بشرى سارة من وزيرة المالية للعاطلين..#خبر_عاجل    المنظمة التونسية للأطباء الشبان تعبر عن رفضها لسياسة "المماطلة والتجاهل" التي تنتهجها سلطة الاشراف في التعاطي مع ملفهم    وزير التجارة يؤكد دور البنوك في تمويل الصادرات على مدار السنة وخاصة التمور وزيت الزيتون    عاجل : فؤاد قاسم يتولى رئاسة النجم الرياضي الساحلي    التجهيز تتحرّك قبل الشتاء: جهر وديان وتنظيف الأحواض باش ما نغرقوش    هام/ ترويج وتمويل صادرات زيت الزيتون والتمور محور اجتماع تحت إشراف وزير التجارة..    عاجل/ غرق قارب مهاجرين قبالة هذه السواحل..وهذه حصيلة الضحايا..    اغتيال مهندس نووي مصري ب13 طلقة وسط الشارع في الإسكندرية    عاجل/ حركة النهضة تصدر بيان هام..    الرابطة الثانية: الملعب القابسي يفوز على جمعية أريانة    مونديال كرة القدم تحت 17 عاما: موعد مواجهة تونس والنمسا    فظيع/ طفل ال10 سنوات يحيل شيخ على الانعاش..#خبر_عاجل    العاصمة: السجن لموظف بقباضة مالية استولى على أموال عمومية    طقس اليوم: ضباب محلي والحرارة بين 21 و27 درجة    عاجل/ 4 فتيات يعتدين على تلميذة..وهذا ما قرره القضاء في حقهن..    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    السوداني: منفتحون على الجميع لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة    النائبة فاطمة المسدي تكشف عن شكاية رفعتها ضد نائبة بتهمة تلقي أموال لتوطين مهاجرين غير نظاميين    تصالح أيمن دحمان مع الحكم فرج عبد اللاوي قبل مباراة تونس وموريتانيا    ترامب يوقّع قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا    ترامب يخرج على البروتوكول ويسأل الشرع عن عدد زوجاته لتقديم الهدايا لهن    وزير الفلاحة يؤكّد الالتزام بمزيد دعم قطاع الغابات وإرساء منظومة حماية متكاملة    مرصعة بالذهب الأبيض.. كم يبلغ سعر ساعة كريستيانو رونالدو الخرافية؟ (صور)    الإحتفاظ بأربع فتيات سلبن تلميذة وعنّفنها حدّ الإغماء    عاجل: ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض: وفاء محجوب تهدي تونس ميدالية فضية في الكاراتي    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    أولا وأخيرا .. على أكل الحشيش نعيش    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    بنزرت: يوم إعلامي حول السّجل الوطني للمؤسسات    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    استماعات بخصوص مشروع قانون المالية    أنس بن سعيد تتألّق في "ذو فويس" وتعيد للأغنية التونسية بريقها    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,435.8 مليون دينار مع موفى أكتوبر 2025    مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل النهضة العربية ... أسرار صفحة التأسيس
نشر في الحوار نت يوم 22 - 11 - 2009


العجمي الوريمي
الحياة السياسية العربية معطوبة معطلة ومقفرة، يصدق هذا على مصر وتونس واليمن، يصدق على المشرق والمغرب والخليج.. لكن التاريخ السياسي العربي الحديث تاريخ ثري بما في الكلمة من معنى -ونحن هنا لا نصدر حكم قيمة- بأحداثه من أزمات وثورات وانقلابات وانتفاضات وخيانات وأخطاء وإخفاقات.. وهي تدل فيما تدل عليه على محاولات النهوض المتكررة والانبعاث المتعسرة والاتحاد المتعثرة.. ففضاؤنا العربي والإسلامي أمواج متلاطمة من التيارات يعيب بعضها البعض ويصادم بعضها البعض الآخر.
