتماد الولاءات دون مراعاة الكفاءة والتداول.
القطاع السمعي البصري الخاص :
رغم الإضافات التي شهدها القطاع الخاص في المجالين المرئي والمسموع، يبقى عدد المؤسسات المؤشر لها بالعمل محتشما مقارنة مع عديد البلدان الأخرى عبر العالم حيث تقتصر على قناتين تلفزيونيتين : "حنبعل ونسمة تيفي" وثلاث إذاعات "موزاييك والجوهرة والزيتونة" في وقت يسجل فيه تزايدا في المطالب المودعة لدى الإدارة للحصول على تراخيص بعث إذاعات خاصة وقنوات تلفزية بقي جلها دون رد لا بالرفض ولا بالموافقة.
وفي هذا السياق تتمسك النقابة بمطلب فتح المجال أمام المهنيين لبعث إذاعات والتلفزات خاصة وفق كراس شروط في كنف الشفافية مما يسمح بوجود وسائل إعلام ذات هوية واضحة وعلى درجة رفيعة من المهنية والاحتراف وتكرس حق المواطن في إعلام مستقل، حر وتعددي.
ولئن استطاعت قناة حنبعل أن تلفت إليها الأنظار في بعض البرامج الرياضية والاجتماعية إلا أن هذا الأداء سرعان ما تراجع إلى جانب غياب ملفت للملفات السياسية والإخبارية. وعلى عكس ذلك فان قناة الحوار التونسي التي تبث من الخارج تستقطب اهتمام عدد كبير من المشاهدين داخل البلاد وخارجها باعتبارها القناة الخاصة الوحيدة التي تنقل رغم المضايقات التي يتعرض لها صحافيوها، جل المستجدات المطروحة على الساحة الوطنية التي تتجاهلها قنواتنا التلفزية العمومية والخاصة.
الإعلام الجهوي :
استطاع الإعلام الجهوي خاصة السمعي منه خلال السنوات الأخيرة من استيعاب عدد مهم من الصحفيين المحترفين في مختلف المحطات الإذاعية. هذا التطور على المستوى البشري قابلته صعوبات كبيرة أمام الصحفيين للوصول إلى المعلومة ذلك أن أغلب المسؤولين الجهويين يمتنعون عن إعطاء المعلومة قبل الرجوع إلى الإدارة المركزية، وهو ما من شأنه أن يعطل سير عمل الصحفيين ويفقد المعلومة، إن وجدت، عنصر الآنية. كما يشكو الصحفي في الجهات من عدم توفر الحوافز المادية والمعنوية كالترقيات والمشاركة في التربصات والتظاهرات الدولية الكبرى. ويعاني الإعلام الجهوي من الدخلاء على القطاع الذين يقدمون أنفسهم على أساس أنهم صحفيون محترفون ويقومون بعديد التجاوزات المخلة بأخلاقيات المهنة والتي تكون عائقا أما الصحفي المحترف للقيام بعمله في إطار الحرفية والوضوح وقد يصل الأمر إلى أن يصبح هذا الأخير نكرة أمام هؤلاء الدخلاء الذين يحظون بكل التبجيل لدى العديد من المسؤولين الجهويين.
ومن جهة أخرى، ورغم قدم التجربة على مستوى الصحافة المكتوبة الجهوية إلا أنها لم ترتق إلى مستوى الحرفية المطلوبة واقتصر محتواها على تغطية الزيارات الرسمية والأنشطة الجهوية دون ملامسة مشاغل المواطنين الحقيقية كما يغلب على محتواها إصدار المناقصات والبلاغات.
ولئن استطاع الإعلام الجهوي أن يحقق تطورا هاما على المستوى الكمي، فإنه بقي دون المأمول نوعيا، ذلك أن البرامج الإذاعية غابت عنها الجرأة في العديد من الأحيان باستثناء بعض الاجتهادات في بعض الإذاعات مما جعل بعض هذه المحطات محل نقد من قبل مستمعيها خاصة عندما لا تتم تغطية أو حتى الإشارة إلى بعض الأحداث التي تقع على مرمى حجر منها.