يرجع بعض الباحثين يقظتنا الحديثة بعد سبات عميق طويل إلى صدمة الحداثة، ويرجع بعضهم الآخر تنامي حركة الإحياء الإيماني إلى ردة الفعل على تحديث قسري فوقي تعسفي كما يرجعون أزمة الدولة ما بعد الاستعمارية إلى تبعيتها وإلى أنها أنظمة بمسميات دول، وأجهزة في ثوب مؤسسات وقوى غاشمة في رداء القانون، إنها سلطان جائر على جموع ليست شعوبا وحدود هي حدود خطوط اليد الاستعمارية لا خارطة الوطن. فبالمسمى «القانوني» الدولي هي دول لها أعلام ودساتير ومؤسسات.. وبالمفهوم القانوني الدقيق هي أنظمة وسلط لا يطابقها بدقة إقليم وشعب ولغة وتاريخ، وبالمفهوم السوسيولوجي والسياسي هي صانعة الحاضر بكل مفارقاته باليد السفلى وصنيعته في طور الوكالة المسماة سيادة بشرعية التحرير والتفاوض والإجلاء والتأميم والتطبيع والاستعصاء والانتماء إلى المحاور والانضواء في الأحلاف. فالدولة ليست قاطرة التنمية أو المسؤولة عن نشر التعليم وتوفير الأمن وحماية الحدود بل هي أكبر آلة للعلمنة حسب الباحثة التونسية سناء بن عاشور، فهي التي تصوغ المجتمع وتقولبه فتجعل انتماءه إليها فصلا له عن هويته وأزمة مع ذاته، مثلما أن الأنظمة التي تصر على تثبيت البنيات التقليدية وتستنسخ القيم والنظم والأشكال الموغلة في الجمود والمحافظة في تعارض مع تطلعات المجتمع، تضعه في أزمة مع الحداثة ومع العصر. وفي كلتا الحالتين لم تعد هوية الدولة من هوية المجتمع كما هو حال الدولة القومية في الديمقراطيات الحديثة وإنما هي التي تجعل له هوية سياسية وثقافية تلزمه بها دون عودة إليه أو استفتاء لرأيه متناسية أن الهوية لا تفرض ولا تنجز في المخابر وإلا لما كان الغرب غربا والشرق شرقا ولما كان هناك معنى للخصوصية أو للكونية. فالإنسانية شعوب وقبائل ولغات وثقافات وهي سابقة عن التاريخ الموضوعي قائمة على ما هو أبعد منه، فالاجتماع السياسي أعلى من الرابطة الطبيعية، ولكن الأساس الأخلاقي للعلاقة الإنسانية هو ضمانة الحرية الحقيقية والكرامة لبني آدم.
لم تعد دارنا دار إسلام، فقد تمزقت عباءة الخلافة ولم يعد ما سواها دار حرب بعد أن دفعنا ضريبة الحرب الكونية الأولى وضريبة الحرب العالمية الثانية، كما غنمنا من نتائجها، تحت عنوان حق الشعوب في تقرير المصير بعد أن هزمت الجيوش الاستعمارية في أهم معاقلها وأوثق مستعمراتها وبعد أن خابت أمانينا في وعد القوى الاستعمارية، السماح لنا بالتوحد تحت راية العروبة ومساعدتنا على الخروج من التخلف وتحققت في المقابل آمال يهود العالم وحركتهم السياسية العنصرية الحديثة ممثلة في الصهيونية العالمية في إقامة وطن حققوا له من الشروط ما لم يحققه أي كيان عربي متحول من الاستعمار (انتداباً وحماية) إلى الاستقلال (وصاية ورعاية)، إذ إنهم أفرغوا الأرض من أهلها ووطنوا فيها بدلا من سكانها الأصليين أناساً أتوا بهم من كل صوب وحدب ومن جنسيات مختلفة ومنحوهم هوية الدين والدولة واللغة والانتماء السياسي غنيمة. هكذا ولدت إسرائيل، لها على العالم حق الاعتراف والإمداد بالمال والسلاح وكسر شوكة من يمثل تهديدا لها أو يفكر في إلغاء وجودها وإعادة الأمور إلى نصابها. إن تأسيس الكيان الصهيوني دليل قاطع على أننا لم نكن تحت وقع صدمة الحداثة نسأل أنفسنا ما العمل وما السبيل إلى النهوض. ولا نحن في طريق الحضارة قد قطعنا شوطا نتعثر في تنزيل منجزاتها وتوطينها والمشاركة فيها، فقد مضى على ذلك أكثر من قرن. فالصدمة عند الاصطدام الأول وإن بقي أثرها، فما نحن فيه أننا لم نفقه لعبة الأمم، والحداثة التي عرفناها في شكلها الاستعماري بقيت ما بين نصف قرن في بعض الأقطار إلى أكثر من قرن في أقطار أخرى جزءاً من حياتنا تدخل في تفاصيلها وإننا لم نرفضها برفضنا للاستعمار بل رفضنا وجهها الاستعماري ولم نتقوقع على ذواتنا إلا أشهراً معدودات ثم صرنا نتبارى في الدعوة إلى الأخذ بأسباب التقدم فشعورنا تجاه الحضارة الغازية لم يكن كراهيةً كله ولا هو انبهاراً كله، بل إقرار بتفوقها وتقدمهم وتأخرنا. لسنا بالتأكيد ضحايا الحداثة وإنما ضحايا افتقارنا إلى الوعي التاريخي.
إن المرحلة الاستعمارية وما تلاها هي أخطر المراحل منذ مجيء الإسلام فلم نعد معها نفهم أنفسنا ولا ما نريد فلا تكاد تخفى منا خافية عن المستعمر ولكننا مع ذلك شخصية مبهمة بوعي شقي وذاكرة عاجزة عن استعادة رحلة إنسانها المعاصر من أيام الجماعة والأمة والخلافة والملك والإمبراطورية إلى زمن ليس زمنها، زمن الصعود إلى القمر وغزو الفضاء، زمن الثورات العلمية والتقنية والاتصالية، ننكر الجمال والخيول والبغال والخيام التي رافقت تجربتنا الروحية ومغامرتنا الفكرية ونجهل اليوم حتى أسماءها وكذا الأمر مع جغرافيتنا بصحاريها وجبالها وسهولها ومع تاريخنا بأساطيره وملاحمه وغزواته ومع مدننا بجوامعها ودور عبادتها ومدارسها ومكتباتها.. وكلما ملأنا أسواقنا وبيوتنا بمنتوج الحضارة المتفوقة ابتعدنا عن الينابيع واستحال علينا التمييز. وليس السبب في ذلك أننا حضارة فقه وشعر وأمثال وأن عقلنا قياسي أو عرفاني بل يعود السبب إلى أننا لم نعد نقرأ لا شعرا ولا نثرا ولا فلسفة ولا فقها ولا تصوفا.. فكيف نفكر ونحن أمة لا تقرأ؟ وإذا كانت كل أزمة تؤشر على تعدد الحلول الممكنة نظرا إلى قدرة الإنسان على إنفاذ إرادته الحرة الخيرة فإن انعدام إمكان العودة بالذاكرة إلى خط السير الذي قطعناه بكل منعطفاته والعجز عن الاسترداد الذهني لتجربتنا الحضارية والعجز عن ممارسة النقد المزدوج للآخر ولذاتنا سيحرمنا من شرف المسؤولية عن الأجيال القادمة في أن ترى بوضوح وتفهم بوضوح وتحقق ما تصبو إليه بعد أن تكون مؤهلة لأن تحلم وتطمح شغوفة بالعمل متعطشة إلى التعلم وإلى الفعل مسكونة بالأمل والطموح لا بالهروب من الوطن.
إن الأجيال القادمة في حاجة إلى أن نقدم لها صفحة تحيل كل مفردة فيها إلى مجلد وكل بياض عليها إلى عالم يمكن أن يكون أفضل. مثل هذه الصفحة وضعت أمام الجيل الإسلامي الأول فأحسن قراءة حروفها وامتلأت نفسه بكلماتها وبما بين كلماتها وأسطرها فكان قرنه هو خير القرون بنص الحديث، ولأمر ما سحبت تلك الصفحة واستحوذت على أسرارها عقول من الضفة الأخرى ومن يستعيدونها ويحسنون قراءتها سيكون قرنهم خير القرون التي تليهم وخيرا من القرون التي عاشت فيها الجموع بلا مرجعية ولا شرعة ولا منهاج.
إن أمة الكتاب ليست معنية بنهاية المرويات الكبرى ولكن حينما لا تكون الأمة موجودة أو تكون حركتها متوقفة تنوب عنها الكيانات المنتفضة تستفزها للانبعاث أو الكيانات العاجزة القاصرة أو المتآمرة تجرها للسكون ومواصلة السبات، فدعوتها من جديد إلى أن تحاسب نفسها وتقرأ كتابها تصبح قضية حياة أو موت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.