وتأمل النقابة أن لا تقتصر هذه الإذاعات في ما تقدمه للمستمعين على المسؤولين الرسميين فقط في تناولها للمواضيع الهامة وأن تفسح المجال لمختلف مكونات المجتمع المدني.
الصحافة الإلكترونية :
لم يسبق لحق المواطن في الإعلام أن تجسد مثلما يحدث في السنوات الأخيرة مع تعدد المواقع والصحف الإلكترونية والمدونات التي لم تتميز بالحرية المطلقة في تدفق وتداول المعلومات فحسب بل مكنت الجميع من فرصة التعبير عن آرائهم والمشاركة.
ولئن وجد القارئ التونسي في الإنترنت ما يشفي تعطشه وبحثه المتواصل عن الخبر من خلال الكم الهائل من المعلومات والأخبار التي عادة ما تتجاهلها الصحافة الوطنية وفضاءات النقاش الحر وتبادل الرأي وتطارح الأفكار بكل حرية، إلا أن هذه الأخبار عادة ما يختلط فيها الصحيح بالزائف والمعلومة بالإشاعة. كما يغيب العمل الصحفي عادة في مختلف الفضاءات والمواقع الإلكترونية. وفي المقابل برزت صحف إلكترونية على غرار "التونسية" وبزنس نيوز وواب مناجر سنتر وأفركان مناجر، التي تعتمد على فريق صحفي قار وتعقد اجتماعات تحرير، في حين لم تتوضح بعد الوضعية الهيكلية لهذه المؤسسات وللعاملين فيها.
وشهدت بلادنا في السنوات الأخيرة حركة تدوين نشطة ساهمت بشكل كبير في خلق حراك إعلامي. وواجه هذا الحراك على المستوى الإلكتروني الحجب والقرصنة وعديد التضييقات.
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :
منذ انتخاب المكتب التنفيذي الحالي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في جانفي 2008 إثر مؤتمر ديمقراطي وشفاف، لم تقبل عديد الجهات على التعامل بجدية مع الملفات والمطالب المطروحة من النقابة. فاستثناء بعض الجلسات المحدودة التي انعقدت بوزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين، والتي لم تحقق أي مكسب للصحفيين ولم تسو أية وضعية اجتماعية من مجموع الوضعيات التي تقدمت بها النقابة، فإن بقية الوزارات والمؤسسات لم تكلف نفسها حتى أعباء الرد على مراسلات النقابة على غرار ما قامت به الوزارة الأولى ووزارة الشؤون الاجتماعية في ما يتعلق بمطالبة النقابة بتطبيق القانون وتمكينها من حقها في التفاوض الجماعي. وقد توخت وزارة الداخلية النهج نفسه في التعاطي مع النقابة التي رفعت إليها بعض حالات الاعتداء على الزملاء والانتهاكات بحق الصحفيين.
وعمد القائمون على إدارة مؤسستي الإذاعة والتلفزة إلى تجاهل مراسلات النقابة ومطالبها في عقد جلسات تفاوض حول تسوية ملف المتعاونين.
ولعل المسألة المثيرة للانتباه تعمد جل المؤسسات الإعلامية عدم تغطية أنشطة النقابة وجلساتها العامة والإعلام بمواقفها، في حين تفتح المجال واسعا أمام كل من يحاول الإساءة لصورتها والنيل من مصداقيتها.
وقد ساعد هذا الأسلوب في التعامل مع النقابة بعض المؤسسات الرسمية على توخي محاولات للتهميش والإقصاء.
وتسجل النقابة عدم تمكينها من التمويل العمومي حيث لم تتلق منذ تأسيسها أي شكل من أشكال الدعم المالي. ورغم هذا الوضع المادي الصعب، توفقت النقابة في مواصلة نشاطاتها داخليا وخارجيا ونضالاتها دفاعا عن قضايا الإعلام ومشاغل الصحفيين متمسكة بخيار الاستقلالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.